المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أبرزتها فتحاصرنا مباعدة … من الخيام نعفي الخطو بالأرز ثم انثنيت - نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار

[عبد الرحمن بن درهم]

فهرس الكتاب

- ‌شعر

- ‌أبي تمام

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني

- ‌وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد

- ‌وقال يمدح عمر بن طوق التغلبي

- ‌وقال يمدح أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا اسحاق محمد بن هارون الرشيد ويذكر فتح

- ‌وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌وقال يمدح حبيش بن المعافى

- ‌وقال يمدح مالك بن طوق

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد السيباني

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي

- ‌وقال يمدح المعتصم وفيها من بديع الوصف والتشبيه المرقص المطرب

- ‌وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر

- ‌وقال يرثي محمد بن حميد الطوسي وهي من غرر المراثي

- ‌وقال يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف

- ‌وقال في الفخر

- ‌وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك

- ‌وقال يمدح المعتصم بالله

- ‌وقال يمدح أبا المتسهل محمد بن شقيق الطائي

- ‌وقال يمدح محمد بن حسان الضبي

- ‌وقال يمدح أحمد بن أبي داود

- ‌وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين الواثق بالله

- ‌شعر

- ‌أقول لقد جاوزت القدر وأخللت بما اشترطت من الاختصار، وأكثرت من شعر الزجل لأني كلما

- ‌أبي عُبادة البحتري

- ‌قال البكري

- ‌قال أبو الفرج

- ‌وذكر المبرد شعراً له وقدمهعلى نظرائه وهو قوله

- ‌‌‌وقوله

- ‌وقوله

- ‌وله في الفتح بن خاقان وقد نزل إلى الأسد فقتله

- ‌وله في انتقاض صلح بين عشيرته

- ‌ومن جيد شعره

- ‌قال يمدح أمير المؤمنين على الله ويهنيه بعيد الفطير

- ‌‌‌وقال يمدحهويذكر وفد الروم

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يرثي بني حميد بن غانم الطوسي

- ‌شعر المتنبي

- ‌قال أبو الفرج

- ‌ولمّا كان بمصر مرض وكان له صديق يغشاه في علته فلما أبلّ انقطع عنه فكتب

- ‌والبيت الثالث

- ‌واعتنى العلماء بديوانه وشرحوه بشروح عدة ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا

- ‌وقال يمدح كافوراً سنة ست وأربعين وثلاث مئة

- ‌وقال يمدح كافوراً أيضاً

- ‌شعر المعري

- ‌ شعر

- ‌‌‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌قصيدة

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌وصية أعرابية لولدها

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر صردر

- ‌فوائد أدبية

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌فائدة من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر

- ‌شعر أبيب جعفر الأعمى

- ‌ شعر

- ‌ من اشعار النساء

- ‌خبر جميل السدوسي

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن محمد الأيوبي سنة 646

- ‌وقال يمدح الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب وأنشدها بقاعة دمشق سنة 613

- ‌ومن قوله

- ‌مقاطيع أدبية

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر

- ‌وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر

- ‌ شعر

- ‌ونثره يشبه شعره في المعاني والجودة فمن ذلك قولهيتنصل إلى بعض من يعز إليه وترفع

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العمري

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العادي

- ‌ شعر

- ‌أحمد بن شاهين

- ‌شعر الغري

- ‌شعر

- ‌حسين جلبي

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر الاهدل

- ‌‌‌‌‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌علوي بن اسماعيل البحراني

- ‌شعر

- ‌كتب إلى أهله يتشوق إليهم، وهو محبوس بشيراز قوله

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌أشعار وآداب متفرقة

- ‌مرثية

- ‌شعر

- ‌وصية

- ‌ترجمة

- ‌ترجمة الشعبي

- ‌ أبيات رائقة

- ‌كتاب

- ‌فصل في العفو عن الإخوان، والأعضاء عن هفواتهم

- ‌فصل في الصبر والتأني

- ‌فصل في فضل العلم

- ‌الحض على العلم

- ‌مدح القناعة والاستغناء عن الناس

- ‌أبيات في مدح القناعة

- ‌ذم الحسد

- ‌مدح الحلم والتأني

- ‌مدح الوفاء

- ‌ذم القدر

- ‌مدح المداراة

- ‌مدح المشاورة

- ‌ذم السؤال

- ‌الفخر بالأنساب والأحساب

- ‌مدح الكرم وذم البخل

- ‌حسن البشر وكرم الأخلاق

- ‌نادرة عن الأصمعي

- ‌(ما قيل في وصف العشق في قول بعضهم، وذكر بعض من عشق مات)

- ‌نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌السيد عبد الغفار الأخرس

- ‌ومن غزلياته الفائقة قوله

- ‌ شعر

- ‌وله رحمه الله كتاب كتبه سنة 1248 للأمام تركي بن عبد الله السعود رحمه الله تعالى

- ‌له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن

- ‌ومما قال مجاوباً للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عثمان الأحسائي ومحمد بن علي

- ‌قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن

- ‌ شعر

- ‌فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف

- ‌ شعر

- ‌شعر سلمان بن سمحان

- ‌شعر

- ‌أحمد الغزاوي

- ‌شعر

- ‌محمد رضى الخطيب

- ‌وقد جرت قصيدة عصرية، ألقاها شاعر من أهل الشام، يقال له حليم دموس في مهرجان

- ‌ولمحمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي، المتوفي سنة 1071هـ يتوجع من إعراض بعض

- ‌قال الشيخ محمد أفندي حافظ إبراهيم يمدح المرحوم الشيخ محمد عبده ويهنئه بتولي منصب

- ‌رجعنا إلى تمام المختار من شعر محمد بن عثيمين، قمن ذلك ما مدح به حضرة الحاكم

- ‌وقال أيضاً يمدحه

- ‌وقال لما أغار الشيخ عبد الله بن القاسم على العجمان وأغاروا على بعض طوارف أهل

- ‌ولما بنى الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم قصره المسمى بالريان، وذلك في سنة

- ‌ولما توفي الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه قاسم بن محمد الثاني، رثاه محمد بن

- ‌وقال يرثي الشيخ المرحوم قاسم أيضاً، وكتب بها على ابنه المرحوم الشيخ عبد الرحمن

- ‌وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور

- ‌وممن مدح الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله بن قاسم الشاعر

- ‌وقال الشيخ سليمان بن سمحان النجدي قدس روحه، ونور ضريحه مهنئاً للشيخ قاسم بن محمد

