الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر التشريف
الوارد إلى الملك العادل
من الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين
كان الملك العادل قد سيّر أستاذ داره ألدكز العادلىّ، والقاضى نجم الدين خليل بن المصمودى (1) الحنفى الحموى - قاضى العسكر - رسولين إلى الديوان العزيز، يطلب التشريف والتقليد على مصر، والشام، والبلاد الجزرية، وخلاط.
فأكرما، وأحسن إليهما، وأجيبا إلى مطلوبهما.
وأرسل من الديوان (2) إلى الملك العادل الشيخ الإمام قدوة العارفين، شيخ الطريقة والحقيقة شهاب الدين السهروردى - قدّس الله روحه - ومعه التشريف الإمامى.
ولما وصل إلى حلب خرج الملك الظاهر إلى لقائه في جميع عساكره وأرباب دولته، وأنزل في إيوان دار العدل، [فأقام يومين للراحة](3).
وفى اليوم الثالث من مقدمه نصب له كرسى الوعظ، وكانت عادته جارية به، وحضره الملك الظاهر وأرباب المناصب في الإيوان.
وتكلم الشيخ شهاب الدين، وذكر من مواعظه ما خشعت له القلوب، ودمعت له العيون، وأخبر وهو على المنبر أنه أطلق في بغداد وغيرها من المؤن والضرائب ما مبلغه (4) ثلاثة آلاف دينار، فارتفعت الأدعية للخليفة.
(1)(ك): «خليل الصمودى» .
(2)
(ك): «من الديوان السعيد» ، و (س):«الديوان العزيز» .
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
(4)
(ك): «ثلاثين» و (س): «ثلاثة آلاف ألف دينار»
ثم سار الشيخ شهاب الدين من حلب، وأرسل معه الملك الظاهر القاضى بهاء الدين بن شدّاد، ومعه ثلاثة آلاف دينار، لأجل النثار إذا لبس الملك العادل خلعة الخليفة.
وبعث الملك المنصور، والملك المجاهد أيضا ما ينثر.
ولما قارب الشيخ شهاب الدين دمشق تقدّم الملك العادل إلى العساكر.
(50 ب) بلقائه، فلقيه أول العسكر بالغسولة، ولقيه من القصر (1) الملك العادل، وولداه: الملك الأشرف، والملك المعظم، وغلّقت الأسواق، وخرج الناس كلّهم، وكان يوما مشهودا.
وجلس الملك العادل غد ذلك اليوم في دار رضوان، بقلعة دمشق، ودخل القاضى بهاء الدين، ورسولا صاحبى حماة وحمص، وأفيضت على الملك العادل جبة أطلس أسود بطراز مذهب، (2) وعمامة سوداء بطراز مذهب (2)، وطوّق بطوق ذهب مجوهر ثقيل، وقلّد بسيف محلى جميع قرابه بذهب، وركب حصانا أشهب بمركب ذهب، ونشر على رأسه علم أسود مكتوب عليه بالبياض ألقاب الخليفة.
وعند لبسه الخلعة نثر القاضى [بهاء الدين](3) ورسولا صاحبى حماة وحمص عليه الذهب، وقدّم له القاضى بهاء الدين خمسين قطعة من أفخر القماش، ونثر عليه رسل سائر الملوك الذهب.
ثم خلع رسول الخليفة على كلّ واحد من الملك الأشرف والملك المعظم،
(1) الأصل: «العصر» ، والتصحيح عن (ك) و (س).
(2)
هذه الجملة ساقطة من (ك) و (س).
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
عمامة سوداء، وثوبا أسود واسع الكم، وخلع على الصاحب صفّى الدين ابن شكر كذلك.
وركب الملك العادل وولداه ووزيره بالتشريفات [إلى ظاهر البلد](1)، ثم عادوا إلى القلعة [من باب النصر](1).
وقرأ الصاحب صفّى الدين التقليد الإمامى على كرسىّ نصب له، وخوطب الملك العادل فيه:«بشاهان شاه، ملك الملوك خليل أمير المؤمنين» (2).
ثم توجّه الشيخ شهاب الدين إلى الديار المصرية فخلع على الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل، وجرى بمصر نظير ما جرى بدمشق من الزينة وإعظام رسول الخليفة، وركوب الملك الكامل بالتشريف الإمامى.
ثم عاد الشيخ [شهاب الدين](3) إلى الديوان [العزيز](3) مكر ما معظما.
وفى هذه السنة أمر الملك العادل بعمارة قلعة دمشق، وألزم كلّ واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج من أبراجها من ماله.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
(2)
هذا مثال نادر لبيان الخلع التشريفية التي كان يخلعها الخليفة على صاحب مصر والشام من الأيوبين وعلى رجال دولته، وهذا أيضا وصف طريف لطريقة الاحتفال بالباس هذه الخلع.
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).