الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأبيه، ولا لابنه" (1).
تحريمُ أُمِّ الزوجة:
ونصَّ على تحريم أُمِّ الزوجة ولو لم يدخل ببنتها: جماعةٌ من الصحابة؛ كابن مسعودٍ وابن عمر وعمران بن حُصَينٍ، ومِن التابعين مسروقٌ وطاوسٌ وعِكْرمةُ وقتادةُ وغيرهم.
وهذا القول هو الأصحُّ والأظهرُ، وفي المسألة قولانِ آخران:
الأول - وهو القول الثاني في المسألة -: أنَّ الأمَّ لا تحرُمُ إلا بالدُّخُول على بنتها، وحُكْمُها كحُكْم البنت مع أُمِّها: لا تحرُمُ إلا بالدخُولِ على أمِّها، لا بمجرَّد العقد، وقد روى ابن المُنذر، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادةَ، عن عليٍّ: أنَّه جعل أمَّ الزوجة والرَّبيبةَ سواءً؛ لا تحرُمُ واحدةٌ إلَّا بالدخول على الأخرى (2).
وقتادةُ لم يَسمع من عليٍّ، ورواهُ حمَّادٌ عن قتادة، وجعل الواسطة خلَّاس بن عمرٍو (3).
ورُوِيَ هذا القول عن ابن عبَّاسٍ، وخالفه ابن عمر (4).
وروي عبدُ الرزَّاق، وعنه ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن الزُّبير: خلاف ذلك، ولا يصحُّ عنه؛ ففي إسناده من لا يُعرفُ، يرويه رجلٌ عنه؛ قال:"الرَّبِيبَةُ والأمُّ سواءٌ، لا بأسَ بهما إذَا لم يَدْخُلْ بالمرْأةِ"(5).
(1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10807)(6/ 272)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 914).
(2)
"تفسير ابن المنذر"(2/ 627).
(3)
"تفسير ابن المنذر"(2/ 627). وينظر: "تفسير الطبري"(6/ 556)، و"تفسير ابن أبي حاتم"(3/ 911).
(4)
"تفسير ابن المنذر"(2/ 628).
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10833)(6/ 278)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 912).
وروي ابن المُنذِرِ وابنُ جريرٍ، عن عِكْرمة بن خالدٍ، عن مجاهدٍ، قال في قولِه تعالى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} قال: "أُريدَ بهما الدخول جميعًا"(1).
ومَن قال بهذا القول جعل الوصف في قولِه: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} على أمهات النِّساء وبناتِ النِّساء، فجعل قوله تعالى:{اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} لما سبقه من الحالتين: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} ، فجعلوا التحريم مقيَّدًا بالدخول بالنساء؛ فعلى قولهم هذا لا يحرم الأصل ولا الفرع إلا بالدخول بالمرأة، لا بمجرَّد العقد عليها.
القولُ الثاني - وهو القول الثالث في المسألة -: وهو قول زيد بن ثابتٍ؛ وهو التفريق بين سبب مُفارقة البنت قبل الدخول بها؛ إن كان سبب الفرقة وفاتها، لم يَجُزْ له أن ينكح أمِّها؛ لأنَّه يرثُ بنتها إرثَ الزوجيَّة، فالأمُّ تُشاركُهُ في ميراث بنتها، فليس له أن يتزوَّج أمها، وإن كان سبب الفراق طلاقهُ لها قبل دخوله بها، فله الزواج من أُمِّها.
فقد روى ابن المُنذر، عن ابن المسيَّب، عن زيد بن ثابتٍ؛ قال: فإن تزوَّجَها فتُوفِّيَتْ، فأصاب ميراثها، فليس له أن يتزوَّج أمَّها، وإن طلَّقها، فما شاء فعل؛ يعني: إن شاء تزوَّجها" (2).
وخلاف الصحابة في ذلك معروفٌ؛ فقد قال بالمنع ابن عمر وآخرون، وبالإباحة ابن عبَّاسٍ وآخرون، وتوقَّف في ذلك معاوية؛ فقد روى عبدُ الرزَّاق، وعنه ابن المنذر، عن مُسْلم بن عُوَيْمِرٍ الأجدَع، مِن بكرِ كنانة: "أنَّ أباه أنكَحَهُ امرأةً بالطَّائِف، قال: فَلَم أجمعها حتَّى تُوُفِّيَ
(1)"تفسير الطبري"(6/ 557)، و"تفسير ابن المنذر"(2/ 627).
(2)
"تفسير ابن المنذر"(2/ 628).