الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا آخر ما اردت نقله من المطولات، ولو ظفرت بديوانه كاملاً لنقلت منه أكثر من ذلك، ولكني لم أظفر من ديوانه إلا بالمجلد الأول، فلله دره من شاعر ما أثبت مبانيه، وأجل معانيه، وفيما نقلت من
شعر
ه دليل على تقدمه. قال صاحب (دمية اقصر) في حقه: هو شاعر له في مناسك الفضل مشاعر، وكان تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما في قصائده بيت يتحكم عليه بلو وليت، وهي مصبوبة في قوالب اقلوب، وبمثلها يعتذر الزمان المذنب من الذنوب، وذكر له عدة مقاطيع فمنها القصيدة المتقدمة الهائية ومنها يقول:
أن التي علقت قلبك حبها
…
راحت بقلب منك غير علوق
عقدت ضمان وفائها في خصرها
…
فوهى كلا العقدين غير وثيق
ومنها:
بكر العارض يحدوه النعامى
…
فسقاك الله يا دار أماما
وبجزعاء الحمى قلبي فعج
…
بالحمى واقر على قلبي السلاما
وترحل فتحدث عجباً
…
أن قلباً سار عن جسم أقاما
قل لجيران الغضا آها على
…
طيب عيش بالغضا لو كان داما
نصل العام ولا ننساكم
…
وقصارى الوجد أن نسلخ عاما
حملوا ريح الصبا من نشركم
…
قبل أن تحمل شيحاً وخزاما
وابعثوا اشباحكم لي في الكرى
…
أن أذنتم لجفوني أن تناما
ومن قوله:
أرقت فهل لهاجعة بسلع
…
على الارقين أفئدة ترق
نشدتك بالمودة يا ابن ودي
…
فإنك بي من ابن أبي أحق
اسل بالجزع دمعك أن عيني
…
إذا استبررتها
دمعاً تعق
وان شق البكاء على المعافى
…
فلم أسألك إلا ما يشق
وله في القناعة وقد أحسن:
يلحى على البخل الشحيح بماله
…
أفلا تكون بماء وجهك أبخلا
أكرم يديك عن السؤال فانما
…
قذر الحياة أقل من أن تسألا
ولقد أضم الي فضل قناعتي
…
وأبيت مشتملاً بها متزملا
وأري الغدو على الخصاصة شارة
…
تصف الغنى فتخالني متمولاً
وإذا امرؤ افنى الليلي حسرة
…
وأمانياص أفنيتهن توكلا
ومن بديع مدائحه من جملة قصيدة:
وإذا رأوك بأن تفرقت أرواحهم
…
فكأنما عرفتك قبل الأعين
وإذا أردت بأن تفل كتيبة
…
لاقيتها فتسم فيها واكتن
وله من جملة قصيدة أبيات تتضمن العتب وهي:
إذا صور الإشفاق لي كيف أنتم
…
وكيف إذا ما عن ذكري صبرتم
تنفست عن عتب فؤادي مفصح
…
به ولساني للحفاظ يحمحم
وفي في ماء من بقايا ودادكم
…
كثيراً به من ماء وجهي أرقتم
أرقت وما ضناً عليه وبينه
…
وبين انسكاب ريثما اتكلم
قال جامعه ويعجبني بيت له من قصيدة قوله:
منىً انتم من ظاعنين وخلفوا
…
قلوباً ابت أن تعرف الصبر عنهم
تم الاختيار من شعر مهيار الديلمي ويليه الاختيار من شعر ابن هاني الأندلسي.
شعر
ابن هاني هو ابو القاسم وابو الحسن محمد بن هاني الأزدي المهلبي من ولد يزيد بن حاتم بن المهلب الأزدي، وقيل: انه ولد أخيه روح بن حاتم، ولد بمدينة اشبيلية، ونشأ بها، واشتغل وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه، وكان حافظاً لأشعار العرب وأخبارهم، واتصل بصاحب اشبيلية، وحظي عنده، وكان كثير الانهماك في الملاذ متهماص بمذهب الفلاسفة، واتصل بالمعز ابي تميم معد ابن المنصور العبيدي، وبالغ في اكرامه، ثم توجه امعز إلى الديار المصرية، وخرج في أثره، فلما وصل إلى برقة، ووجد مقتولاً في بعض طرقها، ولم يعرف سبب قتله وذلك سنة اثنتين وستين وثلاث مائة وعمره ست وثلاثون، ولما بلغ المعز قتله تأسف عليه كثيراً، وقال: هذا رجل كنا نرجو أن نفاخر به أهل المشرق، فلم يقدر لنا ذلك. وله في المعز المذكور غرر مدائح، ونخب أشعار، وله ديوان شعر أجاد فيه كل الإجادة، لولا ما فيه من الغلو في المدح، والافراط المفضي إلى الكفر لكان من أحسن الدواوين، وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدميهم ولا من متأخريهم، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين.
