الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصور من اتفاق الملك العادل والملك الأفضل عليه، فالتجأ إلى الملك العادل، وفعل مثل ذلك عزّ الدين بن المقدم، فأجابهما الملك العادل إلى ما طلبا من الاتفاق معه، وتحالفوا على ذلك.
ولما جرى ما ذكرناه، وتحقق الملك الظاهر أن عمّه الملك العادل وأخاه الملك الأفضل لم يفيا له بما عاهداه عليه، كاتب أخاه الملك العزيز واستنهضه لقصد الشام، ووعده القيام معه ونصرته، فقوى عزم الملك العزيز وتهيأ له.
ذكر قدوم الملك العزيز إلى الشام بعساكره
(14 ب) ثم خرج الملك العزيز إلى الشام بعساكره الكثيرة المتوافرة من الصلاحية والأسدية والأكراد، فوصل إلى الفوّار - من أرض السواد - وخيّم به، فكاتب الملك العادل الأمراء الذين مع الملك العزيز ووعدهم الوعود الجميلة وأخذ في إفسادهم عليه وتنفير قلوبهم منه.
ذكر اضطراب بعض العسكر على الملك العزيز ومفارقتهم له
وكانت الأمراء الصلاحية والأمراء الأسدية ينافس كل فريق منهم الآخر ويطلب عثاره، وكانت الأمراء الصلاحية متقدمة عند الملك العزيز، فحسدتها الأمراء الأسدية، وأخذ الملك العادل بدقيق حيله يعمل في تأكيد الإيقاع بين الفرقتين، ويوقع الفرقه والاستيحاش بينهما، وكذا في الإيحاش بين الأسدية والملك العزيز، فكاتب الملك العزيز سرا يخوفه من الأسدية ويغريه بإبعادهم، وكاتب الأسدية
بالتنفير من الملك العزيز وتخويفهم منه واستمالتهم إليه، فاستوحش الملك العزيز من الأسدية واستوحشوا منه، فكانوا إذا لقوه عرفوا في وجهه التنكر، وعرف في وجوههم مثله، وتمادى الأمر إلى أن تمكن الخوف منه في قلوبهم والخوف منهم في قلبه، ولما تمكن الاستيحاش منهم، عزموا على مفارقته وحسّنوا ذلك للأكراد المهرانية فوافقوهم (1) عليه.
وكان مقدم الأمراء الأكراد حسام الدين أبا الهيجاء السمين، وما كان يظن الملك العزيز أنه يحنث في يمينه، وأنه تصدر منه مخامرة عليه، فاجتمعت عليه الأمراء الأسدية وخوّفوه من الملك العزيز، ولم يزالوا به حتى أجابهم إلى مفارقته والانضمام إلى الملك العادل والملك الأفضل، ولما اتفقوا على ذلك، عزموا على مضايقة الملك العزيز واتباعه في المنازل، وأن يكاتبوا نوّابهم وأصحابهم بالقاهرة ليستقبلوه ويحولوا بينه وبين القاهرة، ويكونوا هم والملك العادل والملك الأفضل خلفه، فيؤخذ أخذا باليد (15 ا) وتنتزع منه البلاد؛ فلما كانت عشية اليوم الرابع من شوال من هذه السنة، رحل الأمير حسام الدين أبو الهيجاء السمين والأكراد المهرانية والأسدية رحلة واحدة بعد دخول الليل وهم لا بسون عدة الحرب.
وكان الأمير هكندرى (2) - وهو أكبر الأمراء الحميدية - محالفا لهم ومعاقدا، فجاء إلى الملك العزيز وأخبره بما اجتمع عليه الفوم، فما تحلحل الملك العزيز ولا تزعزع من مكانه، ولا أظهر ارتياعا لما وقع من هذه الحادثة، بل ثبت مكانه واستقر، فقالت له الأمراء الصلاحية:
(1)(ك): «فوافقوا منهم عليه» .
(2)
كذا في الأصل وفى (ك)، ولم أجد له ذكرا في المراجع المعروفة المنداولة هنا في حواشى هذا الكتاب.