الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيا أم عبد مالك والتشرد
…
ومسراك في الليل البهيم لتبعدي
إلى أن قال:
فقل لمعد لا تغر بسرحها
…
فتلقى كماة الحي جنباً بموعد
بسمر العوالي والمواضي ودونها
…
ومبيض موضون الحديد المسرد
وأما إجازتك الدخول فحوملاً
…
فصبحا فرضا فالسراديح فاعتدي
وسقها إلى نجد يؤمك ليلها
…
بنات لنعش والضحى فيه تهتدي
وإن خلأت يوماً لشحط مزارها
…
فأبدل بها عيناً بذات التعرد
ودعها من التهجير حتى إذا رأت
…
وروداً بماء من صفار فأورد
وأشرف على وادي اليمامة قائلاً
…
ودمعك سفاح على الخد والثدي
سلام على عبد العزيز وشيخه
…
وتابع رشد للإمام المجدد
دعا الناس دهراً للهدى فأجابه
…
فآم فمنهم عالمون ومقتد
وقفا هما حذواً سعود بسيفه
…
يميز مجوّد النقود من الردي
وعرج بها ذات اليمين وقد هوت
…
على عرصات للرياض بمقصد
وناد بأعلى الصوت بشرى لفيصل
…
ومن نسل سادات الملوك مسدد
إليك نظاماً نشره في وقائع
…
على جحفل المصري قد شد باليد
فعشرون ألفاً من قضى الله منهم
…
فما بين مقتول وعار مجرد
ولم ينج منهم غير قواد قومهم
…
على صافنات في قليل معود
كأن أنين المومقين ومن به
…
جوارح رمي قاصفات لأغمد
أنين معيز زارها داؤها الذي
…
بأكبادها أضنى عليها ليعتدي
أو الساكني الأمصار قد حل فيهم
…
عقاص فأصماهم على كل مرقد
أتاهم بها إذ غاب نجم مشعشع
…
من الجو في مغرابه نحس أسعد
فكل الذي لاقوه يحسب دون ما
…
تعكس من حزم الهمام المعمد
فقل لدليل القوم هلا أفاده
…
من العلم أن البغي قتال معتد
ومهما أعادته الأماني لحربنا
…
نصبنا لهم أمثالها بالتجدد
ويا قافلاً إما ثنيت زمامها
…
وأقبلت ما استدبرته للتعود
فسلم على الأحباب تسليم موجد
…
ولا تنس البحتري بالحد
وآخر قولي وابتدائي فيهم
…
صلاة وتسليم على خير مرشد
وآل وصحب كلما قال منشد
…
أيا أم عبد مالك والتشرد
فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف
الإجابة عليها فقال
بشير سعاد جاء نحوك فاسعد
…
وقد وعدت وصلاً فأوفت بموعد
لقد عرفت وقت المزار فأقبلت
…
إليك وقد نامت عيونٌ لحسد
فجاءت تجر الذيل خشية قائف
…
لمعرفة الآثار بالحدس يهتدي
يؤرخ ترب الأرض عرف عبيرها
…
وتهدي لسمع الصب وسواس عسجد
أتتك سحيراً والنجوم كأنها
…
درارٍ ترى في قبة من زبرجد
فلما حوتها عرصة الدار سلمت
…
سلام حبيب زائر ذي تودد
فقر بليل الوصل عيناً فطالما
…
تبيت لذكراها بليلة أرمد
فتاة يريك الصبح غرة وجهها
…
ويبدو الدجى من شعرها المتجعد
ويخجل غصن البان إن هبت الصبا
…
له سحراً من قدها المتميد
يريك ابتساماً لامع البرق ثغرها
…
ويسفر عن شهد ودر منضد
وقد جمعت كل المحاسن جملة
…
فلم يستطيع تفصيلها من معدد
وفاقت جمالاً كل هيفاء كاعب
…
إذا ما مشت ما بين غيد وخرد
فعاصٍ جميع العاذلين ولا تطع
…
بها كل واش لائم أو مفند
فلو برزت يوماً لغيلان لم يهم
…
بمي ولم يبد القريض لمنشد
ولو لمحت بالطرف طرفة ما بكي
…
"لخولة أطلال ببرقة ثهمد"
لقد أصبحت في الغابات فريدة
…
كما انفرد الوالي بحزم وسؤدد
حليف المعالي فيصل ناصر الهدى
…
مذيق العدى كأس الردى بالمهند
ترى الوفد والأضياف من حول قصره
…
عكوفاً كوردِ حومٍ حول مورد
فيصدر كل مدرك ما يرومه
…
