الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر انهزام
عز الدين - سلطان الروم -
من الملك الأشرف
وكان الملك الأفضل يشير على عز الدين قبل أخذه تل باشر بمعاجلة حلب، وأخذها قبل اجتماع العساكر بها، فلما أخذ عزّ الدين تل باشر ولم يسلمها إليه تحقق سوء باطنه، فصار بعد ذلك يشير عليه بأن يقصد باقى البلاد ويأخذها أولا، ثم بعد ذلك يقصد حلب، ففتح منبج - كما ذكرنا -.
وإنما قصد الملك الأفضل التمادى ومرور الزمان في غير فائدة، لئلا يتحصل لعز الدين مقصود.
ولما استحلف الملك الأشرف الأمراء بحلب، واستوثق منهم رحل من حلب في عساكره وعسكر حلب، وفى صحبته جماعة من الأمراء المخامرين، فنزل وادى بزاغة.
ولما سمع عز الدين بتقدم الملك الأشرف إليه سيّر ألف فارس هم خيار عسكره وأبطالهم، وقدّم عليهم سوباش سيواس، فنزلوا تل قباسين، فوقعت عليهم عرب الملك الأشرف، وقاتلوهم، ومعهم جماعة من العسكر، فانهزمت مقدمة عسكر عز الدين، وقد استبيحت أموالهم، وقتل منهم جماعة، وأسرت جماعة.
ووصل إليهم الملك الأشرف وقد فرغت العرب منهم، وسيّرت الأسرى إلى حلب، ودخلوا بهم والبشائر تضرب بين أيديهم، وأودعوا السجن.
ولما بلغ عز الدين ذلك [وهو بمنبج](1) ولّى منهزما، وقد ملأ الرعب قلبه.
ورحل الملك الأشرف متبعا له، يتخطف أطراف عسكره، حتى وصل إلى تل باشر، فحاصرها وافتتحها، وكان بها جماعة من عسكر عز الدين، فمنّ عليهم (74 ب) الملك الأشرف، وأطلقهم.
ثم سلّم الملك الأشرف تل باشر إلى نواب الملك العزيز، وقال:
«هذه كانت أولا للملك الظاهر، وكان يؤثر ارتجاعها إليه، وأنا أردها إلى ولده» .
وكان افتتاحها في جمادى الأولى من هذه السنة.
ثم ملكها الأتابك شهاب الدين في سنة ثمان عشرة وستمائة بجميع قراها.
ثم سار الملك الأشرف إلى رعبان وتل خالد، فافتتحهما، وافتتح برج الرصاص، وأعطى الجميع لابن أخته الملك العزيز.
وأما عز الدين فإنه طوى المراحل هاربا لا يلوى على شىء بل مرّ على وجهه خائفا يترقب، ولما وصل إلى أطراف بلاده أقام بها.
ولما وصل إليه العسكر الذين كانوا بتل باشر جعلهم في دار، وأمر بأن تحرق عليهم، فاحترقوا عن آخرهم، فلم يمهله الله تعالى، وعجّل عقوبته، وأهلكه لسوء فعلته.
وصار (2) الملك بعده إلى أخيه الذى كان في حبسه، وهو علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
(2)
(ك): «وانقل» .
وتوجه الملك الأفضل إلى سميساط، ولم يتحرك بعد ذلك حركة في طلب ملك إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وستمائة - على ما سنذكره -.
وعاد الملك الأشرف إلى حلب وقد بلغه وفاة والده السلطان الملك العادل رحمه الله وقد كان عازما على قصد عز الدين، وأتباعه إلى بلاده، فلما وردت عليه وفاة والده لم يمكنه ذلك، مع علمه بحلول الفرنج بالديار المصرية، وشدة طمعهم فيها سيما وقد مات سلطان البلاد.
ونزل الملك الأشرف ببانقوسا، وجلس في خيمته للعزاء، وخرج أكابر البلد والأمراء إلى خدمته، وأنشده الشعراء مراثى الملك العادل، ووعظ الوعاظ.
ولما انفصل أمر العزاء سيرّ الأتابك شهاب الدين إليه في أن يكون هو السلطان موضع أبيه الملك العادل، ويخطب له في البلاد، وتضرب السكة باسمه، وتكون العساكر الحلبية في خدمته.
فقال الملك الأشرف:
«لا والله، لا أغيّر قاعدة قررها أبى، بل يكون السلطان أخى الملك الكامل، ويكون قائما مقام أبى» .
ثم تقررت الحال بين الأتابك شهاب الدين وبينه برأى (75 ا) القاضى بهاء الدين بن شداد، وسيف الدين بن علم الدين، وسيف الدين بن قلج على الخطبة بحلب وأعمالها للسلطان الملك الكامل ناصر الدين أبى المعالى محمد ابن الملك العادل، وبعده للملك الأشرف، وبعدها للمملك العزيز.
وضرب اسم الملك الكامل والملك العزيز على السكة، وجعل أمر الأجناد والأقطاع في عسكر حلب إلى الملك الأشرف، وأخليت له دار الملك الظافر