الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عماد الدين:
قال: «فاجتمع الملك العادل والملك العزيز وأشار عليه أن يسافر بنفسه، وقال له ما معناه: إن الدولة الصلاحية بإدارتك (2) صلاحها، وبفلاحك فلاحها، وبنهضتك ينهض جناحها، وبسعدك يسعد نجاحها، وإن لم تجتمع الكلمة عليك لم تجتمع كلمة الإسلام، ولم تستقر العصمة من الكفر بالشام، وفى كل بلد من إخوتك سلطان، ما منه لأمرك إذعان، وغدا عند الحاجة إلى الاستنفار والاستنصار، وكلّ منهم على سمة النفار، تنزل النوازل والدوائر بالديار، فاستخر الله تعالى وانشط، ولدولتك احتط (3)، وسر مستقبل النصر سارّا،
(1)(ك): «أرضه» .
(2)
في الأصل: «بادالتك» ، ولا يستقيم بها المعنى، وفى ك:«تأدا إليك» وما هنا قراءة ترجيحية.
(3)
(ك): «وللذة قلبك أحبط» .
وللجحفل المجر جارّا، وللدولة الناصرية ناصرا، ولأيدى المتعدى عنها قاصرا، وأنت سلطاننا ونحن الأتباع، والأنصار والأشياع».
وذكر عماد الدين من هذا شيئا كثيرا عن الملك العادل، فأجابه الملك العزيز إلى ذلك، وضربت الخيام، ونصبت الأعلام، وتكاملت العساكر وتتامّت، واجتمعت وتضامت (4).
وانفصل الملك الزاهر من مصر عند قرب الرحيل، ومعه القاضى بهاء الدين ابن شداد بعد قضاء الأرب من أداء الرسالة عائدين إلى صاحبهما، فلما عبرا بدمشق، أخبرا الملك الأفضل بجلية الحال، وأنهم على قصد السفر والاستيلاء على البلاد، فضاق ذرعه بذلك، واستشار أصحابه، فأشار عليه شيوخ الدولة وأكابرها من الأمراء وغيرهم بأن يستقبل أخاه وعمه وينقاد إلى أوامرهما، فإنه إذا استقبلهما على هذه الصورة (19 ا) لا يسعهما إلا قبوله لأنهما إن غيّرا عليه حالا بعد ذلك، حلّت بهما الغير، وأرّخت بقبح فعلهما السّير، فكاد يقبل هذا القول ويصغى إليه، فدخل عليه وزيره ضياء الدين بن الأثير فثنّاه عن هذا الرأى وصرفه عنه وقال له:
(4)(ك). «وتكاملت العساكر وتتامت، واجتمعت وتضامت» .
ثم دخل عليه أخوه الملك الظافر خضر المعروف بالمشمّر، وهو شاب وعنده حمية وأنفة وقال:
وأحضر الملك الظافر المقدمين واستحلفهم، واستكثر من العدد والآلات، وتولى أسباب تحصين البلد، وقطع ما فوق المصلى عند مسجد فلوس بفصيل (1)، ورتّب الرجال حول البلد يتناوبون عليه لحفظه، وفرّق الأمراء على الأبراج والأسوار.
وورد إلى الملك الأفضل رسل أخيه الملك الظاهر يشير عليه بتحصين بلده وتقوية عزمه على مقاتلة أخيه وعمه، ويعده من نفسه المؤازرة والمظاهرة.
ثم أرسل الملك الأفضل الأمير فلك الدين - وهو أخو الملك العادل لأمه، وإليه تنسب المدرسة الفلكية (2) بدمشق - رسولا إلى الملك العادل.
(1)(ك): «بالتفصيل» انظر أيضا: (الروضتين، ج 2، ص 230).
(2)
أنشأ هذه المدرسة الأمير أبو منصور فلك الدين سليمان بن عمروة بن خلدك أخو الملك العادل أبى بكر لأمه، وكانت اول الأمر دارا له فحولها إلى مدرسة، وبنى بها قبرا له دفن فيه بعد وفاته في المحرم من سنة 599 هـ، وأوقف عليها أوقافا، وموقعها بحارة الإفتريس داخل بابى الفراديس والفرج، انظر:(النعيمي: لدارس في تاريخ المدارس، نشر جعفر الحسنى، ج 1 ص 431 - 432) و (ابن شداد: الأعلاق الخطيرة - الجزء الخاص بتاريخ دمشق. نشر الدكتور سامى الدهان، دمشق، 1956، ص 236).