من الفضل والجدوى ومن كل مقصد
يقضي ببذل المكرمات نهاره
…
سماحاً ويحيي ليلهُ بالتجهد
لقد ساد أبناء الزمان وفاقهم
…
بعفو وإقدام وكف له ندي
وميراث مجد ناله عن أئمة
…
سمواً للعلى حتى استووا فوق فرقد
حنيفة في دينها حنيفة
…
فأنسابهم تعزى لأفخر محتد
هم نصروا التوحيد بالبيض والقنا
…
فنال المنى بالنصر كل موحد
وآووا إماماً قام الله داعياً
…
يسمى بشيخ المسلمين محمد
لقد أوضح الإسلام عند اغترابه
…
وقد جد في إخفائه كل ملحد
وجدد منهاج الشريعة إذ عفت
…
فأكرم به من عالم ومجدد
وأحيا بدرس العلم دارس رسمها
…
كما قد أمات الشرك بالقول واليد
وكم شبهة للمشركين أزاحها
…
بكل دليل كاشف للتردد
وألف في التوحيد أوجز نبذة
…
بها قد هدى الرحمن للحق من هدي
نصوصاً من القرآن تهدي من العمى
…
وكل حديث للأئمة مسند
فوازره عبد العزيز ورهطه
…
على قلة منهم وعيش منكد
فما خاف في الرحمن لومة لائم
…
ولم يثنه صولات باغ ومعتدي
وقفى سعود أثره طول عمره
…
إلى حين ووري في الصفيح الملحد
وقد جاهدوا في الله أعداء دينه
…
فما وهنوا للحرب أو لتهدد
وكم غارة شعواء شنوا على العدى
…
وكم طارف منهم حووه ومتلد
وكم سنة أحيوا وكم بدعة نفوا
…
وكم هدموا بنيان شرك مشيد
وقائعهم لا يحصر النظم عدها
…
وإن تسأل السمار عن ذاك ترشد
وكم لهم من وقعة شاع صيتها
…
بها أيد الرحمن سنة أحمد
وكم فتحوا من قرية ومدينة
…
ودانت لهم بدو وسكان أبلد
كم ملكوا ما بين ينبع بالقنا
…
ومن بين جعلان إلى جنب مزبد
ومن عدن حتى تنيخ بأيلة
…
قلوصك من مبدى سهيل إلى الجدي
وقد طهروا تلك الديار وطردوا
…
ذوي الشرك والإفساد كل مطرد
بأمر بمعروف ونهي عن الردى
…
وبالصلوات الخمس للمتعبد
وقد هدموا الأوثان في كل قرية
…
كما عمرت أيديهم كل مسجد
فكن ذاكراً فوق المنابر فخرهم
…
وناد ل ناد ومشهد
تغمدهم رب العباد برحمة
…
وأسكنهم روض النعيم المخلد
ولا تنس ذا الحي اليماني إنه
…
لشيعة أهل الحق بالحق مقتد
قبائل من همدان أو من شنوءة
…
من الأزد إتباع الرئيس المسود
هم قد حموا للدين إذ فل عضده
…
وبدد منه الشمل كل مبدد
فهم فئة للمسلمين ومعقل
…
وكهف منيع للشريد المطرد
سما للعلى حقاً علي ولم يزل
…
يروح بأسباب الجهاد ويغتدي
وكم عسكر للمسرفين أباده
…
بحد الظبي والسمهري المسدد
وصيركم صنفين ما بين هالك
…
وبين أسير في الحديد مصفد
ومازال يغزوهم ويرمي ديارهم
…
بفرسان حرب في الدلاص المسرد
وفتح المخا بالسيف للدين آية
…
وزجر وإنذار لأهل التمرد
فلما تولى عاضنا الله عائضاً
…
إماماً هماماً كالحسام المجرد
ومازال يحمي بالسيوف حمى الهدى
…
ويردي العدى في كل جمع ومحشد
ويهزم منهم عسكراً بعد عسكر
…
ويضرب من هاماتهم كل قمحد
فلما أتى الأحزاب منهم وألبوا
…
شفى النفس من أعداء دين محمد
فلا زال تأييد الإله يمده
…
بنصر وإسعاف على كل مفسد
ودونكها بكراً عروساً زففتها
…
إليك تهادي في حرير وعسجد
تجشمت الأخطار شوقاً ولم تهب
…
وطيس هجير أو وغى ذي توقد
إليك من الأحساء زمت ركابها
…
فكم جاوزت من فدفد بعد فدفد
فأحسن قراها بالقبول وبالرضى
…
ودع أم عبد عنك ذات التشرد
وأحسن ما يحلو به الختم أننا
…
نصلي دوماً في الرواح وفي الغد
على المصطفى والآل ما هبت الصبا
…
وما أطرب السمار صوت المغرد
