الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2972 -
[1] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمَرِهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: . . . . .
ــ
وجعل عليهم نصف الخارج بطريق المقاسمة، وللإمام رأي في أرض الممنون بها على أهلها، إن شاء جعل عليها خراج الوظيفة، وهو أن يوظف الإمام كل سنة على مال، كما صالح صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر على أن يؤدوا كل سنة ألفًا ومئتي حلة، وإن شاء جعل عليها خراج المقاسمة، وهو أن يقسم الإمام ما يخرج من الأرض كما صالح مع أهل خيبر على أن ما يخرج من أراضيهم يكون نصفين، نصفًا لهم ونصفًا للمسلمين، وللشافعية فيه كلام ذكره (الطيبي)(1).
الفصل الأول
2972 -
[1](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (شطر ثمرها) الشطر يطلق ويراد به النصف ويراد به البعض، في (القاموس) (2): الشَّطْرُ نصف الشيء وجزؤُهُ، ومنه حديث الإسْراءِ: فَوَضعَ شَطْرَهَا، أي: بعضَها، انتهى.
والمراد في حديث خيبر النصف كما صرح به في الروايات الأخر، وتخصيص الثمر بالذكر من باب الاكتفاء، وكذا حكم الخارج من الأرض بالزراعة، وفيه إيماء إلى كون المزارعة في ضمن المساقاة وتبعًا لها كما ذهب إليه بعض، والحق عدم تبعيتها لها عند المجوِّزين، بل هما جائزتان مجتمعتين ومنفردتين.
(1)"شرح الطيبي"(6/ 149).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 387).
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [م: 1551، خ: 2185].
2973 -
[2] وَعَنهُ قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ بْن خَدِيج أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا، فَتَرَكنَاهَا مِنْ أجلِ ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1547].
2974 -
[3] وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعٍ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمَّايَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الأَرْبِعَاءِ. . . . .
ــ
وقوله: (أعطى خيبر اليهود) خيبر مفعول ثان، واليهود مفعول أول لأعطى.
وقوله: (أن يعملوها) منصوب بنزع الخافض، أي: على أن يعملوا، ويجوز أن يكون بدل اشتمال.
2973 -
[2](وعنه) قوله: (كنا نخابر) أي: نزارع، والمخابرة: المزارعة بالمعنى المذكور.
وقوله: (نهى عنها) ويكفي هذا دليلا لمانع المزارعة، وحمل المجوزون الأحاديث الواردة في النهي على ما إذا اشترطا لكل واحد منهما قطعة معينة من الأرض.
واعلم أن الأحاديث في هذا الباب جاءت مختلفة، وحديث النهي من رافع بن خديج أيضًا جاءت مختلفة، تارةً قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وتارةً قال: حدثني عمومتي، وتارةً: أخبرني عماي، وباب التأويل من الجانبين مفتوح، وبالجملة الجمهور على الجواز، والفتوى في مذهبنا أيضًا على الجواز دفعا للحاجة، فتدبر.
2974 -
[3](حنظلة بن قيس) قوله: (بما ينبت على الأربعاء) بكسر الباء:
أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الأَرْضِ، فَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنانِيرِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ، وَكَأَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2346، 2332، م: 1547].
2975 -
[4] وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا،
ــ
جمع ربيع بمعنى النهر الصغير؛ كنصيب وأنصباء، وقد يجيء جمعه على أربِعة أيضًا، كأنصبة.
وقوله: (أو شيء) عطف على (ما ينبت) والمعنى: أنهم كانوا يُكرون الأرض على أن يزرعه العامل ببذره، ويكون ما ينبت على أطراف الجداول والسواقي للمكري أجرة لأرضه، وما عدا ذلك للمكتري، أو ما كان ينبت في هذه القطعة بعينها فهو للمكري، وما ينبت على غيرها فهو للمكتري، فنهاهم عن ذلك لما فيه من الخطر والغرر، وهذه الصورة محمل النهي عند المجوزين كما مر.
وقوله: (وكأن الذي نهي عن ذلك) الظاهر أنه من كلام رافع، وقد توهِّم أنه من كلام البخاري، وقد صرح في البخاري أنه من كلام الليث بن سعد شيخ شيخ البخاري في هذا الحديث، كذا في بعض الحواشي.
وقوله: (ذوو الفهم) ذوو في بعض الأصول بلفظ الجمع، وفي بعضها بلفظ المفرد، فظاهر قوله:(لم يجيزوه) بضمير الجمع يؤيد الأول، إلا أن يكون باعتبار إرادة الجنس.
2975 -
[4](رافع بن خديج) قوله: (حقلًا) الحقل: الزرع، والمحاقل:
وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي، وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِه، وَلَمْ تُخْرِجْ ذِه، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2332، م: 1547].
2976 -
[5] وَعَنْ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لِطَاوُوسٍ: لَوْ تَركْتَ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ، قَالَ: أَيْ عَمْرو! إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُعِينُهُمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِي -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ:"إِنْ يَمْنَحْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2330، م: 1550].
ــ
المزارع، والمحاقلة: بيع الزرع قبل بدو صلاحه أو بيعه في سنبله، والمزارعة بالثلث أو الربع أو أقل أو أكثر، أو اكتراء الأرض بالحنطة، كذا في (القاموس)(1)، والمراد هنا الزرع أو المزارعة.
وقوله: (فربما أخرجت ذه، ولم تخرج ذه (2)) بيان لوجه عدم الجواز، و (ذه) إشارة إلى القطعة، وهي لفظ اسم الإشارة إلى الواحدة المؤنث مثل ذي.
2976 -
[5](عمرو) قوله: (وعن عمرو) هو ابن دينار.
وقوله: (لم ينه عنه) أي: عن عقد المخابرة، و (إن يمنح) بكسر (إن) حرف الشرط، فيكون (يمنح) بالجزم، أو بالفتح فيكون بالنصب، والمراد: أنه ما جعله حرامًا، ولكن قال: مقتضى المروءة أن يعطيه تفضلًا ولا يأخذ البدل، وذلك خير لا واجب.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 907).
(2)
بسكون الهاء وبإشباعها، قاله القاري (5/ 1988).