قال يمدح المعز وهي من القصائد الطنانة، وهي أول ما أنشده بالقيروان واجازه عليها جائزة جليلة:
هل من أعقة عالج يبرين
…
أم منهما بقر الحدوج العين
ولمن ليال ما ذممنا عهدها
…
مذكن إلا انهن شجون
المشرقات كأنهن كواكب
…
والناعمات كأنهن غصون
بيض وما ضحك الصباح وإنها
…
بالمسك من طرر الحسان لجون
أدمى لها المرجان صفحة خده
…
وبكى عليها اللؤلؤ المكنون
أعدى الحمام تأوهي من بعدما
…
فكأنه فيما سجعن رنين
بانوا سراعاً للهوادج زفرة
…
مما رأين وللعطي حنين
فكأننا صبغوا الضحى بقبابهم
…
أن عصفرت فيها الخدود جفون
مإذا على حلل الشقيق لو إنها
…
عن لابسيها في الخدود تبين
لأعطشن الروض بعدهم ولا
…
يرونه لي دمع عليه هتون
أأعير لحظ العين بهجة منظر
…
واخوانهم إني إذا لخؤون
لا الجو جو مشرق ولو اكتسى
…
زهراً ولا الماء المعين معين
لا يبعدن إذا العبير له ثرى
…
والبان دوح والشموس قطين
أيام فيه العبقري مفوف
…
والسابري مضاعف موضون
والزاعبية شرع والمشرفية
…
لمع والمقربات صفون
والعهد من ظمياء إذا لا قومها
…
خزر ولا الحرب الزبون زبون
عهدي بذاك الجو وهو أسنة
…
وكناس ذاك الخشف وهو عرين
هل يدنيني منه أجرد سابح
…
مرح وجائله النسوع أمون
ومهند فيه الفرند كأنه
…
زمر له خلف الغرار كمين
عضب المضارب مقفر من أعين
…
لكنه من أنفس مسكون
قد كان رشح حديده أجلاوما
…
صاغت مضاربه الرقاق قيون
وكأنما يلقى الضريبة دونه
…
بأس المز أاسمه المخزون
هذا معد والخلائق كلها
…
هذا المعز متوجاً والدين
إلى أن قال:
ملك كما حدثت عنه رأفه
…
فالخمر ماء والشراسة لين
ووراء حق ابن الرسول ضراغم
…
أسد وشهباء السلاح منون
والطالبان المشرفية والقنا
…
والمدركان النصر والتمكين
وصواهل لا الهضب يوم مغارها
…
هضب ولا البيد الحزون حزون
جنب الحمام وما لهن قوادم
…
وعلا البربود وما لهن وكون
فلهن من ورق اللجين توجس
…
ولهن من مقل الظباء شفون
فكأنها تحت الغبار كواكب
…
وكأنها تحت الحديد دجون
عرفت بساعة سبقها لا أنها
…
علقت بها يوم الرهان عيون
وأجل علم البرق فيها أنها
…
مرت بجانحتيه وهي ظنون
في الغيث شبه من نداك كأنما
…
مسحت على الأنواء منك يمين
أما الغنى فهو الذي أوليتنا
…
فكأن جودك بالخلود رهين
تطأ الجياد بنا البدور كأنها
…
تحت السنابك مرمر مسنون
فالفيء لا متنقل والحوض لا
…
متكدر والمن لا ممنون
انظر إلى الدنيا باشفاق فقد
…
ارخصت هذا العلق وهو ثمين
لو يستطيع البحر لاستعدى على
…
جدوى يديك وانه لقمين
أمدده أو فاصفح له عن نيله
…
فلقد تخوف أن يقال ضنين
وقد اختصرت آخر هذه القصيدة وإن كانت من جيد شعره لأنه تجاوز فيها الحد في حق أهل البيت رضي الله عنهم وقال قولاً ينافي مذهب أهل السنة والجماعة في مسألة الإمامة.