وقال أيضاً يمدح الإمام فيصل رحمه الله في سنة 1280:
قل للمليحة في القميص الأحمر
…
ماذا فعلت بعابد مستبصر
مازال يدأب في العبادة طالباً
…
للعلم غير مفرط ومقصر
ترك الصبابة للصبا متسلياً
…
عن ذكر كل غزالة أو جؤذر
حتى وضعتي عن محياك الغطا
…
فانجاب عن بدر منير مقمر
فدهشت من ذاك الجمال وحسنه
…
ووقفت وقفة والع متحير
حسن به شغف الفؤاد وهاج لي
…
شجناً فقل تجلدي وتصبري
سقتي إلى الجسم السقام وراءه
…
من ذلك الطرف السقيم الأحور
سبحان من وهب المحاسن من يشا
…
سبحانه من خالق ومصور
يا كاعباً تحمي بصارم أنفها
…
من كل صاد ورد ماء الكوثر
شهد الرضاب وفيه خمر مسكر
…
فالثم ولا حرج بذاك المسكر
كلمتها من بعد تكليم الحشا
…
يا هند إن لم تسمحي لم أصبر
لا تتلفي بالصد مهجة مغرم
…
فيصيب قومك سطوة من قسور
من فيصل ملك الجزيرة من سما
…
للمجد حتى حل فوق المشتري
نصر الهدى وحوى الشجاعة والندى
…
ليث وغيث للمقل المعسر
أضحى بخير أرومة لو رامها
…
ذو همة بتطاول لم يقدر
كفاه كف قد كفت أعداءه
…
والراحة الأخرى كمزن ممطر
أعراقه طابت فطاب فروعها
…
تعزى إذا نسيت لأطيب عنصر
من عصبة صبروا على نصر الهدى
…
وأذى العدى أكرم بهم من معشر
آووا إمام المسلمين محمداً
…
لما جفاه رئيس آل معمر
فدعا إلى التوحيد ضلال الورى
…
جهراً ولولا منعهم لم يجهر
وحموه من أعدائه بسيوفهم
…
مع ضعفهم وكفى بها من مفخر
ما هالهم جمع الخوالد إذ اتى
…
بمدافع في فيلق مع عرعر
بل صابروه بنية وبحسبة
…
حتى تولى كالجهام المدبر
وكذاك ما بالوا بتهديد أتى
…
من صاحب الحرم الشريف الحيدري
قاموا وما بالوا بلومة لائم
…
من مرجف ومخوف ومحذر
بل هدموا أوثان شرك عظمت
…
ونهو عن الأمر الشنيع المنكر
شنوا على أهل القرى غاراتهم
…
وعلى البوادي في الخلاء المقفر
حتى صفت لهم الجزيرة واجتنبوا
…
للعز من ورق الحديد الأخضر
وبنوا مفاخر جمة مشهورة
…
شهد العدو بها ولما تنكر
ولقد حظي هذا الإمام ونسله
…
من ذاك بالحظ الوفي الأوفر
مازال يقفو الأثر من أسلافه
…
بالنصر للشرع الأعز الأطهر
أفلا ترى أعلامه مشهورة
…
للغزو بين سرية أو عسكر
فيغير في غور البلاد ونجدها
…
فوق النجائب والجياد الضمر
حتى أعز به المهيمن دينه
…
وأذل كل معاند متجبر
وانقادت الأعراب بعد عتوها
…
بالسمر والبيض الخفاف البتر
لازال محفوظ الجناب مؤيدا
…
بالنصر والفتح المبين الأكبر
وعلى النبي وآله وصحابه
…
أزكى صلاة مثل نفح العنبر
تترى مدى الأيام ما هب الصبا
…
سحراً على الروض الأنيق المزهر
وقال رحمه الله تعالى مهنئاً للإمام بظفره بوقعة الطبعة على العجمان وذلك في سنة 1277:
لك الحمد اللهم يا خير ناصر
…
لدين الهدى ما لاح نجم لناظر
وما انفلق الإصباح من مطلع الصبا
…
فجلى وجلى حالكات الدياجر
لك الحمد ما هب النسيم من الصبا
…
وما انهل ودق المعصرات المواطر
على الفتح والنصر العزيز الذي سما
…
فقرت به منا جميع النواظر
وإظهار دين قد وعدت ظهوره
…
على الدين طراً في جميع الجزائر
وعدت فأنجزت الوعود ولم تزل
…
معزاً لأرباب التقى والبصائر
لك الحمد مولانا على نصر حزبنا
…
على كل باغ في البلاد وفاجر
ومن بعد حمد الله جل ثناؤه
…
على نعم لم يحصها عد حاصر
نقول لأعداء بنا قد تربصوا
…
