الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيلغازى، وقام بأتابكيته مملوك (1) لأبيه -؛ وإنما راسل هؤلاء في معنى الاتفاق معه على نجدته ومساعدته على حرب الملك العادل وأخذ البلاد منه، فكان أول خارج في إنجاده عسكر ماردين ونزلوا الموزر؛ ثم تحرك عزّ الدين - صاحب الموصل -.
فحكى عز الدين بن الأثير، قال:
لما وصلت الأخبار بوفاة صلاح الدين إلى عز الدين، جمع أهل الرأى من أصحابه فاستشارهم فيما يفعله، فأشار عليه أخى مجد الدين أبو السعادات - وكان من أكابر أصحابه - بالإسراع في الحركة (5 ب) وقصد البلاد التي بيد الملك العادل، فإنها (2) لا مانع لها منه؛ فقال مجاهد الدين قايماز:
فقال مجد الدين:
«إن كنتم تفعلون ما يشيرون به ويرونه فاقعدوا، فإنهم لا يرون إلا هذا، لأنهم لا يؤثرون حركتكم ولا قوتكم، وإنما الرأى أن يبرز هذا السلطان ويكاتبهم ويراسلهم ويستميلهم، ويبذل لهم اليمين على ما بأيديهم، ويعلمهم
(1) هذا المملوك هو نظام الدين البقش، انظر المرجع السابق.
(2)
الأصل: «فإنه» ، والتصحيح عن نص بن الأثير المنقول في (الروضتين، ج 2، ص 236 - 237).
(3)
له ترجمة طويلة مفصلة عند (ابن خلكان: الوفيات، ج 3، ص 370 - 377) وعنه ضبطنا الاسم بالشكل، وقال إن كوكبورى كلمة تركية معناها ذئب أزرق.
أنه على الحركة، فليس فيهم إلا من يجيب، ولا يمكنه المخالفة خوفا أن يقصد ولايته، لا سيما إذا رأوا جده وخلوّ البلاد الجزرية من مانع وحام، فهم لا يشكّون أنه يملكها سريعا فيحملهم ذلك على موافقته، ومتى أراد الإنسان [أن](1) يفعل فعلا لا يتطرق إليه الاحتمالات، بطلت أفعاله، وإنما إذا كانت المصلحة أكثر من المضرة أقدم، وإن كان بالعكس أحجم».
وظهرت إمارات الغيظ على مجاهد الدين فسكت، لكون مجد (2) الدين هو الحاكم ورأيه المتبع.
وأقام عز الدين بالموصل يراسل المذكورين فلم ينتظم بينه وبين أحد منهم أمر غير أخيه عماد الدين - صاحب سنجار -، فإنهما اتفقا على قواعد استقرت بينهما.
فرحل عز الدين بعساكره إلى نصيبين، ووصل إليه أخوه عماد الدين زنكى، وبعثوا رسلهم إلى الملك العادل يقولون:«تخرج من البلاد وتعيدها إلينا» .
فكتب الملك العادل إلى بنى أخيه: الملك العزيز، والملك الأفضل، والملك الظاهر، وإلى الملك المنصور - صاحب حماة -، والملك الأمجد - صاحب بعلبك -، وابن عمه الملك المجاهد - صاحب حمص - يستنجد بهم، فبادروا إلى إنجاده بالعساكر؛ ووصل إليه الملك المنصور - صاحب حماة -، وتوجّه إليه عسكر حمص ودمشق وبعلبك مع الملك الظافر خضر، ورحل الملك العادل إلى حرّان، فنزل ظاهرها.
(1) أضيف ما بين الحاصرتين بعد مراجعة المرجع السابق.
(2)
الأصل: «مجاهد الدين» وهو خطأ، والتصحيح يقتضيه السياق، والنص عند ابن الأثير:«فسكت أخي، لأنه هو كان مخدوم الجميع على الحقيقة، والحاكم فيهم، واتبع المرحوم - يعنى صاحب الموصل - قول مجاهد الدين، وأقام بالموصل. . . الخ» انظر المرجع السابق، ص 237.
ولما نزل عز الدين مسعود بن مودود بنصيبين ابتدأ به مرض الإسهال، (6 ا) ثم سار عز الدين مسعود وأخوه عماد الدين زنكى في عساكرهما إلى تل موزن (1) من شبختان قاصدين الرّها. فأرسل الملك العادل إلى عز الدين يطلب الصلح، ويسأل أن تكون حرّان والرّها والرّقة وما معها بيده على سبيل الإقطاع من عز الدين، فلم تقع الإجابة إلى ذلك.
واشتدّ المرض بعز الدين - صاحب الموصل - وهو نازل تل موزن، وعجز عن الحركة، فحمل في محفّة، وعاد إلى الموصل في طائفة يسيرة من العسكر ومعه نائبه مجاهد الدين، وترك سائر العسكر مع أخيه عماد الدين زنكى لتقرير قواعد الصلح مع الملك العادل.
ثم رحل عماد الدين زنكى إلى سنجار، ورجع عسكر الموصل إلى الموصل.
وراسل صاحب ماردين الملك العادل في الصلح، وتضرّع إليه في أن يرضى عنه، ووقع هذا كله والملك الظافر خضر لم يقطع الفرات بعد، فكاتبه عمّه الملك العادل يأمره بمنارلة سروج وكانت بيد عماد الدين زنكى، وأمدّه الملك العادل بالملك المنصور - صاحب حماة -، والأمير عز الدين ابراهيم بن المقدّم، فنازلوا سروج في ثامن رجب من هذه السنة - أعنى سنة تسع وثمانين وخمسمائة -، وفتحوها من الغد.
وأما بكتمر (2) - صاحب أخلاط - فإنه وثب عليه جماعة من الباطنية فقتلوه رابع عشر جمادى الأولى من السنة.
(1) الأصل: «تل مورن» ، وك:«تل موزر» وقد ضبط الاسم بعد مراجعه: (ياقوت: معجم البلدان) حيث ذكر أنه بلد قديم بين رأس عين وسروج.
(2)
هو سيف الدين بكتمر مملوك ظهير الدين إبراهيم، ولى الحكم في خلاط في ربيع الثانى سنة 581 هـ إلى أن قتل في رابع عشر جمادى الأولى سنة 589 هـ، فخلفه بدر الدين آقسنقر بن سكمان. انظر:(زامباور: المرجع السابق، ص 348).