الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آراؤكم لسقيم المجد عافية
…
لكنهن لإيجاد الثنى علل
كأنما خلطت بالطيب طينتكم
…
فنبتها ليس إلا الورد والنفل
مولاي ذا الصوم أبقى أجره ومضى
…
لديك والفطر والإقبال مقتبل
واسعد بعودة عيد عاد فيه لنا
…
منك السرور وزال الهم والوجل
عيد تشرف يا ابن الطاهرين بكم
…
لذا به ملة الإسلام تحتفل
فاق الزمان كما فقت الملوك كما
…
كلاكما سيد في قومه جلل
واستجل طلعة فطر فوق غرته
…
هلال سعد سناه منك منتحل
شيخاً تأتاك كالعرجون منحنياً
…
وأنت كاالرمح رطب العود معتدل
رآك بعد النوى ليلاً فعاد له
…
عمر الشبيبة غضاً وهو مكتهل
لازلت بدر سعود لا أفول له
…
يبدو له نهاراً وليلاً وهو مكتمل
ولا برحت مطاع الأمر مقتدراً
…
يجري الزمان بما تقضي ويمتثل
تم الاختيار من
شعر
أبن معتوق وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن الرومي
شعر
ابن الرومي ليس هذا موضع الاختيار من شعره وينبغي أن يكون من أهل زمانه كأبي تمام والبحتري ولكن لم أظفر بديوانه حينئذِ فأحببت ذكره هنا لئلا يخلو المجموع من شعري لأنه في غاية الجودة والله الموفق للصواب لا إله غيره ولا رب سواه هو علي ابن عباس ابن جريج أو جورجيس مولى عبد الله بن عيسى بن جعفر وكنيته أبو الحسن ويعرف بابن الرومي نسبةً إلى أصله وكانت ولادته في بغداد سنة 221 ومات بها سنة 238 قال ناقل ترجمته: وقد أظلته ثمان خلافات وهي خلافة المعتصم والواثق والمتوكل والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد وكان شعره غير مرتب رواه المتنبي عنه ثم جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف وله في شعره دقة واسترسال يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية وكان شبيهاً بقول الشاعر:
وفضلني في القول والشعر أنني
…
أقول على علم وأعلم ما أعني
ونثره يشبه شعره في المعاني والجودة فمن ذلك قولهيتنصل إلى بعض من يعز إليه وترفع
عن ظلمي إن كنت بريئاً وتفضل بالعفو إن كنت مسيئاً والله إني لأطلب العفو من ذنبِ لم أُجنه وألتمس الإقالة مما لا أعرفه لتزداد تطولاً وأزداد تذللاً وأنا أعيذ حالي عندك بكرمك من واشِ يكيده وأحرسها بوفائك من باغِ يحاول إفسادها وأسأل الله تعالى أن يجعل حظي منك بقدر ودي لك ومحلي من رجائك بحيث أستحق والسلام
ومن قوله في العفو. كتبها إلى بعض من يعز عليه وقد بلغه أنه نال من عرضه ثم أنه ندم وكتب إليه يعتذر من ذلك فأجابه بقوله:
أتاني مقال من أخٍ فاغتفرته
…
وإن كان فيما دونه وجه معتب
وذكرت نفسي منه عند امتعاضها
…
محاسن تعفو الذنب عن كل مذنب
ومثلي رأى الحسنى بعين جليةِ
…
وأغضى عن العوراءِ غير مؤنب
فيا هارب من سخطنا متنصلاً
…
هربت إلى أنجى مفر ومهرب
فعذرك مبسوط لدنيا مقدمِ
…
وودك مقبولُ بأهل ومرحب
ولو بلغتني عنك أذني أمتها
…
لدي مقام الكاشح المتكذب
ولست بتقليب اللسان مصارماً
…
خليلي إذا ما القلب لم يتقلب
ومن قوله وهي من غرر قصائده
أجنت لك الوجد أغصانُ وكثبان
…
فيهن نوعان تفاح ورمان
وفوق ذينك أعناب مهدلة
…
