المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وكتب لي أيضا وزائرة والبدر يتبعها وهنا … ونور سناها من - نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار

[عبد الرحمن بن درهم]

فهرس الكتاب

- ‌شعر

- ‌أبي تمام

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني

- ‌وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد

- ‌وقال يمدح عمر بن طوق التغلبي

- ‌وقال يمدح أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا اسحاق محمد بن هارون الرشيد ويذكر فتح

- ‌وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌وقال يمدح حبيش بن المعافى

- ‌وقال يمدح مالك بن طوق

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد السيباني

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي

- ‌وقال يمدح المعتصم وفيها من بديع الوصف والتشبيه المرقص المطرب

- ‌وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر

- ‌وقال يرثي محمد بن حميد الطوسي وهي من غرر المراثي

- ‌وقال يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف

- ‌وقال في الفخر

- ‌وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك

- ‌وقال يمدح المعتصم بالله

- ‌وقال يمدح أبا المتسهل محمد بن شقيق الطائي

- ‌وقال يمدح محمد بن حسان الضبي

- ‌وقال يمدح أحمد بن أبي داود

- ‌وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين الواثق بالله

- ‌شعر

- ‌أقول لقد جاوزت القدر وأخللت بما اشترطت من الاختصار، وأكثرت من شعر الزجل لأني كلما

- ‌أبي عُبادة البحتري

- ‌قال البكري

- ‌قال أبو الفرج

- ‌وذكر المبرد شعراً له وقدمهعلى نظرائه وهو قوله

- ‌‌‌وقوله

- ‌وقوله

- ‌وله في الفتح بن خاقان وقد نزل إلى الأسد فقتله

- ‌وله في انتقاض صلح بين عشيرته

- ‌ومن جيد شعره

- ‌قال يمدح أمير المؤمنين على الله ويهنيه بعيد الفطير

- ‌‌‌وقال يمدحهويذكر وفد الروم

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يرثي بني حميد بن غانم الطوسي

- ‌شعر المتنبي

- ‌قال أبو الفرج

- ‌ولمّا كان بمصر مرض وكان له صديق يغشاه في علته فلما أبلّ انقطع عنه فكتب

- ‌والبيت الثالث

- ‌واعتنى العلماء بديوانه وشرحوه بشروح عدة ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا

- ‌وقال يمدح كافوراً سنة ست وأربعين وثلاث مئة

- ‌وقال يمدح كافوراً أيضاً

- ‌شعر المعري

- ‌ شعر

- ‌‌‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌قصيدة

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌وصية أعرابية لولدها

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر صردر

- ‌فوائد أدبية

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌فائدة من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر

- ‌شعر أبيب جعفر الأعمى

- ‌ شعر

- ‌ من اشعار النساء

- ‌خبر جميل السدوسي

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن محمد الأيوبي سنة 646

- ‌وقال يمدح الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب وأنشدها بقاعة دمشق سنة 613

- ‌ومن قوله

- ‌مقاطيع أدبية

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر

- ‌وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر

- ‌ شعر

- ‌ونثره يشبه شعره في المعاني والجودة فمن ذلك قولهيتنصل إلى بعض من يعز إليه وترفع

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العمري

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العادي

- ‌ شعر

- ‌أحمد بن شاهين

- ‌شعر الغري

- ‌شعر

- ‌حسين جلبي

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر الاهدل

- ‌‌‌‌‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌علوي بن اسماعيل البحراني

- ‌شعر

- ‌كتب إلى أهله يتشوق إليهم، وهو محبوس بشيراز قوله

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌أشعار وآداب متفرقة

- ‌مرثية

- ‌شعر

- ‌وصية

- ‌ترجمة

- ‌ترجمة الشعبي

- ‌ أبيات رائقة

- ‌كتاب

- ‌فصل في العفو عن الإخوان، والأعضاء عن هفواتهم

- ‌فصل في الصبر والتأني

- ‌فصل في فضل العلم

- ‌الحض على العلم

- ‌مدح القناعة والاستغناء عن الناس

- ‌أبيات في مدح القناعة

- ‌ذم الحسد

- ‌مدح الحلم والتأني

- ‌مدح الوفاء

- ‌ذم القدر

- ‌مدح المداراة

- ‌مدح المشاورة

- ‌ذم السؤال

- ‌الفخر بالأنساب والأحساب

- ‌مدح الكرم وذم البخل

- ‌حسن البشر وكرم الأخلاق

- ‌نادرة عن الأصمعي

- ‌(ما قيل في وصف العشق في قول بعضهم، وذكر بعض من عشق مات)

- ‌نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌السيد عبد الغفار الأخرس

- ‌ومن غزلياته الفائقة قوله

- ‌ شعر

- ‌وله رحمه الله كتاب كتبه سنة 1248 للأمام تركي بن عبد الله السعود رحمه الله تعالى

- ‌له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن

- ‌ومما قال مجاوباً للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عثمان الأحسائي ومحمد بن علي

- ‌قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن

- ‌ شعر

- ‌فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف

- ‌ شعر

- ‌شعر سلمان بن سمحان

- ‌شعر

- ‌أحمد الغزاوي

- ‌شعر

- ‌محمد رضى الخطيب

- ‌وقد جرت قصيدة عصرية، ألقاها شاعر من أهل الشام، يقال له حليم دموس في مهرجان

- ‌ولمحمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي، المتوفي سنة 1071هـ يتوجع من إعراض بعض

- ‌قال الشيخ محمد أفندي حافظ إبراهيم يمدح المرحوم الشيخ محمد عبده ويهنئه بتولي منصب

- ‌رجعنا إلى تمام المختار من شعر محمد بن عثيمين، قمن ذلك ما مدح به حضرة الحاكم

- ‌وقال أيضاً يمدحه

- ‌وقال لما أغار الشيخ عبد الله بن القاسم على العجمان وأغاروا على بعض طوارف أهل

- ‌ولما بنى الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم قصره المسمى بالريان، وذلك في سنة

- ‌ولما توفي الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه قاسم بن محمد الثاني، رثاه محمد بن

- ‌وقال يرثي الشيخ المرحوم قاسم أيضاً، وكتب بها على ابنه المرحوم الشيخ عبد الرحمن

- ‌وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور

- ‌وممن مدح الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله بن قاسم الشاعر

- ‌وقال الشيخ سليمان بن سمحان النجدي قدس روحه، ونور ضريحه مهنئاً للشيخ قاسم بن محمد

