الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(13)
خطاب بقلم القاضى الفاضل مرسل من السلطان صلاح الدين إلى «بردويل» أحد ملوك الفرنج، وهو يومئذ مستول على بيت المقدس وما معه، معزّيا له في أبيه، ومهنئا له بجلوسه في الملك بعده
عن: (القلقشندى: صبح الأعشى، ج 7، ص 115 - 116)
أما بعد - خصّ الله الملك المعظّم حافظ بيت المقدس بالجدّ الصاعد، والسّعد الساعد، والحظّ الزائد. والتوفيق الوارد، وهنأه من ملك قومه ما ورّثه، وأحسن من هداه فيما أتى به الدهر وأحدثه؛ فإن كتابنا صادر إليه عند ورود الخبر بما ساء قلوب الأصادق، والنّعى الذى وددنا أن قائله غير صادق؛ بالملك العادل الأعزّ الذى لقّاه الله خير ما لقّى مثله، وبلّغ الأرض سعادته كما بلّغه محلّه؛ معزّ بما يجب فيه العزاء، ومتأسّف لفقده الذى عظمت به الأرزاء؛ إلا أنّ الله سبحانه قد هوّن الحادث، بأن جعل ولده الوارث، وأنسى المصاب، بأن حفظ به النّصاب، ووهبه النعمتين: الملك والشّباب، فهنيئا له ما حاز، وسقيا لقبر والده الذى حقّ له الفداء لو جاز؛ ورسولنا الرئيس العميد مختار الدين أدام الله سلامته قائم عنا بإقامة العزاء من لسانه، ووصف ما نالنا من الوحشة لفراق ذلك الصديق وخلوّ مكانه، وكيف لا يستوحش ربّ الدار لفرقة جيرانه. وقد استفتحنا الملك بكتابنا وارتيادنا، وودّنا الذى هو ميراثه عن والده
من ودادنا، فليلق التحيّة بمثلها وليأت الحسنة ليكون من أهلها، وليعلم أنّا له كما كنا لأبيه: مودّة صافية، وعقيدة وافية، ومحبّة ثبت عقدها في الحياة والوفاة، وسريرة حكمت في الدنيا بالموافاة، مع ما في الدّين من المخالفات.
فليسترسل إلينا استرسال الواثق الذى لا يخجل، وليعتمد علينا اعتماد الولد الذى لا يحمل عن والده ما تحمّل، والله يديم تعميره، ويحرس تأميره، ويقضى له بموافقة التوفيق، ويلهمه تصديق ظنّ الصديق.