سود لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك عناب تلوح به
…
أطرافهن قلوب القوم قنوان
غصون بان عميها الدهر فاكهة
…
وما الفواكه مما يحمل البان
ونرجس بات ساري الطل يضربه
…
وأقحوان منير نور ريان
ألفن من كل شيء طيب الحسن
…
فهن فاكهةُ شتى وريحان
ثمار صدق إذا عاينت ظاهرها
…
لكنها حين تبلو الطعم خطبان
بل مرة حلوة طوراًً يقال لها
…
شهد وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليت شعري وليت غير مجديةِ
…
إلا استراحة قلب وهو أسوان
لأي أمر مراد بالفتى جمعت
…
تلك الفنون فضمتهن أفنان
تجاورت في غصون لسن شجرِ
…
لكن غصون لها وصل وهجران
تلك الغصون اللواتي في أكمتها
…
نعمى وبؤسى وأفراح وأحزان
يبلو بها الله قوماً كي يبين له
…
ذو الطاعة البر ممن فيه عصيان
وما ابتلاهم لأعنات ولا عبث
…
ولا لجهل بما يطويه إبطان
لكن ليثبت في الأعناق حجته
…
ويحسن العفو والرحمن رحمان
ومن عجائب ما يمنى الرجال به
…
مستضعفات له منهن أقران
مناضلات بنبلٍ لأقوام له
…
كتائب الترك يزجيهن خاقان
مستظهرات برأي لا يقوم له
…
قصير عمرو ولا عمرو ووردان
من كل قاتلة قتلى وآسرة
…
أسرة وليس لها في الأرض إثخان
يولين ما فيه إغرام وآونةً
…
يولين ما فيه للمشغوف سلوان
ولا يد من على عهد لمعتقد
…
أنى وهن كما شبهن بستان
يميل طوراً بحمل ثم يعدمه
…
ويكتسي ثم يلفي وهو عريان
حالاً فحالاً كذا النسوان قاطبةً
…
نواكث دينهنّ الدهر أديان
يغدرن والغدر مقبوح يزينه
…
للغاويات والغاوين شيطان
تغدو الفتاة لها وإن غدرت
…
راحت ينافس فيها الخل خلان
ما للحسان مسيئات بنا ولنا
…
إلى المسيآت طول الدهر تحتان
يصبحن والغدر بالخلصان في قرن
…
حتى كأن ليس غير الغدر خلصان
فإن تبعن بعهد قلن معذرة
…
إنا نسينا وفي النسوان نسيان
يكفي مطالبنا بالذكر ناهية
…
أن اسمنا الغالب المشهور نسوان
لا نلزم الذكر إنا لم نسم به
…
ولا منحناه بل للذكر ذكران
فضل الرجال علينا أن شيمتهم
…
جود وبأس وأحلام وأذهان
وإن فيهم وفاءً لا نقوم به
…
ولن يكون مع النقصان رجحان
صدقن ما شئن لكنا تقنصنا
…
منهن عين تلاقينا وادمان
أنكى وأزكى حريقاً في جوانحنا
…
خلق من الماء والألوان نيران
إذا ترقرقن والإشراق مضطرم
…
فيهنّ لم يملك الإسرار كتمان
ماء ونار فقد غادرنا كل فتى
…
لابس وهو غزير الدمع حرّان
تخضل منهنّ عين فهي باكية
…
ويستحرّ فؤاد وهو هيمان
يا ربُ حسانة منهن قد فعلت
…
سوءً وقد تفعل الأسواء حسّان
تصمي المحب وتلفي الدهر شاكية
…
كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
…
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاء تكسي فتبدو وهي مرهفة
…
خود تعرى فتبدو وهي ميدان؟
ترتج أردافها والمتن مندمج
…
والكشح مضطمر والبطن طيان
ألوف عطر تذكي وهي ذاكية
…
إذا أساءت جوار العطر أبدان
نمامة المسك تلقى وهي نائية
…
فنأيها بنميم المسك لقيان
يغيم كل نهار من مجامرها
…
ويشمس الليل منها فهو ضحيان
كأنها وعثان الند يشملها
…
شمس عليها ضبابات وأدجان
شمس أظلت بليل لا نجوم به
…
إلا نجوم لها في البحر أثمان
وتلبس الحلي مجعولاً لها عُوداً
…
