الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقام له الخطبة والسكّة باسمه، وأرسل إلى الخليفة الناصر لدين الله يطلب التقليد له، وكاتب ملوك الأطراف يطلب منهم تجديد العهود لنور الدين على القاعدة التي كانت بينهم وبين أبيه.
ولم تنقض الليلة التي مات فيها الملك القاهر حتى فرغ من كل ما يحتاج إليه، وجلس للعزاء، وحلفّ الأمراء والجند، وقام بتدبير المملكة أحسن قيام، وأحسن إلى الأجناد والأمراء، وخلع عليهم الخلع الفاخرة، وأحسن السيرة، وكشف الظلامات.
ووصل بعد أيام التقليد من الخليفة لنور الدين أرسلان شاه بالمملكة، ولبدر الدين بالنظر في أمور الدولة والتشريفات.
وأتت رسل الملوك بالتعزية، وبذل ما طلب منهم من العهود.
ذكر قصد
عز الدين - سلطان الروم - حلب
لما مات الملك الظاهر، وصار الملك بعده لابنه الملك العزيز غياث الدين محمد، وهو طفل، وقع الطمع في بلاده، فحسّن بعض الناس للملك الغالب عز الدين (73 ا) كيكاوس بن كيخسرو - سلطان الروم - قصد بلاد حلب وتملكها، وقالوا:«إن المصلحة أن تستعين في ذلك بالملك الأفضل نور الدين بن الملك الناصر - صاحب سميساط - فإنه في طاعتك ويخطب لك، والناس مائلون إليه، فتكتب إليه تستدعيه» .
فكتب إليه يستدعيه (1) من سميساط، فقدم عليه، فأكرمه إكراما
(1) هذا اللفظ ساقط من (ك).
عظيما، وحمل إليه شيئا كثيرا من الخيل والخيام والسلاح وغير ذلك، وتقرر بينهما أن الملك الأفضل يجىء في صحبة السلطان عز الدين، ويقصدون البلاد، وأن ما يفتحون من حلب وأعمالها يكون للملك الأفضل، ويكون في طاعة عز الدين، ويقيم الخطبة والسكة باسمه، ثم يقصدون بلاد الشرق التي بيد الملك الأشرف، مثل: حرّان، والرّها، وغيرها، ويكون ذلك لعز الدين، وجرت الأيمان بينهما على ذلك.
وجمعوا العساكر، وساروا فملكوا قلعة رعبان، فتسلمها الملك الأفضل، ومال الناس حينئذ إلى عز الدين، لميله إلى الملك الأفضل.
ثم ساروا إلى تل باشر، وبها فتح الدين بن بدر الدين دلدرم، وكان ملكها بعد أبيه بدر الدين - كما ذكرنا - فحصروه بها، وضيقوا عليه، وملكوها، فتسلمها عز الدين لنفسه، ولم يسلمها إلى الملك الأفضل، فنفرت نفس الملك الأفضل من ذلك، وفترت همته، وقال:«هذا أول الغدر» ، وخاف أنه إن تسلم عز الدين حلب أن يأخذها لنفسه؛ ولا يحصل إلا على قلع الملك من أولاد أخيه، ونقله إلى الأجانب.
ونفر أيضا من هذا الفعل أهل البلاد، فإنهم كانوا فرحين بمملكة الملك الأفضل، فلما رأوا ضد ذلك خافوا.
وخاف الأتابك شهاب الدين طغريل أن يسلم أهل حلب البلد إلى الملك الأفضل لميلهم إليه، فكتب إلى الملك الأشرف بن الملك العادل يستدعيه لإنجاد ابن أخته الملك العزيز.