الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، لَكِنَّهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ هِلَالُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3577، د: 1517].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
2354 -
[32] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 2/ 363، 509].
ــ
زيد بن حارثة أبي أسامة، كان عبدًا نوبيًّا.
قوله: (الحي القيوم) بالرفع بدل من (هو)، وهو المشهور، وقد ينصب على أنه نعتُ (اللَّه) أو بدل منه.
وقوله: (ولكنه عند أبي داود: هلال بن يسار) كذا في (قاموس اللغة)، والمشهور بلال، كذا في أكثر الكتب مثل (جامع الأصول)(1) و (الكاشف)(2) وغيرهما.
الفصل الثالث
2354 -
[32](أبو هريرة) قوله: (باستغفار ولدك لك) وهذا أحد منافع النكاح وأعظمها، وأحد الأشياء الثلاثة التي تلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته كما جاء في الحديث.
(1)"جامع الأصول"(4/ 389).
(2)
"الكاشف"(1/ 277).
2355 -
[33] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ إِلَّا كَالْغَرِيقِ الْمُتَغَوِّثِ يَنْتَظِرُ دَعْوَةً تَلْحَقُهُ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ أَخٍ أَوْ صَدِيقٍ، فَإِذَا لَحِقَتْهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُدْخِلُ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ دُعَاءِ أَهْلِ الأَرْضِ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، وَإِنَّ هَدِيَّةَ الأَحْيَاءِ إِلَى الأَمْوَاتِ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [هب: 9295].
2356 -
[34] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي "عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ". [جه: 3818، عمل اليوم والليلة: 1/ 15].
2357 -
[35] وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الَّذِينَ إِذَا أحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وإِذَا أَسَاؤُوا اسْتَغْفَرُوا". . . . .
ــ
2355 -
[33](عبد اللَّه بن عباس) قوله: (من أب أو أم أو أخ أو صديق) تخصيصٌ ببعض من يرجى منه الغوث ويتوقع الدعاء والاستغفار أكثر مما سواه، وإلا فالحكم عام كما قال في آخر الحديث، ولم يذكر الولد في هذا الحديث لكونه معلومًا مقررًا مذكورًا في الأحاديث الأخر.
2356 -
[34](عبد اللَّه بن بسر) قوله: (عبد اللَّه بن بسر) بضم الموحدة وسكون السين المهملة.
وقوله: (طوبى لمن وجد في صحيفته) المقصود مدح الاستغفار والبشارة للمستغفر، وإنما قال كذلك إشارة إلى قوته وثبته وظهور أثره في وقت الحاجة.
2357 -
[35](عائشة) قوله: (إذا أحسنوا استبشروا) شكرًا لتوفيق اللَّه ورؤية فضله، (وإذا أساؤوا استغفروا) لرؤية تقصيرهم وعدم تزين عملهم في نظرهم.
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّعَوَاتِ الْكَبِير". [جه: 3820، الدعوات الكبير: 1/ 299].
2358 -
[36] وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا -أَيْ: بِيَدِهِ- فَذَبَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ،
ــ
2358 -
[36] قوله: (وعن الحارث بن سويد) بلفظ التصغير.
وقوله: (يرى ذنوبه) أي: كلَّها كبيرة كانت أو صغيرة.
وقوله: (فقال) أي: فعل وأشار.
وقوله: (في أرض دوية) بفتح الدال وكسر الواو وتشديدها وتشديد التحتانية بعدها، وفي رواية:(داوية) وهي أيضًا بتشديد الياء: الأرض القفر أو المفازة الخالية، قيل: ذلك لإبدال الواو الأولى ألفًا، وقد تبدل في النسبة كالطائي في طيِّئ، وفي (القاموس) (1): والدوُّ والدوِّيَّة والداوِيَّة، ويخفف: الفلاة.
و(مهلكة) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر لام وفتحها: موضع هلاك، وروي بلفظ اسم فاعل، كذا في (مجمع البحار)(2).
