الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21)
خطاب بقلم العماد الأصفهانى مرسل من صلاح الدين إلى الديوان العزيز ببغداد يصف فيه انتصاراته في حطين وعكا، واستيلاءه على معظم مدن الساحل وهو يتهيأ لاستعادة بيت المقدس (أبو شامة: الروضتين، ج 2، ص 89، عن العماد)
«ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون.
الحمد لله على ما أنجز من هذا الوعد، وعلى نصرته لهذا الدين الحنيف من قبل ومن بعد، وجعل بعد عسر يسرا، وقد أحدث الله بعد ذلك أمرا، وهوّن الأمر الذى ما كان الإسلام يستطيع عليه صبرا، وخوطب الدين بقوله:
«ولقد مننّا عليك مرّة أخرى» ، فالأولى في عصر النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة، والأخرى هذه التي عتق فيها من رقّ الكآبة فهو قد أصبح حرا، ربّان الكبد الحرّى، والزمان كهيئته استدار، والحق ببهجته قد استنار، والكفر قد ردّ ما كان عنده من المتاع المستعار.
فالحمد لله الذى أعاد الإسلام جديدا ثوبه، بعد أن كان جذيذا حبله، مبيضا نصره، مخضرّا نصله، متسعا فضله، مجتمعا شمله.
والخادم يشرح من نبأ هذا الفتح العظيم والنصر الكريم ما يشرح صدور المؤمنين، وليمنح الحبور لكافّة المسلمين، ويورد البشرى بما أنعم الله به من يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر إلى يوم الخميس منسلخة،
وتلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما، سخّرها الله على الكفار، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز تخل خاوية، وإذا رأيت ثمّ رأيت البلاد على عروشها خالية ورأيتها إلى الإسلام ضاحكة كما كانت من الكفر باكية.
فيوم الخميس الأول فتحت طبرية.
ويوم الجمعة والسبت نوزل الفرنج فكسروا الكسرة التي ما لهم بعدها قائمة، وأخذ الله أعداءه بأيدى أوليائه أخذ القرى وهى ظالمة.
وفى يوم الخميس منسلخ الشهر فتحت عكا بالأمان، ورفعت بها أعلام الإيمان، وهى أمّ البلاد، وأخت إرم ذات العماد.
وقد أصدر هذه المطالعة وصليب الصلبوت مأسور، وقلب ملك الكفر الأسير بجيشه المكسور مكسور، والحديد الكافر الذى كان في يد الكفر يضرب وجه الإسلام قد صار حديدا مسلما يعوق خطوات الكفر عن الإقدام، وأنصار الصليب وكباره وكلّ من المعمودية عمّدته والدير داره قد أحاطت به يد القبضة وغلّق رهنه فلا تقبل فيه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
وطبرية قد رفعت أعلام الإسلام عليها، ونكصت من عكا ملّة الكفر على عقبيها، وعمرت إلى أن شهدت يوم الإسلام وهو خير يوميها، وقد صارت البيع مساجد يعمرها من آمن بالله واليوم الآخر، وصارت المذابح مواقف لخطباء المنابر، واهتزت أرضها لموقف المسلم فيها وطالما ارنجت لموقف الكافر، فأما القتلى والأسرى فإنها تزيد على ثلاثين ألفا.
وأما فرسان الداوية والاسبتارية فقد أمضى حكم الله فيهم، وقطع بهم سوق نار الجحيم ورحل الراحل منهم إلى الشقاء المقيم، وقتل الابرنس كافر الكفّار، ونشيدة النار، من يده في الإسلام كما كانت يد الكليم.
والبلاد والمعاقل التي فتحت هى:
طبرية.
عكا.
الناصرة
صفورية.
قيسارية.
نابلس.
حيفا.
معليا.
الفوله.
الطور.
الشقيف.
وقلاع بين هذه كبيرة.
والملك المظفر. تقىّ الدين - ظفّره الله - مضايق لصور وحص تبنين.
والأخ العادل سيف الدين - نصره الله - قد كوتب بالوصول بمن عنده من العساكر لينزل في طريقه على غزة وعسقلان، ويجهّز مراكب الأسطول المنصورة إلى عكا.
وما يتأخر النهوض إلى القدس، فهذا هو أوان فتحه، ولقد دام عليه ليل الضلال وقد آن يسفر فيه الهدى عن صبحه».