- ‌قال رحمه الله

- ‌شعر علي بن سليمان

- ‌شعر بطرس النصراني

- ‌ شعر

- ‌ الرصافي البغدادي

الفصل: أبرزتها فتحاصرنا مباعدة … من الخيام نعفي الخطو بالأرز ثم انثنيت

أبرزتها فتحاصرنا مباعدة

من الخيام نعفي الخطو بالأرز

ثم انثنيت ولم أدنس سوى عبق

على جيوبي لريا بردها العطر

لا أغفل المزن أرضاً ينزلون بها

ولا طوى عنهم مستعذب المطر

جر النسيم على أعطاف دارهم

ذيلاً وألبسها من رقة السحر

وما بكائي على خل فجعت به

إلا لكل فتى كالصارم الذكر

ما حاربوا الدهر إلا لان جانبه

أن المشيع أولى الناس بالظفر

يا للرجال دعاء لا يشار به

إلا إلى غرض بالذل والحذر

ردوا الرحيل فإن القلب مرتحل

وسافروا أن دمع العين في سفر

ويوم ضجت ثنايا بابل ومشت

بالخيل في خلع الأوضاع والغرر

قمنا نحلي وراء اللثم كل فتى

كأن حليته من صفحة القمر

إني لأمنح قوماً لا أزورهم

مج القا من دم الأوداج والثغر

طعناً كما صبح الغدران ممتحن

رمى فشتت شمل الماء بالحجر

وجاهل نال من عرضي بلا سبب

أمسكت عنه بلاعي ولا حصر

حمته مني المخازي أن أعاقبه

كذاك تحمى لحوم الذوذ بالدبر

ومهمه كشفار البيض مطرد

بالآل عار من الأعلام والخمر

إذا تدلت عليه الشمس لأوحشها

تلمع المور بالأنهار والغدر

غصصت تربته بالعيش مالكة

على النجاء رقاب الورد والصدر

أطوي البلاد إلى ما أذل به

من البلاد وما أطوي على خطر

مجاهلاً ما أظن الذئب يعرفها

ولا مشى قائف فيها على أثر

ينسى بها اليقظ المقدام حاجته

ويصبح المرء فيها ميت الخبر

لا تبعدن أماني التي نشزت

على الزمان بالإدلاج والبكر

يا ابن النبي مقالاً لا خفاء به

وأحسن القول فينا قول مختصر

رأيت كفك مأوى كل مكرمة

إذا تواصت أكف القوم بالعسر

لطاب فرعك واهتزت أراكته

في المجد إن المعالي أطيب الشجر

ما كل نسل الفتى تركوا مغارسه

قد يفجع العود بالأوراق والثمر

إن الرماح وإن طالت ذوائبها

من العدى تتواصى عنك بالقصر

تسل منك الليالي سيف ملحمة

يستنهض الموت بين البيض والسمر

مشيع الرأي أن كرت أسنته

جرى القنا بين منآد ومنأطر

فاسلم إذا نكب المركوب راكبه

وأستأسد الدهر بالأقدار والعين

تم الاختيار من‌

‌ شعر

الشريف الرضي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر البهاء زهير.

شعر

البهاء زهير هو الوزير بهاء الدين أبو الفضل، زهير بن محمد بن علي بن يحيى ابن الحسين بن جعفر بن منصور المهلبي الصالحي، الفاتكي، المصري، الأزردي، رحمه الله تعالى آمين فمن قوله: وكتب بها إلى الوزير فخر الدين أبي الفتح عبد الله بن قاضي داريا يشكو إليه سوء أدب غلمانه:

سواك الذي ودي لديه مضيع

وغيرك من سعيي إليه مخيب

ووالله ما آتيك إلا محبة

وإني في أهل ألفضيلة أرغب

أبث لك الشكر الذي طاب نشره

وأطري بما أثني عليك وأطرب

فما ألقى دون بابك جفوة

لغيرك تعزى لا إليك وتنسب

أرد برد الباب إن جئت زائراً

فياليت شعري أين أهل ومرحب؟

ولست بأوقات الزيارة جاهلاً

ولا أنا ممن قربه يتجنب

وقد ذكروا في خادم المرء أنه

بما كان من آدابه يتأدب

فهلا سرت منك اللطافة فيهم

وأعدتهم آدابها فتأدبوا

ويصعب عندي حالة ما ألفتها

على أن بعدي عن جنابك أصعب

وأمسك نفسي عن لقائك كارها

((أغالب فيك الشوق والشوق أغلب))

وأغضب للفضل الذي أنت ربه

لأجلك لا أني لنفسي أغضب

وآنف إما عزة منك نلتها

وإما لإدلال به أتعب

وإن كنت ما اعتداها فيك زلة

فحسبي بها من خجلة حين أذهب

وقال في جواب كتاب ورد إليه من بعض أحبابه:

رسول الرضى أهلاً وسهلاً ومرحباً

حديثك ما أحلاه عندي وأطيبا

ويا مهدايا ممن أحب سلامه

عليك سلام الله ما هبت الصبا

ويا محسناً قد جاء من عند محسن

ويا طيبا أهدى من القول طيبا

ص: 140

لقد سرني ما قد سمعت من الرضى

وقد هزني ذاك الحديث وأطربا

وبشرت باليوم الذي فيه نلتقي

ألا إنه يوم يكون له نبا

فعرض إذا حدثت بالبان والحمى

وغياك أن تنسى فتذكر زينابا

ستكفيك من ذاك المسمى إشارة

ودعه مصوناً بالجمال محجبا

أشر لي بوصف واحد من صفاته

تكن مثل من سمى وكنى ولقبا

وزدني من ذاك الحديث لعلني

أصدق أمراً كنت فيه مكذبا

سأكتب مما قد جرى في عتابنا

كتاباً بدمع للمحبين مذهبا

عجبت لطيف زار بالليل مضجعي

وعاد ولم يشف الفؤاد المعذبا

فأوهمني أمراً وقلت لعله

رأى حالة لم يرضها فتجنبا

وما صدعن عن أمر مريب وإنما

رآني قتيلاً في الدجى فتهيبا

ومن قوله:

كلفت بشمس لا ترى الشمس وجههاً

أراقب فيها ألف عين وحاجب

ممنعة بالخيل والقول والقنا

وتضعف كتبي عن زحام الكتائب

ولو حملت عني الرياح تحية

لما نفذت بين القنا والقواضب

فمالي منها رحمة غير إنني

أعلل نفسي بالأماني الكواذب

أغار على حرف يكون من أسمها

إذا ما رأته العين في خط كاتب

ومن قوله:

وغانية لما رأتني أعولت

وقالت عجيب يا زهير عجيب

رأت شعرات لحن بيضاً بمفرقي

وغصني من ماء الشباب رطيب

لقد أنكرت مني مشيباً على صبى

فقالت مشيب قلت ذاك مشيب

وما شبت إلا من وقائع هجرها

على أن عهدي بالصبا لقريب

عرفت الهوى من قبل أن يعرف الهوى

وما زال لي في الغيب منه نصيب

ولم أر قلباً مثل قلبي معذباً

له كل يوم لوعة ووجيب

وكنت إذا استهونت في الحب نظرة

وقد صار منها في الفؤاد لهيب

تركت عذولي ما أراد بقوله

يسفه يرزي يستخف يعيب

ومإذا به إلا دماثة منطقي

وإني مزاج اللسان لعوب

أروح ولي في هزة الحب نشوة

ولست أبالي أن يقال طروب

محب خليع عاشق متهتك

يلذ لقلبي كل ذا ويطيب

خلعت عذاري بل لبست خلاعتي

وصرحت حتى لا يقال مريب

وفي لي من أهوى وأنعم بالرضى

يموت بغيظ عاذل ورقيب

فلا يعيش إلا بالأحبة جامع

ولا أنس إلا أن يزور حبيب

وإني ليدعوني الهوى فأجيبه

وإني ليثنيني التقى فأنيب

رجوت كريماً قد وثقت بصنعه

وما كان من يرجو الكرام يخيب

فيا من يحب العفو إني مذنب

ولا عفو إلا أن تكون ذنوب

ومن قوله في الشيب:

سلام على عهد الشبيهة والصبا

وأهلاً وسهلاً بالمشيب ومرحبا

ويا راحلاً عني رحلت مكرماً

ويا نازلاً عندي نزلت مقرباً

أأحبابنا إن المشيب لشارع

لينسخ أحكام الصبابة والصبا

وفي مع الشنب الملم بقية

تجدد عندي هزة وتطربا

أحن إليكم كلما لاح بارق

وأسأل عنكم كلما هبت الصبا

وما زال وجهي أبيضاً في هواكم

إلى أن سرى ذاك البياض فشيبا

وليس مشيباً ما ترون بعارضي

فلا تمنعوني أن أهيم وأطربا

فما هو إلا نور ثغر لثمته

تعلق في أطراف شعري فألهبا

وأعجبني التنيس بيني وبينه

فلما تبدي أشنبا حلت أشيبا

وهيفاء بيضاء النرائب أبصرت

مشيبي فأبدت روعة وتعجبا

جنت لي هذا الشيب ثم تجنبت

فواحربا ممن جنى وتجنبا

تناسب خدي في البياض وخدها

ولو دام مسوداً لقد كان أنسبا

وإني وإن هز الغرام معاطفي

لآبي الدنايا نخوة وتعربا

أتية على كل الأنام نزاهة

وأشمخ إلا للصديق تأدبا

وإن قلتم أهوى الرباب وزينبا

صدقتم ساو عني الرباب وزينبا

ولكن فتى قد نال فضل بلاغة

تلعب فيها بالكلام تلعبا

ومن قوله:

جاءت تودعني والدمع يغلبها

يوم الرحيل وحادي البين منصلت

وأقبلت وهي في خوف وفي دهش

مثل الغزال من الأشراك ينفلت

فلم تطق خيفة الواشي تودعني

وريح الوشاة لقد نالوا وقد شمتوا

ص: 141

وقفت أبكي وراحت وهي باكية

تسير عني قليلاً ثم تلتفت

فيا فؤادي كم وجد وكم حرق

ويا زماني ذا جور وذا عنت

ومن قوله:

يعاهدني لا خإنني نم ينكث

وأحلف لا كلمته ثم أحنت

وذلك دأبي لا يزال ودأبه

فيا معشر الناس اسمعوا وتحدثوا

أوقل له صلني يقول نعم غداً

ويكسر جفناً هازثاً بي ويبعث

وما ضر بعض الناس لو كان زارني

وكنا خلونا ساعة نتحدث

لك الله أني في هواك معذب

وحتام أبقى في العذاب وأمكث؟

فخذ مرة روحي ترحني ولم أكن

أموت مراراً في نهاري وأبعث

وإني لهذا الضيم منك لحامل

ومتظر لطفاً من الله يحدث

أعيذك من هذا الجفاء الذي بدا

خلائقك الحسنى أرق وأدمث

تردد ظن الناس فينا وأكثروا

أقاويل منها طيب ويخبث

وقد كرمت في الحب منا شمائل

ويسأل عنا من أراد ويبحث

ومن مختارات قوله:

ترى هل علمتم ما لقيت من البعد

لقد جل ما أخفيه منكم وما أبدي

فراق ووجد وأشتياق ولوعة

تعددت البلوى على واحد فرد

رعى الله أياماً تقضت بقربكم

كأني بها قد كنت في جنة الخلد

هبوني أمرء أفد كنت بالبين جاهلاً

أما كان فيكم من هداني إلى الرشد

وكنت لكم عبداً وللعبد حرمة

فما بالكم ضيعتم حرمة العبد؟

وما بال كتبي لا يرد جوابها

فهل أكرمت أن لا تقابل بالرد؟

فأين حلاوات الرسائل بيننا

وأين إمارات المحبة والود؟

وما لي ذنب يستحق عقوبة

وياليتها كانت بشيء سرى الصد

وياليت عندي كل يوم رسولكم

فأسكنه عيني وأفرشه خدي

وإني لأرعاكم على كل حالة

وحقكم أنتم أعز الورى عندي

عليكم سلام الله والبعد بيننا

وبالرغم مني أن أسلم من بعد

ومن قوله يمدح الأمير النصير اللطمي، ويهنئه بالقدوم:

صفحا لهذا الهر عن هفواته

إذا كان هذا اليوم من حسناته

يوم يسطر في الكتاب مكانه

كمكان بسم الله في ختماته

مطل الزمان به زماناً آنفاً

نفسي وعاد بها إلى عاداته

والغيث لا يسم البلاد بنفعه

إلا إذا اشتاقت لوسمياته

يا معجز الأيام قرع صفاته

ومجمل الدنيا بحسن صفاته

بل أحنفاً في حلمه وثباته

بل حارث الهيجاء في وثباته

بل كعبة المعروف بل كعب الندى

ولما يقسم شربه بحصاته

إن كنت غبت عن البلاد فلم تغب

عن خاطري إذ أنت من خطراته

لو كنت فتشت النسيم وجدته

ودعاؤنا يأتيك في طياته

أحبب بسفرتك التي بقدومها

جمعت إلينا الجود بعد شتاته

وأفادك الإمكان زائد رفعة

كالسيف يصقل بعد حد ظباته

وكفى اهتماماً منهما بك أن غدا

كل يريدك أن تكون لذاته

والجد إنة مضى عزيمة ماجد

راح السكون ينوب عن حركاته

وأتى البشير فلو يسوغ لواحد

منا لقاسمه لذيذ حياته

فأربأ بعزك لم تدع من منصب

يفضي إلى رتب العلى لم تأته

وتفرعت للمجد منك ثلاثة

كثلاثة الجوزاء في جنباته

من كل مهدي غدا في مهده

يسمو إلى أسلافه بسماته

أفضى إليه المشتري بسعوده

وأعاره بهرام من سطواته

شرفت بنصر في البرية معشرا

هو فيهم كالسن فوق لثاته

قوم هم في البيد خير سراتها

حسباً وهم في الدهر خير سراته

شرف الزمان بكل ندب منهم

متيقظ وهب العلى غفواته

ألف الندى ورأى وجوب صلاته

كرماً ولم يفرض وجوب صلاته

يؤلى المنايا والمنى كالليث في

غاباته والغيث في غاياته

ذي عزمة إن راح في سفراته

سبكت شبا الهندي من شفراته

يا منسك المعروف أحرم منطقي

زمناً وقد لباك من ميقاته

هدا زهيرك لا زهير مزينة

وافاك لا هرماً على علاته

دعه وحولياته ثم أستمع

لزهير عصرك حسن ليلياته

لو أنشدت في آل جفنه أضربوا

عن ذكر حسان وعن جفناته

ص: 142

وقال يمدح الأمير المكرم مجد الدين بن أسماعيل اللمطي ويهنئه بشهر الصوم سنة 609:

جعل الرقاد لكي يواصل موعدا

من أين لي في حبه أن أرقدا؟

وهو الحبيب فكيف أصبح قاتلي

والله لو كان العدو لما عدا

كم راح نحوى لائم وغدا وما

راح الملام بمسمعي ةلا غدا

في كل معتدل القوام مهفهف

حلو التثني والثنايا أغيدا

يحكي الغزالة بهجة وتباعداً

ويقول قوم مقلة ومقلدا

وكذاك قالوا الغصن يشبه قده

يا قده كل الغصون لك الفدا

يا رامياً قلبي بأسهم لحظه

أحسبت قلبي مثل قلبك جلمدا؟

تالله لولا جور أحكام الهوى

ما بات طرفي في هواك مسهدا

وإليك عاذل عن ملامة مغرم

ما أتهم العذال إلا أنجدا

أو ما ترى ثغر الأزهر باسماً

فرحاً وعريان الغصون قد ارتدى؟

وقف السحاب على الربى متحيراً

ومشى النسيم على الرياض مقيداً

ويشوقني وجه النهار ملثماً

ويرقني الخد الأصيل موردا

وكأن أنفاس النسيم إذا سرت

شكرت لمجد الدين مولانا يدا

مولى له في الناس ذكر مرسل

قد أورته السحب عنه مسندا

ألف الندى والسيف راحة كفه

فيما هنالك معرباً ومبندا

وإذا استقل على الجواد كأنه

ظام وقد ظن المجرة موردا

جعل العنان له هنالك سبحة

وغدا له سرج المطيم مسجدا

مولى بدا من غير مسألة بما

حاز الندى كرماً وعاد كما بدا

وأنال جوداً لا السحاب ينيله

يوماً وإن كان السحاب الأجودا

يعزى لقوم سادة يمنيه

أعلى الورى قدراً وأزكى محتدا

الحالبين البدن من أودجها

والموقدين لها القنا المنقصدا

والغالبين على القلوب مهابة

والواصلين إلى القلوب توددا

وإذا الصريخ دعاهم لملمة

جعلوا صليل المهفات له صدى

يا سيداً للمكرمات مشيداً

لا فل غربك سيداً ومشيدا

لك في المعالي حجة لا تدعى

لمعاند ومحجة لا تهتدى

وأفاك شهر الصوم يا من قدره

فينا كليلة قدره لن يجحدا

وبقيت حيا ألف عام مثله

متضاعفاً لك أجره متعددا

والدهر عندك كله رمضان يا

من ليس يبرح صائماً متهجدا

ومن قوله يصف امرأة طويلة سمراء:

وسمراء تحكي لرمح لوناً وقامة

لها مهجتي مبذولة وقيادي

وقد عابها الواشي فقال طويلة

مقال حسود مظهر لعناد

فقلت له بشرت بالخير إنها

حياتي فإن طالت فذاك مرادي

نعم أنا أشكو طولها ويحق لي

لقد طال فيها لوعتي وسهادي

وما عابها القد الطويل وإنه

لأول حسن للمليحة باد

رأيت الحصون الشم تحرس أهلها

فاعددتها حصناً لحفظ ودادي

ومن قوله يعاتب بعض أحبابه:

إلى كم أداري ألف واش وحاسد

فمن مرشدي من منجدي من مساعدي

ولو كان بعض الناس لي منه جانب

وعيشك لم أحفل بكل معاند

إذا كنت يا روحي بعهدي لا تفي

فمن ذا الذي يرجو وفاء معاهد؟

أظن فؤادي شوقه غير زائل

وأحسب جفني نومه غير عائد

أبي الله إلا أن أهيم صبابة

بحفظ عهود أو بذكر معاهد

وكم مورد لي في الهوى قد وردته

وضيعت عمري في ازدحام الموارد

وما لي من أشتاقه غير واحد

فلا كانت الدنيا إذا غاب واحدي

أأحبا بنا أين الذي كان بيننا

وأين الذي أسلفتم من مواعد؟

جعلتكم حظي من الناس كلهم

وأعرضت عن زيد وعمرو وخالد

فلا ترخصوا وداً عليكم عرضته

فيا رب معروض وليس بكاسد

وحقكم عندي له ألف طالب

وألف زبون يشتريه بزائد

تقولون لي أنت الذي سار ذكره

فمن صادر يثني عليه ووارد

هبوني كما قد تزعمون أنا الذي

فأين صلاتي منكم وعوائدي

وقد كنتم عوني على كل حادث

وذخري الذي أعدته للشادئد

رجوتكم أن تنصروا فخذلتم

على أنكم سيفي وكفي وساعدي

فعلتم وقلتم واستطلعتم وجرتم

ولست عليكم في الجميع بواجد

ص: 143

فجازيتم تلك المودة بالقلى

وذاك التداني منكم بالتباعد

إذا كان هذا في الأقارب فعلكم

فمإذا الذي أبقيتم للأباعاد؟

ومن قوله في المعنى:

عفا الله عنكم أين ذاك التودد

وأين جميل منكم كنت أعهد؟

ويا أيها الأحباب مإذا أرابكم

وإني بحمد الله أهدي وأرشد

تعالوا نخلي العتب عنا ونصطلح

وعودوا بنا للوصل والعود أحمد

بما بيننا لا تنقضوا العهدى بيننا

فيسمح واش أو يقول مفند

ولا تخدشوا بالعتب وجه محبة

لها بهجة أنوارها تتوقد

ولا نتحمل منة الرسل بيننا

ولا غرر الكتب التي تردد

إذا ما تعاتبنا وعدنا إليكم

وقلتم وقلنا والهوى يتأكد

ععتبتم فلم نعلم لطيب حديثكم

إذاك عتاب أم رضى وتودد؟

وقد كان ذاك العتب من فرط غيره

ويا طيب عتب بالمودة يشهد

وبتنا كما نهوى حبيين بيننا

عتاب كما أنحل الجمان المنضد

وأضحى نسيم الروض يروي حديثنا

فيا رب لا تسمع وشاة وحسد

ومن قوله:

وعاذلة باتت تلوم على الهوى

وبالنسك في شرخ الشباب تشير

لقد أنكرت مني مشيباً على صبا

زرقت لقلبي وهو فيه أسير

أتتتني وقالت يا زهير أصبوة

وانت حقيق بالعفاف جدير

فقلت دعيني اغتنمها مسرة

فما كل وقت يستقيم سرور

دعيني واللذات في زمن الصبا

فإن لامني الاقوام قيل صغير

وعيشك هذا وقت لهوي وصبوتي

وغصني كما قد تعلمين نضير

يوله قلبي قامة ورشاقة

ويخلب قلبي أعين وثغور

فإن مت في ذا الحب لست بأول

فقلبي كان العاشقون كثير

واني على ما في من ولع الصبا

جدير باسباب التقى وخبير

وان عرضت لي في المحبة نشوة

وحقك اني ثابت ووقور

وان رق مني نمنطق وشمائل

فما هم مني بالقبيح ضمير

وما ضرني اني صغير حداثة

إذا كان تدري في الأنام كبير

ومن قوله: يهنئ الامير نصر الدين أبا الفتح بن المطي بقدومه من غزوة غيدان

لها خفر يوم اللقاء خفيرها

فما بالها ضنت بما لا يضيرها؟

أعادتها أن لا يعاد مريضها

وسيرتها أن لا يفك أسيرها

رعيت نجوم الليل من اجل إنها

على جيدها منها عقود تديرها

وقد قيل أن الطيف في النوم زائر

فأين لطرفي نومة يستعيرها؟

وها أنا ذا كالطيف فيها صبابة

لعلي إذا نامت بليل أوزارها

أغار على الغصن الرطيب من الصبا

وذاك لأن الغصن قيل نظيرها

ومن دونها أن لا تلم بخاطر

قصور الورى عن صلها وقصورها

من الغيد لم توقد من الليل نارها

ولكنها بين الضلوع تثيرها

ولم تحك من أهل الفلاة شمائلاً

سوى انه يحكي الغزال نفورها

أروح فلا تعوي علي كلابها

وأغدوا فلا يرغو علي بعيرها

ولو ظفرت ليلى بترب ديارها

لأصبح منها درها وعبيرها

تقاضى غريم الشوق مني صبابة

مروعة لم يبق إلا يسيرها

وان الذي أبقته مني يد النوى

فداء بشير يوم وافى نصيرها

أمير إذا أبصرت إشراق وجهه

فقل لليالي تستسر بدورها

وان فزت بالتقبيل يوماً لكفه

رأيت بحار الجود يجري نهورها

وكم يدعي العلياء قوم وانه

له سرها من دونهم وسريرها

قدمت ووافتك البلاد كأنما

يناجيك منها بالسرور ضميرها

ولاقتك لما جئت يسحب روضها

مطارفة وأفتر عنها غديرها

تبسم منها حين أقبلت نورها

وأشرق منها يوم وافيت نورها

وحتى موإليك السحائب أقبلت

فوافاك منها بالهناء مطيرها

ورب دعاء بات يطوي لك الفلا

إذا خالط الظلماء ليلاً منيرها

وطئت بلاداً لم يظأها بحافر

سواك ولم تسلك بخيل وعورها

يكل عقاب الجو منها عقابها

ولا يهتدي فيها القطا لو يسيرها

وزرت بلاد الأعجمين بضمر

عراب على العقبان منها صقورها

فصبحت منها سودها بأساود

تبيد العدى قبل النفار زفيرها

ص: 144

لقد مات فيها من سطاك أنيسها

وقد عاش فيها وحشها ونسورها

غدت وقعة قد سار في الناس ذكرها

بما فعلته بالعدو ذكورها

فأضحى بها من خالف الدين خائفاً

وضاق على الكفار منها كفورها

وأعطى قفاء الجدربي مولياً

بنفس لما تخشاه منك مصيرها

مضى قاطعاً عرض الفلا متلفتاً

تروعه أعلامها وطيورها

وأنت بما تهواه حتى حريمه

وتلك التي لا يرتضيها غيورها

فإن راح منها ناجياً بحشاشة

ستلقاه أخرى يحتويه سعيرها

وليس عدواً كنت تسعى لأجله

ولكنها سبل الحجيج تجيرها

ومن خلفه ماضي العزائم ماجد

يبيد العدى من سطوة ويبيرها

إذا رام مجد الدين حالاً فإنما

عسير الذي يرجوه منها يسيرها

أخو يقظات لا يلم بطرفه

عار ولا يوهي قواه غريرها

لقد أمنت بالرعب منه بلاده

فصدت أعاديها وسدت ثغورها

وأضحى له يولي الثناء غنيها

وأمسى له يهدي الدعاء فقيرها

بك اهتز لي غصن الأماني مثمراً

وراقت لي الدنيا وراق نضيرها

وما نالني من أنعم الله نعمة

وإن عظمت إلا وأنت سفيرها

ومن بدأ النعما وجاد تكرماً

بأولها يرجى لديه أخيرها

وإني وإن كانت أياديك جمة

لدي فإني عبدها وشكورها

أمولاي وافتك القوافي بواسماً

وقد طال منها حين غبت بسورها

وكان لنأيي عنك مني تبرقعت

"وقد رابني منها الغداة سفورها"

إلى اليوم لم تكشف لغيرك صفحة

فهاهي مسدول عليها ستورها

إذا ذكرت في الحي أصبح آيساً

فرزدقها من وصلها وجريرها

فخذها كما تهوى المعاني خريدة

يرف عليها درها وحريرها

تكاد إذا حبرت منها صحيفة

لمدحك أن تبيض منها سطورها

وللناس أشعار تقال كثيرة

ولكن شعري في الأمير أميرها

وقال يمدح مجد الدين محمد بن اسماعيل، وهي من فائق الشعر وغرره:

أعلمتم أن النسيم إذا سرى

نقل الحديث إلى الرقيب كما جرى

وأذاع سراً ما برحت أصونه

وهوى أنزهُ قدره أن يذكرا

ظهرت عليه من عتابي نفحة

رقت حواشيها به وتعطرا

وأتى العذول وقد سددتُ مسامعي

بهوىً يزد من العواذل عسكرا

جهل العذول بأنني في حبكم

سر الدجى عندي ألذ من الكرى

ويلومني فيكم ولست ألومه

هيهات ما ذاق الغرام ولا درى

وبمهجتي وسنانُ لا سنة الكرى

أو ما رأيت الظبي أحوى أحورا

بهرت محاسنه العقول فما بدا

إلا وسبَّح من رآه وكبرا

عانقت غصن البان منه مثمراً

ولثمت بدر التم منه مسفرا

وتملكتني من هواه هزة

كادت تذيع من الغرام المضمرا

وكتمت فيه محبتي فأذاعها

غزل يفوح المسك منه أذفرا

غزل أرق ن الصبابة والصبا

وجعلت مدحي في الأمير مكفرا

وغفرتُ ذنب الدهر يوم لقائه

وشكرته ويحق لي أن أشكرا

مولى ترى بين الأنام وبينه

في القدر ما بين الثريا والثرى

بهر الملائك في السماء ديانةً

الله أكبر ما أبر وأطهوا

ذو همة كيوان دون مقامها

لو رامها النجم المنير تحيرا

وتهز منه الأريحية ما جداً

كالرمح لدناً والحسام مجوهرا

فإذا سألت سألت منه حاتماً

وإذا لقيت لقيت منه عنترا

يهتز في يده المهند عزةً

ويميس فيها السمهري تبخترا

وإذا امرؤ نادى نداه فإنما

نادى فلباه السحاب الممطرا

بين التكرم والمكارم نسبة

فلذلك لا تهوى سواه من الورى

من معشرٍ نزلوا من العلياء في

مستوطن رحب القرى سامى الذرى

جبلوا على الإسلام إلا أنهم

فتنوا بنار الحرب أو نار القرى

ركبوا الجياد إلى الجلاد كأنما

يحملن تحت الغاب آساد الشرى

من كل موار العنان مطهم

يجلوا بغرته الظلام إذا سرى

وسروا إلى النيل العلى بعزائهم

أين النجوم الزهر من ذاك السرى

ص: 145

فافخر بما أعطاك ربك إنه

فخر سيبقى في الزمان مسطرا

لا ينكر الإسلام ما أوليته

بك لم يزل مستنجدا مستنصرا

وليهن مقدمك الصعيد ومن به

ومن البشير لمكة أم القُرى

وإذا رأيت رأيت منه جنة

لم ترض إلا جود كفك كوثرا

ولطالما اشتاقت لقربك أنفسٌ

كادت من الأشواق أن تتفطرا

ونذرت أني إن لقيتك سالماً

قلدت جيد الدهر هذا الجوهرا

ومالأت من طيب الثناء مجامرا

يذكين بين يديك هذا العنبرا

فقرٌ لكل الناس فقرٌعندها

أبداً تباع بها العقول وتشترى

تُثنى لراويها الوسائد عزةً

ويظل في النادي بها متصدرا

مولاي مجد الدين عطفاً إن لي

لمحبة في مثلها لا يمترى

يا من عرفت الناس حين عرفته

وجهلتهم لما نبا وتنكرا

خلق كماء المزن منك عهدته

ويعز عندي أن يقال تغيرا

مولاي لم أهجر جنابك عن قلى

حاشاي من هذا الحديث المفترى

وكفرت بالرحمن إن كنت امرءاً

أرضى لما أوليته أن يكفرا

ومن قوله يتنصل من ذنب عاتبه عليه بعض أحبابه:

أأحبابنا بالله كيف تغيرت

خلائق غر فيكمُ وغرائزُ؟

لقد ساءني العتب الذي جاء منكم

وإني عنه لو علمتم لعاجز

لكم عذركم أنتم سمعتم وقلتم

ومحتملٌ ما قد سمعتم وجائز

وإن كان لي ذنب كما قد عمتم

فما الناس إلا المحسن المتجاوز

نعم لي ذنب جئتكم منه تائبا

كما تاب من فعل الخطيئة ماعز

على أنني لم أرض يوماً خيانة

وهيهات لي والله عن ذاك حاجز

وبين فؤادي والسلو مهالك

وبين جفوني والرقاد مفاوز

وإن قلت واشوقاً إلى البان والحمى

فإني عنكم بالإشارة رامز

دعوني والواشي فإني حاضر

وصوتي مرفوع ووجهي بارز

سيذكر ما يجري لنا من وقائع

مشايخ تبقى بعدنا وعجائز

فما شاق قلبي غير وجهك شائق

ولا حاز قلبي غير حبك حائز

سأكتم هذا العتب خفية شامت

وأوهم أني بالرضى منك فائز

فلي فيك حساد وبيني وبينهم

وقائع ليست تنقضي وهزاهز

وإني لهم في حربهم لمخادع

أسالهم طوراً وطوراً أناجز

ومن قوله يتشوق إلى لقاء بعض أحبابه:

سلوا الركب إن وافى من الغور نحوكم

يخبركم عن لوعتي ورسيسي

حديث به أبقيت في الركب نشوة

لقد أسكرنهم خمرتي وكؤوسي

فلا تبعثوا لي في النسيم تحية

فيرتاب من طيب النسيم جليسي

ولي عن يمين الغور دار عهدتني

أميل لأقمار بها وشموس

على مثلها يبكي المحب صبابة

فيا مقلتي لا عطر بعد عروس

وإني ليعرفوني مع الليل لوعة

فؤادي منها في لظى ووطيس

تلوح نجوم لا أراها أحبتني

ويطلع بدر لا أراه أنيسي

حلفت لكم يوم النوى وحلفتمُ

بكل يمين للمحب غموس

وكنتم وعدتم في الخميس بزورة

فكم من خميس قد مضى وخميس

وإني لأرضى كلما ترضونه

فإن يرضكم بؤسي رضيت ببوسي

على أن لي نفساً عليَّ عزيزة

وفي الناس عشاق بغير نفوس

ومن قوله في هذا المعنى:

أما آن للبدر المنير طلوعُ

فتشرق أوطان لنا وربوع

فيا غائياً ما غاب إلا بوجهه

ولي أبداً شوق له وولوع

أأحبابنا هل ذلك العيش عائد

كما كان إذا أنتم ونحن جميعُ

وقلتم ربيع موعد الوصل بيننا

وهذا ربيع قد مضى وربيع

لقد فنيت يا هاجرين رسائلي

وملَّ رسولَ بيننا وشفيع

فلا تقرعوا بالعتب قلبي فإنهُ

وحقكم مثل الزجاج صديع

سأبكي فإن تنزف دموعي عليكم

بكيت بشعر رق فهو دموع

وما ضاع شعري فيكم حين قلته

بلى وأبيكم ضاع فهو يضوع

وقال يمدح علاء الدين علي بن الأمير شجاع الدين جلدك التقوي:

أغصن النقا لولا القوام المهفهفُ

لما كان يهواك المعنى المعنفُ

ويا ظبي لولا أن فيك محاسناً

حكين الذي أهوى لما كنت توصف

ص: 146

كلفت بغصن وغصن ممنطق

وهمت بطبي وهو ظبي مشنف

ومما دهاني أنه من حيائه

أقول كليل طرفه وهو مرهف

وذلك أيضاً مثل بستان خده

به الورد يُسمى مضعفاً وهو يضعف

فيا ظبي هلا كان فيك التفاتة

ويا غصن هلا كان فيك تعطف

ويا حرم الحسن الذي هو آمن

وألبابنا من حوله تُتخطف

عسى عطفة للوصل يا واو صدغه

علي فإني أعرف الواو تعطف

أأَحبابنا أما غرامي بعدكم

فقد زاد عما تعرفون وأعرف

أطلتم عذابي في الهوى فترفقوا

فبي كاف في حمله أتكلف

ووالله ما فارقتكم عن ملالة

وجهدي لكم أني أقول وأحلف

ولكن دعاني للعلاء ابن جلدكٍ

تشوق قلب قادني وتشوف

إلى سيد أخلاقه وصفاته

تؤدب من يثني عليه وتظرف

أرق من الماء الزلال شمائلاً

ولأصفى من الخمر السلاف وألطف

مناقب شتى لو تكون لحاجب

لما ذكرت يوماً له القوس خندف

غدا من مداها حاتم وهو حاتم

وأصبح منها أحنف وهو أحنف

أتتك القوافي وهي تحسب روضة

لما ضمنته وهو قول مزخرف

ولو قصدت بالذم شانيك لاغتدي

وحاشاك منه قلبه منه يتنطف

تقلد عاراً وهي در منظم

وتلبس حزنا وهي برد مفوف

وتصلي جحيماً وهي في الحسن جنة

وتسقي دهاقاً وهي صهباءقرقف

وقال يصف امرأة قصيرة:

تعشقتها مثل الغزال إذا رنا

لها مقلة نجلا وأجفانها وطفُ

إذا حسدوها الحسن قالوا لطيفةٌ

لقد صدقوا فيها اللطافة والظرف

ولم يجحدواها مالها من ملاحة

لعلمهم ما في ملاحتها خلف

بديعة حسن رق منها شمائل

وراقت إلى أن كاد يشربها الطرف

فلا الخلق منها لا ولا الخلق جافياً

وحاشا لهاتيك الشمائل أن تجفو

وما ضرها أن لا تكون طويلة

إذا كان فيها كلّ ما يطلب الإلف

وإني لمشغوف بكل مليحة

ويعجبني الخصر المخصر والردف

وقال يمدح السلطان نجم الدين أيوب:

