الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2364 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي". وَفِي رِوَايَةٍ: "غَلَبَتْ غَضَبِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7553، 7554، م: 2715].
ــ
5 -
باب
في متممات ولواحق للأبواب السابقة من غير ترجمة، وفي بعض النسخ:(باب في سعة رحمة اللَّه)، وهذه الترجمة تناسب أحاديث الباب.
الفصل الأول
2364 -
[1](أبو هريرة) قوله: (لما قضى اللَّه الخلق) أي: خلق وقدَّر وحكم بأحكامه، كقوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12]، وقد سبق تحقيق معنى القضاء والقدر في موضعه.
وقوله: (إن (1) رحمتي سبقت غضبي) وذلك لأن آثار رحمة اللَّه وَجوده وإنعامه عمت المخلوقات كلها وهي غير متناهية، بخلاف أثر الغضب فإنه ظاهر في بعض بني آدم ببعض الوجوه، كما قال:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، وقال:{عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، وأيضًا تهاوُن العباد وتقصيرهم في أداء شكر نعمائه تعالى أكثر من أن يعدّ ويحصى، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ
(1) بالكسر ويفتح، قال العسقلاني: بفتح "أن" على الإبدال من الكتاب، وبكسرها على أنها حكاية بمضمون الكتاب، قلت: يؤيد الثاني رواية الشيخين بلفظ: "إن رحمتي تغلب غضبي"، قاله القاري، (4/ 1638).
2365 -
[2] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للَّهِ مِئَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6000، م: 2752].
2366 -
[3] وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ نَحْوُهُ، وَفِي آخِرِهِ قَالَ: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ. [م: 2753].
ــ
بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 61]، فمن رحمته أن يبقيهم ويرزقهم وينعِّمهم بالظاهر ولا يؤاخذهم، هذا في الدنيا، وظهور رحمته في الآخرة قد تكفل ببيانه الحديث الآتي، فإذًا لا شك في أن رحمته تعالى سابقة وغالبة على غضبه، اللهم ارحمنا ولا تهلكنا بغضبك وأنت أرحم الراحمين.
2365 -
[2](وعنه) قوله: (إن للَّه مئة رحمة) لعل المراد أنواعها الكلية التي تحت كل نوع منها أفراد غير متناهية، والمراد ضرب مثل لبيان المقصود، تقريبًا إلى فهم الناس، أو هو من قبيل قوله:(إن للَّه تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة) في أن الحصر باعتبار هذا الوصف، فافهم.
وقوله: (وبها تعطف الوحش على ولدها) خصصها بالذكر لأن وجود الترحم والتعطف فيها مستغرب مستبعد لعدم إيناسهم وائتلافهم، ولذلك سميت وحوشًا.
وقوله: (عباده) أي: المؤمنين منهم، فإن الرحمة الخاصة يوم القيامة مخصوص بهم.
2366 -
[3](سلمان) قوله: (أكملها) أي: أتم المئة والتسعة والتسعين بهذه الرحمة التي أنزلها على الجن والإنس وما عداهم.
2367 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6469، م: 2755].
2368 -
[5] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 6488].
ــ
2367 -
[4](أبو هريرة) قوله: (لو يعلم المؤمن) الحديث سياقه لبيان صفتي اللطف والقهر، والرحمة والغضب، وعدم بلوغ أحد إلى كنههما، فلو علم المؤمنون الذين هم مَظاهر رحمة اللَّه ما عند اللَّه من القهر ما طمع أحد منهم الجنة، وكذا في الكافرين، وهذا مقصود آخر لا ينافي سبقة رحمته على غضبه بالمعنى الذي سبق، فافهم.
وقوله: (قنط) بفتح النون، وقد يروى بالكسر، وفي (الصراح)(1) جعله من باب نصر وضرب وسمع، وقال في (القاموس) (2): قنط كنصر وضرب وحَسِبَ وكَرُم قُنُوطًا بالضم، وكفرح قَنَطًا وقَنَاطة، وكمنع وحسب، وهاتان على الجمع بين اللغتين:[يئس].
