الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نائب القاضى بهاء الدين بحلب إلى الملك العادل لإصلاح الحال، فانصلحت الحال.
وورد من جهة الملك العادل ما طاب به قلب الملك الظاهر وزال استشعاره، فبعث الملك الظاهر إلى عمه هدية سنية من جملتها خمسون رأسا من الخيل.
وفى رمضان من هذه السنة توفى فارس الدين ميمون القصرى، وهو آخر من بقى من كبار الأمراء الصلاحية، وكانت وفاته بحلب، وعتق في الليلة التي مات فيها ثمانين مملوكا، وزوّجهم [بثمانين جارية أيضا](1) وخلّف أموالا كثيرة.
ذكر ولادة الملك العزيز بن الملك الظاهر
(61 ا) وفى يوم الخميس خامس ذى الحجة من هذه السنة ولد الملك الظاهر من ابنة عمه ضيفة خاتون بنت الملك العادل الملك العزيز غياث الدين محمد.
وزينت حلب، واحتفل الملك الظاهر لمولده (2) احتفالا عظيما، من ذلك أنه أمر بإحضار شىء كثير من الفضة والذهب، وأمر الصوّاغ أن لا يتركوا شكلا ولا صورة من سائر الصور إلا ويصوغون مثلها، فصاغوا من ذلك ما وزن بالقناطير، وصاغوا عشرة مهود من الذهب والفضة سوى ما عمل من الأبنوس والعود والصندل وغير ذلك.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
(2)
الأصل: «لولده» ، والتصحيح عن (ك).
ونسج للمولود ثلاث فرجيّات (1) من اللؤلؤ، في كل واحدة منها أربعون حبة من الياقوت والبلخش (2) والزمرد، (3) ودرعان وخوذتان وبرك أصطوان (4) من اللؤلؤ، وثلاث سروج مجوهرة، في كل واحد منها عدة من الياقوت والزمرد (3) وثلاث سيوف غلفها وقبضاتها ذهب مرصع بأنواع الجوهر (5) ورماح ذهب أسنتها جوهر منظوم.
وفى هذه الأيام ختن الملك الظاهر ولده (6) الملك الصالح (6) صلاح الدين أحمد، وعمره يومئذ تسع سنين.
وفى ولادة الملك العزيز وختان أخيه الملك الصالح يقول شرف الدين راجح الحلّى قصيدة مطلعها:
نعم جادت الدنيا بما أنت آمله
…
فحسبك من آمالها ما تقابله
إذا ما هناء قال قوم: قد انقضت
…
أواخره كرّت (7) عليه أوائله
(1) فرجية (ج: فرجيات) عرفها (Dozy: Dict .Detaille des Noms des Vetements P. 327 - 334، Supp .Dict .Arab)
بأنها نوع من الغباء المسترسل، ويصنع غالبا اليوم من الجوخ» وله أكمام واسعة طويلة تتعدى أطراف الأصابع، وهى غير مفتوحة أو مشقوقة.
(2)
جوهر أحمر شفاف يضاهى فائق الياقوت في اللون والرونق، سمي هكذا نسبة إلى مواطنه «بلخشان» حيث يكثر وجوده، وأهل إيران يسمونه «بذخشان» ، وهو إقليم يقع في أقصى شرقى أفغانستان. أنظر:(ابن الأكفانى: نخب الذخائر في أحوال الجواهر، ص 63).
(3)
هذه الجملة غير موجودة في (س)
(4)
برك اسطوان، أو بركستوان غاشية الحصان أو الفيل المزركشة. انظر تعليقات الدكتور زيادة على كتاب (السلوك، ج 1 ص 177. هامش 5).
(5)
(ك): «الجواهر» .
(6)
هذان اللفظان ساقطان من (ك) و (س).
(7)
(س): «هفت» .
فيا حبذا دهر بملك أشرقت
…
على أهله أسحاره وأصائله
فلسنا نرى إلا نعيما يديمه
…
صنيعك فينا، أو سرور يواصله
ومنها:
فلله مولود أنار به الهدى
…
وأسفر وجه الملك واشتد كاهله
تباشرت الدنيا بغرّة وجهه
…
فبورك من نجل وبورك ناجله
أتى ومحيّا الدهر أزهر مشرق
…
لطلعته، والزّهر تزهو خمائله
فبشرى لأبكار البلاد، فإنها
…
على ثقة عما قليل تواصله
كأنى به والجيش خلف لوائه
…
وقد حجبت شمس النهار قساطله
(61 ب) سيملؤها قسطا وعدلا كفاحه
…
وتكلؤها أرماحه ومناصله
وتحمد منه سيرة ظاهرية
…
بها تشمل الآفاق طرّا شمائله
عليه خلال من أبيه وجدّه
…
تدلّ على أن البلاد معاقله
ومنها في طهور الملك الصالح:
ورثت خليل الله منصبه الذى
…
سما، والنجوم الزاهرات تطاوله
فأحييت بالتطهير سنّة، وكم
…
تبعت نبيّا في الذى هو فاعله
فدم يا غياث الدين للخلق رحمة
…
تعمّهم كالغيث طبّق وابله
ودخلت سنة إحدى عشرة (1) وستمائة:
والممالك على ما كانت عليه وفى صفر منها وصل إلى حلب الملك المنصور محمد بن الملك العزيز عثمان، وهو الذى كان له الملك بعد أبيه بالديار المصرية، وكان عمّه الملك الأفضل أتابكة، ثم صار الملك العادل - لما كسر الملك الأفضل أتابكه.
وقد ذكرنا أن الملك العادل خلعه من الملك واستقل بالمملكة، وأنه سيّره إلى الشرق مع أخوته، فوصلوا في هذه السنة إلى حلب، فأقاموا عند عمهم الملك الظاهر مكرمين بها.
وفى هذه السنة اجتمعت الفرنج من جزيرة قبرص واطرابلس وعكا وأنطاكية، وانضم إليهم عسكر ابن لاون - ملك الأرمن -، وكان تزوّج ابنة صاحب عكا، ونزلوا (2) ببقعة حصن الأكراد، فخافهم الملك المنصور - صاحب حماة - والملك المجاهد - صاحب حمص - فراسل الملك المنصور الملك الظاهر في ذلك، فأرسل الملك الظاهر إلى الفرنج في أن لا يتعرضوا لحماة، فلما وصلت رسالته إليهم بذلك أجابوا إليه، ورضوا من الملك المنصور بسبى (3) حمله إليهم واصطلحوا معه.
(1) الأصل: «عشر» .
(2)
هذه الكلمة ساقطة من (س).
(3)
(س): «بشىء» .