الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الصحيحِ"، عن عِائشةَ، قالت: اشتَرَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن يهودي طعامًا بنسيئةٍ، ورَهَنَهُ دِرْعَهُ (1).
وقد أرسَلَ صلى الله عليه وسلم إلى آخَرَ يطلب منه ثوبينِ إلى المَيسَرَةِ (2).
وأكلُهم المعلومُ مباحٌ؛ فقد أضافَهُ يهودي بخبزٍ وإهالةٍ سَنِخَةٍ؛ كما في "المسنَدِ"، و "السُّنَّة"؛ مِن حديتِ أنسٍ (3)، وأصلهُ في "الصحيح"(4) عنه.
تصرُّف الشريكِ الكافِرِ بمالِ المسلمِ:
والتصرفُ سواءٌ كان بيدِ المسلمِ أو بيدِ الكافرِ، فهو مِن الوكالةِ بينهما، ووكالة المسلمِ للكافرِ والعكس صحيحةٌ في البيوعِ وغيرِها على الأصحِّ، ما لم تتضمَّنْ محرَّمًا جميع الخمرِ، أو إهانةً للمسلمِ وعلوًّا للكافرِ عليه؛ كشراءِ العبدِ المسلمِ للكافر، ولأجلِ هذا خالَفَ أبو يوسفَ أبا حنيفةَ ومحمدَ بنَ الحسنِ تخريجًا على جوازِ الوكالةِ والكفالةِ بينَ الشريكينِ المسلمِ والكافرِ.
وإنْ باعَ أو اشتَرَى الشريكُ المتصرِّفُ الكافرُ ما هو محرَّمٌ على شريكِهِ المسلِم، كالخمرِ والخِنزِيرِ - فَسَدَ البيعُ، وعليه الضمانُ، لأن التصرُّفَ وكالةٌ، وعقد الوكيلِ يقعُ للموكلِ، والمسلمُ لا يثبُتُ له مِلْكٌ على الخمرِ والخِنزيرِ، ومِثل هذا: الربا والميتة.
العقودُ المحرمةُ بين المسلمِ والكافرِ:
وأمّا العقودُ المحرمةُ بينَ المسلِمينَ، فهي محرَّمةٌ بينَ المسلِمينَ
(1) أخرجه البخاري (2096)(3/ 62).
(2)
أخرجه أحمد (25141)(6/ 147)، والترمذي (1213)(3/ 510)، والنسائي (4628)(7/ 294).
(3)
أخرجه أحمد (13201)(3/ 211).
(4)
أخرجه البخاري (2373).
وبينَ أهلِ الذمَّةِ في بلادِ المسلِمينَ بلا خلافٍ، نصَّ على الإجماعِ غيرُ واحدٍ كابنِ تيميَّةَ، وكذلك فهي ممنوعة بين أهلِ الذمةِ أنفسِهم في دارِ الإسلامِ أيضًا بالاتفاقِ، وإنَّما اختُلِفَ في العقودِ المحرمةِ بينَ المسلمِ والكافرِ في دارِ حربٍ إذا دخَلَها المسلمُ بأمَانٍ أو غيرِ أمانٍ، إذا كان الانتفاعُ للمسلمِ والضررُ على غيرِه، كالرِّبا وبعضِ صوَرِ الجهالةِ والغَرَرِ، وفي ذلك أقوال:
الأول: ذهبَ جمهورُ العلماءِ إلى التحريمِ؛ وهو قولُ المالكيةِ والشافعيَّةِ، والصحيحُ في قولِ الحنابلةِ، وهو قولُ أبي يوسُفَ والأوْزَاعِي؛ لأن تلك المعاملاتِ محرَّمةٌ بعينِها؛ فلا يجوزُ أن تكونَ عليها معاقدةٌ بين مسلمٍ ومسلمٍ، ولا مسلمٍ وكافرٍ، ولا أن يُؤذَنَ فيما بينَ كافرٍ وكافرٍ، واللهُ حرَّمَ الرِّبا حتى على أهلِ الكتابِ، كما في قولِهِ تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161]، فلا يجورُ الإذن لهم بما حرَّمَهُ اللهُ عليهم، ولا يجوزُ التعامل معهم بما حرَّمَهُ الله علينا في القرآن، وحرَّمَهُ عليهم في التوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ.
الثاني: ذهَبَ الحنفيةُ: إلى جواز ذلك إذا كان المنتفِعُ مِن العقدِ المسلمَ، كالدِّينارِ بالدينارَيْنِ آجِلًا، ولا يجوز للمسلمِ أن يشتريَ منه الدرهمَ بدرهمَيْن.
ومِن الحنفيةِ مَن يُجِيزُه بلا قيدِ انتفاعِ المسلمِ بالعقدِ، وبقولِهم يقولُ بعضُ الحنابلةِ كابنِ مفلِحٍ، ولكن قُيدَ بعدمِ وجودِ الأمانِ.
ومِن محقِّقي الحنفيةِ من يَحمِلُ إطلاقاتِ الحنفيَّةِ بالجواز على التقييدِ بانتفاعِ المسلمِ مِن الكافرِ، وليس انتفاعَ الكافر مِن المسلمِ، كابنِ الهُمَامِ وابنِ عابدينَ، وهذا أصح؛ لأن اللهَ حينَما جعَلَ تعاقُدَ المسلِمَينِ على أن يأكُلَ أحدهما مالَ الآخَرِ بالربا وشِبْهِهِ ظلمًا وحرامًا، فتعاقُد