2368 -
[5](ابن مسعود) قوله: (الجنة أقرب) الحديث تمثيل لقرب الجنة والنار من الناس؛ لأن سبب دخولهما سعي العبد وحكم اللَّه، وهو منجز، فكأنهما حاصلان.
(1) انظر: "الصراح"(ص: 297).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 630).
2369 -
[6] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ لِأهْلِهِ"، وَفِي رِوَايَةٍ:"أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ: إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ، ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَبصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6481، م: 2756].
ــ
2369 -
[6](أبو هريرة) قوله: (إذا مات فحرقوه) نقلٌ بالمعنى، وقد يروى بلفظ المتكلم أيضًا وكذا في أخواته.
وقوله: (ثم اذروا) رواية الكتاب على ما في النسخ المصححة بوصل الهمزة وضم الراء على مثال ادعوا، ويروى بفتح الهمزة، يقال: ذرته الريح تَذروه وأذرته تُذْريه: أطارته، ويروى:(ذرُّوني) بضم الذال وتشديد الراء من الذر بمعنى التفريق، و (ذَرُّوني) بالفتح والتشديد من التذرية، أي: فرِّقوني مقابل الريح لتنتشر أجزاء رماده ويتباعد تفريقها ويتذرَّى.
وقوله: (لئن قدر اللَّه) إلى آخره، قد ذكروا لهذا الكلام توجيهات وتأويلات، واقتصرنا منها نحن على ما ذكره القاضي عياض في (مشارق الأنوار) (1) قال: روايتنا فيه عن الجمهور بالتخفيف وهو المشهور، ورواه بعضهم:(قدّر)، واختلف في تأويل هذا الحديث، فقيل: هذا رجل مؤمن لكنه جهل صفة من صفات ربه، وقد اختلف المتكلمون في جاهل صفة: هل هو كافر أم لا؟ وقيل: (قَدَرَ) ههنا بمعنى: قَدَّر،
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 289).
2370 -
[7] وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: "قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ؛ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْي قَدْ تَحَلَّبَ ثَدْيُهَا تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْي، أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ فَقُلْنَا: لَا،
ــ
يقال: قَدَرَ وقَدَّرَ بمعنى، وقيل: هو بمعنى ضيَّق، من قوله:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7]، وهذان التأويلان قيلا في قوله تعالى عن يونس عليه السلام:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]، ولا يليق في حق يونس التأويل الأول، ولا يصح أن يجهل نبي من أنبياء اللَّه صفة من صفات اللَّه، وقيل: قال: (لئن قدر اللَّه عليّ) في حالة لم يضبط قوله فيها لما لحقه من الخوف وغمرهُ من دهش الخشية، وقيل: هذا من مجاز كلام العرب المسمى بتجاهل العارف، وبمزج الشك باليقين، كقوله:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24].
2370 -
[7](عمر بن الخطاب) قوله: (سبي) بفتح السين وسكون الباء، وفي (القاموس) (1): سبى العدوَّ سَبْيًا وسِبَاءً: أسره، فهو سبيٌّ وهي سبيٌّ أيضًا، والجمع سبايا.
وقوله: (تحلب ثديها) أي: سال لبنه، من تَحَلَّبَ العرق، ويقال: تحلَّب فُوه: إذا سال لعابُه.
وقوله: (تسعى) أي: تعدو المرأة، وفي رواية لمسلم:(تبتغي) أي: تطلب ولدها، وقد وقع في بعض نسخ (المصابيح) موافقًا لما في كتاب البخاري:(تسقي)، وتوجيهه أنه حال مقدَّرة.
وقوله: (أترون) بضم التاء، أي: تظنون، وقد يفتح.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1189).
وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5999، م: 2754].
2371 -
[8] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا،
ــ
وقوله: (وهي تقدر) حال.
وقوله: (لَلَّهُ أرحم بعباده من هذه بولدها) وهو تعالى قادر على أن لا يطرحه في النار فلا يطرحه، وتوجيهه يعلم من حديث عبد اللَّه بن عمر الآتي في الفصل الثالث.
