الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2807 -
[1] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:"هُمْ سَوَاءٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1598].
2808 -
[2] وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَواءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ. . . . .
ــ
{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} [الروم: 39]، وهو من ربا يربو، وهو يكتب بالألف لكونه مقصورًا، وبالياء لكسرة أوله، وكتبوه في المصحف بالواو.
الفصل الأول
2807 -
[1](جابر) قوله: (آكل الربا) أي: آخذه، (ومؤكله) أي: معطيه، (وكاتبه وشاهديه) للإعانة على الحرام، قال اللَّه تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
وقوله: (هم سواء) إما أن يراد المساواة في أصل الإثم وإن كان يتفاوت، أو في المقدار أيضًا، واللَّه أعلم.
2808 -
[2](عبادة بن الصامت) قوله: (مثلًا بمثل) أي: في المقدار، و (سواء بسواء) تأكيد له، وهذا الحديث هو الأصل في باب الربا، فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر الأشياء الستة، وترك ما سواها على القياس، فقاس المجتهدون، واستنبطوا العلة، خلافًا للظاهرية، فإنهم لا يجرون الربا فيما سواها، فعندنا القدر والجنس، وكذا في القول الأشهر عن أحمد، وعند الشافعي الطعم والثَّمَنية، وعند مالك الطعم والادّخار، وقد عرف تفصيل
فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1587].
2809 -
[3] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1584].
2810 -
[4] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2177، م: 1584].
ــ
ذلك والمسائل المتفرعة عليه في كتب الفقه.
وقوله: (فبيعوا كيف شئتم) أي: متساويًا أو متفاضلًا.
وقوله: (إذا كان يدًا بيدٍ) احتراز عن النسيئة، فإنه لا يجوز وإن اختلف الجنس.
2809 -
[3](أبو سعيد الخدري) قوله: (فقد أربى) أي: أتى بالربا.
2810 -
[4](وعنه) قوله: (ولا تشفوا) بضم التاء وكسر الشين وتشديد الفاء، من الشف بالكسر: الزيادة، ويجيء بمعنى النقصان أيضًا، والأول يتعدى بـ (على) والثاني بـ (عن)، والضمير في (بعضها) للذهب، وهو قد يؤنث.
وقوله: (ولا تبيعوا الورق) في (القاموس)(1): الورق، مثلثة، وككتف وجبل: الدراهم المضروبة، والمراد بالناجز: الحاضر والنقد، من إنجاز الوعد، وهو احتراز
(1)"القاموس المحيط"(ص: 855).
وَفِي رِوَايَةٍ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ". [م: 1584].
2811 -
[5] وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمثْلٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1592].
2812 -
[6] وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بالبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيْرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا [إلا] هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2134، 2174، م: 1586].
ــ
عن النسيئة.
وقوله: (إلا ورنًا بوزن) أي: مثلًا بمثل.
2811 -
[5](معمر بن عبد اللَّه) قوله: (الطعام بالطعام مثلًا بمثل) خص الطعام في هذا الحديث بالذكر لِمَا اقتضاه من المقام، وليس مخصوصًا كما جاء في حديث آخر من ذكر الأشياء الستة.
2812 -
[6](عمر) قوله: (إلا هَاءَ وهاءَ) هاء صوت بمعنى خذ، أي: كل واحد من متولي عقد الصرف يقول لصاحبه: خذ، فيتقابضان قبل التفرق عن المجلس، فهو حالٌ بتقدير القول، تقديره: إلا مقولًا عنده من المتبايعين هاء وهاء، أي: إلا حال التقابض، قال في (المشارق) (1):(إلا هاء وهاء) كذا قيدناه عن متقني شيوخنا، وكذا يقوله أكثر أهل العربية، وأكثر شيوخ أهل الحديث يروونه:(ها وها) مقصورين
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 447).
2813 -
[7] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ:"أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَنأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثِ، فَقَالَ:"لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِم، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِم جَنِيبًا". . . . .
ــ
غير مهموزين، وكثير من أهل العربية ينكرونه ويأبون إلا المد، وقد حكى بعضهم القصر وأجازه.
واختلف في معنى الكلمة، فقيل: معناها: هاك، فابدلت الكاف همزة، وألقيت حركتها عليها عند من مدّ، أو ها عند من قصر، أي: خذ، كأن كل واحد منهما يقول ذلك لصاحبه: أي: خذ، وقيل: معناه: هاك وهات، أي: خذ وأعط.
قال صاحب (العين): هي كلمة تستعمل عند المناولة، ويقال للمؤنث على هذا:(هاءِ) بالكسر، كما تقول:(هاكِ)، وفيه لغة ثالثة:(ها) مقصور غير مهموز، مثل خَفْ، وللأنثى هائي، أي: كانها صرِّفت تصريف فعلٍ معتلِّ العين مثل خاف، ولغة رابعة:(هاءِ) بالكسر للذكر والأنثى، إلا أنك تزيد للأنثى ياء فتقول:(هائي) مثل هات وهاتي للمؤنث، كأنها صرِّفت تصريف فعل معتل اللام مثل راعي، ولغة خامسة تقول:(هاك) ممدود بعده كاف وتكسرها للمؤنث.
