الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أهل له في الآخرة عن هذا السعى المشكور دار السلام».
ولما وصلت نجدة الملك الظاهر إلى عند الملك المنصور، ونجدة الملك الأمجد تهيأ لملتقى الفرنج - خذلهم الله تعالى - (1).
ذكر الوقعة التي أوقعها الملك المنصور بالفرنج
(141)
وكانت في ثالث شهر رمضان من هذه السنة
وكان من حديثها: أن الفرنج اجتمعوا من حصن الأكراد وطرابلس والحصون التي حولها.
وجاءوا في فارسهم وراجلهم.
وركب الملك المنصور في العساكر التي معه، وتقدم إليهم، وقاتلهم، فهزمهم، وأخذ (2) جماعة من مقدميهم وخيّالتهم، وبعث بهم إلى حماة، فدخلوها راكبين خيولهم، لا بسين عددهم، وبأيديهم رماحهم، وكان يوما مشهودا.
وفى ذلك يقول بهاء الدين أسعد يحيى السنجارى قصيدة يمدحه بها، ويهنئه بهذا الفتح الجليل:
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (س)
(2)
(ك): «وقتل» ، ولا يستنم بها المعنى، وما بالمتن هو الصحيح، والنص في س:«وقتل جماعة من مقدميهم ورجالتهم وخيالتهم، وأسر منهم جماعة كبيرة، وبعث بهم إلى حماة» .
مطلعها:
المجد يدرك بالعسّالة الذبل
…
والمشرفيّة، لا بالوعد والأمل (1)
والجدّ في الجدّ، فاجنبها (2) مسوّمة
…
يقودها أسد بالأينق الذلل
ما لذّة العيش إلا صوت معمعة
…
ينال فيها المنى بالبيض والأسل
يأيّها الملك المنصور نصح فتى (3) لم يلوه
…
عن وفاء كثرة العذل
اعزم ولا تترك الدنيا بلا ملك
…
وجدّ، فالملك محتاج إلى رجل
وأبرز إلى الموت (4) يوم الرّوع مدّرعا
…
قلبا، إذا زالت الأفلاك لم يزل
وهمّ في طلب العلياء مرتقيا (5)
…
وأرسل الجيش أبدالا من الرسل
واهصر عداك كهصر الليث طعمته (6)
…
وصل إذا الليث في الهيجاء لم يصل
ومنها:
يا أوحد العصر، يا خير الملوك، ومن
…
فاق البرية من حاف ومنتعل
أسهرت عينيك (7) في كسب العلا ولكم
…
من بات يسهرها في اللهو والجذل
جاهدت في الله طوعا والملوك غدوا
…
يستهترون (8) بذات الحلى والحلل
(1)(ك): «الأهل»
(2)
(ك): «فأحيها»
(3)
(ك): ثق، وفى (س) لياض
(4)
(ك) و (س): «الحرب»
(5)
(ك): «مرتقيا
(6)
(ك): «داهم عداك كهم الليث طعمته» و (س): «وانهم عداك كنهم. . . الخ»
(7)
الأصل و (ك): «وعينيك» والتصحيح عن (س)
(8)
كذا في الأصل و (ك)، وفى (س):«يستنهضون»
يداك باطنها للجود مذ خلقت فينا
…
وظاهرها للثم والقبل
وأنت شرّفت أيوبا على شرف (1)
…
فيه وفقت كرام السادة الاول
أغمدت بيض المواضى في الرّقاب وقد (2)
…
حلّيت عاطلها ضربا من القلل
عاجلتهم بالمنايا والحتوف فلا تترك
…
لهم أجلا يبقى إلى أجل
(41 ب)
صفّدهم عاجلا (3) واجعل حصونهم
…
سجونهم فهم في غاية الفشل
ولما كسر الملك المنصور - صاحب حماة - الفرنج كتب إلى عمّه السلطان الملك العادل - رحمهما الله - يعرّفه ذلك.
فورد عليه كتاب الملك العادل ثامن عشر شهر رمضان، ومنه:
«وردت مكاتبة المجلس، ووقف الخادم عليها، وفهم ما أشار إليها من يمن حركته، وسعادة وجهته، وبركة نصرته، ودخوله إلى بلاد الكفار، وما أثّره (4) فيها وفيهم من جميل الآثار، فاستبشر بما دلّت عليه من هذه النعم.
الراهنة، والعوارف الظاهرة والباطنة، والله تعالى يجازيه أحسن الجزاء، (5) ويضاعف له من الحسنات أوفر الأجزاء (5)، ويرحم سلفه الكريم، ويحسن له في الحديث والقديم، ويؤيده في كل حركة بأحزاب الملائكة».