2371 -
[8](أبو هريرة) قوله: (إلا أن يتغمدني اللَّه منه برحمته) أي: يُلبسَنيها ويسترني بها، مأخوذ من غمد السيف -بكسر الغين-: غلافه، ومعنى الاستثناء: إني لا ينجيني عملي إلا أن يرحمني اللَّه، فحينئذ ينجيني عملي ويصير سببًا في نجاتي، وبدونه لا يصير سببًا؛ لأن العمل ليس علة حقيقية موجبة في النجاة. وقال الطيبي (1): الاستثناء منقطع، فافهم.
ولمَّا أشعر هذا الكلام بإلغاء العمل من حيث إيجابه النجاةَ، وهو لا ينافي سببيتَه ومدخليتَه فيها باعتبار أنه يَعِدُ العامل لأن يتفضل عليه، ويقرب إلى الرحمة من جهة حكمِه تعالى بذلك، ووصفِه إياه كذلك، أشار إلى إثباته بقوله:(فسددوا) أي: قوموا العمل واطلبوا الصواب في القول والعمل، وقيل: سدد بمعنى: صار ذا سداد، (وقاربوا) أي: اقتصدوا في العمل بلا إفراط وتفريط، قارب الإبل، أي: جمعها حتى لا تتبدد وتنتشر، فهو بمنزلة التأكيد للتسديد.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 128).
وَاغْدُوا وَرُوحُوا وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6463، م: 816].
2372 -
[9] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَلَا يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ، وَلَا أَنَا إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2870].
2373 -
[10] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَّفَهَا،
ــ
وقوله: (واغدوا، وروحوا) أي: اعملوا في الغداة والرواح.
وقوله: (وشيء) إما مجرور عطفٌ على الغدوة والروحة المفهومين من قوله: (واغدوا وروحوا) أي: سيروا الغدوة والروحة وبشيء (من الدلجة) -بضم الدال وسكون اللام-: السير في الليل، أو مرفوع مبتدأٌ محذوف الخبر، أي: اعملوا فيه، أو: مطلوب في عملكم، وقيل: تقديره: وليكن في مشيتكم شيء من الدلجة.
وقوله: (والقصد القصد) منصوبان بتقدير الزموا، و (تبلغوا) جواب لهذا الأمر، وقد سبق تفصيل معاني هذه الألفاظ في (باب القصد في العمل).
2372 -
[9](جابر) قوله: (ولا أنا) أي: ولا أدخل أنا، أو هو من باب إقامة الضمير المرفوع مقام المنصوب، والضمائر يستعار بعضها لبعض، والانفصال لحذف العامل.
2373 -
[10](أبو سعيد) قوله: (فحسن إسلامه) أي: أخلص فيه واستقام على أداء حقوقه، (زلفها) أي: قدَّمها وأسلفها، والأصل فيه الزلفى بمعنى القرب وهو بتشديد لام مفتوحة، ويروى بتخفيفها، وزَلَفها وزلَّفها وأزلفها كلّها بمعنى.
وَكَانَ بَعْدُ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 41].
2374 -
[11] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6491، م: 131].
ــ
و(بعد) بضم الدال، أي: بعد الإسلام، و (القصاص) بالرفع اسم (كان).
وقوله: (الحسنة بعشر أمثالها) بيان القصاص، قال التُّورِبِشْتِي (1): والمراد به ههنا المجازاة وإتباع كل عمل بمثله، وأخذ القصاص من القَصَص الذي هو تتبع الأثر، وهو رجوع الرجل من حيث جاء، فالقصاص أن يؤخذ الجاني في السبيل الذي جاء منه، فيُجرح مثل جرحه أو يقتل كقتله صاحبه، وذلك يفيد معنى المماثلة والمجازاة، فلهذا استعمل في الحديث بمعنى المماثلة والمجازاة.
وقوله: (إلا أن يتجاوز اللَّه عنها) أي: بقبول التوبة أو بالعفو عن الجريمة.
2374 -
[11](ابن عباس) قوله: (فمن هم بحسنة) الحديث، فيه مبالغات في فضل اللَّه وكرمه وعفوه عن العباد كما ذكره الشارحون.
(1)"كتاب الميسر"(2/ 552).