2813 -
[7](أبو سعيد، وأبو هريرة) قوله: (بتمر جنيب) بفتح الجيم، في (القاموس) (1): الجنيب: تمر جيد، و (الجمع) الدقل، أو صنف من التمر، أو تمر مختلط من أنواع متفرقة رديئة.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 78).
وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2201، م: 1593].
2814 -
[8] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ " قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَقَالَ:"أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ، فَبِعِ التَّمْرَ ببَيْعٍ آخَرَ ثمَّ اشْتَرِ بِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2312، م: 1594].
ــ
وقوله: (وقال في الميزان مثل ذلك) روي (مثل) مرفوعًا مبتدأ، و (في الميزان) خبره، والجملة مقول (قال)، ومنصوبًا مفعول (قال)، أي: قال في الميزان قولًا مثل ما قال في الصاع، يعني: إذا أراد رطلًا برطلين يبيع الرطلين ثم يشتري بثمنه الرطل.
2814 -
[8](أبو سعيد) قوله: (بتمر برني) بفتح الباء بصيغة النسبة اللفظية ككرسي: تمر معروف، معوب برنيك، أي: الحِمْلُ الجَيِّدُ، كذا في (القاموس)(1).
و(أَوَّهْ) كلمة تقال عند الشكاية والتوجع، ساكنة الواو مكسورة الهاء، وقد تقلب الواو ألفًا، وقد تشدد وتكسر وتفتح وتسكن الهاء، وقد تحذف الهاء، كذا في (مختصر النهاية (2)) للسيوطي.
وفي (القاموس)(3): أوْه، كجَيرِ وحيثُ وأينَ، وآهِ، وأوِّهِ بكسر الهاء والواو المشددة، وأوِّ، بحذف الهاء، وأوَّهْ بفتح الواو المشددة، وآوُوهُ بضم الواو، وآهٍ بكسر
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1087).
(2)
"الدر النثير"(1/ 49).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 1144).
2815 -
[9] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِعْنِيهِ" فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، وَلَمْ يُبَايعْ أَحَدًا بَعْدَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ أَوْ حُرٌّ؟ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1602].
2816 -
[10] وَعَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا. . . . .
ــ
الهاء منوَّنةً، وآوٍ بكسر الواو منوّنة وغير منوّنة، وأوَّتاهُ، بفتح الهمزة والواو والمثناة الفوقية، وآوِيَّاهُ، بتشديد المثناة التحتية: كلمةٌ تقال عند الشكاية أو التَّوجُّعِ، آهَ أوْهًا، وأوَّهَ تأوِيهًا. وتأوَّهَ: قالها.
2815 -
[9](جابر) قوله: (فاشتراه بعبدين) ومن هذا حَكم أهل العلم بجواز بيع حيوان بحيوانين نقدًا، سواء كان الجنس واحدًا أو مختلفين، وأما نسيئةً فمنعه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول عطاء بن أبي رباح وأصحاب أبي حنيفة؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، كذا قال الطيبي (1).
وقوله: (أَوْ حُرٌّ) في بعض النسخ: (أَمْ حُرٌّ).
2816 -
[10](وعنه) قوله: (عن بيع الصبرة) وهي بالضم: ما جمع من الطعام بلا كيل ووزن، كذا في (القاموس)(2).
وقوله: (لا يعلم مكيلتها) أي: مقدار كيلها، في (القاموس) (3): الكيل والمكيال
(1)"شرح الطيبي"(6/ 51).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 393).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 973).
بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1530].
2817 -
[11] وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفصَّلَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1591].
ــ
والمكيلة: ما كيل به، وهذا كالصفة الكاشفة للصبرة على ما ذكر في (القاموس)، وإن كانت الصبرة بمعنى الطعام المجتمع كالكومة -كما يفهم من عبارة (النهاية)(1) - فهي قيدٌ للصبرة.
وقوله: (بالكيل المسمى) أي: المعلوم، يعني: لا يجوز بيع المال الربوي بجنسه جزافًا لاحتمال الربا.
2817 -
[11](فضالة بن أبي عبيد)(2) قوله: (ففصلتها) صحح بالتشديد، أي: ميزت الخرز عن الذهب، وكذا قوله:(حتى تفصل) أي: تميز، وقد يروى:(حتى تميز)، أراد التمييز بين الخرز والذهب في العقد، ولا حاجة إلى تمييز عين المبيع بعضه عن بعض.
(1) انظر: "النهاية"(3/ 9).
(2)
هو فضالة بن عبيد بغير أداة الكنية كما في "المرقاة"، والحديث أخرجه مسلم (1591)، وأبو داود (3353)، والترمذي (1255)، والنسائي (4573)، وأحمد في "مسنده"(6/ 21)، عن فضالة بن عبيد بدون أداة الكنية، فما وقع في نسخة "المشكاة" بزيادة أداة الكنية خطأ. واللَّه أعلم بالصواب.