الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(17)
خطاب مرسل من عبد الله بن أحمد المقدسى - وكان مقيما بعسقلان - إلى بغداد في وصف موقعة حطين
(أبو شامة: الروضتين، ج 2، ص 81 - 82، عن ابن القادسى المؤرخ البغدادى)
«كتبت هذا الكتاب من عسقلان يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وفيه» :
ولو حمدنا الله عز وجل طول أعمارنا ما وفينا بعشر معشار نعمته التي أنعم بها علينا من هذا الفتح العظيم: فإنا خرجنا إلى عسكر صلاح الدين، وتلاحق الأجناد حتى جاء الناس من: الموصل، وديار بكر، وإربل، فجمع صلاح الدين الأمراء، وقال:«هذا اليوم الذى كنت أنتظره، وقد جمع الله لنا العساكر، وأنا رجل قد كبرت، وما أدرى متى أجلى، فاغتنموا هذا اليوم، وقاتلوا لله تعالى لا من أجلى» ، فاختلفوا في الجواب، وكان رأى أكثرهم لقاء الكفّار، فعرض جنده ورتّبهم، وجعل تقىّ الدين في الميمنة، ومظفّر الدين في الميسرة، وكان هو في القلب، وجعل بقيّة العسكر في الجناحين.
ثم ساروا على مراتبهم حتى نزلوا الأقحوانة، فتركوا بها أثقالهم، وساروا حتى نزلوا بكفر سبت، فأقاموا يومين ينتظرون أن يبرز لهم الكفّار، وكان عسكر الكفار على صفورية، فلم يبرزوا، فعاد صلاح الدين حتى نزل على طبرية، فتقدّم
فرسانه وحماته ورماته والنقابون فدخلوا تحت الحصن، فلما تمكن النقب منه انهال؟؟؟ من غير وقودنا، ودخل المسلمون فانتهبوا يوم الخميس.
وأصبحوا يوم الجمعة فشرعوا في نقب القلعة، فلما كان وقت الصلاة جاء الخبر أن الكفّار قد توجهوا إلينا، فارتحل صلاح الدين على صفوفه، فلقيهم، ثم لم يزالوا يتقدمون حتى صار المسلمون محيطين بهم، وصار قالب المسلمين خلفهم، فتراموا ساعة، وبات كل فريق على مصافهم.
ثم أصبحوا، فسار الكفّار يقصدون طبرية، والمسلمون حولهم يلحون عليهم بالرمى، فاقتلع المسلمون منهم فوارس، وقتلوا خيّالة ورجّالة، فانحاز المشركون إلى تلّ حطين، فنزلوا عنده، ونصبوا الخيام، وأقام الناس حولهم إلى أن انتصف النهار، وهبت الرياح، فهجم المسلمون عليهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، ولم يفلت منهم إلا نحو من مائتين، وكانوا كما قيل اثنين وثلاثين ألفا، وقيل ثلاثة وعشرين ألفا، لم يتركوا في بلادهم من يقدر على القتال إلا قليلا.
وكان الذى أسر الملك هو درباس الكردى، وغلام الأمير إبراهيم المهرانى أسر الإبرنس، وقتل صلاح الدين الإبرنس بيده لأنه كان قد غدر وأخذ قافلة من طريق مصر.
ثم عاد صلاح الدين إلى طبرية، فأخذ قلعتها بالأمان، ثم ضرب أعناق الأسارى الذين كانوا في العسكر، وأرسل إلى دمشق فضربت أعناق الذين بها منهم».