وعد الزيارة طرفه المتملق

وتلاف قلبي من جفون تنطق

إني لأهوى الحسن حيث وجدته

وأهيم بالقد الرشيق وأعشق

يا عاذلي أنل من سمعت حديثه

فعساك تحنو أو لعلك ترفق

لو كنت منا حيث تسمع أو ترى

لرأيت ثوب الصبر كيف يمزق

ورأيت ألطف عاشقين تشاكيا

وعجبت ممن لا يحب ويعشق

أيسومني العذال عنه تصبراً

وتسليا قلبي أرق وأشفق

إن عنفوا إن خوفوا إن سوفوا

لا أنثني لا أنتهي لا أفرق

أبداً أزيد مع الوصال تلهفاً

كالعقد في جيد المليح يعلق

ويزيدني تلفاً فأشكر فعله

كالمسك تسحقه الأكف فيعبق

يا قاتلي إني عليك لمشفق

يا هاجري أني إليك لشيق

وأذاع أني قد سلوتك معشر

يا رب لا عاشوا لذلك ولا بقوا

ما أطمع العذال إلا أنني

خوفاً عليك إليهم لأتملق

وإذا وعدت الطرف فيك بهجعة=فاشهد علي بأنني لا أصدق

فعلام قلبك ليس بالقلب الذي

قد كان لي منه المحب المشفق؟

وأظن خدك شامتاً بفراقنا

ولقد نظرت إليه وهو مخلق

ولقد سعيت إلى العلاء بهمة

تقضي بسعيي أنه لا يخفق

وسريت في ليل كأن نجومه

من فرط غيرتها إلي تحدق

حتى وصلت سرادق الملك الذي

تقف الملوك ببابه تسترزق

ووقفت من ملك الزمان بموقف

ألفيت قلب الدهر منه يخفق

فإليك يا نجم السماء فإنني

قد لاح نجم الدين لي يتألق

الصالح الملك الذي لزمانه

حسن يتيه به الزمان ورونق

ملك يحدث عن أبيه وجده

سند لعمرك في العلى لا يلحق

سجدت له حتى العيون مهابة

أو ما تراها حين يقبل تطرق

رحب الجناب خصيبة أكنافه

لكم سدير عندها وخورنق

فالعيش إلا في ذراه منكد

والرزق إلا من نداه مضيق

يا عز من أضحى إليه ينتمي

وعلو من أمسى به يتعلق

ص: 147

أقسمت ما الصنع الجميل تصنع

فيه ولا الخلق الكريم تخلق

يدعو الوفود لماله فكأنما

يدعو إليه فشمله يتفرق

أبداً تحن إلى الطراد جياده

فلها إليه تشوف وتشوق

يبدي لسطوته الخميس تطرباً

فالسمر ترقص والسيوف تصفق

في طي لامتة هزبر باسل

تحت العريكة وهو بدر مشرق

يروي القنا بدم الأعادي في الوغى

فلذاك يثمر بالرؤوس ويورق

يمضي فيقدم جيشه من هيبة

جيش يغص به الزمان ويشرق

ملأ القلوب مخافة ومحبة

فالبأس يرهب والمكارم تعشق

ستجوب آفاق البلاد جياده

ويرى له في كل فج فيلق

لبيك يا من لا مرد لأمره

فإذا دعا العيوق لا يتعوَّق

لبيك يا خير الملوك بأسرهم

وأعز من تحدى إليه الأنيق

لبيك ألفاً أيها الملك الذي

جمع القلوب نواله المتفرق

وعدلت حتى ما بها متظلم

وأنلت حتى ما بها مسترزق

أنا من دعوت وقد أجابك مسرعاً

هذا الثناء له وهذا المنطق

ألفيت سوقاً للمكارم والعلى

فعلمت أن الفضل فيه ينفق

يا من إذا وعد المنى قصاده

قالت مواهبه يقول ويصدق

يا من رفضت الناس حين لقيته

حتى ظننت بأنهم لم يخلقوا

قيدت في مصر إليك ركائبي

غيري يغرب تارة ويشرق

وحللت عندك إذ حللت بمعقل

يلفي لديه مارد والأبلق

وتيقن الأقوام أني بعدها

أبداً إلى رتب العلى لا أسبق

فرزقت ما لم يرزقوا ونطقت ما

لم ينطقوا ولحقت ما لم يلحقوا

وقال يمدح الصاحب صفي الدين أبا عبد الله بن علي المعروف بابن شكر:

أخذت عليه في المحبة موثقاً

وما زال قلبي تجنيه مشفقا

وقد كنت أرجو طيفه أن يلم بي

فأسهرني كي لا يلم ويطرقا

ولي فبه قلب بالغرام مقيد

له خبر يرويه دمعي مطلقا

كلفت به أحوى الجفون مهفهفاً

من الظبي أحلى أو من الغصن أرشقا

ومن فرط وجدي في لمه وثغره

أعلل قلبي بالعذيب وبالنقا

كذلك لولا بارق من جبينه

لما شمتُ برقاً أو تذكرت أبرقا

ولي حاجة من وصله غير أنها

مرددة بين الصبابة والتقى

خليلي كفا عن ملامة مغرم

تذكر أياماً مضت فتشوقا

ولا تحسبا قلبي كما قلتما سلا

وتحسبا دمعي كما قلتما رقا

فما ازداد ذاك القلب إلا تماديا

وما ازداد الدمع إلا تدفقا

إلى كم أَََرجي باخلاً بوصاله

وحتى متى أخشى القلى والتفرقا؟

فحسب فؤادي لوعة وصبابة

وحسب جفوني عبرة وتأرقا

على أنها الأيام مهما تداولت

سرور تقضى أو جديد تمزقا

ولست ترى خلا من الغدر سالماً

ولا تنتفي يوما صديقاً فيصدقا

ومما دهاني حرفة أدبية

غدت دون إدراك المطالب خندقا

وإن شملتني نظرة صاحبية

فلست أرى يوماً من الدهر مملقا

وزير إذا ما شمت غرة وجهه

فدع لسواك العارض المتألقا

ذمت السحاب الغر يوم نواله

وحقر عندي وبلها المتدفقا

وجدت جناباً فيه للمجد مرتقى

وفيه لذي الحاجات والنجح ملتقى

إذا قلت عبد الله ثم عنيته

جمعت به كل التعاويذ والرقى

يقيك من الأيام كل ملمة

ويكفيك من أحداثها ما تطرقا

وكم لك فينا من كتاب مصنف

تركت به وجه الشريعة مشرقا

عكفنا عليه نجتني من فنونه

فعلمنا هذا الكلام الموثقا

وكم شاعر وافى إليك بمده

فزخرفها مما أفدت ونمقا

فإن حسنت لفظاً فمن روضك اجتني

وإن عذبت شرباً فمن بحرك استقى

فلا زلت ممدوحا ًبكل مقالة

تريك جريراً عبدها والفرزدقا

وما حسنت عندي وحقك إذ غدت

هي التبر مسبوكاً أو الدر منتقى

ولا إن جرت مجرى النسيم لطافة

ولا إن حكت زهر الرياض المعبقا

ولكنها حازت من اسمك أحرفاً

كستها جمالا في النفوس ورونقا

وقال لما رحل من مصر يتشوق إلى جماعة من الأدباء فارقهم بها:

ص: 148

أأرحل من مصر وطيب نعيمها

وأي مكان بعدها لي شائق

وأترك أوطاناً ثراها لناشق

هو الطيب لا ما ضمنته المفارق

فكيف وقد أضحت من الحسن جنة

زرابيها مبثوثة والنمارق

وإخوان صدق يجمع الفضل شملهم

مجالسهم مما حووه حدائق

أسكان مصر إن قضى الله بالنوى

فثم عهود بيننا ومواثق

فلا تذكروها للنسيم فإنه

لأمثالها من نفحة الروض سارق

إلى كم جفوني بالدموع قريحة

وحتام قلبي بالتفرق خافق

ففي كل يوم لي حنين مجدد

وفي كل أرض لي حبيب مفارق

ستأتي مع الأيام أعظم فرصة

فما لي أسعى نحوها وأسابق

ومن خلقي أني ألوف وأنه

يطول التفاتي للذين أفارق

يحرك وجدي في الأراكة طائر ويبعث شجوي في الدجنة بارق

وأقسم ما فارقت في الأرض منزلا

ويذكر إلا والدموع سوابق

وعندي من الآداب في البعد مؤنس

أفارق أوطاني وليس يفارق

ولي صبوة العشاق في الشعر وحده

وأما سواه فهي مني طالق

كلام الذي يصبو له كل سامع

ويهواه حتى في الخدور العواتق

كلامي غني عن لحون تزينه

له معبد من نفسه ومخارق

كل امرئ منه نصيب يخصه

يلائم ما في طبعه ويوافق

تغني به الندمان وهو فكاهة

ويورده الصوفي وهو رقائق

به يقتضي الحاجات من هو طالب

ويستعطف الأحباب من هو عاشق

وإني على ما سار منه لعاتب

أليس به للبين تحدى الأيانق

وما قلت أعاري لأبغي بها الندى

ولكنني في حيلة الفضل رائق

أأطلب خير الله من عند غيره وأسترزق الأقوام والله رازق

ومن قوله:

لعلك تصغي ساعة وأقول

لقد غاب واش بيننا وعذول

وفي النفس حاجات إليك كثيرة

أرى الشرح فيها والحديث يطول

تعال فما بيني وبينك ثالث

فيذكر كل شجوه ويقول

وإياك من نشر الحديث فإنني

به عن جميع العالمين بخيل

بعيشك حدثني بمن قتل الهوى

فإني إلى ذاك الحديث أميل

وما بلغ العشاق حالا بلغتها

هناك مقام ما إليه سبيل

وما كل مخضوب البنان بثينه

وما كل مسلوب الفؤاد جميل

ويا عاذلي قد قلت قولا سمعته

ولكنه قول علي ثقيل

عذرتك أن الحب فيه حرارة

وإن عزيز القوم فيه ذليل

أأحبابنا هذا الضنا قد ألفت

فلو زال لاستوحشت حين يزول؟

وحقكم لم يبق فيه بقية

فكيف حديثي والغرام طويل

وإني لا رعى سركم وأصونه

عن الناس والأفكار في تجول

دعوا ذكرى ذاك العتب منا ومنكم

إلى كم كتاب بيننا ورسول

وردوا نسيماً جاء منكم يزورني

فإني عليل والنسيم عليل

ولي عندكم قلب أضعتم عهوده

على أنه جار لكم ونزيل

ومن قوله:

أعاتبكم يا أهل ودي وأن بدت

دلائل صد منكم وملال

وأعذركم ثقلت حتى مللتم

وأسرفتم في هجري المتوالي

فهونني من كان عندي مكرماً

وأرخصني من كان عندي غالي

سأحمل عنكم كلما فيه كلفة

وأقنع منكم في الكرم بخيال

ليسلم ذاك الود بيني وبينكم

فلست على شيء سواه أبالي

ويأتيكم ما عشت يا آل كامل

سلامي عليكم دائماً وسؤالي

ومن عجب عتب على الحسن الذي

لدي وعندي جوده المتوالي

ولكن بدا منه جفاء فساءني

وذاك شيء لم يمر ببالي

فإن ينسى عهدي لست أنسى عهوده

وإن يسل عني لست عنه بسال

ومن قوله:

أحن إلى عهد المحصب من منى

وعيش به كانت ترف ظلاله

ويا حبذا أمواهه ونسيمه

ويا حبذا حصباؤه ورماله

ويا أسفي إذا شط عني مزاره

ويا حزني إذا غاب عني غزاله

وكم لي بين المروتين لبانة

وبدر تمام قد هوته حجاله

مقيم بقلبي حيث كنت حديث

وباد لعيني حيث سرت خياله

فيا صاحبي بالخيف كن لي مستعداً

إذ آن من بين الحجيج ارتحاله

ص: 149

وخذ جانب الوادي كذا عن يمينه

بحيث النقا تهتز منه طواله

هناك ترى بيتاً لزينب مشرقاً

إذا جئت لا يخفى عليك جلاله

فقل ناشداً بيتاً ومن ذاق مثله

لدى جيرة ولم يدر كيف احتياله

وكن هكذا حتى تصادف فرصة

تصيب بها ما رمته وتناله

فعرض بذكري حيث تسمع زينب

وقل ليس يخلو ساعة منك باله

عساها إذا ما مر ذكري بسمعها

تقول فلان عندكم كيف حاله

ومن قوله وهي من فائق شعره:

دعوا الوشاة وما قالوا وما نقلوا

بيني وبينكم ما ليس ينفصل

لكم سرائر في قلبي مخبأة

لا الكتب تنفعني فيها ولا الرسل

رسائل الشوق عندي لو بعثت بها

إليكم لم يسعها الطرق والسبل

أمسي وأصبح والأشواق تلعب بي

كأنما أنا منها شارب ثمل

وأستلذ نسيماً من دياركم

كأن أنفاسه من نشركم قبل

وكم أحمل قلبي في محبتكم

ما ليس يحمله قلب فيحتمل

وكم أصبره عنكم وأعزله

وليس ينفع عند العاشق العزل

وأرحمتاه لصبٍ قل ناصره

فيكم وضاق عليه السهل والجبل

قضيتي في الهوى والله مشكلة

ما القول ما الرأي ما التدبير ما العمل؟

يزداد شعري حسناً حين يذكركم

إن المليحة فيها يحسن بالغزل

يا غائبين وفي قلبي أشاهدهم

وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا

قد جدد البعد قرباً في الفؤاد لهم

حتى كأنهم يوم النوى وصلوا

أنا الوفي لأحبابي وإن غدروا

أنا المقيم على عهدي وإن رحلوا

أنا المحب الذي ما الغدر من شيمي

هيهات خلقي عنه لست أنتقل

فيا رسولي إلى من لا أبوح به

إن المهمات فيها يعرف الرجل

بلغ سلامي وبالغ ف الخطاب له

وقبل الأرض عني عندما تصل

بالله عرفه حالي إن خلوت به

ولا تطل فحبيبي عنده ملل

وتلك أعظم حاجاتي إليك فإن

تنجح فما خاب فيك القصد والأمل

ولم أزل في أموري كما عرضت

على اهتمامك بعد الله اتكل

وليس عندك لي أمر تحاوله

والحمد لله لا عجز ولا كسل

فالناس بالناس والدنيا مكافأة

والخير يذكر والأخبار تنتقل

والمرء يحتال إن عزت مطالبه

وربما نفعت أربابها الحيل

يا من كلامي له إن كان يسمعه

يجد كلاماً على ما شاء يشتمل

تغزلاً تخلب الألباب رقته

مضمونه حكمة غراء أو مثل

إن المليحة تغنيها ملاحتها

لاسيما وعليها الحلي والحلل

دع التواني في أمرتهم به

فإن صرف الليالي سابق عجل

ضيعت عمرك فاحزن إن حزنت له

فالعمر لا عوض عنه ولا بدل

سابق زمانك خوفا من تقلبه

فكم تقلبت الأيام والدول

وأعزم متى شئت فالأوقات واحدة

لا الريث يدفع مقدوراً ولا العجل

لا ترقب النجم في أمر تحاوله

فالله يفعل لا جدي ولا حمل

مع السعادة ما للنجم من أثر

فلا يضرك مريخ ولا زحل

الأمر أعظم والأفكار حائرة

والشرع يصدق والإنسان يمتثل

وقال وكتب بها إلى صلاح الدين عمر المعروف بابن العديم الحلبي:

دعوتك لما أن بدت لي حاجة

وقلت رئيس مثله من تفضلا

لعلك للفضل الذي أنت ربه

تغار فلا ترضى بأن تتبدلا

إذا لم يكن تحمل منة

فمنك وأما من سواك فلا ولا

حملت زماناً عنكم كل كلفة

وخففت حتى آن لي أن أثقلا

ومن خلقي المشهور مذ كنت أنني

لغير حبيب قط لن أتذللا

وقد عشت دهراً ما شكوت بحادث

بلى كنت أشكو الأغيد المتدللا

وما هنت إلا للصبابة والهوى

وما خفت إلا سطوة الهجر والقلى

أروح وأخلاقي تذوب صبابة

أغدوا وأعطافي تسيل تغزلا

أحب من الظبي الغرير تلفتا

وأهوى من الغصن النضير تنقلا

فما فاتني حظي من اللهو والصبا

ولا فاتني حظي من المجد والعلى

ويا رب داع قد دعاني لحاجة

فعلت له فوق الذي كان آملا

ص: 150