لا زينة بل بها عن ذاك غُنيان
لله يوم أرانيها وقد لبست
…
فيها شباباً عليها منه ريعان
وقد تردت على سربال بهجتها
…
فرعاً غزته الغوادي فهو فينان
جاءت تثنى وقد راح المراح بها
…
سكرى تغنى لها حسن وإحسان
كأنها غصنٌ لدن بمروحة
…
فيه حمائم هاجتهن أشجان
إذا تمايل في ريح تلاعبه
…
ظلت طراباً لها سجع وإرنان
يا عاذليَّ أفيقا إنها أبداً
…
عندي جديد وإن الخلق خلقان
لا تلحياني وإياها على ضرعي
…
وزهوها فكلا الأمرين ديدان
إني ملكت فلي بالرق مسكنة
…
ومُلكت فلها بالملك طغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
…
نعمٌ تجاورنا والدار نعمان
إذ لا المنازل أطلال نسائلها
…
ولا القواطن آجال وصيران
ظلنا نقول وأشباه الحسان بها
…
سقياً لعهدك والأشباه أعيان
بانوا فبان جميل الصبر بعدهمُ
…
فللدموع من العينين غنيان
لهم على العيش إمعان يشط بهم
…
وللدموع على خديَّ إمعان
لي مذ نأوا وجنة ريا بمشربها
…
من عبرتي وفمٌ ما عشت ظمآن
كأنما كل شيء بعد ظعنهم
…
فيا يرى قلبي المتبول أظعان
أصبحت مالك من أوطانه ملل
…
وخانك الود من مغناه ودان
فاجمع همومك في هم تؤيده
…
بالعزم إن هموم الغل شذان
واقصد بودك خلاً ليس من ضلع
…
عوجاء فيها بوشك الزيغ إيذان
ومن قوله:
لا تكثرنَّ ملامة العشاق
…
فكفاهم بالوجد والأشواق
إن البلاء يطاق غير مضاعف
…
فإذا تضاعف كان غير مطاق
أتلومهم للنفع أم لتزيدهم
…
باللوم إقلاقا على إقلاق
ما للذي أضحى يلوم أخا هوى
…
أمسى صريع مواقع الأحداق
أنىَّ يعنف كل معنوف به
…
يثني يديه على حشا خفاق
تهدي الحمامة والغراب لقلبه
…
شجواً بساق تارة وبغاق
ويشوقه برق السحاب وإنما
…
يعني ببرق المبسم البراق
متصعداً زفراته متحدراً
…
عبراته أبداً قريح مآقي
لم يسق فوهُ من الثغور شفاءهُ
…
فلوجنتيه من المدامع ساق
يبكي الشجيّ بدمعة مهراقة
…
بل بالدماء على دم مهراق
تضحي أحبته تولى سفحه
…
عند الفراق وعند كل تلاق
يجزونه طول الجفاء بأنه
…
لم يخلُ من شغف مُدِرُّ فراق
شهد الوفاء وكل شيء صادق
…
إن الجزاء هناك غير وفاق
أصغت إلى العشاق أذني مرة
…
ومن الجميل تعاطف العشاق
فشكى الشجي من الخلي ملامة
…
وشكى الوفي تلون الذواق
فدع المحب من الملامة إنها
…
بئس الدواء لموجع مقلاق
لا تطفئنَّ جوى بلوم إنهُ
…
كالريح تغري النار بالإحراق
وأرى رقى العذال غير نوافع
…
لا سيما لمتيم مشتاق
ما للمحب إذا تفاقم داؤهُ
…
غير الحبيب يزوره من راق
أخذ الإله لنا بثأر قلوبنا
…
من مفعمات للبريز رشاق
رقت مياه وجوههنَّ لناظر
…
وقلوبهنَّ عليه غير رقاق
يهززن أغصان تباعد بالجنى
…
وتروق بالأثمارِ والإيراق
ومن البلية منظر ذو فتنةٍ
…
نائي المنافع شاغف الأَنياق
ومن العجائب إن سمحنا للهوى
…
بدمائنا وبخلنا بالأرياق
مزن يمطن الري عن أفواهنا
…
ويجدن للأبصار بالإبراق
صيد حرمناه على إغراقنا
…
في النزع والحرمان في الإغراق
ومن قوله في شكوى الحال والزمان، واستعطاف بعض الإخوان:
دع اللوم إن اللوم عون النوائب
…
ولا تتجاوز فيه حد المتاعب
فما كلُّ من حط الرحال بمخفق
…
ولا كل ُّمن شدَّ الرحال بكاسب
وفي الشعر كيسٌ والنفوس نفائس