عليكم أديرت سيئات الدوائر
ألم تنظروا ما أوقع الله بنا
…
بعجمانكم أهل الجدود العواثر
بأول هذا العام ثم بعجزه
…
بأيام شهر الصوم إحدى الفواقر
هم بدلوا النعماء كفراً وجاهروا
…
بظلم وعدوان وفعل الكبائر
فكم نعمة نالوا وعز ورفعة
…
على كل باد في الفلاة وحاضر
إذا وردوا الإحساء يرعون خصبها
…
وفي برها نبت الرياض الزواهر
وكم أحسن الوالي إليهم ببذله
…
وبالصفح عنهم في السنين الغوابر
وكم نعمة أسدى لهم بعد نعمة
…
ولكنه أسدى إلى غير شاكر
"ومن يصنع المعروف في غير أهله
…
يلاقي كما لاقى مجير أم عامر"
لقد بطروا بالمال والعز فاجتروا
…
على حرمة الوالي بفعل المناكر
فمدوا يد الآمال للملك واقتفوا
…
لكل خبيث ناكث العهد غادر
وأبدوا لأهل الضغن ما في نفوسهم
…
من الحقد والبغضا وخبث السرائر
هموا حاولوا الأحسا ومن دون نيلها
…
زوال الطلى ضرباً وقطع الحناجر
فعاجلهم عزم الإمام بفيلق
…
رماهم به مثل الليوث الخوادر
وقدم فيهم نجله يخفق اللوا
…
عليه وفي يمناه أيمن طائر
فأقبل من نجد بخيل سوابق
…
ترى الأكم منها سجداً للحوافر
فوافق في الوفرى جموعاً توافرت
…
من البدو أمثال البحار الزواخر
سبيعاً وجيشاً من مطير عرمرماً
…
ومن آل قحطان جموع الهواجر
ولا تنس جمع الخالدين فإنهم
…
قبائل شتى من عقيل وعامر
فسار بموار من الجيش أظلمت
…
له الأفق من نقع هنالك ثائر
فصبح أصحاب المفاسد جهرة
…
بسمر القنا والمرهقات البواتر
بكاظمة حيث التقى جيش خالد
…
بهرمز نقلٌ جاءنا بالتواتر
فلما أتى الجهراء ضاقت بجيشه
…
وجالت بها الفرسان بين العساكر
فولى العدى الأدبار إذ عاينوا الردى
…
بطعن وضرب بالظبي والخناجر
فما اعتصموا إلا بلجة مزبد
…
من البحر يعلو موجه غير جازر
فغادرهم في البحر للحوت طعماً
…
وقتلى لسرحان ونمر وطائر
تفاءلت بالجبران والعز إذ أتى
…
بشيراً لنا عبد العزيز بن جابر
فواهاً لها من وقعة عبقرية
…
تشيب لرؤياها نواصي الأصاغر
بها يسمر الساري إذا جد في السرى
…
ويخطب من يعلو رؤوس المنابر
نفوه بمدح الإمام ونجله
…
ومعشره أهل العلى والمفاخر
كفاه من المجد المؤثل ما انتمى
…
إليه من العليا وطيب العناصر
فشكراً إمام المسلمين لما جرى
…
وهل تثبت النعماء إلا لشاكر
فهنيت بالعبدين بالفتح قبله
…
وعيد كمال الصوم إحدى الشعائر
وشكر الأيادي بالتواصي وبالتقى
…
بترك المناهي وامتثال الأوامر
صبرت فنلت النصر بالصبر والمنى
…
"وما انقادت الآمال إلا لصابر"
فدونك من أصداف بحري لآلئاً
…
إلى نظمها لا يهتدي كل شاعر
وبكراً عروساً أبرزت من خبائها
…
شبيهة غزلان اللواء النوافر
إلى حسنها يصبو وينشد ذو الحجا
…
لك الخير حدثني بظبية عامر
واختم نظمي بالصلاة مسلماً
…
على من إليه الحكم عند التشاجر
محمد المختار والآل بعده
…
وأصحابه الغز الكرام الأكابر
مدى الدهر والأزمان ما قال قائل
…
لك الحمد اللهم يا خير ناصر
وقال مادحاً الإمام عبد الله بن فيصل بعد وفاة والده رحمه الله. وذلك سنة 1283:
أتقبل عذر الصب أم أنت عاذله
…
بذكر حبيب منه شطت منازله
غزال حوى كل المحاسن وإلبها
…
يغازلني بعد العشا وأغازله
غزال كأن الشمس غرة وجهه
…
فأنى يبين البدر حين تقابله
نأت فنأى عن صبها كل عاذل
…
فيا ليتنا تدنو وتدنو عواذله
