الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كراهية، فلما دخلت البلد اجتمعت بالملك الأفضل، وقلت له القول الأفضل، فأبى أن يسمع أو أن يقبل، وحرمت في حظى الثانى والأول».
ثم سار الملكان: العادل والعزيز إلى دمشق فنازلاها، ولم يحدثا قتالا، والملك العادل مظهر أنه على عهده وميثاقه، لم يتغير عنه ولم يحل، وأنه ليس مقصوده إلا إصلاح (1) ذات البين وانتظام الشمل، وكتب الأمراء بدمشق والأكابر متواصلة إلى الملك العادل والملك العزيز، لأن بعضهم كانت قد حصلت عنده نفرة من الملك الأفضل لأسباب وقعت منه ومن وزيره توجب الاستيحاش، وبعضهم كوتبوا من جهة الملك العادل والملك العزيز بما طيّب به قلوبهم وبسط في آمالهم، فكتبوا يحثونهما على معاجلة الزحف إلى البلد وانتهاز الفرصة، ويعدون من أنفسهم المساعدة وفتح الأبواب لهم.
ذكر استيلاء
الملك العزيز على دمشق
والاقتصار بالملك الأفضل على صرخد
ولما جرى ما ذكرناه (2) من المخامرة (2) من الأمراء المقيمين بدمشق والأكابر، وتوثق منهم الملك العزيز والملك العادل، ضرب البوق وزحف العسكر على البلد، وذلك ضحى يوم الأربعاء السادس والعشرين من رجب من هذه السنة - أعنى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة - مستظهرين بالعدد والآلات، فما صدّهم عن البلد صادّ، ولا ردّهم رادّ، ولم يجدوا في طريقهم من يقاتلهم غير الملك الظافر
(1) الأصل: «صلاح» ، والتصحيح عن (ك).
(2)
هذان اللفظان ساقطان من (ك)».
خضر (1) ابن الملك الناصر، فإنه قاتل وثبت معه جماعة من عسكر الملك الظاهر - صاحب حلب -، فقاتل ظنا أن عسكر دمشق يقاتلون معه، (20 ا) ولم يعلم حقيقة ما استقر في الباطن من المخامرة، فلما لم ير معه من يقاتل ولّى منهرما وقد جرح.
ووصل الملك العزيز من جهة الميدان الأخضر، ودخل من باب الفرج (2) وقد فتح له، وبات عند عمته ست الشام (3) بنت أيوب - المعروفة بالحسامية -
(1) هو الملك الظافر خضر، لقبه مظفر الدين، وكنيته أبو الدوام، وأبو العباس، قيل له «المشمر» لأن أباه لما قسم البلاد بين أولاده الكبار، قال:«وأنا مشمر» فغلب عليه هذا اللقب، ولد بالقاهرة في خامس شعبان سنة 568 هـ، وهو شقيق الملك الأفضل، حج على تيماء سنة 610 فلما وصل إلى بدر وجد عسكر الملك الكامل محمد قد سبقه خوفا منه على اليمن، وأمروه بالرجوع، فقال: «قد بقى بينى وبين مكة مسافة يسيرة ووالله ما قصدى إلا الحج، فقيدونى حتى أقضى مناسكى وأعود، فلم يلتفتوا إليه، فأراد أن يقاتلهم فلم يكن له بهم طافة، فعاد بلا حج، وتوفى في جمادى الأولى - أو الآخره - سنة 627 هـ بحران عند ابن عمه الملك الأشرف موسى، ولم يكن وقئذاك ملكها، وإنما كان مجتازا لها عند دخوله بلاد الروم، انظر:(ابن خلكان: الوفيات، ج 6، ص 204 - 206) و (الحنبلى: شفاء القلوب، ص 173) و (النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس، ج 2، ص 187).
(2)
قال (ابن شداد: الأعلاق الحطيرة - تاريخ مدينة دمشق -، ص 36) عند وصفه لهذا الباب: «محدث، أحدثه الملك العادل نور الدين، وسماه بهذا الاسم تفاؤلا، لما وجد من التفريج بفتحه، وكان بقربه باب يسمي «باب السمارة» فتح عند عمارة القلعة ثم سد، وأثره في السور باق».
(3)
ست الشام بنت أيوب، أخت صلاح الدين، وشقيقة لملك المعظم توران شاه بن أيوب فاتح اليمن، تزوجت الأمير لاجين وأنجبت منه ابنها حسام الدين عمر بن لاجين، ثم تزوجت ثانية من ابن عمها الأمير ناصر محمد بن أسد الدين شيركوه صاحب حمص، وكانت من أكثر النساء صدقة وإحسانا إلى الفقراء، وتعمل في كل سنة في دارها بألوف من الذهب أشربة وأدوية وعقاقير فيفرق على الناس، توفيت في 26 ذى القعدة سنة 616 هـ، وقال النعيمي في كتاب «الدارس في تاريخ المدارس»:«وقد صنف الشيخ تقى الدين بن قاضى شهبة في ست الشام كراسة، وهي عندى» وقد أنشأت ست الشام في دمشق مدرستين تعرفان باسم «المدرسة الشامية البرانية» و «المدرسة الشامية الجوانية» وتعرف أحيانا باسم «المدرسة الحسامية» نسبة إلى ابنها حسام الدين سالف الذكر فقد دفن بعد وفاته بها. انظر ترجمتها بالتفصيل في: (النعيمي: الدارس في المدارس، ج 1، س 277 - 313) و (الوفيات لابن خلكان) و (شفاء القلوب للحنبلى) و (البداية والنهاية لابن كثير) و (شذرات الذهب لابن العماد) و (ابن شداد: الأعلاق الخطيرة - تاريخ دمشق -، ص 233 و 241).