الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وفاة
الملك المؤيد نجم الدين مسعود
ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين
ولما انفصل الملك المؤيد ونظام الدين من عند الملك العادل، سارا حتى نزلا رأس عين بظاهرها، فخرج إلى خدمتهما الوالى بها، وحمل إليهما طعاما وفاكهة كثيرة، فتناول من الرمان هو وبعض غلمانه، ثم دخل بيتا مجصّصّا، وكان يوما شديد البرد، فأشعل فيه النار، وسدوا كوى البيت، فاختنق الملك المؤيد ومن كان معه، ولم يسلم إلا اثنان وجد فيهما حياة ضعيفة.
وتحدّث الناس بأنه سقى سمّا (1) في الرمان.
ثم جهّز الملك المؤيد ووضع (55 ب) في تابوت وحمل إلى حلب فوصل إليها في الثامن والعشرين من شعبان من هذه السنة، ودفن في التربة الظاهرية بمقام إبراهيم عليه السلام.
وحزن عليه أخوه الملك الظاهر حزنا شديدا، وغلقت أسواق حلب سبعة أيام.
ورثاه شرف الدين الحلّى بقصيدة مطلعها:
ترى من على نفس الهدى (2) جار واعتدى
…
وفوّق نحو الملك سهما مسدّدا؟
(1)(س): «شيئا»
(2)
(س): «العلى» .
ومن هدّ ركن المجد بعد بنائه؟
…
ومدّ إلى تشتيت شمل الهدى يدا
ومن دكدك الطود الأشمّ وقد رسا
…
وطال إلى أن جاز نسرا وفرقدا؟
ومن حجب البدر الذى كان مشرقا
…
ومن غيّض البحر الذى كان مزيدا؟
ومن حبس الغيث الذى كان نوؤه
…
إذا عمّ جدب لا يفت له ندا
ومنها:
فيا مانع الإسلام صبرا فإنما
…
بصبرك في كلّ المواطن يقتدى
فلو كان غير الموت دافعت دونه
…
بطعن يردّ السمهرىّ مفصّدا
وغادرت جفن الأفق بالسمر أو طفا
…
وخدّ المواضى بالنجيع مورّدا
ولكنه دهر إذا ما نعيمه تحوّل
…
بؤسا هدّ ما كان شيّدا
فدم يا غياث الدين سيبك للعلى
…
يشيد مبانيها وسيفك للعدى
ولا زالت الدنيا تبيحك ملكها
…
ولا زلت مهديا لها وممهدا
ولما بلغ الملك العادل وفاة ابن أخيه الملك المؤيد جلس للعزاء، واغتم لموته غما كثيرا، وخاف أن يظن الناس أنه سمّه.
وبعد مفارقة الملك العادل رأس عين متوجها إلى حرّان، جرت (1) بينه وبين وزيره صفى الدين منافرة أوجبت حرد صفى الدين، وسافر في البرية (2).
فركب الملك المنصور - صاحب حماة -، والأمير فخر الدين جهاركس - صاحب بانياس -[خلفه](1) حتى لحقاه وأحضراه إلى الملك العادل وأدخلاه عليه، وقبلّ يده، فرضى عنه الملك العادل، وطاب قلب صفى الدين.
ووصل الملك العادل إلى حرّان وأقام بها.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).