فمن لعذول لا يزال بجهله
…
يجادلني في حبها وأجادله
وما أنا إلا كالفتى في عقاله
…
فلا أثر تبديه فيه عوامله
وقد أصبحت سلمى بأبعد شقة
…
يكل بها كوم المطي وهازله
تميمة حلت بتيما ودونها
…
من الجبل الطائي قفار وحائله
فعن مثلها فاثن العنان ميمماً
…
مليكاً كريماً يخيم قط سائله
إله السما والأرض فاسأله راغباً
…
تنل كلما ترجو وما أنت آمله
فنشكوا إلى الله الزمان الذي استوى
…
لدى أهله قس الكلام وباقله
به اندرست كل العلوم وأقفرت
…
فأنكر فضل العلم بالعلم جاهله
وقائلة أقصر فما بعد فيصل
…
لذي أدب حظ فماذا تحاوله؟
أترغب في نظم القريض وجسمهُ
…
موارى بقبر غيبته جنادله؟
فقلت دعيني إن يكن مات فيصل
…
فخالقهُ حيٌ وما مات نائله
فقد ورث المجد المؤثل والندى
…
بنجب زكت أخلاقه وشمائله
أبو النجم عبد الله حامي حمى الهدى
…
بغرته بشرى الندى ومخائله
بنجد حثى المال الجزيل تبرعاً
…
فعاشت به أيتامه وأرامله
وكم غارة شعواء شنّ على العدى
…
وكم فارس منهم نعته حلائله
فأصخن حربا بالحروب فسالمت
…
ودانت له نجد وذلت قبائله
ومن دم سراق الحجيج عتيبة
…
سقى البيض حتى انهل الرمح حامله
وقائع سل عنها الحجاز وأهله
…
ونجداً ومن بالبحر ينبيك ساحله
جهاداً ودرءاُ للفساد ونية
…
وسيعاً به يرجو المثوبة فاعله
تولى فلم يرضى المكوس لدينه
…
عفافا ومن يعفف تعف عوامله
ولما نمى الركبان أخبار عدله
…
إلينا وشاعت في البلاد فضائله
بعثنا له در القريض بمدحه
…
وخير الثنا ما لا يكذب قائله
فأبلغه تسليماً إذا فض ختمه
…
تأرج من أرض الرياض معاقله
فيا أيها الوالي نصرت على العدى
…
وسددت في الأمر الذي أنت فاعله
حنانيك لا تسمع بنا قول كاشح
…
ولا حاسد تغلي علينا مراجله
ولا تصغ للنمام سمعك إنما
…
يجيء به الإفساد والإثم حاصله
وما هو إلا فاسق أو منافق
…
يريك صريح النصح والغش داخله
ولا يدخل النمام في الحشر جنة
…
حديثاً عن المختار يرويه ناقله
وأكرم بني شيخ الرئيس الذي نهى
…
عن الشرك لما شاع في الأرض باطله
وألف في التوحيد تأليفه الذي
…
شجت في قلوب المشركين دلائله
كذا عابد الرحمن أعني حفيده
…
بنور الهدى يهدي فمن ذا يعادله
ينافح عن دين الهدى كل مبطل
…
فيبطل تمويهاته ويناضله
وعبد اللطيف الحبر لا تنس فضله
…
إمام هدى بالعلم تزهو محافله
فمن رام خذلانا لهم وتنقصا
…
لقدرهم بالبغي فالله خاذله
ودونك نظماً كالزلال عذوبة
…
صفت للعطاش الواردين مناهله
وكل امرئ يهدي على قدر وسعه
…
فدونك ما نهدي فهل أنت قابله؟
وختمي صلاة الله ثم سلامه
…
على من به الإرسال عمت رسائله
محمد المبعوث من آل هاشم
…
كذا الصبح ما غنت بروض بلابله
وقال رحمه الله راداً على من يفعل التذكير قبل آذان الصبح، لأن ذلك بدعة لم يرد به الكتاب ولا سنة، ويذكر غربة الدين ويحض على إتباع سنة سيد المرسلين:
أراك بذكر الهجر تهذي وتطنب
…
وتبكي على أطلال سلمى وتندب
وتستوقف الركب المجدين في المسرى
…
على دارس الأطلال والدمع يسكب
تذكرت لما أن هاج لك الهوى
…
دياراً تعفيها جنوب وهيدب
فأضحت رسوماً باليات كأنها
…
من الدرس خط في الصحائف يكتب
محا رسمها هوج الرياح وهامع
…
من المزن سحاً ودقه يتحلب
فلم يبق إلا موقد النار للقرى
…
وموضع أطناب الخبا حين يضرب
كأن لم يكن فيها أنيس ولم تكن