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1181).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(5/ 178).
فَطَلَبَهَا حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ، عَلَيْهَا زَادُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ". رَوَى مُسْلِمٌ الْمَرْفُوعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَحَسْبُ، وَرَوَى البُخَارِيُّ الْمَوْقُوفَ عَلى ابنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا. [م: 6886، خ: 5949].
ــ
وقال القاضي عياض (1): (مهلكة) بنصب الميم واللام كذا ضبطناه، أي: يهلك فيها سالكها بغير زاد ولا ماء ولا راحلة، وقال ثعلب: يقال: مهلكة بالكسر.
وذكر البيضاوي في قوله تعالى: {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل: 49] على قراءة حفص بكسر اللام: وهو يحتمل المصدر والزمان، وقرأ أبو بكر بالفتح فيكون مصدرًا.
هذا، وقال في (الصحاح) (2): المهلكة المفازة، وقال في (القاموس) (3): والمهلكة ويثلث: المفازة.
وقوله: (أو ما شاء اللَّه) الظاهر أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: أو ما شاء اللَّه من العذاب والبلاء غير الحر والعطش.
وقوله: (وضع رأسه على ساعده) كما هو العادة.
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 457).
(2)
"الصحاح"(4/ 1616).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 882).
2359 -
[37] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ الْمُؤمِنَ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ".
2360 -
[38] وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي الدُّنْيَا بِهَذِهِ الآيَةِ {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا} (1) الآيَةَ [الزمر: 53] "، فَقَالَ رَجُلٌ: فَمَنْ أَشْرَكَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: "أَلا وَمَنْ أَشْرَكَ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
2361 -
[39] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْحِجَابُ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحِجَابُ؟ قَالَ: "أَنْ تَمُوتَ النَّفْسُ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ". رَوَى الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ أَحْمَدُ،
ــ
2359 -
[37](علي) قوله: (المفتن) بلفظ اسم المفعول مشددًا من الفتنة بمعنى الابتلاء والامتحان، أي: المبتلى بالمعاصي كثيرًا، والمحبة إنما هو من جهة التوبة.
2360 -
[38](ثوبان) قوله: (بهذه الآية) أي: بدلها.
وقوله: (ألا ومن) لولا الواو حملت (ألا) على استثناء، فهي حرف تنبيه، وغفران الإشراك يكون بالتوبة، وهذا لا ينافي عموم الآية بـ:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].
2361 -
[39](أبو ذر) قوله: (ما لم يقع الحجاب) أي: بينه وبين رحمة اللَّه، تلميح إلى قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].
(1) قوله: " {لَا تَقْنَطُوا} " سقط في نسخة.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَخِيرَ فِي "كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ". [حم: 1/ 80، 5/ 272، 5/ 174، كتاب البعث والنشور: 1/ 24].
2362 -
[40] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يَعْدِلُ بِهِ شَيْئًا فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلَ جِبَالٍ ذُنُوبٌ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ". [كتاب البعث والنشور: 1/ 33].
2363 -
[41] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ النَّهْرَانِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَفِي "شَرْحِ السُّنَّةِ": رُوِيَ عَنْهُ مَوْقُوفًا قَالَ: النَّدَمُ تَوْبَةٌ، وَالتَّائِبُ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. [جه: 245، هب: 7196، شرح السنة: 5/ 92].
* * *
ــ
2362 -
[40](عنه) قوله: (لا يعدل به شيئًا) أي: يوازي ولا يساوي باللَّه شيئًا بالإشراك، فالباء للتعدية، وقال الطيبي (1): ويجوز أن يكون المعنى: لا يتجاوز إلى شيء، فـ (شيئًا) منصوب على نزع الخافض.
وقوله: (غفر اللَّه له) أي: إن شاء.
2363 -
[41](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (كمن لا ذنب له) في عدم تضرره، واختلفوا في أن التائب أفضل أم الناشئ من الأول على الصلاح، والتحقيق أن الحيثية مختلفة.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 120).