الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(ذلك فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ من يَشَاءُ)(1).
فإنْ سبَقَ الغنيُّ بالمالِ فيُسابِقُهُ الفقيرُ بالذِّكْرِ، وإنْ أكثَرَ الغنيُّ يُكثِرُ الفقيرُ، فالأسبابُ بينَ أيدِيهِم، والمحرومُ مَن ترَكَ العملَ وقد تهيَّأتْ له أسبابُه.
بل لو تمنَّى العاجزُ أنْ يكونَ غنيًّا، فيُنفِقَ كما يُنفِقُ الغنيُّ صادقًا مِن قلبِهِ، لآتاهُ اللهُ أَجْرَهُ ولو لم يَعمَلْ.
صلاةُ المرأةِ في بيتها أفضل من صلاِتها في المسجِدِ:
ولا أرَى أنَّ السلفَ يَختلِفونَ في أنَّ صلاةَ المرأةِ في بيتِها أفضلُ مِن صلاتِها في الجماعةِ؛ وقد روى الطبرانيُّ، عن النخَعيِّ، عن ابنِ مسعودٍ؛ قال:"صَلَاةُ المَرْأَةِ فِي البَيْتِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الدَّارِ، وَصَلَاتُهَا فِي الدَّارِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا خَارِجَهُ"(2)، ولا أعلمُ مَن قال بخلافِه مِن الصحابةِ والتابعِين.
وقد نقَلَ إجماعَ العلماءِ على ذلك ابنُ عبدِ البرِّ.
وقولُه صلى الله عليه وسلم: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ)(3): خطابٌ للأولياءِ، لا حثٌّ للنساءِ، وغايتُهُ لهنَّ الجوازُ، فلا يجوزُ للأولياءِ أنْ يَمْنَعُوهُنَّ إذا أَرَدْنَ الصلاةَ في المساجدِ بلا رِيبةِ حقٍّ، إلا صلاةَ النهارِ، فلهم مَنْعُهُنَّ منها؛ فقد جاء النهيُ مقيَّدًا في البخاريِّ بصلاةِ الليلِ؛ فعنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قال:(إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى المَسْجِدِ، فَأْذَنُوا لَهُنَّ)(4).
(1) أخرجه البخاري (843)(1/ 168)، ومسلم (595)(1/ 416).
(2)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9483)(9/ 295).
(3)
أخرجه البخاري (900)(2/ 6) ، ومسلم (442)(1/ 327).
(4)
أخرجه البخاري (865)(1/ 172).
وتقييدُ الإذنِ بالليلِ دليلٌ على أن أنَّ شهودِ الجماعةِ للنساءِ في الحاجدِ مفضولٌ.
وأمَّا الزيادةُ في حديثِ ابنِ عمرَ: "وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ"، فقد روَاهَا أبو داودَ في "سُنَنِه"؛ مِن حديثِ حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن ابنِ عمرَ (1)، وقد روى الحديثَ عنه نافعٌ وسالمٌ ومجاهدٌ، ولم يذكُرُوها.
وروى الحديثَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: عائشةُ، وزيدُ بنُ خالدٍ الجُهَنِيُّ، وأبو هريرةَ، ولم يَذْكُرُوها، وهي زيادةٌ غيرُ محفوظةٍ في حديثِ ابنِ عمرَ.
وقد جاء معناها عندَ أحمدَ مِن حديثِ أُمِّ حُمَيدٍ امرأةِ أبي حُمَيدٍ الساعديِّ: "أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ، قَالَ: (قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاِتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاِتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي)، قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ في أَقْصَى شَيْءٍ مِن بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ، فَكانت تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ عز وجل "(2).
وروى الطبرانيُّ نحوَهُ مِن حديثِ أمِّ سَلَمةَ.
وروى أحمدُ مِن حديثِ درَّاجِ أبي السَّمْحِ، عن السائبِ، عن أمِّ سلمةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ قال:(خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ)(3).
وخروجُ المرأةِ بلا حاجةٍ غيرُ مندوبٍ إليه في الشريعةِ، والصلواتُ الخمسُ دائمةٌ في كلِّ يومٍ، ولو خُوطِبَتْ بفضلِ الجماعةِ كالرَّجُلِ، ما كان لأمرِ حثِّها على القَرارِ في بيتِها معنًى، وهي تَغْدُو وتَرُوحُ في اليومِ عشرَ
(1) أخرجه أبو داود (567)(1/ 155).
(2)
أخرجه أحمد (27090)(6/ 371).
(3)
أخرجه أحمد (26542)(6/ 297).