…
بها الكاعب الحسناء للذيل تسحب
ولم تسرح الأنعام بين مروجها
…
ولم يلتق الحيان بكر وتغلب
تسائل عن ألف نأى كل راكب
…
وما صاحب الأشجان إلا معذب
لريح الصبا تصبو وتعروك هزة
…
إذا ذكرت سعدى لديك وزينب
وتعجب مني إن عذلتك في الهوى
…
وعشقك بعد الشيب في النفس أعجب
لئن كنت في دار عن الإلف نازحاً
…
غريباً فدين الله في الأرض أغرب
وإن ذوي الإيمان والعلم والنهي
…
هم الغربا طوبى لهم ما تغربوا
وقيل هم النزاع في كل قرية
…
على حربهم أهل الضلال تحزبوا
ولكن فيها الظهور على العدى
…
وإن كثروا أعداؤهم وتألبوا
وكم أصلحوا ما أفسد الناس بالهوى
…
من السنة الغرا فطابوا وطيبوا
وقد حذر المختار من كل بدعة
…
وقام بذا فوق المنابر يخطب
فقال عليكم بإتباعي وسنتي
…
فعضوا عليها بالنواجذ وارغبوا
وإياكم والابتداع فإنه
…
ضلال وفي نار الجحيم يكبكب
فدوموا على منهاج سنة محمد
…
لكي تردوا حوض الرسول وتشربوا
فإن له حوضاً هنياً شرابهُ
…
من الدر أنقى في البياض وأعذب
له يرد السني من حزب أحمد
…
وعنه ينحي محدث ومكذب
وكم حدثت بعد الرسول حوادث
…
يكاد لها نور الشريعة يسلب
وكم بدعة شنعاء دان بها الورى
…
وكم سنة مهجورة تتجنب
لذا أصبح المعروف في الأرض منكراً
…
وذو النكر معروف لديهم محبب
وليس اغتراب الدين إلا كما ترى
…
فسل عنه ينبيك الخبير المجرب
وقد صح أن العلم تعفو رسومه=ويفشو الزنا والجهل والخمر يشرب
وتلك إمارات يدل ظهورها
…
على أن أهوال القيامة أقرب
فسل فاعل التذكير عند أذانه
…
أهذا هدى أم أنت بالدين تلعب
وهل سن هذا المصطفى في زمانه
…
أو الخلفا أو بعض من كان يصحب
وهل سنه من كان للصحب تابعاً
…
إذا قام للتأذين يوما يثوب؟
وهل قاله النعمان أو قال مالك
…
به أو رواه الشافعي وأشهب؟
وهل قاله سفيان أو كان أحمد
…
إليه إذا نادى المؤذن يذهب
أقيموا لنا فيه الدليل فإننا
…
نميل إلى الإنصاف والحق يطلب
فخير الأمور السالفات على الهدى
…
وشر الأمور المحدثات فجنبوا
وما العلم إلا من كتاب وسنة
…
وغيرهما جهل صريح مركب
فخذ بهما والعلم فاطلبه منهما
…
ودع عنك جهالاً عن الحق أضربوا
خفافيش أعشاها النهار بضوئه
…
فوافقها من ظلمة الليل غيهب
فظلت تحاكي الطير في ظلمة الدجى
…
وإن لاح ضوء الصبح للعش تهرب
فخذ إن طلبت العلم من كل عالم
…
تراه بآداب الهدى يتأدب
لأهل السرى تهدي نجوم علومه
…
وترمي العدى من شهبها حين تثقب
فلازمه واستصبح بمصباح علمه
…
لتخلص من جسر على النار يضرب
وقاتل بسيف الوحي كل معاند
…
فليس له من نبوة حيت تضرب
وإياك والدنيا الدنية إنها
…
لغرارة تعطي القليل وتسلب
فذو الجهل مغرور بزوه جمالها
…
وذو العلم فيها خائف يترقب
فدعها وسل النفس عنها بجنة
…
بها كل ما تهوى النفوس وتطلب
مسكنها صافي اللجين وعسجد
…
وتربتها من أذفر المسك أطيب
وكم كاعب حسناء في الخلد نعمت
…
يزوجها من كان للأجر يكسب
فسارع لما يرضي الإله بفعله
…
ودع كل شيء كان الله يغضب
وما المرء بعد الموت إلا منعم
…
بروح وريحان وإلا معذب
ودونك من در القريض قصيدة
…
تكاد لها الحذاق بالتبر تكتب
أتتك من الأحساء ترفل في الحلى
…
وتختال في برد الشباب وتعجب
بها ينشط الساري إذا جد في السرى
…
ويصبو لها الصب المعنى ويطرب
