الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم رحل الملك العادل في منتصف رجب إلى الرقّة فملكها في العشرين منه، ثم رحل إلى الخابور فملكه، ثم توجه إلى نصيبين فنزل ظاهرها، وأتته رسل عماد الدين - صاحب سنجار - يطلب منه الصلح.
ذكر وفاة
عز الدين مسعود بن مودود بن زنكى صاحب الموصل
ولما رجع عزّ الدين (1) إلى الموصل، تزايد به المرض إلى أن توفى في السابع والعشرين من شعبان من هذه السنة، فكانت مدة ما بين وفاته ووفاة السلطان الملك الناصر نصف سنة، وكانت مدة ملكه للموصل ثلاث عشرة سنة وستة أشهر.
ذكر صفته وسيرته رحمه الله
-
(6 ب) كان أسمر مليح الوجه، حسن اللحية، خفيف العارضين؛ حكى ابن الأثير عن أبيه: أن عزّ الدين كان أشبه الناس بجده الشهيد عماد الدين زنكى ابن آق سنقر.
قال: «وحكى لى أخى مجد الدين أبو السعادات قال: قال لى يوما:
(1) انظر خبر مرضه ووفاته وترجمته في: (ابن الأثير: الكامل، ج 12، ص 40) وانظر أيضا. (ابن خلكان. الوفيات، ج 4، ص 290 - 296).
ما نمت البارحة إلى سحر، فقلنا له: ما سبب ذلك؟ قال: كنت سمعت أن ابن فلان مريض - وذكر إنسانا بيّاعا (1) بالموصل - فسمعت البارحة صوت مأتم، فظننت أنه توفى، فضاق صدرى؛ وبلغنى أنه ليس لأبويه غيره، فشقّ ذلك علىّ، وقمت من الفراش إلى أطراف السطح لعلّى أعلم من هو الميت، فطال الأمر علىّ إلى الثلث الآخر من الليل، ثم قلت: لم أعذّب نفسى؟ فأرسلت خادما ففتح أبواب الدار، وأرسل من الأجناد من يستعلم من هو الميت، فعاد وذكر شخصا لم أعرفه، وحينئذ نمت.
وهذا من أتم ما يكون من الشفقة، إذ حصل له هذا القلق العظيم على رجل من رعيته ليس له معه تقدم صحبة ولا خدمة».
قال: «وكان ديّنا خيّرا، ابتنى بجواره مسجدا، فكان يخرج إليه ويصلى فيه» .
وكان عادلا، فمما روى ابن الأثير من عدله:
«أنه كان بالموصل إنسان من أعيان الدولة، وكان يتولى ديوان الخاتون بنت حسام الدين تمرتاش (2) ابن إيلغازى بن أرتق - وهى أم عز الدين - ولذلك الإنسان بها جاه عظيم، وكانت له قرية تجاور قرية لرجل عجمى مقيم بالموصل، فتعدّى في حدود قرية العجمى، وأخذ شيئا من أرضه، وطال النزاع بينه وبين العجمى، فلم ينتصف منه، فاتفق أنه ورد إلى الموصل واعظ، فأحضره عز الدين مسعود رحمه الله، وأمره أن يجلس للوعظ في دار المملكة، وحضر عز الدين، وتقدم بأن لا يحجب
(1) الأصل: «بيعا» وما هنا قراءة ترجيحية.
(2)
حسام الدين تمرتاش بن إيلغارى الأرتقى، ولى الحكم في ماردين سنة 516 هـ إلى سنة 547 هـ حيث خلفه والده نجم الدين ألبى، أما الخاتون ابنته ووالدة عز الدين مسعود فاسمها فلانة خاتون. انظر:(زامباور: المرجع السابق، ص 345 - 347).