…
وليس بكيس بيعها بالرغائب
وما زال مأمول البقاء مفضلاً
…
على الملك والأراح دون الحرائب
حضضت على حطبي لناري فلا تدع
…
لك الخير تحذيري شرور المحاطب
وأنكرت إشفاقي وليس بمانعي
…
ظلابي أن أبقى طلاب المكاسب
ومن يلق ما لاقيت في كل مجتنى
…
من الشوك يزهد في الثمار الأطايب
أذاقتني الأسفار ما كرَّ الغنى
…
إليَّ وأغراني برفض المطالب
فأصبحت في أزهد زاهد
…
وإن كنت في الإثراء أرغب راغب
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
…
بلحظي جناب الرزق لحظ المراقب
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
…
يرى المدح عاراً قبل بذل المثاوب
تنازعني رغب ورهب كلاهما
…
قوي وأعيان اطلاع المغايب
فقدمت رجلاً رغبة في رغيبة
…
وأخرت رجلاً رهبة للمعاطب
أخاف على نفسي وأرجو مفازها
…
وأستار غيب الله دون العواقب
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
…
ومن أين والغايات بعد المذاهب
ومن نكبة لاقيتها بعد نكبة
…
رهبت اعتساف الأرض ذات المناكب
وصبري على الإقتار أيسر محملاً
…
عليَّ من التغرير بعد التجارب
لقيت من البر التباريح بعدما
…
لقيت من الحر بعد التجارب
سُقيت على ري به مطرة
…
شغفت لبغضيها بحب المجادب
ولم أسقها بل سقاها لمكيدتي
…
تحامق دهر جد بي كالملاعب
إلى الله أشكو سخف دهري فإنه
…
يعابثني مذ كنت غير مطايبي
أبى أن يغيث الأرض حتى إذا ارتمت
…
برحيلي أتاها بالغيوث السواكب
سقى الأرض من أجلي فأضحت مزلة
…
تمايل صاحيها تمايل شارب
لتعويق سيري أو حوض مطيتي
…
وإخصاب مزروّ عن المجد ناكب
فملت إلى خان مرث بناؤه
…
مميل غريق الثوب لهفان لاغب
فلم ألق فيه مستراحاً لمتعب
…
ولا نزلاً إيان ذاك لساغب
فما زلت في خوف وجوع ووحشة
…
وفي سهر يستغرق الليل واصب
يؤرقني سقف كأني تحته
…
من الوكفِ تحت المدجنات الهواضب
تراه إذا ما الطين أثقل متنه
…
تصر نواحيه صرير الجنادب
وكم خانُ سفر خان فانقض فوقهم
…
كما انقض صقر الجن فوق الأرانب
ولم أنس ما لاقيت أيام صحوه
…
من الصرفيه والثلوج الأشاهب
وما زال ضاحي البر يضرب أهله
…
بسوطي عذاب جامد بعد ذائب
فإن فاته قطر وثلج فإنه
…
رهين بسلفٍ تارة أو بحاصب
فذك بلاء البرِّ عندي شاتيا
…
وكم لي من صيف به ذي مثالب
ألا رب نار بالفضاءِ اصطليتها
…
من الضحّ يودي لفحها بالحواجب
إذا ظلت البيداء تطفو أكامها
…
وترسب في غمرة من الآل ناضب
فدع عنك ذكر البر إني رأيته
…
لمن خاف هول البحر شر المهاوب
كلا نزليه صيفه وشتاؤه
…
خلاف لما أهواه غير مصاقب
لهاث مميتٌ تحت بيضاء سُخنه
…
وري مفيتٌ تحت أسحم صائب
يجف إذا ما أصبح الريق عاصباً
…
ويغدق لي والريق ليس بعاصب
فنبع مني الماء واللوح جاهد
…
ويغرقني والري رطب المحالب
وما زال ينبغي الحتوف موارباً
…
يحوم على قتلي وغير موارب
فطوراً يغاديني بلص مصلِّت
…
وطوراً يمسيني بورد الشوارب
إلى أن وقاني الله محذور شره
…
بعزته والله أغلب غالب
فافلت من ذؤبانه وأسوده
…
وحرابه إفلات أتوب تائب
وأما بلاء البحر عندي فإنه
…
طواني على روع مع الروح واقب
ولو ثاب عقلي لم أدع ذكر بعضه
…
ولكنه من هوله غير تائب
