الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا فِي "جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ" مَعَ تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرٍ. [ت: 886].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
2612 -
[9] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ كَأَنَّهَا عَمَائِمُ الرِّجَالِ فِي وُجُوهِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ، وَمِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ حِينَ تَكُونُ كَأَنَّهَا عَمَائِمُ الرِّجَالِ فِي وُجُوهِهِمْ، وَإِنَّا لَا نَدْفَعُ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَنَدْفَعُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، هَدْيُنَا مُخَالِفٌ لِهَدْي عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالشِّرْكِ". . . . .
ــ
وقوله: (إلا في جامع الترمذي) استثناء منقطع.
الفصل الثاني
2612 -
[9](محمد بن قيس) قوله: (حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم) نقل الطيبي (1) عن القاضي: شبَّه ما يقع من ضوء الشمس حينما دنت من الأفق بالعمامة؛ لأنه يلمع في وجهه لمعان بياض العمامة، انتهى. وقيل: المراد كأن الشمس حين غاب نصفها عمامة على رأس الجبل؛ لأن شكل العمامة شكل نصف الكرة.
فإن قلت: قوله: (في وجوههم) يدل على ما ذكره الطيبي؟ قلت: نعم إن كان متعلقًا بقوله: (تكون الشمس)، وليس بمتعيِّن، بل يحتمل أن يتعلق بـ (عمائم الرجال) ظرفًا مستقرًا.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 291).
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: "خَطَبَنَا" وَسَاقَهُ بِنَحْوِهِ. [ق: 5/ 120].
2613 -
[10] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ -أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- عَلَى حُمُرَاتٍ،
ــ
وقوله: (رواه البيهقي، وقال) فيه: (خطبنا، وساقه بنحوه) في الكتاب ههنا بياض، وهذه العبارة كتبها الجزري في الحاشية، وفي تخريج ابن حجر: أخرجه البيهقي من حديث مِسْوَر بن مَخْرَمة.
2613 -
[10](ابن عباس) قوله: (أغيلمة) بالنصب على الاختصاص، مثل (إنا معاشر الأنبياء)، وأما القول بإبداله من الضمير في (قدَّمَنا) كما قال الطيبي، ففيه أن إبدال الظاهر من ضمير المتكلم بدلَ الكل غيرُ جائز كما ذكر في كتب النحو.
و(أغيلمة) بضم الهمزة وفتح الغين تصغير أَغْلِمة جمع غلام، وقال في (النهاية) (1) وتبعه التُّوربِشْتِي: إن أغلمة لم يجع في جمع غلام، وإنما جمعه غلمة وغلمان، كما قال في (الصحاح)(2)، ولكنهم صغروا أغلمة وإن لم يستعمل، ومثله أُصيبية تصغير أصبية، ولم يجئ، وإنما جاء: صبية، هذا وقد يوجد في بعض نسخ (القاموس): أن جمع غلام: أغلمة وغلمان، واللَّه أعلم.
وقوله: (على حمرات): جمع حمر بضمتين: جمع حمار، كذا في (مجمع البحار)(3)، هذا ولكن المفهوم من كتب اللغة أنه جمع حمار، قالوا: الحمار يجمع على حمر وحمير وأحمرة وحمور وحمرات، وكأنهم أرادوا بجمعه ما يشمل جمعه وجمع جمعه.
(1)"النهاية"(1/ 17)، وانظر:"كتاب الميسر"(2/ 612).
(2)
"الصحاح"(5/ 1997).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 558).
فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ: "أُبَيْنِيَّ،
ــ
و(اللطح) بالحاء المهملة، لطحه: ضربه ببطن كفه، أو ضربًا ليِّنا على الظهر، كذا في (القاموس)(1).
وقوله: (أبيني) صحح بضم الهمزة وفتح الباء وسكون الياء وكسر النون وفتح الياء المشددة في الآخر، نقل الطيبي (2) عن (النهاية): أنه تصغير أبنى كأعمى وأُعيمى، وهو اسم مفرد يدل على الجمع، وقيل: إن ابنا يجمع على أبنا مقصورًا وممدودًا، وقيل: هو تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أبو عبيد: هو تصغير بَنِيَّ جمع ابن مضافًا إلى النفس، فهذا يوجب أن يكون اللفظ في الحديث أبيني بوزن سُرَيْجي، انتهى.
لا يخفى أن أبنى على وزن أعمى ليس لفظًا مستعملًا بكون مفرد أبنا جمع ابن، ولم يذكر في الكتب المشهورة في اللغة، ولعل هذا القائل وجده، فاعتبِر، واللَّه أعلم.
نعم لو ثبت جمع ابن على أبنا مقصورًا فذلك وجه، أو يقال: الجمع هو الممدود لكن يقصر على غير القياس، وأما القول بكونه تصغير ابن فوجهوه بأن يعتبر ابن مقطوع الهمزة ويصغر على أُبين، ثم يجمع على أُبينون، ثم يحذف النون للإضافة ويعل إعلال مسلميَّ، وقد استشهد التُّوربِشْتِي على استعمال أبينون محذوف النون للإضافة ببيت (الحماسة) وغيرها، وضعَّف هذا القول أن همزة الابن للوصل، وأصل ابن: بَنَوٌ، وجمعه: بنون، ولا يقال فيه: ابنون، فكيف يصح ذلك، والقاعدة أن يصغر على الأصل ويردّ المحذوف؟
(1)"القاموس المحيط"(ص: 232).
(2)
"شرح الطيبي"(6/ 1996).
لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 1940، ن: 3064، جه: 3025].
2614 -
[11] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ،
ــ
وقوله: (لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) اختلف في وقت رمي هذه الجمرة، فقال الشافعي وأحمد في رواية: يجوز قبل طلوع الفجر إذا كان بعد نصف الليل؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها الآتي، لكن فيه مقال، وعندنا وعند أحمد في الأشهر: يجوز بعد طلوع الفجر ولا يجوز قبل ذلك، والأفضل عندنا أن يكون بعد طلوع الشمس وإن جاز بعد طلوع الفجر أيضًا جمعًا بين الأحاديث، وذهب بعض العلماء إلى أنه جاز للمعذور ولا يجوز للقادر، وفي (شرح ابن الهمام) (1): بعد طلوع الفجر جائز مع إساءة، وبعد طلوع الشمس إلى الزوال وقت مسنون، وآخر الوقت إلى غروب الشمس، كذا روي في (الموطأ) عن ابن عمر، وإن رمى في الليل لم يلزم شيء، وإن أخّر إلى الغد رمى ويلزم الدم.
2614 -
[11](عائشة) قوله: (فرمت الجمرة قبل الفجر) هذا الحديث مستند الشافعي، وفي (سفر السعادة) (2): إن في إسناد هذا الحديث مقالات، وأساطين الحديث ينكرونه، وهذا في حديث أبي داود، ولكن جاء في رواية النسائي (3) مبهمًا: أنه صلى الله عليه وسلم أمر إحدى نسائه من جمع أن ترمي جمرة العقبة وتصبح في منزلها، فيحتمِل ذلك أن
(1)"شرح فتح القدير"(2/ 500).
(2)
"سفر السعادة"(ص: 179).
(3)
"سنن النسائي"(3066).