- ‌قال رحمه الله

- ‌شعر علي بن سليمان

- ‌شعر بطرس النصراني

- ‌ شعر

- ‌ الرصافي البغدادي

الفصل: وكتب لي أيضا وزائرة والبدر يتبعها وهنا … ونور سناها من

وكتب لي أيضا

وزائرة والبدر يتبعها وهنا

ونور سناها من سنى نوره أسنى

رداح لها في الحسن أعظم آية

تراها إذا ما أقبلت تخجل الغصنا

لها تصميم القلب خافي مودة

وسر وداد أظهر الاسم أو كتى

حليف غرام في هواها مولع

بها دائم الأسقام من هجرها مضنى

يذكرها عهد المحبة والهوى

فتعرض عما قال مصغية ظنا

وإن لاح برق من نواحي ديارها

أحل بقلب المستهام بها حزنا

فيا ليت شعري كم يقاسي صدودها

فتى لم يجد صبرا ويوشك أن يفنى

فو الله رب العرش حلفة صادق

لقد ضقت ذرعا من زماني وما سنا

زمان إذا ما رحت فيه مطالبا

لنيل سرور زادني وهنه وهنا

أسائله تجيد عهد بقربها

وهيهات منه أيمن وما منا

وما كل من يعطى النوال ينيله

ولا كل من أغناه خالقه أغنى

نعم في بلاد الله طرداً ممجد

إذا قال قولا صدق الخبر المعنى

علي أخي البر الذي ما قصدته

لدى شدة إلا وصادفته وكنا

فتى قط مالا قيت منه حزونة

على أنني صاحبته السهل والحزنا

فلا زال محروس اجناب مؤيداً

برب الورى طراً وأسماءه الحسنى

فكتبت إليه بهذين البيتين:

أياما جداً قد أحكم اللفظ والمعنى

ومعه من الإبداع ما لم يكن معنا

إليك فقد صيرت سحبان مفحما

وأخجلت بالإفضال يا سيدي معنا

وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) محمد بن عبد الطبري من أهل القرن الحادي عشر، قال في حقه: هو أحد أولئك الجلة، وواحد تلك البدور والأهلة، الضارب في كل فن بسهم، والفارغ صفاة كل قريحة وفهم، ضاع نشر أدبه وما ضاع، ورضع ثدي الفضل فشب على حب ذلك الرضاع، وله قريض يزري بقراضة الذهب، ثبت في صفحات الصحائف حسنه وما ذهب، وقفت على كافية هي في الشهادة بفضلة كافية، وقافية راحت الباب أولي الأدب لاثرها قافية وهي:

أسير العيون العج ليس له فك

لأن سيوف اللحظ من شأنها الفتك

حذار خلي القلب من علق الهوى

فأوله سقم وآخره سفك

ورح سالماً قبل الغرام ولا تقس

علي فإني هالك فيه لا شك

ألم ترني ودعت يوم فراقهم

حشاي لعلمي أن ما دونه الهلك

وكيف خلاصي من يدي شادن إذا

بدا ابيضّ في الديجور من نوره الحلك

يقولون ترك الحب أسلم للفتى

نعم صدقوا لو كان يمكنه الترك

دعوني وذكرى بين بانات لعلع

غريبا فهم عند المواقف لي نسك

وإن رمتم إرشاد قلبي فكرروا

أحاديث عشق طاب في نظمها السبك

أما والخدود العند ميات لم أخل

وكل الذي عني روى عاذلي إفك

وما بمصون الثغر من ماء كوثر

وكأس عقيق ختمه حاله المسك

لقد لذ لي خلع العذار وطاب في

هوى الخرد البيض الدمى عندي الهتك

‌شعر العمري

وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) الشيخ عبد الرحمن العمري من أهل القرن الحادي عشر، قال في حقه: هو علامة القطر الحجازي ومفتيه، ومولي معروف المعارف ومواتيه، وبحر العلم الذي لا يدرك ساحله وبره، الذي لا تطوى مواحله، أشرقت في سماء الفضائل ذكاء ذكائه، وأخرس به ناطق الجهل بعد تصديه ومكائه حتى طار صيته في الآفاق وانعقد على فضله الوفاق، وانتهت إليه رياسة العلم في البلد الأمين، فتصدر وهو منجع الوافدين والآمين منه تقتبس أنواع الفنون، وعنه تؤخذ أحكام المفروض والمسنون، وتشد الرحال إلى لقائه، وتصانيفه في أقسام العلم صنوف، وتآليفه في مسامع الدهر أقراط وشنوف، إن نثر فما أزهار الرياض غب المزن الهاطل، وإن نظم فما جواهر العقود تحلت به الغيد العواطل.

وأطال في ترجمته، وأستقصى سيرته، وأثبت شيئاً من نثره ونظمه، وأطال في ذلك، فأحببت الاختصار، لأن كتاب السلافة كثير الوجود، فمن أراد الوقوف على ذلك فاليراجعه، فمن شعره ما مدح به السيد ثقبة مهنئاً لهى عافية ابنه قتادة، ومتشكراً من أنعام أنعمه عليه:

أقبل أرضاً حفها الله بالسعد

وألثم ترباً عرفها فائق الند

وأهدي سلاماً عبّق الكون نشره

وفاق شذا النسرين والآس والورد

صحيب ثناء فصلت در عقده

وفضله الرائي على الجواهر الفرد

ص: 180

وحاكته أيدي غانيات فضائلاً

تحجبن إلا عن لقاء ذوي المجد

ووشته حتى خيل برداً منمنماً

على منكب العلياء طرز بالحمد

ومذ نشرته فاح في الكون عرفه

وأهدى إلى الأرواح رائحة الند

وأنشد من أضحى لرياه ناشقا

((ألا يا صبايا نجد متى هجت من نجد))