وقال يمدح جعفر بن علبون:
فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر
…
وأمدكم فلق الصباح المسفر
وجنيتم ثمر الوقائع يانعاً
…
بالنصر من ورق الحديد الأخضر
وضربتم هام الكماة ورغتم
…
بيض الخدر بكل ليث مخدر
أبتي العوالي السمهرية والسيو
…
ف المشرفية والعديد الأكثر
كل الملوك من السروج سواقط
…
إلا المملك فوق ظهر الأشقر
من منكم الملك المطاع كأنه
…
تحت السوابغ تبع في حمير
القائد الخيل العتاق شوازبا
…
خزراً إلى لحظ السنان الأخزر
شعث النواصي حسرة إذانها
…
قب الأياطل داميات الأنسر
تنبو سنا بيكهن عن عفر الثرى
…
فيطأن في خد العزيز الأصغر
جيش تقدمه الليوث وفوقه
…
كالغيل من قصب الوشيج الأسمر
وكأنما سلب القشاعم ريشها
…
مما يشق من العجاج الأكدر
وكأنما اشتملت قناه ببارق
…
متألق أو عارض مثعنجر
تمتد ألسنة الصواعق فوقه
…
عن ظلتي مزن عليه كنهور
ويقوده الليث الغضنفر
…
معلماً
في كل شنن اللبدتين غضنفر
نحر القبول من الدبور وسار في
…
جيش الهرقل وعزمة الإسكندر
في فتية صدأ الدروع عبيرهم
…
وخلوقهم علق النجيع الأحمر
لا يأكل السرحان شلو طعينهم
…
مما عليه من القنا المتكسر
أنسو بهجران الأنيس كأنهم
…
في عبقري البيد جنة عبقر
يغشون بالبيد القفار وإنما
…
تلد البنتى في اليباب المقفر
فراوية الصنديد تخبر عنهم واسامة الصديق أصدق مخبر
قد جاورو أجم الضواري حولهم
…
فإذا هم رأروا بها لم تزأر
ومشوا على قطع النفوس كأنما
…
تمشي سنابك خيلهم في مرمر
قوم يبيت على الحشايا غيرهم
…
ومبيتهم فوق الجياد الضمر
وتظل تسبح في الدماء قبابهم
…
فكأنهن سفائن في أبحر
فحياضهم من كل مهجة خالع
…
وخيامهم من كل لبدة قود
من كل أهرت كالح ذي لبدة
…
أو كل أبيض واضح ذي مغفر
حي من الأعراب إلا أنهم
…
يردون ماء الأمن غير نكدر
راحو إلى أم الرئال عشية
…
وغدوا إلى ظبي الكثيب الأعفر
طردوا الأوابد في الفوافد طردهم
…
للأعوجية في مجال العثير
ركبوا إليها يوم لهو قنيصهم
…
في زيهم يوم الخميس المصحر
أنا لتجمعنا وهذا الحي من
…
بكر أزمة سالف لم تخفر
أحلافنا فكأننا من نسبة
…
ولداتنا فكأننا من عنصر
اللابين من الجلاد الهب ما=أغناهمخ عن لأمة وسنور
لي منهم سيف إذا جردته
…
يوماً ضربت به رقاب الأعصر
وفتكت بالزمن المدجج فتكة
…
البراض يوم هجائن ابن المنذر
صعب إذا نوب الزمان تصعب
…
متنمر للحادث المننمر
فإذا عفا لم تلق غير مملك
…
وإذا سطا لم تلق غير مظفر
وكفاك من حب السماحة إنها
…
منه بموضع مقلة من محجر
فغمامة من رحمة وعراصه
…
من جنسه ويمينه من كوثر
وقال يمدح القائد جوهراً، ويذكر توديعه عند خروجه من القيروان إلى مصر، ويصف مصر، ويذكر خروجه للتشييع وذلك سنة 258.
رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع
…
وقد راعني يوم من الحشر أروع
غداة كأن الأفق سد بمثله
…
فعاد غروب الشمس حيث تطلع
فلم أدر إذا سامت كيف أشيع
…
ولم أدر إذا شيعت كيف أودع
وكيف نخوض الجيش والجيش لجة
…
وإني بمن قاد الجيوش لمولع
وأين ومالي بين ذا الجمع مسلك
…
ولا لجوادي جفن ولا بات يهجع
نصيحته للملك سدت مذاهبي
…
فما بين قيد الرمح والرمح إصبع
فقد ضرعت حتى الرواسي لما رأت
…
فكيف قاوب الإنس والإنس أضرع
فلا عسكر من قبل عسكر جوهر
…
تخب المطايا فيه عشراً وتوضع
تسير الجبال الجادمات لسيره
…
وتسجد من أدنى الحفيف وتركع
إذا حل في أرض بناها مدائناً
…
وإن سارعن أرض ثوت وهي بلقع
سموت له بعد الرحيل وفاتني
…
فأقسمت ألا لا يلائم مضجع
فلما تداركت السرادق في الدجى
…
عشوت إليه والمشاعل ترفع
فيت ويات الجيش جما سميره
…
يؤرقني والجن في البيد هجع
فتخزن جيب المزن والمزن دالح
…
وتوقد موج اليهم واليم أصقع
وهمهم رعد آخر الليل قاصف
…
ولاحت مع الفجر البوارق تلمع
وأوحت إلينا الوحش ما الله صانع
…
بنا وبكم من هول ما نتسمع
ولم تعلم الطير الحوائم فوقنا
…
إلى أين نستذري ولا أين نفزع
إلى أن تبدى سيف دوله هاشم
…
على وجهه نور من الله يسطع
كأن ظلال الخافقات أمامه
…
غمائم نصر الله لا تتقشع
كأن السيوف المصلتات إذا طمت
…
على البحر بحر زاجر الموج مترع
كأن أنابيب الصعاد أراقم
…
تلفظ في أنابيبها السم مترع
كأن العتاق الجرد بجنونه له
…
ضباء ثنت اجيادها فهي تتلع
كأن الكماة الصيد لما تفشمرت
…
حواليه أسد الفيل لا تتكعكع
كأن حماة الرحل تحت ركابه
…
سيول نداة أقبلت تتدفع
كأن سراع النجب تنشر يمنه
…
على البيد آل في الضحى يترفع
كأن صعاب البخت إذا ذللت له
…
أسارى ملوك عضها القيد ضرع
كأن خلاخيل المطايا إذا غدت
…
تجاوب أصداء الفلا تترجع
تهيج وسواس البرين صبابة
…
عليها فتعزى بالحنين وترلع
لقد جل من يقتاد ذا الخلق كله
…
وكل له من قائم السيف أطوع
تحف به القواد والأمر أمره
…
ويقدمه رأي الخلافة أجمع
ويسحب اذيال الخلافة رادعاً
…
به المسلك من نشر الهدى يتضوع
له حلل الإكرام خص بفضلها
…
نسائج بالبتبر المشهر تلمع
برود أمير المؤمنين بروده
…
كساه الرضى منهن ما ليس يخلع
وبين يديه خيله وسروجه
…
تقاد عليهن النضار المرصع
وأعلامه منشورة وقبابه
…
وحجابه تدعى لأمر فتسرع
مليك ترى الأملاك دون بساطه
…
وأعناقهم ميل إلى الأرض خضع
قياماً على أقدامهم قد تنكبت
…
صوارمها كل يطيع ويخضع
تحل بيوت المال حيث محله
…
وجم العطايا والرواق المرفع
إذا ماج أطناب السرادق بالضحى
…
وقامت حواليه القنا تتزعزع
وسل سيوف الهند حول سريره
…
ثمانون الفاً دارع ومقنع
رأيت من الدنيا إليه منوطة
…
فيمضي بامر الله فيها ويصدع
وتصحبه دار المقامة حيثما
…
أناخ وشمل المسلمين المجمع
وتعنو له السادات من كل معشر
…
فلا سيد منه أعز وأمنع
فلله عينا من رآه مخيما