ولم لا ولو ألقيت فيه وصخرةً
…
لوافيت منه القعر أول راسب
ولم أتعلم قط من ذي سباحة
…
سوى الغوص والمضعوف غير مغالب
فأيسر إشفاقي من الماء أنني
…
أمر به الكوز مرَّ المجانب
وأخشى الردى منه على كل شارت
…
فكيف بأمنيه على كل راكب
أظل إذا هزته ريح ولألأت
…
له الشمس أمواجاً طوال الغوارب
كأني أرى فيهن فرسان بُهمةٍ
…
يليحون نحوي بالسيوف القواضب
فإن قلت لي قد يُركب اليم طامياً
…
ودجلة عند اليم عض المذانب
فلا عذر فيها لامرئ هاب مثلها
…
وفي اللجة الخضراء عذر لهائب
فإن احتجاجي عنك ليس بنائم
…
وإن بياني ليس عني بعازب
لدجلة خب ليس لليم إنها
…
ترائي بحلم تحته جهل واثب
تطامن حتى تطمئن قلوبنا
…
وتغضب من مزح الرياح اللواعب
وأجرافها رهن بكل خيانة
…
وغدر ففيها كل عيب لعائب
ترانا إذا هاجت بها الريح هيجة
…
نزلزل في حوماتها بالقوارب
نوائل من زلزالها نحو خسفها
…
فلا خير في أوساطها والجوانب
زلازل موج في غمار زواخر
…
وهدات خسف في شطوط خوارب
وليم أعذار بعرض متونه
…
وما فيه من آذيه المتراكب
ولست تراه في الرياح مزلزلا
…
بما فيه إلا في الشداد الغوالب
وإن خيف موج عيذ منه بساحل
…
خلي من الإجراف ذات الكباكب
ويلفظ ما فيه فليس معاجلاً
…
غريقاً بغت يزهق النفس كارب
يعلل غرقاه إلى أن يغثهم
…
بصنع لطيف منه غير مصاحب
فتلقى الدلافين الكريم طباعها
…
هناك رعالا عند نكب النواكب
مراكب للقوم الذين كبابهم
…
فهم وسطه غرقى وهم في مراكب
وينقض ألواح السفين فكلها
…
منج لدى نوب من الكسر نائب
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
…
ولكنني عارضت شغب المشاغب
صدقتك عن نسي وأنت مراغمي
…
وموضع سري دون أدنى الأقارب
وجربت حتى ما أرى الدهر مغرباً
…
علي بشيء لم يقع في تجاربي
أرى المرء مذ يلقى التراب بوجهه
…
إلى أن يواري فيه رهن النوائب
ولو لم يصب إلا بشرخ شبابه
…
لكان قد استوفى جميع المصائب
ومن صدق الأخبار داووا سقامه
…
بصحة آراء ويمن نقائب
وما زال صدق المستشير معوناً
…
على الرأي لب المستشار المحازب
وأبعد أدواء الرجال ذوي الضنى
…
من البرء المستطب المكاذب
فلا تنصبن الحرب لي بملامة
…
وأنت سلاحي في حروب النوائب
وأجدى من التعنيف حسن معونة
…
برأي ولين من خطاب المخاطب
وفي النصح خير من نصيح موادع
…
ولا خير فيه من نصيح مواثب
ومثلي محتاج إلى ذي سماحة
…
كريم السجايا أريحي الضرائب
يلين على أهل التسحب مسَّه
…
ويقضي لهم عند اقتراح الغرائب
وإن قعودي عنه خيفة نكبة
…
للؤم مهز وانشناء مضارب
أقر على نفسي بعيبي لأنني
…
أري الصدق يمحو بينات المعائب
لؤمت لعمر الله فيما أتيته
…
وإن كنت من قوم كرام المناصب
لهم حلم أنس في عرامة جنة
…
وبأس أسود ف دهاء ثعالب
يصولون بالأيدي إذا الحرب أعلمت
…
سيوف سريج بعد أرماح راعب
ولا بد من أن يلؤم المرء نازعاً
…
إلى الحمأ المسنون ضربة لازب
فقل لأبي العباس ليت وجهه
…
وحسبك مني تلك دعوة صاحب
أما حق حامي عرض مثلك أن يرى
…
له الرفد والترفيه أوجب واجب
تكلفني هول السفار وغوله
…
رفيق شتاء مقفعل الرواجب
كأن تمام الود والمدح كله
…