رديف دعا هزت معاطف غصنه

قبول قبول فهي مائسة القد

تبختر في روض الإنابة ساحباً

مطارف أذيال الإجابة بالقصد

إلى حضرة عليا مقدسة سمت

وجلت عن التعريف بالرسم والحد

وقصر عها الواصفون وإن يكن

خطيب عكاظ وامرأ القس والجعدي

وإني وإن كنت المقصر عنهم

سأبذل في مدحي وتقريظه جهدي

وهيهات أن أحصي ثناء لقائل

تشرف جبريل بخدمته جدي

مليك له هام الفرادق منزل

تبوأه إرثاً عن الأب والجد

مليك سنا الإجلال لاح بوجهه

مخائله مذ كان في حوزة المهد

مليك إذا ما جال حومة الوغى

ترى الهام تهوي في الرغام على الخد

تخيلها خرت لتقبيل لا حافز الصوافن كيما تستجير من الجد

فإن شمت برقاً لاح في أفق غيهب

من النقع قل ذا سيفه سل من غمد

وإن سمعت أذناك سيلاً عرمرماً

يسيل فقل هذا نداه لمستجد

وإن عبق الأكوان نشر معنبر

فقل ذا شذا أوصافه الفائق الند

وإن تر شمس الأفق قد أشرقت فقل

سنا وجهه الوضاح لاح لمستهد

وإن تر بدر الجو بين كواكب

فقل هو في بنائه الغر إذ يبدي

فمن كأبي عجلان في الحلم والحجى

وفي الفضل والتقوى وفي العلم والزهد؟

ومن كأبي عجلان في البأس والندى

وفي الشرف البذاخ والعز والمجد؟

فيا سيد السادات دونك مدحة

تفاخر در السمط بل جوهر العقد

قريض محب لم يزل متمسكاً

بعروتك الوثقى المنوطة بالعهد

شكور لنعماك التي ألبسته من

نسيج يد الإفضال من أفخر البرد

وهيهات لا أسطيع شكر صنيعها

ولكن على مقدار ما يقتضي جهدي

ولا سيما إن ذكرته مدائحي

بسابق وعد كان من صادق الوعد

فلا زال محروس الجناب ممتعاً

بأبنائه الصيد الغطارفة الأسد

ولا سيما السامي لأفخر رتبة

تسنمها بالحزم والعزم والجد

بهي الصفات الغر والمجد والسنا

سمي السمات الساميات من العد

قتادة حاوي المكرمات ومن علا

على هامة الجوزاء من فلك السعد

ومن في سماء المجد أشرق نجمه

وأضحت به الأكوان وردية الخد

وهزت له العليا معاطف نثرها

وغنت حمام الأيك في عذب الرند

تهنيه إذ حاكت له بيد الشفا

معاطف تغنيه عن السابغ السرد

لعمري لقد عم الهنا كل مهجة

لما ضمنته في مخبأة الود

فلا زال في وثب المسرة رافلاً

يجرر أردان السعادة والمجد

بسوح أبيه السيد الملك الذي

تقلد من حلي السيادة بالعقد

وتوجه نور النبوة مغفراً

يطرز بالإقبال والعز والسعد

وألبسه جأش الخلافة سابغاً

تدرعه من سطوة الدهر إذ يعدي

وأزكى صلاة الله ثم سلامه

على المصطفى الهادي إلى منهج الرشد

وآل له والصحب ماذر شارق

وما غرد القمري على فنن الرند

وما حكت في مدح المليك قصائداً

وطرزتها بالشكر والمدح والحمد

ولم يؤرخ ناقل الترجمة سنة وفاته، ونقل أيضا صاحب ((السلافة)) لأخيه القاضي شهاب الدين أحمد بن عيسى المرشدي، فقال في حقه: شهاب الفضل الثاقب، الشهير المآثر والمناقب، سطع في سماء الأدب نوره، وامتد في البلاغة باعه فشق من رام أن يشق غباره أتباعه، لا تلين قناة فضله لغامز، ولا يلعز أدبه المبرأ من العيب لامز، وله نظم بديع الأسلوب يملك برقته المسامع والقلوب، فمنه يمدح الشريف مسعود بن الشريف أدريس شريف مكة المشرفة عام تسع وثلاثين وألف بهذه القصيدة:

عوجا قليلا كذا عن أيمن الوادي

واستوقفا العيس لا يحدو بها الحادي

وعرجا بي على ربع صحبت به

شرخ الشبيبة في أكناف أجياد

واستعطفا جيرة بالشعب قد نزلوا

على الكثيب فهم غيي وإرشادي

ص: 181

وسائلاً عن فؤادي تبلغا أملي

إن التعلل يشفي غلة الصادي

واستشفعا تشفعا تسآلكم فعسى

يقدر الله إسعافي وإسعادي

وأجملا لي وحطا عن قلوصكما

في سوح مردي الأعادي الضيغم العادي

مسعود عين العلى المسعود طالعه

قلب الكتيبة صدر الحفل والنادي

رأس الملوك يمين الملك ساعده

زند المعالي جبين الجحفل البادي

شهم السراة الألى سارت عوارفهم

شرقاً وغرباً بإغوار وإنجاد

نرد غمار العلى في سوحه ونرح

أيدي الركائب من وخد واسآد

فلا مناخ لنا في غير ساحته

وجود كفين فها رائح غادي

يعشوشب العز في أكناف عقوته

يا حبذا الشعب في الدنيا لمرتاد

ونجتني ثمر الآمال يانعةً

من روض معروفه من قبل ميعاد

فأي سوح يرجى بعد ساحته

وأي قصد لمقصود وقصاد؟

ليهن ذا الملك إن ألبست حلته

محيي مآثر آباء وأجداد

لبستها فكسوت الفخر مرسلها

مشهّراً يبهر المصبوغ بالجادي

علوت بيتاً ففاخرت النجوم علاً

والشهب فخراً بأسباب وأوتاد

ولحت بدراً بأفق الدست تحسده

شمس النهار وهذا حرها بادي

وصنت مكة إذ طهرت حوزتها

من ثملة أهل تثليث وإلحاد

قد غر بعضهم الإهمال يحسبه

عفواً فعاد لإتلاف وإفساد

وزدتهم عن حمى البيت الحرام وهم

من السلاسل في أطواق أجياد

كأنهم عند رفع الزند أيديهم

يدعون حباً لمولانا بإمداد

وما ارعووا فشهرت السيف محتسباً

يا برد حرهم في حر أكباد

غادرتهم جزراً في كل منجدل

كأن أثوابها وجت بفرصاد

وأثمر السدر من أجادهم ثمراً

حلواً بأفواه أجداث وألحاد

سعيت سعياً حثيثا من خمائله

نور الأمان لأرواح بأجساد

فكم بمكة من داع ومبتهل

ومن محب ومن مثمن ومن فاد

وعاد كل عصي مصلحا وغدت

أيامنا بالهنا أيام أعياد

إلى أن قال:

فهاك يا ابن رسول الله من

أورت قريحته من بعد إخماد

فأحكمت فيك نظما كله غرر

ما أحرزت مثله أقيال بغداد

أضحت قوافيه والإحسان يشرحها

روض البديع لإرصاد بمرصاد

ترويه عني الثريا وهي هازئة

بالأصمعي وما يروي وحماد

وتستحث مطايا الزهر إن ركدت

كأنها إبل يحدوا بها الحادي

توقظ الركب ميلاً من خمار كرى

والليل من طول تدآب السرى هادي

أمّتك تشفع إذلالا لمنشأها

فاقبل تذللها يا نسل أمجاد

وأسبل الستر صفحاً إن بدا خلل

نهتك به ستر أعداء وحساد

وقل تقرب إلينا تستعز بنا

ما حق مثلك أن يقصى بإبعاد

لازلت ياعزّ آل البيت في دعة

تحف منهم بأنصار وإنجاد

ثم الصلاة على الهادي وعترته

وصحبه ما شدا في أيكتة شاد

وقال يستدعي جماعة من الفضلاء، وهم بجبل النور الكائن بالمعلاة وهو بمنى:

عليكم من محب حشو أضلعه

ودٌ أرقُّ إلى الظامي من النطف

تحية يرتضيها الفضل إن نفحت

أربت على نفحات الروضة الأنف

حواكم أجبل العالي بكم شرفاً

على المعالي التي تعلوا على الشرف

نظمتم فيه نظم العقد متسقاً

على تليل كعاب ظاهر الترف

وغادرت عبدكم أيدي مؤلفه

مكبلا وحده في ربقة الصدف

منى هي الصدف المومى إليه منىً

للنفس فيها وفي افنائها الورف

ولا أنيس لكم إلا مماثلكم

على بثين جميل السفح والسعف

يجيبني بصدى صوتي فأرفعه

من قلة الإلف أو من كثرة الشغف

فهل وفي من الخلان يسعدني

في الفجر أو بعد ماصلى مع الحنفي

يجيبني أو يجيب الضير عنه وما

يجيبني غير محيي الدين أو شرف

كفآن يرضاهما الإحسان إن نطقا

أو أرغفا لدن الأقلام في الصحف

ص: 182

ونقل في ((السلافة)) أيضا ترجمة أبي بكر الخاتوني، فقال في حقه: هو الشيخ فخر الدين الخاتوني، كاتب ماهر، وشاعر قلد الطروس من نظمة عقود الجواهر، وأديب سهم أده لشواكل الأغراض مصيب، وأديب أحرز من فضل أو فهرسهم ونصيب، جرى في مضمار القريض ملء عنانه، واجتنى زهر رياضه واقتطف ورد جنانه، وهو ممن حلب الدهر أشطره، وفرى من أديم الزمان أسطره، وشعره بحر لا يلفى لمدة جزر، رقيق الحواشي لا هراء ولا نزر، فمن بدائعه التي هي من بديع الحسن مصورة قولة مخاطبا أهل المدينة المنورة على سكانها وآله وأصحابه الكرام أفضل الصلاة وأزكى السلام:

يا أهل طيبة لا زالت شمائلكم

كالروض باكره سار من الديم

أنفاسكم والنفوس الغر لا برحت

كالزهر والزهر في لطف وفي كرم

ما أمكم زائر إلا وآب بما

يربو على فكره من كل مغتنم

فأنتم الطاهرون الطيبون ومن

لا ريب في مجدهم من سالف القدم

لا عيب فيهم سوى أن النزيل بهم

يسلو عن الأهل والأوطان والحشم

جميلكم جل أن يحصى وفضلكم

في الناس أشهر من نار على علم

كفاكم بجوار المصطفى شرفاً

وجار ذي الجاه أنّى كان لم يضم

لولكم خيرة الله الكريم لما

كنتم له جيرة من سائر الأمم

والله جل اسمه بالقرب خولكم

وزادكم بسطةً في العلم والهمم

لا زلتن وأمان الله يكلؤكم

مما يحاذر في حرز من اللمم

وكيف يخشى الرزايا أن تلم بكم

وأنتم من حمى المختار في حرم

عليه صلى إله العرش ما سجعت

ورق الحمائم بين الضال والسلم

وآله الطهر والصحب الكرام ومن

والأهم من جمع العرب والعجم

وممن نقل له صاحب ((السلافة)) أيضا الشيخ أحمد بن محمد الجوهري قال في حقه: هو جوهري النثر والنظم، زهري السجايا العظام، حلى بعقود نظمه عواطل الأجياد، وسبق بجواد فهمه الصافنات الجياد مع اضطلاع بفنون العلوم، واطلاع على خفايا المنطوق والمفهوم، وديانة وورع، وصيانة فاق فيها وبرع، وأخلاق وشيم، كأنفس الرياض غب الديم، وها أنا أُثبت من بهي كلامه وسني نظامه ما تنشق منه نشر العبهري، وتقتني منه ((صحاح الجوهري)) كان أول وفوده علينا بالديار الهندية أهدى إلي كراسية من نثره ونظمه، فكتب إليه ما صورته:

زهر الدراري أم نظام الجوهري

وشذا السلافة أم شميم العبهر؟

أم زهر روض قد تبسم ضاحكاً

إذ جاده صوب الغمام الممطر

وشذور تبرأم جمان قلائد

تزهو وتزهو في مقلد جؤذر؟

أم هذه ألفاظ مولى ماجدٍ

ورث البلاغة أكبر عن أكبر؟

يزري بنظم الدهر باهر نظمه

ويفوق مكسره مذاب السكر

فلشعرة الشعري العبور تضاءلت

كرها وودت أنها لم تظهر

والنثرة العليا هوت من نثره

خجلاً وقالت ليته لم ينثر

قد أعجز البلغاء معجز أحمدٍ

فأقر أكثرهم بعجز مقصر

يا مهديا لي من ستي نظامه

ونشاره دراً بهي المنظر

شكراً لفضلك شكر ممنون فقد

حليت جيدي من نظام الجوهري

فراجعني بقوله:

يا مهدياً وشي الربيع المزهر

بل روضة تزهو بحسن المنظر

غناء باكرها الحيا وتفتحت

أزهارها غب السحاب الممطر

ردت لنا من بشرها زمن الصبا

وشممت منها طيب تلك الأعصر

ارتاح سكراً من سلافة لفظها

وهي المصونة عن خمار المسكر

لله درك من همام بارع

في كل فن غنية المستخبر

ما هذه الدرر التي أبرزتها

شبه المجرة في خلال الأسطر

لا غرو أن ساد الأنام بفضله

من كان ندباً من سلالة حيدر

من معشر شم الأنوف وليدهم

أدني محل خطاه فوق المشتري

حاز المروءة والفتوة والسخا

والعلم والتقوى وطيب العنصر

فليهنك الشرف الرفيع ومجدك

العالي المنيع وحسن قول المخبر

واسلم ودم في عزة وخلالة

باد علاك على ممر الأدهر

قال مؤلف ((السلافة)) : ومن شعرة مادحاً والدي رحمه الله بقوله:

كلما غنت على الدوح الحمام

هيجت أشواق قلبي المستهام

ذكرته ساجعات المنحنى

وربي نجد وهاتيك الخيام

ص: 183

وليال ما صفا لي بعدها

طيب العيش ولا صافي المدام

حيث لا أصغي لعذل راتعاً

في ميادين التصابي والغرام

حيث لي شغل بربات الخبا

عن شراب وطعام ومنام

حيث مالي شافع إلا الصبا

في الهوى إن عز من هند المرام

لست أنسى ليلة إذ أقبلت

وتلقتني ببشر وابتسام

قلت يا هند إلى من تشتكي

نقض عهد من حبيب لا يرام؟

فاستشاطت ثم قالت جذلاً

هل وفت حسناء قبلي بالذمام؟

ثم أبدت عتباً يا ليته

طال لما طاب في ذاك المقام

فاعتنقنا واشتكينا ما بنا

ولدمع العين في الخد انسجام

هل ترى من بعدهم لي عوضاً

غير حزن وبكاء وسقام

إلى أن قال في المديح:

أحمد ابن السيد المعصوم من

عن مداره قصرت كل الكرام

مذ نشا قرت به عين العلى

وارتضته بعلها قبل الفطام

حاز علماً في صباه وافراً

لم يحزه عالم في ألف عام

خلق كالروض وافاه الصبا

غب ما باكرة صوب الغمام

هاشمي نسل طه أحمد

ليس فخر فوق هذا للأنام

زرع الفضل له في مهجتي

روض ود مثمر زهر الكلام

التفات منه أقصى مطلبي

إنما الدينار مطلوب الطعام

فله لا زال مدحي دائما

طرباً ينشده خاص وعام

فكرتي قاصرة عن مدحه

فلهذا عجلت بالاختتام

ومن رقيق شعره:

ما شمت برقاً سري في جنح معتكر

إلا تذكرت برق المبسم العطر

ولا صبوت إلى خل أسامره

إلا بكيت زمان اللهو والسمر

شلت يد للنوى ما كان ضائرها

لو غادرتنا نقضي العيش بالوطر

في خلسة من ليالي الوصل مسرعة

كأنما هي بين الوهن والسحر

لا نرقب النجم من فقد النديم ولا

((نستعجل الخطو من خوف ومن حذر))

وأهيف القد ساقينا براحته

كأنه صنم في هيكل البشر

منعمين وشمل الأنس منتظم

يربو على نظم عقد فاخر الدرر

فما انتهينا لأمر قد ألم بنا

إلا وبدل ذاك الصفو بالكدر

لادر در زمان راح مختلساً

من بيننا قمراً ناهيك من قمر

غزال أنس تجلى في حلى بشر

وبدر حسن تجلى في دجى الشعر

وغصن بان تثنى في نقا كفل

لا غصن بان تثنى في نقا المدر

كأن ليلي نهاري بعد فرقته

مما أقاسي به من شدة السهر

يا ليت شعري هل حالت محاسنه

وهل تغير ما باللحظ من حور

فإن تكن بجنان الخلد محاسنه

فاذكر معنى الأماني ضائع الخطر

وإن تأنست بالحور الحسان فلا

تنسى الليالي التي سرت مع القصر

ومن قوله:

إذا مضت الأوقات من غير طاعة

ولم تك محزوناً أعظم الخطب

علامة موت القلب أن لا ترى به

حراكاً إلى التقوى وميلاً عن الذنب

ومن قوله:

في المنع والإعطاء كن شاكراً

واستقبل الكل بوجه الرضا

فالخير للمعارف فيما جرى

ورب منع كان عين العطا

وقوله:

إن حزت عاماً فاتخذ حرفة

تصون ماء الوجه لا يبذل

ولا تهنهه إن ترى سائلاً

فشأن أهل العلم أن يسألوا

وقوله:

جانب اللهو والبطولة واحذر

من الهوى النفس إن أردت السعادة

واعبد الله ما استطعت بصدق

مطلب العارفين صدق العبادة

وقوله:

إذا التبس الأمران فالخير في الذي

تراه إذا كلفته النفس يثقل

فجانب هواها واطرح ما تريده

من اللهو واللذات إن كنت تعقل

وممن نقل عنه صاحب السلافة أيضاً شهاب الدين بن فضل بن محمد باكثير المكي قال في حقه.

هو ابن الفضل وأبوه والمذعن لفضله أعداؤه ومحبوه ومقداره في الأدب جليل ومثل باكثير في الأنام قليل إن عدة فرسان اليراعة فهو ملاعب أسنة الأقلام أو ذكرت فرسان البراعة فهو ثاني أعنة الكلام ملك زمام القريض فاقتاده حيث شاء؛ وكان له في التصدير والتعجيز إعجاز أفحم مصاقع البلغاء بالتعجيز فمن ذلك قوله مصدراً ومعجزاً عينيه المتنبي وما دحا بها علي بن بركات وهي:

حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا

وقلب لأظمأن الأحبة يتبع

ص: 184

وصبري نوى الترحال يوم رحيلهم

فلم أدرأي الظاعنين اشيع

أشاروا بتسليم فجدنا بأنفس

تسيل مع الأنفاس لما ترفعوا

وساروا فظلت في الخدود عيوننا تسيل من الآماق والأسم أدمع

حشاي على جمر ذكي من الهوى

وصدري مذ بانوا من الصبر يلقع

وقلبي لدى التوديع في حزن حزنه

وعينايا في روض من الحسن ترتع

ولو حملت صم الجبال الذي بنا

من الوجد والتبريج كادت تضعضع

وأكبادنا من لوعة البين والنوى

غداة افنرقنا أوشكت تتصدع

بما بين جنبي الذي خاض طيفها

دموعي فوافى بالتوصيل يطمع

تخيل لي في غفوة وجهت بها

إلي الدياجي والخليون هج

أتت زائرا ما خامر الطيب ثوبها

وخمرتها من مسك دارين أضوع

فقلبت إعظاما لها فضل ذيلها

وكلمسك من مسك من أردانها يتضوع

فشرد أعظامي لها ما أتى بها

وفارقت نومي والحشا يتقطع

وبت على جمر الغضى لفراقها

من النوم والتاع الفوآد المفجع

فيا ليلة ما كان أطول بتها

سمير السها حلف الجوى أتضرع

يجر عني كأنها الأسى فقد طيفها

وسم الأفاعي عذب ما أتجرع

تذلل لها واخضع على القرب والنوى

لعلك تحظى بالذي فيه تطمع

ولا تأنفن من هضم نفسك في الهوى

فما عاشق من لا يذل ويخضع

ولا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد

علي ابن بركات به الفخر أجمع

عليه ضفا بالمكرمات ولم يكن

على أحد إلا بلؤم مرقع

وإن الذي حابى جديلة طيهم

بحاتمهم وهو الجواد الممنع

حباً بعلي آل طه فإنه

به الله يعطي من يشاء ويمنع

بذي كرم ما مر يوم وشمسه

بغير سنى منه تضيئ وتسطع

ولا ليلة تزهو به ونجومها

على رأس أوفى ذمة منه تطلع

فأرحم شعر يتصلن لدنه

فلم سعر شعر في معاليه يرفع؟

وكم عصبات جمعت في صلاته

وأرحم مال ماتني تتقطع

فتى ألف جزء رأيه في زمانه

إذا حسبت آراؤه حين تجمع

يرى عشر عشر العشر منها وإنه

أقل جزاء بعضه الرأي أجمع

غمام علينا ممطراً ليس يقشع

وصيبه تبر وفي الحال ينفع

وليس كسحب الأفق يخطي ويقلع

ولا البرق فيه خلب حين يلمع

إذا عرضت حاج إليه فنفسه

تطاوعه في بذل ما يتوقع

يمن أبتداء بالأيادي ولم يكن

إلى نفسه فيها شفيع مشفع

خبت نار حرب لم تهجها بنانه

ولم تتقد أن يطفها لو تجمعوا

ولا قول إلا رواه لسانه

وأسمر عربان من القشر أصلع

نحيف الشوى يعدو على أم رأسه

مطيع لباريه يصلي ويركع

وبالخمس يسعى ساجدا وهو قائم

ويجني فيقوى عدوه حين يقطع

يمج ظلاماً في نهار لسانه

وينطق وهو الأخرس المتصنع

يعبر عما في الضمير ولم يفه

ويفه عما قال ما ليس يسمع

ذباب حسام منه إنجاز ضربه

وكم قطع الأعدا وذا منه أقطع

وعود القنا أوهى شبا منه في العدى

وأعصي لمولاه وذا منه أطوع

بكف جواد لو حكته سحابة

لسحت لنا تبراً يصاغ ويطبع

ولو حملت من بعض جدواه مزنة

لما فاتها في الشرق والغرب موضع

فصيح متى ينطق تجد كل لفظة

له تحتها معنى البلاغة أجمع

وإن خط لفظاً باليراع رأيته

أصول البراعات التي تتفرع

يتيه دقيق الفكر في بعد غوره

وعن نجد فحواه المفوه يقطع

وبحر معانيه البليغ يغوصه

ويفرق في تياره وهو مصقع

وليس لماء البحر ينشف قعره

لنيل الدراري من ها يتطمع

ولا بحر جدواه كبحر يخوضه

إلى حيث يغني الماء حوت وضفدع

أبحر يضر المعتفين وطعمه

يصدعن الورد الشهي ويمنع

يموت به الصادي أواماً لأنه

زعاف كبحر لايضر وينفع

ألا أيها القليل المقيم بمكة

ومسك ثناه في العوالم يسطع

حللت بها اسمي على كل حال مطنب

وهمته فوق السماكين موضع

أليس عجباً أن وصفك معجز

له المتنبي ناظم ومرصع

ص: 185

وان طويل المدح فيك مقصر

وان ظنوني في معاليك تطلع

وإنك في ثوب وصدرك فيكما

يحيط به من نسج داود أدرع

فيا ليت شعري كيف ضمته لأمة

على أنه من ساحة البحر أوسع

وقلبك في الدنيا ولو دخلت بنا

وبالفلك الأعلى وما منه يطلع

وبالعالم العلوي والأنس جملة

وبالجن فيه ما درت كيف ترجع

ألا كل سمح غيرك اليوم باطل

لأنك فرد للكمالات تجمع

وكل ثنا فيك حق وإن علا

وكل مديح في سواك مضيع

وقوله مصدراً ومعجزاً أبيات أبي حاتم اللغوي:

أذا اشتملت على اليأس القلوب

وكادت من تلهبها تذوب

وعم الغم واتسع التجري

وضاق بما به الصدر الرحيب

وأوطنت المكاره واطمأنت

وفي الأحشاء طنبت الكروب

وأقلعت المسرة عن ذويها

وارست في مكانتها الخطوب

ولم تر لانكشاف الضر وجهاً

يلوح ومنك قد يئس الحبيب

وأعيا داء فادحة الرزايا

ولا أغنى بحيلته الطبيب

أتاك على قنوط منك غوث

يفرج كل فادحة تذيب

فكم وافاك بعد العسر يسر

يمن به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت

وفي تصريفها حال اللبيب

وزاد الكرب فيها واستطالت

فمقرون بها الفرج القريب

وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) الشيخ محمد بن شعيد باقشير؛ قال في حقه: أديب بارع، وشاعر له في مناهل الأدب مشارع نظم فأجاد، وارزم سحاب نظمه فجاد، فعلت رتبته في الفريض وسمت، وافترت ثغور محاسنه وابتسمت، كل ذلك من غير تكلف نحو وعروض، بل من قريحة تذلل له جوامع الكلام، وتروض، فجاء نظمه السهل الممتنع، ونزهة الناظر والمستمع، وها أنا أثبت منه ما تصطحبه مداماً وتديره كؤوسا بين الندامى فمنه قوله يمدح السيد أحمد بن مسعود.

علقاً أظنك بالظباء الرود

أم والها بهوى الظباء الغيد

أسبلن أمثلة الغداف غدائراً

سوداً تطول على الليالي السود

وسفرن عما لو لطمن بمثله

خد الظلام لما بدا بالبيد

بيض يرنحهن ريحان الصبا

تيهاً كخوط البانة الأملود

عذر العذول على الهوى فيها وقد

((عنت لنا بين اللوى وزرود))

فطفت أنشده على تأنيبه

((أرأيت أي سالف وخدود))

تربت يد اللوام كم ألظت حشا

دنفاً بألهوب من التنفيد

أو ومادروا أن الجمال حبائل

ما إن يصادبهن غير الصيد

ولرب مخطفة الحشا بهناته

المتنين مفعمة الإزار خرود

ترنو فتحسب أم خشف ثارها

القناص عن خضل الكلا مخضود

لله أحداق الحسان وفعلها

في قلب متيم معمود؟

الحقنني البرحاء لكني أمرؤٌ

وزري بركن في الملوك شديد

بسميدع من آل أحمد ماجدٍ

لا بالكهام بدا ولا العربيد

وجواد مصعبة إذا سل الندى

أولى وجاد بطارف وتليد

طابت أرومية بأصل ثابت

عرقاً وفرع مثمر بالجواد

متسنم العلياء لا بالنكس عن

تحصيل غايتها ولا الرعيد

لو حاول العيوق نيلاً لم يعق

عنه ولم يك نيله بعيد

أو لو يحاول ألف عنقا مغرب

صيدت بجد مؤيد صنديد

وإن اقشعر العام غيث مسبل

وإن اكفر السام ليث مودي

خلق أرق من السلاف ومهجة

أقسى على الحدثان من جلمود

بلغت بنو الحسنين شأواً لم يزل

من قبلهم لمسودٍ ومسود

حلماء إن غضبوا كأن نفوسهم

بشرور بين تحف أو بالجودي

ومواهب تترى وسيب لم تزل

ينساب بين جحافل وجنود

من كل طلق الوجه يسطع نوره

بسنا النبوة عن أب وجدود

ومن شعره وهو من مختار قصيدة له

أتعذر في لمياء والعذر أليق

وتعشقها جهلاً وذو اللب يعشق

ولا عيش إلا ما الصبابة شطره

وصوت المثني والسلاف المعتق

وجوبك أجواز الموامي مثمراَ

إلى المجد يطويها عذافر معنق

وأن تتهاداك التنائف معلماً

تضلك أو تهديك بيداء سملق

وأن ترد الماء الذي شطره دم

فتستقي برأي ابن الحسين وترزق

فأسوغ ما بل اللهى بعد غلة

وأروى من الماء الشراب المروق

ص: 186

فدع لجج التعنيف وابك بذي اللوى

دياراً كأنها للتقادم مهرق

أحالت مغانيها السنون فأصبحت

قوى لهريق الودق والريح مخرق

وقفت بها والقلب بالوجد موثق

كفيت الردى والجفن بالدمع مطلق

أناشد بينونة الحي من جوىً

بقلب إذا هب النسائم يخفق

شج تتصاباه الصبا وتلوعه الجنو

ب ويشجوه الحمام المطوق

إلى الله أفعال الليالي بها وبي

لقد كنت منها دائم الدهر أفرق

فسم سمة الصبر الجميل لعلها

تذيل فإن لم تغن فالصبر أخلق

فلو سلمت من حادث الدهر دمنة

تمطى على هام الدهور الخورنق

وممن نقل عنه في ((السلافة)) عفيف الدين عبد الله بن الحسين جاشل، الثقفي، قال في حقه: ثقفي النسب، مثقف قناة الحسب، برى نبعة طبعه بالمروءة وثقف، وجرى إلى آماد الفتوة وما توقف، وخطب عرائس الكرم والوفا، فبنى عليه بالبنين والرفا إلى أخلاق أقطعها الروض أنفاسه، وشيم يتنافس فيها رغبة ونفاسه، وله شعر تأخذ محاسنه السالمة من التصنيع بمجامع القلوب وفق ما قيل:

حسن الحضارة مجلوب بتطرية

وفي البداوة حسن غير مجلوب

وكم أنشد الأسماع حاله المطرب:

ولست بنحوي يلوك لسانه

ولكن سيلقي أقول فأعرب

وقد اثبت له ما نغتبقه راحا ونملا بلطافته ومحاسنه راحا فمن ذلك قوله مراجعاً للأخ الأعز السيد محمد يحيى عن قصيدة كتبها إليه:

سقى طللاً بين الأجارع واللوى

وحيا زمانا لم نرع فيه بالنوى

وريعاً لأيام هناك سوالف

قضينا بها عصر الشبيبة والهوى

بظل جناب والندامى عصابةً

كرام المساعي ترغم الخصم إن غوى

على السفح ما بين القصير إلى الحمى

إلى الحصن نطوي الود عنا وما انطوى

ليالي لا تخطي سهام رميتي

ولا عاقني الوالي الغيور إن زوى

وأصبحت يثنيني الحجى عن هويتي

ويمنعني دهر تمادى وما ارعوى

ولله كم من يوم دجن وصلته

بليل على الربع الجنوبي وما حوى

وساعات أنس كلما عن ذكرها

يهيجن فرط الصبابة والجوى

لكل غضيض الطرف أحوى إذا رنا

سباك النهى والصبر واستأثر القوى

إذا افتر عن ثغر حكى الدر نظمه

وإن لاح قلت الشمس في خط الاستوا

يشير فأدري ما يقول برمزه

فأقضي على ما في هواه بما نوى

عليهم بعلات الغواني وطبها

ومفتي الندامى في محاورة الهوى

جريت على طرق الغرام كما جرت

مواهب يحيى في النوال بما أحتوى

فتى فيه للراجي مخائل تقتفى

على أنه حامي الكتيبة واللوا

نماه إلى العليا أكارم سادة

مآثره مشهورة لمن ارتوى

أيا ابن الذي أحيا الندى بعد موته

وشيد ربع المجد من بعد ما هوى

وصنو الذي يبدو لذي الحدس أنه

إمام هدى عن ذروة العز ما لوى

أتاني من نادي علاك جريدة

تضمن معناها الحريري بما روى

تخبر عن صب ضنين بظبية

محجبة تحكي غزالاً بذي طوى

فحسبك دين الحب ديناً فإنه

ترقى بأرباب القلوب عن السوى

ولا تبتئس من قول لاحٍ ولائم

لعمرك ما ضلَّ المحب وما غوى

إليك عماد الدين عقداً يصوغه

هوى لكم بين الجوانح قد ثوى

ودم وابق واسلم ما ترنم طائر

وما زمزم الحادي بمنعرج اللوى

وله أيضا مراجعاً له عن أبيات كتبها إليه:

خليلي هل رند الحجاز على علمي

وهل ربرب الوادي مقيم على السلم

وهل أثلاث الواديين أنيقة

تعهدها الغولان غب الحيا الوسمي

وهل ربرب الربع الحنوبي ثابت

على ما مضى أم قد تمادى على صرمي

رعى الله هاتيك المنازل إنها

وإن بعدت شوقي إليها انتضى عزمي

معاهد أنس كلما عنّ ذكرها

لقلبي ترى عيني مدامعها تهمي

فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى

ولا روحت ريح الصباعن أخي همّ

فيا مربع الترحال قل لابن أحمد

ربيب العلى يحيى وترب الندى المسمي

أتاني من نادي علاك رسالة

نفثت بها كلمي وزدت بها سقمي

تضمن من خمسين يوم شكاية

فما الحب إلا ما يمضّ وما يصمي

ص: 187

فكيف بمن قاسى سنين من النوى

وراح من الهجران جلداً على عظم

فأحلى الهوى ما عز منه وعذبهُ

منادمة الأحباب من بارد الظلم

ودم وابق يا نجل الملوك معظماً

ولا زلت كنزاً للمكارم والحزم

قال أبن معصوم وكتبت إليه معاتبا:

أناس عفيف الدين أم أنت ذاكر

عهوداً سقتهن العهاد البواكر

ومثلك من لم ينس عهداً وإنما

هو الدهر لا يلفى على الدهر ناصر

وما أنت ممن يبخس الود عنده

ولكن قضاء أوجبته المقادر

أورم لك العذر الجميل مصححاً

وفاك وقد كادت تضيق المعاذر

أعيذك أن أمسي لودك عامراً

ويصبح ودي وهو عندك داثر

أنا لك أصل في المروءة طاهر

وفصل بأنواع الفتوة ظاهر

وإن تنسك الأيام عهدي فإنني

وحقك للعهد القديم لذاكر

إليك أخا الهيجاء نفثة موجع

رآك لها أهلا فهل أنت شاكر؟

ودم وابق واسلم ما تألق بارق

وهب نسيم واستهلت مواطر

فراجعني بقوله:

أبا حسن قلبي بودك عامر

ولم يخل من ذكراكم منه خاطر

ولولا مراعاة الزمان وأهلة

لما عاقني بعدٌ ولا صدّ زاجر

ولكن لأحوال الزمان معاذر

إذا كان هذا الدهر ممن نحاذر

أعيذك لا يخطر ببالك أنني

سلوت وإن الود عندي داثر

أبي الله والمجد من قول قائل

فلان لميثاق الأحبة غادر

وقد تقبل العذر الخفي تكرماً

فما بال عذري واقف وهو مسافر؟

إليك أبا منصور عذراً تجمجمت

به نفثات الود وهي حواسر

تجشمها فإني عن جوابك محجم

ومعتذر عنه فقل أنا عاذر

وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) إبراهيم ن يوسف المهتار الملكي، قال في حقه: شاعر بذيء اللسان، كثير الإساءة قليل الإحسان، وقد نقل من محاسن شعره مقاطيع جيدة تدل على جودة شعرة، وإنه ليس بدون من نقل عنه، ولكن للناس فيما يعشقون مذاهب، وقد ذكر له قصيدة قالها لما وقع البيت المعظم وهي:

ماجت قواعد بيت الله واضطربت

واهتزت الأرض من أقطارها وربت

وأمست الكعبة الغراء واقعة

مما أشك بأن الساعة أقتربت

فأي خطب به أحشاؤنا انصدعت

وأي هول به ألبابنا سلبت

وأي دهر لقينا من نوائبه

ما لو على الشامخات الشم لا نسربت

إنا إلى الله من دنيا منغصة

أيامها مستردات لما وهبت

أبدت عجائب لا تقوى العقول لها

وأي نفس من الأيام ما عجبت

هي التي لعبت جدت وفت غدرت

قست ألانت أبت دانت نأت قربت

كم رام أهل النهى من قبل أعصرنا

صفواً لعيشهم من شوبها فأبت

وكم أرادوا بإدراك ومعرفة

تقويم منآدها بالرأي فاضطربت

فما نرجي وقد ولت بشاشتها

وأوجه الأنس من لذاتها شحبت

ما بعد منظر بيت الله منهدماً

تلقى حشاشة حر في البقا رغبت

فأي عين على ما كان ما انسكبت

وأي روح على ما صار ما وصبت؟

لهفي على كعبة الله التي افترقت

أحجارها بعدما في حبها اصطحبت

لهفي على تلكم الأستار كيف غدت

أيدي سبا وبوحل السحب قد سحبت

لهفي على تلكم الآثار كيف عفت

وكيف جذت حبال الوصل واقتطفت

لهفي على تلكم الأطفال كيف قضت

وكيف جذت حبال الوصل واقتضبت

لهفي على تلكم الأقمار ما شرقت

بالماء إلا بآفاق الثرى غربت

لهفي ولست لعمري منشداً أبداً

سقى منى وليالي الخيف ما شربت

فكم بأكنافها من مهجة ذهبت

وكم جنوب على ساحتها وجبت

وكم بذلك من ذكرى ومعتبرٍ

لمن تذكر لكن النهى عزبت

يا خالق الخلق عفواً عن جرائمنا

فخوف أنفاسنا مما قد ارتكبت

وقوله من صدر قصيدة:

قف بالمعاهد من ميثاء ملحوب

شرقي كاظمة فالجزع فاللوب

واستلمح البرق إذ تهفو لوامعه

على النقاهل سقى حي الأعاريب

يا حبذا إذ بدا يفتر مبتسما

أعلى الثنية من شم الشناخيب

والجو مضطرم الأحشاء يحسبه

برداً أصيب حواشيه بالهوب

يا بارقاً لاح وهناً من ديارهم

كأنه حين يهفو قلب مرعوب

ص: 188

أذكرتني معهدا كنا بجيرته

نستقصر الدهر من حسن ومن طيب

لم أنس بالتلعات الجون موقفنا

والحي ما بين تقويض وتطنيب

وقد بدا لعيون الصب سرب ظبا

حفت بظبي ببيض الهند محجوب

لم تبد تلك الدمى إلا لسفك دمي

ولا العذاب اللمى إلا لتعذيبي

ومن قوله:

أذكى بقلبي لاعج الاشجان

برق أضاء على ربا نعمان

أجرى مدامع مقلتي أورى زنا

د صبابتي أشجى فؤادي العاني

ما شاقني إلا لكون وميضه

بربى الهوى ومعاهد الخلان

يا برق جد بالدمع في أطلالهم

عني فسح الدمع قد أعياني

لم أسأل الأجفان سقي عهودهم

إلا وجادت لي بأحمر قان

واها لأيام العذيب إذ اللوى

وطني وسكان الحمى جيراني

إذ كنت طوعاً للهوى واللهو في

ظل الشبيبة ساحب الأردان

تشجيني الورقاء إن صدحت على

تلك الغصون بنغمة الألحان

ويشوقني بان النقا وحلول وا

ديه وحسن الدار بالسكان

ومن قوله:

ألا لا تغضبن لمن تعالى

ولا تبد الوداد لمن جفاكا

ولا تر للرجال عليك حقاً

إذا هم لم يروا لك مثل ذاكا

وممن ذكر صاحب ((السلافة)) السيد حسن ابن شدقم الحسيني المدني، قال في حقه: واحد السادة، وأحد السادة في دست الرياسة، جمع إلى شرف العلم عز الجاه، ونال من خير الدنيا والآخرة مرتجاه، وله شعر بديع فائق، كأنه اقتطفه من أزهار تلك الحدائق، فمنه قوله حين أنف من مقامه في وطنه بين أقوامه وعطنه:

وليس غريباً من نأى عن دياره

إذا كان ذا مال وينسب للفضل

وإني غريب بين سكان طيبة

وإن كنت ذا علم ومال وفي أهلي

وليس ذهاب الروح يوماً منية

ولكن ذهاب الروح في عدم الشكل

وهو من قول البستي:

وإني غريب بين بست وأهلها

وإن كان فيها جيرتي وبها أهلي

وما غربة الإنسان في شقة النوى

ولكنها والله في عدم الشكل

ولمؤلف "السلافة" من أبيات في هذا المعنى:

وإني غريب بين قومي وجيرتي

وأهلي حتى ما كأنهم أهلي

وليس غريب الدار من راح نائباً

عن الأهل لكن من غدا نائل الشكل

فمن لي بخل في الزمان مشاكل

ألف به من بعد طول النوى شملي

ومن شعر السيد المذكور:

لا بد للإنسان من صاحب

يبدي له المكنون من سره

فاصحب كريم الأصل ذا عفة

تأمن إن عاداك من شره

ونقل أيضاً عن ابنه السيد محمد بن حسن بن شدقم الحسيني، قال في حقه: فرع ثبت أصله فنما، وزكا جداً وأبا وابنما: طابت بطيبة مغارس جدوده وآبائه، وتفرعت بها مفارع مجده وآبائه، فانفسحت خطاه في الفضائل والمآثر، وأذعن لأدبه كل ناظم وثائر، له شعر غرد به ساجع براعته وصدح، وأورى زناد البيان بحسن بلاغته وقدح، فمنه قوله مذيلاً بيت أبي دهبل وهو قوله:

وأبرزتها بطحاء مكة بعدما

أصات المنادي بالصلاة فأعمتا

فأرج أرجاء المعرف عرفها

وأضوى ضياها الزبرقان المعظما

وحيا محياها الملبون وانتشى

بنشر محياها الممنع واللمى

وروض منها كل أرض مشت بها

تجر التصابي بين أترابها الدمى

هي الشمس إلا أن فاحمها الدجى

هي البدر لكن لا يزال متمما

تجول مياه الحسن في وجناتها

وتمنع سلسال الرضاب أخا الظما

وتسلب يقظان الفؤاد شارده

وتكسو رداء الحسن جسماً منعما

مهام تصيد الأسد سهم لحاظها

ومن عجب صيد الغزالة ضيغما

يعللني ذكر الحمى مترنم

وما شغفي لولا الغزالة بالحمى

أصب لنجدي الرياح تعللاً

ومن فقد الماء الطهور تيمما

وقد اقتفى السيد الذكور في هذه الأبيات أثر الشريف الرضي وقال رحمه الله في كتابه"الدرر والغرر":ذاكرني بعض الأصدقاء يقول أبي دهبل:

وأبرزتها بطحاء مكة بعدما

أصات المنادى بالصلاة فاعتما

وسألني إجازة هذا البيت بأبيات تنضم إليه وأن أجعل الكناية عن امرأة لا عن ناقة فقلت في الحال:

فطيب رياها المقام وضوأت

بإشراقها بين الحطيم وزمزما

فيا رب إن لقيت وجه تحية

فحي وجوها بالمدينة سهما

ص: 189