الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة ثلاث عشرة وستمائة:
والسلطان الملك العادل [مقيم](1) بالديار المصرية والممالك على حالها.
وفى المحرم من هذه السنة وردت رسالة عز الدين كيكاوس إلى الملك الظاهر يطلب منه الاجتماع معه على مرعش بجيشه ليتفقا على قصد ابن لاون - ملك الأرمن - ويستخلصا أنطاكية منه.
فأجاب الملك الظاهر إلى حرب ابن لاون، على أن يدخل عز الدين إلى بلاد ابن لاون من جهة مرعش، ويدخل الملك الظاهر من جهة دربساك (2) ويقصد الابرنس أنطاكية، ومعه عسكر دمشق وحماة وحمص، ليضيّق المسالك على ابن لاون.
وأخذ الملك الظاهر في جمع الرجال وبذل الأموال، وبعث إلى عز الدين في جواب الرسالة إليه عبد الرحمن المنجى، فأدّى الرسالة، وحرّف فيها، وزاد فيها شروطا تضر الملك الظاهر، وتوافق (3) عز الدين لعدم كفايته.
فسيّر الملك الظاهر إلى الملك العادل يستشيره في ذلك فهجّن عليه الملك العادل رأيه، وأشار إليه بأن لا يجتمع إليه أصلا، وعرّفه ما في ذلك من المفاسد.
فوقع الملك الظاهر في حيرة عظيمة، بين أن يغدر بما وعد به عز الدين، وبين أن يخالف عمّه الملك العادل.
وترددت الرسل من عز الدين مستحثة على سرعة الحركة.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
(2)
الأصل: «دربال» ، والتصحيح عن (ك) و (س).
(3)
(ك) و (س): «فوافق» .
ووصل رسول ابن لاون إلى الملك الظاهر برسالة مضمونها:
إنى مملوك السلطان، (65 أ) وغرس دولته (1)، وقد دخلت عليه دخول العرب، وأطلب منه إنقاذى من هذه الورطة، وأكون مملوكه ما عشت، وقد حفظت بلاد السلطان غير مرة، وخدمته، منها: «أن السلطان لما حاصر دمشق المرة الأولى وبقيت البلاد شاغرة من العساكر، ما شغلت قلبه ولا آذيت بلده، بل ساعدته وعاونته بمالى ورجالى (2)، وكذلك لما حاصر دمشق المرة الثانية، وقد بذلت لى الأموال كلها لأشغل قلبه ويفتر عن الحصار فلم أفعل.
وإن كان الإبرنس قد خدم السلطان، فخدمتى أكثر من خدمته، (3) وسوف يبصر السلطان خدمتى، وملازمتى بابه الشريف، وقد أوصيت ابن أختى الذى نصبته بأنطاكية بملازمة خدمته» (3).
وبعث ابن لاون مع هذه الرسالة هدية عظيمة فاخرة، فمال الملك الظاهر إلى قوله، وبقى مترددا.
ثم ورد قاضى أقصرا، وهو قاضى عسكر عز الدين، رسولا منه إلى الملك الظاهر يحثّه على الحركة، وبينما هو عنده إذ ورد على الملك الظاهر من أخبره أن عسكر عز الدين بمرعش أغاروا على البلاط من بلد حلب، وقتلوا جماعة من الأرمن الذين به، وأسروا جماعة.
فعظم ذلك على الملك الظاهر، وقوى عنده الرأى الذى أشار به عمّه الملك
(1)(ك) و (س): «نعمته» .
(2)
(ك): «وحالى» .
(3)
هذه الجملة غير موجودة في (س).
العادل، وقال للرسول:» أول الدية دردى (1)؟! العجب أنكم تطلبون منا المعاونة وتخربون بلادنا».
فاعتذر الرسول بأنه وجد بالبلاط قسىّ مما غنه ابن لاون من بلاد الروم لما أغار عليها، فعلم بذلك أن أهل البلاط (2) كانوا معاونين لابن لاون على نهب بلاد المسلمين، والذى كشف هذه الحال قوم من التركمان، فلذلك أمر السلطان عزّ الدين نصرة الدين - صاحب مرعش - أن ينهب البلاد مجازاة لهم.
فأعرض الملك الظاهر عن الحركة لنصرة عز الدين ورجع عن عزمه الأول.
ذكر توجه
القاضى بهاء الدين [بن شداد](3) إلى مصر
لتقرير قواعد الملك الظاهر
وفى هذه السنة سيّر الملك الظاهر القاضى بهاء الدين بن شداد رحمه الله (65 ب) إلى السلطان الملك العادل، وكان قبل ذلك قد أرسل (4) القاضى نجم الدين بن الحجاج - نائب القاضى بهاء الدين في الحكم بحلب -، فوجد من الملك العادل قبولا عظيما، وطيّب قلب الملك الظاهر، وبسط أمله.
فأنفذ الملك الظاهر القاضى بهاء الدين شاكرا لإنعامه وطلب منه أمورا ثلاثة:
(1) الدردى (ج: درادى) هو السم، انظر (Dozy : Snp .Dict .Arab) .
(2)
(س): «فعلم بذلك بشر أهل البلاط وأنهم معاونون لابن لاون. . . الخ
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك) و (س).
(4)
(ك): «سيّد» .