الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له في الظاهر ومؤازرا، واتفق اجتماعهما وهو في أول إقبال ثمارها ومشمشها، وهى في غاية طيبتها وبهجتها، فأقاما بها كل يوم يركبان ويتسايران، وأفضى الملك الأفضل إلى الملك العادل بأسراره، وشاهد الملك العادل اختلال أحواله، ولم يعجبه سيرة وزيره ضياء الدين بن الأثير، وكان الملك العادل يجبه الملك الأفضل بالتحذير منه، وهو لا ينزل عنه ولا يبرأ منه.
وأبطأ خبر الملك العزيز، وسكن ما في القلوب من الخوف منه، وبالغ الملك الأفضل في إكرام عمه الملك العادل والقيام بوظائفه، وأشار على الملك الأفضل أصحابه أن ينزل لعمه الملك العادل عن السنجق، ويتوثق منه بيمين، فاجتمعا يوما في الجوسق وطلب منه اليمين، وسأله الاختصاص بالركوب (1) بالسنجق، فأجابه إلى ذلك، وصار بعد ذلك الملك العادل يركب كل يوم بالسناجق السلطانية، ويركب الملك الأفضل في خدمته.
ذكر أمور
وقعت أوجبت الاستيحاش عند الملك الظاهر
من عمه الملك العادل وأخيه الملك الأفضل
كان الملك الأفضل قد اتفق معه أخوه الملك الظاهر على مواترة الرسل بينهما، فاتفق أن الملك الأفضل أرسل رسلا في مقاصد، فرجعوا من غير حصول مقصود، وكان السبب في ذلك أن الملك المنصور - صاحب حماة -
(1) هذا اللفظ ساقط من (ك)، وقد ذكر (القلقشندى: صبح الأعشي، ج 4، ص 8 - نقلا عن المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا -) أن أول من حمل السنجق على رأسه من الملوك في ركوبه هو سيف الدين غازى بن زنكى، ثم أصبح هذا من تقاليد سلاطين بنى أيوب والمماليك في مصر والشام، أما السنجق - كما عرفه صاحب صبح الأعشى - فكان راية صغيرة صفراء اللون.
والأمير عز الدين إبراهيم بن شمس الدين بن المقدّم - صاحب بعرين (1) وأفامية وكفر طاب - كان الشرط أنهما يكونان (14 ا) مضمومين إلى الملك الظاهر، فاتفقا أنهما نفرا من ذلك في هذا الوقت، وراسلا الملك العادل معتصمين به ولائذين بجنابه، فقبلهما وضمهما إليه، وكان شرط الملك الظاهر ردّ الخارجين إليه.
وكان أيضا الأمير بدر الدين دلدرم بن بهاء الدين ياروق - صاحب تل باشر - قد حبسه الملك الظاهر في السنة الماضية ليسلّم إليه تل باشر، وحبس معه جماعة من بنى عمه، وكان الملك العادل - قبل مجىء الملك الأفضل إليه - قد توجّه إلى حلب وصعد إلى قلعتها، وشفع إلى ابن أخيه الملك الظاهر في المذكورين، وضمن للملك الظاهر عنهم ما يطلبه منهم، فقبل الملك الظاهر شفاعة عمه وأمر بإطلاقهم له، وقدموا مع الملك العادل إلى دمشق، فأحسن إليهم واستخدمهم، فبعث الملك الظاهر إلى الملك العادل يطلب منه أن يقوم له بما ضمنه عنهم، فلم تقع الإجابة إلى ذلك، فحصل عنده استيحاش من هذه الأمور.
وكان السبب في ميل الملك المنصور إلى عمه الملك العادل وخروجه عن الملك الظاهر، أن الملك الظاهر كان قد اتفق معه أنه يضيف إليه جبلة واللاذقية، وبكسرائيل (2) وصهيون، وحلف له الملك الظاهر أنه يستخلص له ما ليس في يده منها، وإن احتاج إلى محاصرة حاصر، وكان هذا الاتفاق في السنة الماضية، وحلف الملك المنصور أنه يكون تبعا له ومؤازرا.
ولما كانت هذه السنة، ووقع من الاضطراب ما ذكرناه، خاف الملك
(1)(ك): «باربن» واللفظان صحيحان.
(2)
الأصل: «ببسرائيل» ، والصحيح ما أثبتناه، راجع:(مفرج الكروب، نشرتنا هذه، الجزء الثانى، ص 259) حيث قال ابن واصل: «وفى الجبل على سمت طريق حماة حصن حصين يعرف ببكسرائيل»