الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة أربع عشرة وستمائة:
والسلطان الملك العادل بالديار المصرية، والممالك بحالها.
(70 ب) ذكر خروج الفرنج من البحر (1) لاستعادة البيت المقدس
وفى هذه السنة تتابعت أمداد الفرنج من رومية الكبرى، التي هى مقر طاغيتهم الأكبر، المعروف بالبابا - لعنه الله -، وغيرها من البلاد، وتواصلوا في البحر يتلو بعضهم بعضا، ومعهم جماعة من الملوك الأكابر، واجتمعوا كلهم بعكا، عازمين على قصد القدس الشريف، وانتزاعه من أيدى المسلمين، واسترداد كل ما أخذ لهم من البلاد الساحلية.
وصاروا في جمع عظيم، لم يجتمع لهم بعكا بعد موت السلطان الملك الناصر صلاح الدين مثله.
ذكر وصول
الملك العادل إلى الشام
وغارة الفرنج على المسلمين
(2)
ولما بلغ السلطان الملك العادل اجتماع الفرنج بعكا، خاف على البلاد الإسلامية، فخرج من مصر بالعساكر المصرية، ووصل إلى الرملة، ثم منها إلى لدّ.
(1)(س): «من رومية» .
(2)
هذا العنوان غير موجود في (س).
وبلغ الفرنج وصوله فبرزوا من عكا في جموعهم العظيمة.
ووصل الملك العادل إلى نابلس، ثم إلى بيسان فقصدته الفرنج.
فخاف الملك العادل إن لقيهم ولم يتكامل عنده العساكر الإسلامية أن يكسروه، فلا يقوم للإسلام بعد ذلك قائمة، فاندفع بين أيديهم صاعدا إلى عقبة فيق، لينزل بالقرب من دمشق، ويطلب العساكر لتجتمع عنده، ثم يلقاهم. .
وكان الملك العادل رحمه الله كثير الحزم، نظّارا في العواقب.
وكان أهل بيسان وسائر الأعمال التي حولها قد اطمأنوا بالملك العادل لما رأوه نازلا عندهم، فلم يهربوا (1)، فقصدتهم الفرنج لما رحل الملك العادل، وبذلوا فيهم السيف، ونهبوا البلاد والرساتيق (2)، وأخذوا جميع غلاتها وحواصلها، وغنموا من المسلمين ما لا يحصى كثرة، ونهبوا ما بين بيسان وبانياس، وبثّوا السرايا في القرى، ووصلت غاراتهم إلى خسفين وقرى (3) من بلاد السواد.
ثم نازلا الفرنج بانياس، وأقاموا عليها ثلاثة أيام، ثم عادوا إلى مرج عكا ومعهم من الغنائم والسبى ما لا يحصى، سوى ما قتلوا وأحرقوا (71 ا) وأهلكوا.
واستراحوا بالمرج أياما، ثم أغاروا ثانيا، ونزلوا بمكان بينه وبين بانياس فرسخان، ونهبوا صيدا والشقيف (4)، ثم عادوا إلى المرج.
(1)(ك): «فلم ينهزموا» و (س): «فلم يجفلوا إلى مكان» .
(2)
الرستاق - والرسداق - (ج. رساتيق) عرفها (الجواليقى: المعرب. ص 158) بأنها أرض السواد. والقرى. واللفظ معرب عن الفارسية. انظر أيضا: (الخفاجي: شفاء الغليل. ص 107).
(3)
الأصل: «ولوى» . والتصحيح عن (ك).
(4)
الأصل: «السقيف» . والتصحيح عن (ك).
وكل هذا ما بين منتصف شهر رمضان من هذه السنة وعيد الفطر.
وأما الملك العادل فإنه توجه إلى مرج الصفر ونزل به، وذكر أنه رأى في طريقه رجلا يحمل شيئا، وهو تارة يقعد يستريح وتارة يمشى (1)، فعدل إليه الملك العادل وحده، وقال له:«يا شيخ لا تعجل، وارفق بنفسك» .
فعرفه الرجل، وقال:«يا سلطان المسلمين، أنت لا تعجل أو أنا، إذا رأيناك قد سرت إلى بلادك وتركتنا مع الأعداء كيف لا نعجل؟» ، [فدمعت عين الملك العادل وأخذه معه، وأعطاه ثلاثمائة دينار وحمله إلى دمشق](2)
ولما استقل الملك العادل بمرج الصفر سيّر ولده الملك المعظم إلى نابلس، ومعه قطعة من العسكر ليمنع الفرنج عن البيت المقدس.
وسيّر الملك العادل في هذه السنة بعد نزوله إلى الشام رسولا إلى الأتابك شهاب الدين طغريل، وسيّر خلعة للملك العزيز بن الملك الظاهر، وسنجقا، وحلف له يمينا أوجبت السكون والثقة.