الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا بكمين الفرنج قد خرج إليهم، وبذلوا فيهم السيف فقتل من المسلمين جماعة كثيرة.
وعاد الفرنج - لعنهم الله -[إلى طرابلس](1) وقد ملأوا أيديهم بالسبى والغنائم.
ذكر واقعة غريبة
(2)
كان القاضى أبو محمد مختار بن أبى محمد بن مختار المعروف بابن قاضى دارا، وزير الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل، وحاكما في دولته بالديار المصرية، والملك الكامل إذ ذاك ينوب عن والده الملك العادل بها.
وكان الصاحب صفىّ الدين بن شكر وزير الملك العادل يبغضه ويضاده.
فلما قدم الملك العادل مصر، لم يزل ابن شكر يقدح فيه عند الملك العادل (3) حتى نقم عليه فطلبه.
فخاف عليه الملك الكامل، وأمره بالخروج من مصر، فخرج منها ومعه ولداه: فخر الدين، وشهاب الدين، واستصحب شيئا من المال يسيرا (4)، وورد إلى حلب، فأكرمه الملك الظاهر وأنزله (5).
ثم ورد عليه أمر الملك الكامل يستدعيه إلى مصر، وكان الملك الظاهر قد عرض عليه أن يخدمه، فأبى، وخرج فنزل بعين المباركة على باب حلب، وأقام بها يتهيأ للسفر.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن. (س).
(2)
(ك) و (س)«عجيبة» .
(3)
الأصل: «الكامل» ، والتصحيح عن (ك).
(4)
(ك): «واستصحب شىء يسير من المال» .
(5)
الأصل: «وأمر له» بدون نقط، والتصحيح عن (ك) و (س).
فلما كان الرابع والعشرون من ذى القعدة من هذه السنة لم يشعر أصحابه إلا بخمسين فارسا قد أحاطوا بمضربه وقد مضى ربع الليل، وقالوا:
«نريد القاضى» .
فقالوا (1): «إنه نائم» .
فقالوا: «ينبة» (2).
فخرج إليهم في ثياب النوم.
فترجّل منهم ثلاثة نفر فقتلوه، ثم قالوا لغلمانه:«احفظوا أموالكم، فما كان لنا غرض سواه» .
واتصل الخبر بالملك الظاهر (3)، فركب وشاهده، وأعظم مصابه، وفرّق الرجال في الطرق، فلم تقف لقتلته على خبر، [فكان كما قيل: هرب من القتل إلى القتل، فما ينجى حذر من قدر] (4)
وفى هذه السنة أغار الملك المجاهد أسد الدين - صاحب حمص - على الفرنج حتى وصلت غارته إلى حصن الأكراد، وأخذ من الغنم (5) والمواشى ما لا يحصى كثرة.
وفى هذه السنة (47 ب) خلع الإمام الناصر لدين الله ولده عدّة (6) الدين أبا نصر محمدا من ولاية عهده.
(1)(س): «فقيل لهم» .
(2)
(س): «فقالوا: نبهوه، فأنبهوه» .
(3)
النص في (ك): «ولم يصل الخبر بالملك الظاهر، فلما وصل خبره ركب وشاهده» .
(4)
ما بين الحاصرتين زيادة عن س (ج 1، ص 155 ب).
(5)
س: «الغنائم» .
(6)
س: «عمدة» .
وكنا قد ذكرنا أن الإمام الناصر قد ولاّه عهده، فلما كانت هذه السنة انحرف عنه، ومال إلى أخيه الأصغر أبى الحسن، ولقّبه «الملك المعظم» ، فأظهر في دار وزير الخليفة - وهو يومئذ الشريف نصير الدين بن ناصر الدين بن مهدى - ورقة بخط ولى العهد أبى نصر إلى الخليفة تتضمن العجز عن القيام بولاية العهد، ويطلب الإقالة؛ وشهد عدلان (1) أن الورقة بخطه، وعمل بذلك محضر، شهد فيه الفقهاء والقضاة والفقهاء العدول فقطعت الخطبة والسكة باسمه في سائر الآفاق (2).