الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُهاجِرْ وبَقِيَ في مكَّةَ، فأخرَجَهُ المشرِكُونَ معَهُ للقتال، فأخَذُوا حُكْمَهم؛ فأسَرَهمُ النبي صلى الله عليه وسلم كما أسَرَ المشرِكِين.
ولذا فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال للعبَّاسِ لمَّا أُسِرَ في بدرٍ: (افْدِ نَفسَكَ وَابنَي أَخِيكَ)، فقال العبَّاسُ: ألَم نُصَلِّ إلى قِبلَتِك، ونَشهَد شهَادَتَك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يَا عَبَّاسُ، إِنكَمْ خَاصَمتُم فَخُصِمتُم)، فتلا عليه قوله:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (1).
مَن وقَفَ في صفِّ المشرِكِين:
وفي هذه الآيةِ دليلٌ على أن مَن وقفَ في صَفِّ المشرِكِينَ المحارِبينَ مِن المسلِميِنَ وهو يَعلَمُ ولو مُكرَهًا -: أخَذَ حُكمَهُم في دَمِهِ ومالِه، ومَن بقِيَ في دارِ الحربِ مِنَ المسلِمِينَ ممَّن ترَكَ الهجرةَ، لم يكُنْ مجرَّدُ بقائِه كفرًا في ذاتِه؛ كما نصَّ عليه الشافعي في "الأم".
مخالَطَة المشرِكِ:
ومَن خالَطَ المُشرِكَ وجالسهُ ولم يكُنِ المشرِك حربيًّا وليس بينَهُ وبينَ المسلِمينَ عداوةٌ ظاهرةٌ ولا قتالٌ -: فلا يأخُذُ حُكمَهُ ولو كانتِ الهجرةَ واجبةً عليه؛ لأنه قد يَجتمِعُ به على تجارةٍ أو زراعةٍ أو قَرابةٍ، وأمَّا ما رَوَاهُ أبو داودَ، عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ؛ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَن جَامَعَ المشرِكَ وَسَكَنَ مَعَه، فَإِنَّهُ مثلهُ)(2)، فلا يَصِحُّ.
ومثلهُ ما رواهُ الطبراني مرفوعًا: (إني بَرِيءٌ مِن كُلِّ مسلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ)(3).
(1)"تفسير الطبري"(7/ 384)، و"تفسير ابن أبي حاتم"(3/ 1047).
(2)
أخرجه أبو داود (2787)(3/ 93).
(3)
ابن أبي شيبة في "مصنفه"(36630)(7/ 348)، والنسائي (4780)(8/ 36)، والطبراني في "المعجم الكبير"(2265)(2/ 303)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 130).