الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توبةُ الزاني:
وفي الآيةِ: وجوبُ تركِ مَن تابَ، وصحَّتْ توبتُهُ بعدَ إقامةِ الحدِّ عليه؛ فلا يُعَيَّرُ ولا يُسَبُّ ولا يُوَبَّخُ ولا يُذكرُ بذنبِه؛ حتى لا يُلازِمَهُ فيَهزِمَهُ، وقد ثبَتَ فِي "الصحيحَيْنِ":(إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا)(1)؛ أيْ: ثمَّ لا يجوزُ أن يُعيِّرَها بما فعَلَتْ بعدَ الحدِّ الذي هو كفارةٌ لِما صنَعَتْ.
ومِثلُه: مَن ظهَرَتْ توبتُهُ ولو لم يُقَمْ عليه الحدُّ مِن قِبَلِ السُّلْطانِ، فليس للعامَّةِ تعييرُهُ وسَبُّهُ؛ لأنَّ الحَدَّ إلى السُّلْطان، والإعراضُ الذي في الآيةِ {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} خطابٌ للسُّلْطانِ وللعامَّةِ.
والتوبةُ لا تُسقِطُ الحَدَّ على مَن قامَتِ البيِّنة عليه عندَ السُّلْطانِ؛ وهذا قولُ الجمهورِ؛ كمالكٍ وأبي حنيفةَ والشافعي في آخِرِ قولَيْهِ.
وإذا تقادَمَ العهدُ بالذنبِ، وتَبِعَهُ صلاحٌ طويلٌ، وتربَّصَ أحدٌ بمصلِحٍ لأخذِهِ بسابقتِهِ البعيدةِ مِن الذنوب، فللحاكمِ أنْ يُسقِطَها عنه؛ لهذه الآية، ولا يصحُّ إسقاطُ الحدودِ بكلِّ دعوَى توبةٍ وصلاحٍ؛ فهذا يُعطِّلُ الشريعةَ، ويُكثِرُ مِن النِّفاقِ والفِسْقِ والكذبِ.
* * *
بعدَما ذكَرَ اللهُ المواريثَ على وجهٍ مشروعٍ، نَبَّهَ على الممنوعِ منها
(1) أخرجه البخاري (2234)(3/ 83)، ومسلم (1703)(3/ 1328).