الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة:
والملكان الأفضل والظاهر منازلان دمشق وقد اختلفا وفترت عزائمهما.
ذكر رحيل
الملك الأفضل والملك الظاهر عن دمشق
ولما جرى ما ذكرناه من هرب فخر الدين جهاركس وزين الدين قراجا وغيرهما من الأمراء، ووقع الاختلاف بين الملكين؛ رحلا عن دمشق أول محرم من هذه السنة.
فرجع الملك الظاهر إلى حلب، وتوجه الملك الأفضل إلى حمص. فلما قدم الملك العادل إلى دمشق (1) توجه إلى خدمته واجتمع به، ثم رحل إلى البلاد الشرقية التي اتفقا عليها.
ذكر قدوم
الملك العادل إلى دمشق
ولما رحل الملكان عن دمشق، وبلغ ذلك الملك العادل، رحل إليها، فدخل إلى دمشق (1) واستقرّ بها.
وفى انتصاره وظهوره يقول شرف الدين بن عنين قصيدة يمدح بها صفى الدين عبد الله بن على بن شكر - وزير الملك العادل - مطلعها:
(1) النص في (ك): «بعد رحيلهما واستقربها»
ما قام - لولا هواك - المدنف (1) الوصب
…
يبكى الطلول، وأهل المنحنى غيب (2)
ومنها:
يا أيّها الصاحب المولى الوزير ومن
…
إلى مكارمه (3) العلياء تنتسب
دعيت في الدولة الغرّاء صاحبها
…
حقا، فظنّ جهول أنه كذب (4)
كثرتهم في دمشق وهى خالية
…
وقد أناخ عليها جحفل (5) لجب
(27 ب)
كتائب أضحت البيداء متأقة
…
منهم (6)، وضاقت بها البطنان والحدب
يقودهم من بنى أيوب كلّ فتى،
…
ماضى العزائم، لا نكس ولا تخب (7)
أسد مخالبها بيض الظّبى، ولها
…
من الذّوابل غيل نبته أشب
حتى إذا أشرفت منهم دمشق على
…
حرب لها الويل من عقباه والحرب
منحتها منك عزما صادقا خضعت
…
له ظبى الهند والخطّيّة القضب (8)
فكان رأيك فيها راية طلعت
…
بالنصر، فانجابت اللأواء والكرب
وبات أثبتهم جأشا وأحزمهم
…
رأيا، وأمضى سلاحا عزمه الهرب
وكان ظنّهم أن تلتقى بهم
…
مصر البوار (9)، وتغشى النوبة النّوب
فأجفلوا، وزعيم القوم غاية ما
…
يرجو من الله أن تبقى له حلب
(1) ك: الواله، وما هنا صيغة الأصل ولديوان
(2)
القصيدة في الديوان طويلة فراجعها هناك، وما هنا مقنطفات منها
(3)
في الديوان: «مفاخره»
(4)
كذا في الأصل وفى ك، والنص في الديوان:«وظن جهول أنه لقب»
(5)
الديوان: «الجحفل»
(6)
الديوان: «منها» ، وما هنا صيغة الأصل و (ك)
(7)
الأصل: «لجب» والتصحيح عن الديوان، والنخب الجيان
(8)
الديوان: «السلب»
(9)
كذا في الأصل والديوان، وفى (ك): «الهوان
ولما رجع الملك الظاهر إلى حلب ذهب معه إليها جماعة من الأمراء الصلاحية، منهم: فارس الدين ميمون القصرى، وسرا سنقر، وألبكى الفارس.
فأقطع الملك الظاهر ميمون القصرى عزاز وأماكن أخرى، وحمل إليه ثمانين ألف درهم، وخلعا كثيرة له ولأصحابه، وعشرة أرؤس من الخيل العراب، وعشر بغلات، وعشر زرديات، ومائة ثوب ألوانا، وحمل إلى ألبكى وأسد الدين سرا سنقر دون ذلك، فلم تطب قلوبهما به.
ثم قصد الملك الظاهر منبج، وكان الملك الفائز بن الملك العادل قد قصدها في غيبته وملكها، فاستعادها وخرّب سورها وقلعتها، ونقل ذخائرها إلى حلب وأقطعها عماد الدين بن المشطوب.
وفى هذه السنة أنفذ قراقوش - نائب شمس الدين بن المقدم بأفامية - إلى الملك الظاهر يبذل له أفامية، بشرط أن يعطى شمس الدين إقطاعا يقوم به، وكان بتقرير بينه وبين شمس الدين.
فأجاب الملك الظاهر إلى ذلك، وأقطعه الراوندان، وكفر طاب ومفردة المعرّة، وحلف له على ذلك وتسلم أفامية.
ثم في هذه السنة هرب شمس الدين إلى قلعة الرواندان وعصى بها، فقصده الملك الظاهر واستنزله منها، وأخذ كل ماله من الأموال والذخائر، فقصد بدر الدين دلدرم - صاحب تل باشر - (38 أ) مستشفعا به إلى الملك الظاهر في أن يعيد إليه ما أخذ منه، فلم يجد استشفاعه شيئا، فقصد الملك العادل فأقطعه إقطاعا وأحسن إليه.