…
إذا جمع الأنصار للأذن مجمع
وأقبل فوج بعد فوج فشاكر
…
له أو سؤول أو شفيع مشفع
فا يفتأوا من حكم عدل يعمهم
…
وعارفه تسدى اليهم وتصنع
يسوسهم منه أب متكفل
…
برعي نبيه حافظ لا يضيع
فستر عليهم في الملمات مسبل
…
وكنز لهم عند الأئمة مودع
بطيء عن الأمر الذي يكرهونه
…
عجول اليهم بالندى متسرع
ولله عينا من رآه مقوضاً
…
إذا جعلت أولى الكتائب تسرع
ونودي بالترحال في فحمه الدجى
…
فجاءته خيل النصر تردي وتمزع
فلاح لها من وجهة البدر طالعاً
…
وفي يده الشعرى العبور تطلع
أضحى مردى بالنجاد كأنه
…
هزير عرين ضم جبينه أشجع
فكبرت الفرسان لله إذا بدا
…
وظل السلاح المنتضى يتقعقع
وحف به أهل الاجهاد فمقدم
…
وماض وإصليت وأطلق أروع
وعب عباب الموكب الفخم حوله
…
وزف كما زف الصباح الملمع
وثار بريا المندلي غباره
…
ونشر فيه الروض والروض موقع
وقد رتبت فيه الملوك مراتباً
…
فمن بين متبوع وآخر يتبع
تسير على أقدارها في عجامة
…
ويقدمها منه العزيز الممنع
وما لؤمت نفس تقر بفضله
…
وما للؤوم إلا دفع ما ليس يدفع نقد
فاز منه مشرق الأرض بالتي
…
تفيض لها من مضرب الأرض ادمع
ألا كل عيش دونه فمحرم
…
وكل حريم بعده فمضيع
وإن بنا شوقاً إليه ولوعة
…
تكاد لها اكبادنا تتصدع
ولكنما يسلي من الشوق ِأنه
…
لنا في ثغور المجد والدين أنفع
وإن المى منه قريب وإننا
…
إليه من الإيماء باللحظ أسرع
فسر أيها الملك المطاع مؤيداً
…
فللدين والدنيا إليك تطلع
وقد أشعرت أرض العراقين خفية
…
تكاد لها دار السلام تضعضع
وأعطت فلسطين القياد وأهلها
…
فلم يبق منها جانب يتمتع
وما لرملة المقصورة الخطو وحدها
…
بأول أرض ما لها عنك مفزع
وما ابن عبيد الله يدعوك وحده
…
غداة رأى أن ليس في النفوس منزع
بل الناس كل الناس يدعوك غيره
…
فلا أحد إلا يذل ويخضع
وأن باهل الأرض فقراً وفاقه
…
إليك وكل الناس آتيك مهطع
إلا إنما البرهان ما أنت موضح
…
وما الرأي إلا وفق ما أنت مزمع
رحلت إلى الفسطاط أيمن رحلة
…
بايمن قال في الذي أنت مجمع
ولما حثثت الجيش لاح لأهله
…
طريق إلى أقصى خراسان مهيع
قد استقبل الناس الربيع وقد غدت
…
متون الربى من سدس تتلفع
وقد أخضل المزن البلاد ففجرت
…
ينابيع حتى الصخر أخضل ممرع
وأصبقحت الطرق التي أنت سالك
…
مقدسة الظهران تسقى وتربع
وقد بسطت فيها الرياض درانكا
…
من الوشي إلا أنها ليس ترفع
وغرد فيها الطير بالنصر واكتست
…
زرابي من انوارها لا تتوشع
سقاها فرواها بك الله آنفاً
…
فنعم مراد الصيف والمتربع
وما جهلت مصر وقد قيل من لها
…
بأنك ذاغك الهبرزي السميدع
وأنك دون الناس فاتح قفلها
…
فأنت لها المرجو والمتوقع
فان يك في مصر رجال حلومها
…
فقد جاءهم نيل سوي النيل يهرع
ويممهم من لا يغير بنعمة
…
فيسلبهم لكن يزيد فيوسع
ولو قد حططت الغيث من عقر دارهم
…
كشفت ظلام المحل عنهم فامرعوا
وداويتهم من ذلك الداء إنه
…
إلى اليوم رجز فوقهم ليس يقلع