بدت من بصير بالقوافي يصوغها
…
وينظم منها درها حين يثقب
تغطى بأثواب الخمول عن الورى
…
إلى أن يرى كفئاً له الدر يجلب
وختم نظامي بالصلاة مسلماً
…
مدى الدهر ما دمت معد ويعرب
على خاتم الرسل الكرام محمد
…
به طاب ختم الأنبياء وطيبوا
كذا الآل والصحب الألى بجهادهم
…
أضاء بدين الله شرق ومغرب
وله رحمه الله يرثي العلم وأهله، ويحض على طلبه والرحلة له، ويذم الجهل والاتصاف به:
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم
…
ولم يبق فينا منه روح ولا جسم
ولكن بقي رسم من العلم داثر
…
وعما قليل سوف ينطمس الرسم
فآن لعين أن تفيض دموعها
…
وآن لقلب أن يصدعهُ الهم
فإن بفقد العلم شراً وفتنة
…
وتضيع دين أمره واجب حتم
وما سائر الأعمال إلا ضلالة
…
إذا لم يكن للعالمين بها علم
وما الناس دون العلم إلا بظلمة
…
من الجهل لا مصباح فيها ولا نجم
فعار على المرء الذي تم عقله
…
وقد أملت فيه المروءة والحزم
إذا قيل ماذا أوجب الله يا فتى
…
أجاب بلا أدري وأنى لي العلم؟
وأقبح من ذا لو أجاب سؤاله
…
بجهل فأن الجهل مورده وخم
فكيف إذا البحث من بين أهله
…
جرى وهو بين القوم ليس له سهم
تدور بهم عيناه ليس بناطق
…
فغير حري أن يرى فاضلاً فدم
وما العلم إلا كالحياة إذا سرت
…
بجسم حي والموت من فاته العلم
وكم في كتاب الله من مدحة له
…
يكاد بها ذو العلم فوق السهى يسمو
وكم خبر في فضله صح مسنداً
…
جميعاً وينفي الجهل من قبحه الفدم
كفى شرفاً للعلم دعوى الورى له
…
عن المصطفى فاسأل به من له علم
فلست بمحصٍ فضله إن ذكرته
…
فقد كل عن إحصائه النثر والنظم
فيا رافع الدنيا على العلم غفلة
…
حكمت فلم تنصف ولم يصب الحكم
أترفع دنيا لا تساوي بأَسرها
…
جناح بعوض عند ذي العرش يا فدم
وتؤثر أصناف الحطام على الذي
…
به العز في الدارين والملك والحكم
وترغب عن إرث النبيين كلهم
…
وترغب في ميراث من شأنه الظلم
وتزعم جهلاً أن بيعك رابح
…
فهيهات لم تربح ولم يصدق الزعم
ألم تعتبر بالسابقين فحالهم
…
تدل على أن الأجل هو العلم
فكم قد مضى من مترف متكبر
…
ومن ملك دانت له العرب والعجم
فبادروا فلم تسمع لهم قط ذاكراً
…
وإن ذكروا يوماً فذكرهم الذم
وكم عالم ذي فاقة ورثاثة
…
ولكنه قد زانه الزهد والعلم
حيا ما حيا في طيب عيش ومذ قضى
…
بقي ذكره في الناس إذ فقد الجسم
فكن طالباً للعلم حق طلابه
…
مدى العمر لا يوهنك عن ذلك السأم
وهاجر له في أي أرض وإن نأت
…
عليك بإعمال المطي له حتم
وأنفق جميع العمر فيه فمن يمت
…
له طالبا نال الشهادة لا هضم
فإن نلته فليهنك العلم إنه
…
هو الغاية العلياء واللذة الجمعة
فلله كم تفتض من بكر حكمه
…
وكم ردة تحظى بها وصفها اليتم
وكم كاعب حسناء تكشف خدرها
…
فيسفر عن وجه به يبرأ السقم
فتلك التي تهوى ظفرت وصلها
…
وقد طالما في حبها نحت الجسم
فعانق وقبل وارتشف من رضابها
…
فعدلك عن ظلم الحبيب هو اللم
فجالس رواة العلم واسمع كلامهم
…
فكم كلم منهم به يبرأ الكلم
وإن أمروا فاسمع لهم وأطلع فهم
…
أولو الأمر لا من شأنه الفتك والظلم
مجالسهم مثل الرياض أنيقة
…
لقد طاب منها الريح واللون والطعم
أتعاض عن تلك الرياض وطيبها
…
مجالس دنيا حشوها الزور والإثم
فما هي إلا كالمزابل موضعاً
…
لكل أذىً لا يستطاع له شم