هوي الفتى في البحر أو في السباسب
لعمري لئن حاسبتني في مثوبتي
…
بخفضي لقد أجريت عادة حاسب
أيعز عنك الرأي في تثيبني
…
مقيماً مصوناً عن عناء المطالب
فتلفى وألفى بين صافي صنيعه
…
وصافي ثناء لم يشب بالمعاتب
وتخرج من أحكام قوم تشددوا
…
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائب
أيذهب هذا عنك يا ابن محمد
…
وأنت معاذي في الأمور الحوازب
وأحسن عرف موقعاً ما تناله
…
يدي وغرابي بالنوى غير ناعب
أراك متى ثوبتني في مشقة
…
رأيتك في شخص المثيب المعاقب
ولو لم يكن في العرف صاف مهنأ
…
وذو كدر العرف شتى المشارب
إذا لم يقل أعلى النوابغ رتبة
…
لمقول غسان الملوك الأشايب
(علي لعمرو نعمة بعد نعمة
…
لوالده ليست بذات عقارب)
وما عقرب أدهى من البين أنه
…
له لسعة بين الحشا والترائب
ومن أجل ما راعى من البين قوله
…
(كليني لهم يا أميمة ناصب)
أبيت سرى تكليف العرف معفياً
…
به صافياً من مؤذيات الشوائب
ألم ترني أتعب فكري محبكاً
…
لك الشعر كي لا أبتلي بالمتاعب
وأنت له أهل فإن تجزني به
…
أزدك وإن تمسك أقف غير عاتب
فإن سألتني عنك يومً عصابة
…
شهدت على نفسي بسوء المناقب
وقلت دعني للندى فأتيته
…
فأمسكه بل بثه في المناهب
وما احتجزت عني لهل بحاجز
…
ولا احتجبت عني هناك بحاجب
ولكن تصدق فانحرفت لحرفتي
…
ففاءت ولم تظلم إلى خير واهب
وما قلت إلا الحق فيك ولم تزل
…
على منهج سنة المجد لا حب
وإني لأشقى الناس إن زر ملبسي
…
على إثم أفاك وحسرة خائب
وكنت الفتى الذي فيه شيمة
…
تشيم عن الأحرار حد المخالب
ولست كمن يغدو وفي كلماته
…
تظلم مغصوب ودوان غاصب
يحاول معروف الرجال فإن أبوا
…
تعدى على أعراضهم كالمكالب
وأصبح يشكو الناس في الشعر جامعاً
…
شكاية مسلوب وتسليط سالب
فلا تحرمني كي تجد عجيبة
…
لقوم فحسب الناس ماضي العجائب
ولا تنتقص من قدر حظي إقامتي
…
سألتك بالداعين بين الأخاشب
وما أعلقتني رغبة عنك يممت
…
سواك ولكن أي رهبة راهب
وليس جزائي أن أخيب لأنني
…
جبنت ولم أخلق عتاد حارب
يطالب بالإقدام من عد محرباً
…
وسميَّ مذ ناغى بقود المقانب
ولم يمش قيد الشبر إلا وفوقه
…
(عصائب طير تبتيدي بعصائب)
فأما فتى ذو حكة وبلاغة
…
فطالبه بالتسديد وسط المخاطب
أثبني ورفهني وأجزل مثوبتي
…
وثابر على إدرار بري وواظب
لتأتيني جدواك وهي سليمة
…
من العيب ما فيها اعتلال لعائب
وما طلب الرفد الهني ببدعة
…
ولا عجب المسترفدية بعاجب
بوجهك أضحى كل شيء منورا
…
وأبرز وجهاً مثله للمغاضب
فلا تبتذله في المغاضب ظالماً
…
فلم تؤت وجهاً مثله للمغاضب
وفي الناس أيقاظ لكل كريمة
…
كأنهم العقبان فوق المراقب
يراعون أمثالي فيستنقذونهم
…
وهم في كروب جمة وذباذب
إلى الله أشكو عمة لا صباحها
…
ينير ولا تنجاب عتي لجائب
نشوب الشبا في الحلق لا هو سائغ
…
ولا هو ملفوظ كذا كل ناشب
وقال في وصف خليل له:
خليل أظل إذا زارني
…
كأني أنشأ خلقاً جديدا
أراني وإن كثر المؤنسو
…
ن ما غاب عني فريداً وحيدا
بلوت سجاياه في النائبات
…
فلم أبل منهن إلا حميدا
وقال يخاطب بعض ممدوحيه وقد أخر صلته:
للناس فيما يكلفون مغرم
…
عند الكرام لها قضاء ذمام
