الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر منازلة الملك العادل
سنجار
وسار الملك العادل إلى سنجار ونازلها، وأخذ في حصارها، فأخرج إليه صاحبها قطب الدين نساءه وحرمه يضرعن إليه ويسألنه إبقاء المدينة عليهن.
فلما حصل النسوة عنده أمر باعتقالهن إلا بتسليم سنجار، فاضطر قطب الدين إلى إلقاء المقاليد إليه، وأجاب إلى تسليم البلد على أن يعوض عنها الرقة وسروج وضياع من بلد حرّان.
وأطلق الملك العادل النسوة؛ وأمر بادخال علمه إلى البلد.
فلما حصلت النسوة بالبلد ودخل علم الملك العادل، أمر قطب الدين بكسر العلم، وعلّق على الباب (1)، واستعدّ للحصار، وأرسل إلى الملك العادل يقول له:
فجدّ الملك العادل (54 ا) في مضايقة البلد ومحاصرته، واصطلى أهل سنجار الحرب بأنفسهم، وصبروا أحسن صبر.
وأمر الملك العادل بقطع ما على البلد من البساتين والجواسق، ونصب على البلد عدة مجانيق.
وأخذ قطب الدين في مكانبة الملوك (2) والاستنجاد بالخليفة الناصر لدين الله (2).
وكان نور الدين - صاحب الموصل - قد عزم على تسيير عسكر نجدة
(1)(س): «وغلق الباب» .
(2)
النص في س (ج 1، ص 163 ا): «والاستنجاد بهم، وكتب أيضا إلى الإمام الناصر لدين الله يستنجد به» .
للملك العادل مع ولده الملك الظاهر عز الدين مسعود، وإذا برسول مظفر الدين كوكبورى - صاحب إربل - قد جاء يبذل له المساعدة والمعاضدة، ومنع الملك العادل عن سنجار.
ولم يكن هذا في حساب نور الدين، فإن مظفر الدين كان مع الملك العادل.
وكان السبب في الذى فعله مظفر الدين أن قطب الدين - صاحب سنجار - كان أرسل ولده إلى مظفر الدين يستشفع به إلى الملك العادل ليبقى عليه سنجار، وكان مظفر الدين يظن أنه لو شفع في نصف ملك [الملك](1) العادل لشفّعه فيه، لما بينهما من المصاهرة، ولآثار جميلة تقدمت (2) من مظفر الدين في حق الملك العادل.
فشفع مظفر الدين في قطب الدين عند الملك العادل، فلم يقبل شفاعته فيه، ظنّا منه أنه بعد اتفاقه مع نور الدين لا يبالى بمظفر الدين.
فلما ردّ الملك العادل شفاعته غضب من ذلك، وسيّر وزيره إلى نور الدين، فوصل إلى الموصل ليلا، ووقف مقابل دار نور الدين وصاح، فعبرت إليه سفينته، فمبر (3) فيها، واجتمع بنور الدين ليلا، وأبلغه الرسالة.
فأجاب نور الدين إلى ما طلب من الموافقة، وحلف على ذلك، وعاد وزير مظفر الدين من ليلته، فأبلغ مظفر الدين الجواب.
فسار مظفر الدين من إربل، واجتمع هو ونور الدين، وعسكرا بظاهر الموصل، وراسلا الملك الظاهر - صاحب حلب - يدعوانه إلى الاتفاق على الملك العادل،
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
(2)
(ك) و (س): «والآثار الجميلة الذى تقدمت» .
(3)
(ك): «يعبر» ، وس:«شينية ليعبر فيها» .
وراسلا أيضا السلطان غياث الدين - صاحب بلاد الروم -، وأخاه مغيث الدين طغرل شاه - صاحب أرزن الروم -.
ولما وصلت رسالتهما إلى الملك الظاهر أجابهما ونقض ما كان بينه وبين الملك العادل، وكانت الملك الظاهر في عمل (1) ماردين ضيعة يقال لها القرادى، أعطاه إياها صاحب ماردين (54 ب) لما أصلح بينه وبين الملك العادل، فصارت في يد الملك الظاهر يستغلها.
فلما كانت هذه السنة، والملك العادل على سنجار أقطعها الملك العادل للملك الصالح محمود الأرتقى - صاحب آمد -، فجعل الملك الظاهر ذلك حجة في نقض ما بينه وبين الملك العادل، وأحضر فقهاء حلب عنده، وقال:
فأجابوا «بأنه ينحل اليمين ويبطل حكمها» .
فأظهر لهم صورة الحال، فأفتوه بأن اليمين قد بطلت، ولا يلزمه إذا نقض ما بينه وبينه حنث.
فأجاب الملك الظاهر مظفر الدين ونور الدين إلى الاتفاق معهما، وأجابهما سلطان الروم وأخوه إلى ذلك.
ثم أرسل مظفر الدين ونور الدين إلى الخليفة في أن يرسل رسولا في أمر الصلح، وأن يرحل الملك العادل عن سنجار.
(1)(ك): «أعمال» .