الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وساقوا إلى ضيعة على باب حماة تعرف «بالرقيطا» ، قريبة جدا من الباب الغربى.
وكان قد خرج من حماة من العامة خلق عظيم، فلما وصل العدو إلى هذا المكان (146)(1) تفرقوا، واختنق جماعة في أبواب المدنية (1)، ورمى خلق أنفسهم في الخنادق.
ثم رجع الفرنج إلى بلادهم بعد أن ملأوا أيديهم بالسبى، وأسر من أكابر أهل حماة رجل يقال له شهاب الدين بن البلاعى (2)، كان فقيها شجاعا، وكان أول أمره معهما ثم خلع العمامة وتزيى بزي الجند، وتولّى البرّ (3) مرة بحماة، وتولّى مرة أخرى سلمية، فقاتل ذلك اليوم [قتالا شديدا](4) ورمى فارسا ووقعت به فرسه، فأخذ أسيرا، وحمل إلى اطرابلس وغيره من الأسرى فهرب من اطرابلس، ورمى بنفسه في البحر، ثم تعلق بحبال (5) بعلبك، وجاء [بعد شدائد](2) إلى أهله سالما.
ذكر الهدنة
بين الملك المنصور والفرنج
ولما جرى ما ذكرناه استدعى الملك المنصور النجدة من الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل [وهو بدمشق نائبا عن أبيه](6)، فسيّر إليه عسكرا.
(1) النص في (ك) و (س): «هربوا واختبأوا جماعة في أبواب المدينة» .
(2)
(س): «شهاب الدين البلاغى» .
(3)
انظر ما فات بهذا الجزء، ص، هامش.
(4)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
(5)
كذا في جميع النسخ، ولعلها «بجبال» .
(6)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
وترددت الرسل بين الملك المنصور والفرنج إلى أن استوثقت (1) الهدنة بينهم إلى مدة معلومة.
وفى هذه السنة توجّه الملك المنصور إلى الديار المصرية، وكان عنده استشعار من الملك العادل، فلما وصل إلى القاهرة أحسن إليه الملك العادل إحسانا كثيرا، وأقام في خدمته شهورا (2)، ثم خلع عليه وعلى أصحابه وعاد إلى حماة مكرّما.
وفى هذه السنة أغارت الفرنج على حمص، وقتلوا وقتلوا وأسروا جماعة.
وفى هذه السنة جرّد القاضى بهاء الدين بن شدّاد - قاضى حلب - ونزع طيلسانه، وامتنع من القضاء.
وكان السبب في ذلك أنه كان حضر (3) إملاكا لفتح الدين بن جمال الدين فرخ (4) على ابنة علاء الدين - صاحب نابلس (5) -، ولم يكن للزوجة ولىّ غير أخيها، فوكّل الأخ القاضى بهاء الدين في التزويج بعد الإشهاد عليها بالرضى.
فحضر القاضى وزوجّها من الزوج المذكور، وكان كمال الدين عمر ابن العجمى حاضرا، فلما خرج مضى إلى دار علاء الدين، وأوهمهم أن العقد لا (6) يصح، وأحضر أخا الزوجة والزوج، وجدّد العقد، فغضب بهاء الدين، ونزع طيلسانه، وامتنع من الحكم.
وعلم الملك الظاهر -[صاحب حلب](7) - ذلك، فعظم عليه، وجلس
(1)(س): «إلى أن استقرت بينهم» .
(2)
(س): «شهرا» .
(3)
الأصل و (س): «حصر» ، والتصحيح عن (ك).
(4)
(ك) و (س): «خرج» .
(5)
الأصل ك: نالس، والتصحيح عن (س).
(6)
(ك) و (س): «لم» .
(7)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
مجلسا عاما، (46 ب) أحضر فيه الأكابر من أهل حلب والفقهاء وأرباب المناصب، وأحضر كمال الدين، ثم أخذ الملك الظاهر في تعداد فضائل القاضى بهاء الدين ومناقبه، وأطنب في ذلك، ثم أخذ في ذكر معايب كمال الدين ابن العجمى، والطعن فيه، وبالغ في تبكيته وتخجيله وتقريعه، ثم أمر الحجّاب فجرّوه بأكمامه، وأخرجوه من عنده على أقبح صورة، وأمر بأن يمضوا به إلى الحبس.
ثم قال للأكابر الحاضرين: «كلكم تمضون الساعة مشاة إلى دار القاضى بهاء الدين، وتكشفون رؤوسكم له، ولا تزالون به حتى يرضى» .
ففعلوا ذلك.
ورضى القاضى بهاء الدين، وعاد إلى الحكم. ولم يعد إلى لبس الطيلسان.
ثم شفع الشيخ أبو الحسن الفاسى الزاهد في كمال الدين عمر [بن العجمى](1)، فأخرج من الحبس، وأمر أن يصير إلى دار القاضى بهاء الدين (1) وأمر أن يتضرع إليه حتى يرضى، ففعل.
وفى هذه السنة بعث الظاهر عسكرا إلى المرقب (2)، وقدّم عليهم مبارز الدين أقجا (3)، فسار إلى المرقب (2) وحاصره، وهدم البرج الذى له على [باب](4) الميناء فأصاب المبارز من الحصن سهم فقتله، وعاد العسكر بعد أن كادوا يفتحون الحصن، [وأيديهم ملآنة من الغنائم](4).
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
(2)
هذه الجملة ساقطة من (ك).
(3)
(س): «أقجبا» .
(4)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).