ومغارم الشعراء في أشعارهم
…
أنفاق أعمار وهجر منام
وفوات أوقات وهجر مكاسب
…
لوز قوبلت خرجت من الإعدام
وتشاغل عن ذكر رب لم يزل
…
حسن الصنيعة سابغ الأنعام
أفما لذلك حرمة مرعية
…
إن الكرام إذاً لغير كرام
لم أحتسب فيك الثواب لمدحتي
…
إياك يا ابن أكارم الأقوام
لو كان مدحي حسبة لم أكسه
…
أحداً أحق به من الأيتام
لا تقلبن المدح ثم تعقه
…
وتنام والشعراء غير نيام
وأعلم بأنهم إذا لم ينصفوا
…
حكموا لأنفسهم على الحكام
وجناية الجاني عليهم تنقضي
…
وعقابهم يبقى على الأيام
ومن رقيق شعره قوله:
أعانقها والنفس بعد مشوقة
…
إليها وهل بعد العناق تدان؟
وألثم فاها كي تزول حرارتي
…
فيشتد ما ألقى من الهيمان
وما كان مقدار الذي بي من الجوى
…
ليشفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفي غليله
…
سوى أن يرى الروحان ممتزجان
ومن قوله نكد الزمان:
إذا نلت مأمولا على رأس برهة
…
حسبتك قد أحرزت غنماً من الغنم
ولم تذكر الغرم الذي قد غرمته
…
من العمر الماضي ويا لك من غرم
رأيت حياة المرء رهناً بموتهِ
…
وصحته رهناً كذلك بالسقم
إذا طاب لي عيشي تنغصت طيبه
…
بصدق يقيني أن سيذهب كالحلم
ومن كان عيب يراعي زواله
…
فذلك في بؤس وإن كان في نعم
وقال في وصف الأسد:
ليأمن سقاطي في الخطوب ونوبتي
…
جنان الذي يخشى علي ويحذر
فما أسد جهم المحبا شتيمه
…
خبعثنة ورد السبال غضنفر
مسمى بأسماءٍ فمنهم ضيغمٌ
…
ومنهن ضرغام ومنهن قسور
له جُنة لا تستعار وشكةٌ
…
هو الدهر في هذي وهذي مكفَّر
إهابٌ كتجفاف الكمي حصانة
…
وعوج كأطراف الشباحين يغفر
وحُجنٌ كأنصاف الأهلة لا يني
…
بهن خضاب من دم الجوف أحمر
تظل له غلب الأُسود خواضعاً
…
ضوارب بالأذقان حين يزمجر
له ذمرات حن يوعد قرنه
…
تكاد لها صم السلام تفطر
يراه سراة الليل والدوةُّ دونه
…
قريباً بأدنى مسمع حين يزأر
يدير إذا جن الظلام حجاجه
…
شهاب لظى يعشى له المتنور
خبعثةُ جأب البضيع كأنه
…
مكسر أجواز العظام مجبر
له ككل رحب اللبان وكاهل
…
مظاهر ألباد الرحالة أوبر
شديد القوى عبل الشوى مجد القرى
…
مُلاحك أطباق القفار مضبر
إذا ما علا متن الطريق ببركه
…
حمى ظهره الركبان والسفر أزور
أخو وحدةٍ تغنيه عن كل الضراءِ لصيده
…
ويبرز للقرن المناوى فيصحر
بأربي على الأقران مني صولةً
…
وقد أنذر التجريب من كان ينذر
وقال يستعطف بعض أصحابه ويعاتبه:
لعمري لقد غاب الرضى فتطاولت
…
لغيبته البلوى فهل هو قادم؟
تعرفت في أهلي وصحبي وخادمي
…
هواني عليهم مذ جفاني قاسم
ولو أبصرتني عين حاسدٍ
…
لأضحى وأمسى حاسدين وهو راحم
أقاسم قد جاوزت بي كل غاية
…
وليس وراء الحيف إلا المآثم
كأنك قد أنسيت أنك سيد
…
له الفضل أو أنسيت أني خادم
أقصرت في فرض فمثلي قصرت
…
به حاله عن كل ما هو لازم
هل العسر كل العسر مبق عزيمة
…
ألا إنما حيث اليسار العزائم
تناولت عني بعد طول عناية
…
وقد نهست مني الخطوب الأوازم
متى تنظر الدنيا غليَّ بنظرةٍ
…
عينك نحوي أيها المتناوم
هنالك أغدو والسرور محالف
…
بنيَّات قلبي والزمان مسالم
ألا إن ثلماً ف السماح عقوبتي
…
كأني نظيرٌ أو كفىٌ مقاوم