ووصل في هذه المدة رسول من الداويّة [إلى الملك المنصور](6) يخبر فيه
(1) النص في (س): «وأنت شرفت بنى أيوب في شرف» .
(2)
(س): «اغمضت» .
(3)
(س): «عجلا» .
(4)
(ك): «أثر» .
(5)
هذه الجملة ساقطة من (ك).
(6)
ما بين الحاصرتين زيادة عن س.
بوصول الفرنج إلى عكا من داخل البحر في نحو ستين (1) ألفا من فارس تركبلىّ (2) وراجل، وأنهم يقصدون جهة جبلة واللاذقية.
وأن مقدّم الاستبارية (3)، ومقدّم الداوية، والملك متوجهون إلى ابن لاون ملك الأرمن، ليصلحوا بينه وبين الأبرنس - صاحب أنطاكية - ويأتون بابن لاون ليلقى الفرنج، وتجتمع كلمة الكل على حرب المسلمين.
وأن (4) المركيس وكند (5) قلنط (4) مقدمى العسكر الخارج إلى بلاد الشام وقع بينهم وبين ملك الهنكرية (6) وقعة عظيمة، وأخذوا مدينة كبيرة بالسيف، وقتلوا منهم خلقا كبيرا (7).
وأن شينيا (8) قدم من عندهم يخبر بأنهم اصطلحوا، وأنهم خارجون إلى الشام في عيد الصليب.
وإنما قصدت الداوية بهذه الأخبار الإرهاب، ليصالح (9) الملك المنصور بيت (10) الاستبار، فإن الداوية سألهم (11) الاستبار التوسط بينه وبينهم.
(1)(ك) و (س): «سبعين ألف فارس من تركبلى وراجل. . . الخ» .
(2)
شرحنا هذا المصطلح شرحا مفصلا فيما سرق (مفرج الكروب، ج 2، ص 149، هامش 1، ص 395، هامش 1) والنص هنا يضيف جديدا، فهو يشير إلى أن حملات الفرنجة الوافدين عبر البحار كان من بينهم فرق من التركبلى.
(3)
انظر: (مفرج الكروب، ج 1، ص 188، هامش 2).
(4)
(ك): «وأن دكيد قليط» .
(5)
انظر: (مفرج الكروب، ج 1، ص 73، هامش 1).
(6)
(ك): «الاتنكرية» .
(7)
(ك). «كثيرا» .
(8)
شرحنا هذا اللفظ شرحا مفصلا في: (مفرج الكروب، ج 2، ص 13، هامش 1).
(9)
(ك): «ليصلح»
(10)
(ك): «بن»
(11)
(ك): سألوا»
فأجاب الملك المنصور: «بأنّا لا نجزع بما تقول ولا نكترث، ولو أنهم أضعاف ذلك لناجزتهم، فقد تحققنا قصدهم لنا، وعلمنا ذلك ولا سبيل إلى مصالحة الاستبار بوجه» .
فضرع الرسول حينئذ. وسأله تقليد الداوية (1) المائة في (1) صلحهم واعتذر من قوله الأول.
فأجابه إلى ملتمسه.
فسرّ الرسول بذلك (42 ا) وقام وكشف رأسه، وقبّل يده.
وورد كتاب الملك العادل يخبره فيه بالفرنج الخارجين من البحر، وتوجههم إلى جهة اللاذقية وغيرها من البلاد.
وفى هذه السنة ولد الملك المظفر تقى الدين محمود بن الملك المنصور، وسمّاه عمر، وإنما سمى محمودا بعد ذلك.
وكانت ولادته بقلعة حماة ظهر يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان من هذه السنة.
وكان والده الملك المنصور بقلعة بعرين في مرابطة الفرنج، فلما بلغته ولادته قدم إلى حماة يوم الأحد منتصف شهر رمضان، فهنأه أكابر الدولة، ومدحه الشعراء وهنوه بذلك، فممن مدحه وهناه سالم بن سعادة الحمصى وهو من الشعراء المجيدين (2)، بقصيدة مطلعها:
هذا الهناء الذى سرّت بشائره
…
بمولد الملك الميمون طائره
شبل أتى من هزبر سمر ذبّله
…
آجامه ومواضيه بواتره
(1) هذان اللفظان غير موجودين في (ك)
(2)
الأصل: «المحدثين» ، وما أثبتناه صيغة (ك) وهى أصح.