وكفكفت عنهم من يجوز ويعتدي
…
وأمنت منهم من يخاف ويجزع
إذا لرأوا كيف العطايا بحقها
…
لسائلها منهم وكيف التبرع
وأنساهم الأخشيد من شسع نعله
…
أعز من الأخشيد قدراً وارفع
سيغلم من ناواك كيف مصيره
…
ويبصر من قارعته كيف يقرع
إذا صلت لم يكرم على السيف سيد
…
وإن قلت لم يقدم على القول مصقع
تقيك الليالي والزمان وأهل
…
ومصفيك محض الود المصنع
تعبت لكيما تعقب الملك راحة
…
فمهلا فداك المستريح المودع
فاشفق على قلب الخلافة إنه
…
حناناً واشفاقاً عليك مروع
تحملت أعباء الخلافة كلها
…
وغيرك في أيام دنياه يرتع
فو الله ما ادري أصدرك في الذي
…
تدبره أم فضل حلمك أوسع؟
وما بلغ الاسكندر الرتبة التي
…
بلغت ولا كسرى الملوك وتبع
سموت من العليا إلى الرتبة التي
…
ترى الشمس فيها تحت قدرك تضرع
إلى غاية ما بعدها لك غاية
…
وهل خلف افلاك السموات مطلع
إلى أين تبغي ليس خلفك مذهب
…
ولا لجواد في لحاقك مطمع
وقال يمدح المعو، وهو بالمنصورية بعد رجوعه من تشييع عسكر المنصور النافذ إلى مصر يصف القائد جوهر مقدم العسكر قال:
سقتني بما مجت شفاه الأ راقم
…
وعاتبني فيها شفار الصوارم
عدتني إليها الحرب يصرف نابها
…
وصلصال رعد في زئير الضراغم
فكيف بها نجدية حال دونها
…
صعإليك نجد في متون الصلادم
أتى دونها نأي المزار وبعده
…
وآساد أغيال وجن صرائم
واشوس غيران عليها حلاحل
…
طويل نجاد السيف ماضي العزائم
ولو شئت لم تبعد علي خيامها
…
ولو طنبت بين النجوم العواتم
وبات لها مني على ظهر سابح
…
اشم أبي الظلم من آل ظالم
وأسدها جر الرياح على الثرى
…
بايدي فتو الازد صفر العمائم
فهل تبلغيها الجياد كأنها
…
أعنتها من طول لوك الشكائم
من الاعواجيات التي يرزق الغنى
…
وتضمن أقوات النسور القشاعم
من اللاء هاجت للنوى اريحيني
…
وهزت إلى فسطاط مصر قوادمي
فشيعت جيش النصر تشييع مزمع
…
وودعته توديع غير مصارم
وقد كنت لا الوي على متن تركته
…
ولكن عداني ما ثنى من عزائمي
فلو أنني استأثرت بالأذن وحده
…
لسرت ولم أحفل بلومة لائم
طربت إلى يوم أوفيه حقه
…
ليعلم أهل الشعر كيف مقاومي
وأصبو إلى مصر لساعة مشهد
…
يعض لها غيابها بالأباهم
فان لم أشاهد يومها ملء ناظري
…
أشاهده ملء السمع ملء الحيازم
وقد صورت نفسي لي الفتح صورة
…
وشامته لي من غير نظرة شاتم
كذاك إذا قام الدليل الذي النهي
…
على كون شيء كان ضربة لازم
على أنني قضيت بعض مأربي
…
وأقررت عيني بالجيوش الخضارم
وأنست من أنصار دولة هاشم
…
جحاجحة تسعى لدولة هاشم
ويمث في طرق الجهاد سبيلهم
…
لأصلى كما يصلون لفح السمائم
وفارقتهم لا مؤثراً لفراقهم
…
ولا مستخفاً بالحقوق اللوازم
فلله ما ضم السرادق والتقت
…
عليه ظلال الخافقات الحوائم
فثم مصابيح الظلام وشيعه ال
…
إمام وأسد المأزق المتلاحم
وفي الجيش ملأن به الجيش باسط
…
يديه بقسطاس من العدل قائم
مدبر حرب لا بخيل بنفسه
…
عليها ولا مستأثر بالغنائم