أقلني عثار الظن فيك فلم تزل
…
تقيل التي فيها تحز الحلاقم
وأنت الفتى كل الفتى في فعاله
…
إذا ما وهبت الحق والحق قائم
وأكرم بخصم باع بالطَّول حقه
…
وآثر حق المجد وهو مخاصم
بحق الوزير ابن الوزير وعيشهِ
…
تأَمل ملياً هل العفو نادم؟
وإني لأعفو عن رجال وأتقى
…
رجالاً وأدري أي قرن أصادم
فإن سد باب العذر فيما نقمته
…
هواك فلي بالرأي فيه مخارم
ستعلم ما قدري إذا رقد الهوى
…
فإن الهوى يقظان والرأي نائم
وما زالت الأشباه وهي كثيرة
…
مجاهل فيها للبصير معالم
وأني شكور للأيادي التي غدت
…
لها في رقاب العالمين خواتم
ومن قوله في ترك أتكال المرء على نسبه:
وما الحسب الموروث لا درَّ درهُ
…
بمحتسب إلا بآخر مكتب
إذا العود لم يثمر وإن كان شعبه
…
من المثمرات اعتده الناس في الخطب
وأنت لعمري شعبه من ذوي العلى
…
فلا ترض أن تعتد من أوضع الشُعب
وللمجد قوم ساوروه بأنفسٍ
…
كرام ولم يرضوا بأُم ولا أَب
فلا تتكل إلا على ما فعلته
…
ولا تحسبن المجد يورث بالنسب
فليس يسود المرء إلا بنفسه
…
وإن عد آباءً كراماً ذوي حسب
ومن قوله في الشيب وفقد الشباب:
كفى بالشيب من ناه مطاع
…
على كره ومن داع مجاب
حططت إلى النهى رحيلي وكلت
…
مطية باطلي بعد الهياب
وقلت مساماً للشيب أهلاً
…
بهادي المخطئين إلى الصواب
إلى أن قال:
سقى عهد الشبيبة كلُ غيثٍ
…
أغرَّ مجلجل داني الرباب
ليالي لم أقل سقياً لعهد
…
ولم أرغب إلى سُقيا سحاب
يذكرني الشباب هوان عتبي
…
وصد الغانيات لدى عتابي
يذكرني الشباب سهام حتفٍ
…
يصبن مقالي دون الإهاب
رمت قلبي بهنَّ فأقصدته
…
طلوع النبل من خلل النقاب
فراحت وهي في بال رخي
…
ورحتُ بلوعة مثل الشهاب
وكل مبارز بالشيب قرناً
…
فمسبيُّ لعمرك غير ساب
ولو شهد الشباب إذاً لراحت
…
وإن بها وعيشك ضعف ما بي
فيا غوثاً هناك بقيد ثأري
…
إذا ما الثأر فات يد الطلاب
فكم ثأر تلاقت لي يداه
…
ولو من بين أطراف الحراب
يذكرني الشباب جنان عدن
…
على جنبات أنهار العذاب
تفيءُ ظلها نفحات ريح
…
تهز متون أغصان رطاب
إذا ماست ذوائبها تداعت
…
بواكي الطير فيها بانتحاب
يذكرني الشباب وميضُ برق
…
وسجع حمامة وحنين ناب
فيا أسفاً ويا جزعاً عليه
…
ويا حزناً إلى يوم الحساب
أأفجع بالشباب ولا أعزّى
…
لقد غفل المعزي عن مصابي
تفرقنا على كره جميعاً
…
ولم يك عن قلى طول اصطحاب
وكانت أيكتي ليد اجتناء
…
فعادت بعده ليد احتطاب
أيا برد الشباب لكنت عندي
…
من الحسنات والقسم الراغب
بليت على الزمان وكل برد
…
فبين بلى وبين يد استلاب
وعز عليّ أن تبلى وأبقى
…
ولكن الحوادث لا تحابي
لبستك برهة لبس ابتذال
…
على علمي بفضلك في الثياب
ولو مُلِّكت صونك فاعلمنه
…
لصنتك في الحريز من العياب
ومن قوله في الاستقلال من صحبة الناس:
عدوك من صديقك مستفادا
…
فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه
…
يحول من الطعام أو الثياب
إذا انقلب الصديق غداً عدواً
…
مبيناً والأمور إلى انقلاب
ولو كان الكثير يطيب كانت
…
مصاحبة الكثير من الصواب
ولكن قل ما استكثرت إلا
…
سقطت على ذئاب في ثياب
فدع عنك الكثير فكم كثير
…
يعاف وكم قليل مستصاب