فدر حول قال الله قال رسوله
…
وأصحابه أيضاً فهذا هو العلم
وما العلم آراء الرجال وظنهم
…
ألم تر أن الظن من بعضه الإثم
وكن تابعاً خير القرون وممسكاً
…
بآثارهم في الدين هذا هو الحزم
وأفضلهم صحب النبي محمد
…
فلولاهم لم يحفظ الدين والعلم
فآمن كإيمان الصحابة وأرضه
…
فمنهاجهم فيه السلامة والغنم
وإياك أن تزورّ عنه إلى الهوى
…
ومحدث أمر ماله في الهدى سهم
فإيماننا قول وفعل ونية
…
فيزداد بالتقوى وينقصه الإثم
فنؤمن أن الله لا رب غيره
…
له الملك في الدارين والأمر والحكم
فليس له ولدٌ ولا والدٌ ولا
…
شريك ولا يعروه نقص ولا وصم
إلهٌ قديم أولٌ لا بداية
…
له وهو الباقي فليس له حسم
سميع بصير قادر متكلم
…
مريد وحي لا يموت له العلم
وإيماننا بالاستواء استوائه
…
تعالى على عرش السما واجب حتم
فأثبته للرحمن غير مكيف
…
له وتعالى أن يحيط به العلم
ومن حرّف النص الصريح مؤولا
…
فقد زاغ بل قد فاته الحق والحزم
وما لحزم إلا أن تمر صفاته
…
كما ثبتت لا يعتريك بها وهم
قراءتها تفسيراً عند من نجا
…
فدع عنك ما قد قاله الجعد والجهم
وإن جنان الخلد تبقى ومن بها
…
وليس لما فيها انقطاع ولا حسم
ورؤية سكان الجنان لربهم
…
تبارك حق ليس فيها لهم وهم
كرؤيتهم للبدر ليل تمامه
…
أو الشمس صحواً لا سحاب ولا قتم
فيا رب فاجعلني لوجهك ناظراً
…
غداً فاخراً فيما به ينعم الجسم
وإن ورود الحوض حوض يضاهي بياضه
…
وما العسل الصافي مع اللبن الطعم
ولكنه أنقى بياضاً وطعمه
…
من الكل أحلى والعبير له ختم
وكيزانه مثل النجوم لنورها
…
وكثرتها جداً فهل يحسب النجم
عليه نبي الله يدرأ كل من
…
أتى من سوى أتباعه ولهم وسم
فأمته تأتيه كل محجلٌ
…
أغر وأما من سواهم فهم دهم
وعنه رجال مسلمون تذودهم
…
ملائك لما بدلوا فبدا الجرم
فيا رب هب لي شربةً من زلاله
…
ومن يغترف من ذلك الحوض لا يظلم
وإن عذاب النار حق أعاذنا
…
إله الورى منها فتعذيبها غرم
أعدت لأهل الكفر دار إقامة
…
إذا نضجت أجسادهم بدل الجسم
ولم يبق فيها من توفي موحداً
…
بإجرامه حتى ولو عظم الجرم
وإن لخير المرسلين شفاعة
…
بها المصطفى من بين أقرانه يسمو
فيشفع فيهم وهو خير مشفع
…
فينزل من رب الورى لهم الحكم
فما ظالم إلا ويجزى بظلمه
…
وما محسن إلا يوفي ولا هضم
فشفعه اللهم فينا بموتنا
…
على ملة الإسلام يا من له الحكم
وصلى إله العالمين مسلماً
…
على من به للأنبياء جرى الختم
كذا الآل والأصحاب ما قال قائل
…
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم
وقال رحمه الله تعالى لما قضى على أهل الذرعية وذلك سنة 1233:
أليل غشى الدنيا أم الأُفق مسود
…
أم الفتنة الظلماء قد أقبلت تعدو؟
أم السرج النجدية الزهر أطفئت
…
فأظلمت الآفاق إذ أظلمت نجد
نعم كورت شمس الهدى وبدا الردى
…
وضعضع ركن للهدى فهو منهد
لدن حل بالسمحاء خطب فأوحشت
…
مساكنها وازور عيش بها رغد
تفرق أهلوها وسل على الهدى
…
سيوف على هامات أنصاره تشدو
وفل حسام الدين بل ثل عرشه
…
لدن غاب عن آفاقه الطالع السعد
بأيدي غواة مفسدين لقد عثوا
…
وجالسوا خلال الدار وانتثر العقد
قضاء الرحمن جار بحكمه
…
ولله من قبل الأمور ومن بعد
فآه لها من وقعة طار ذكرها
…
وكادت تميد الراسيات وتنهد
وفاضت دموع كالعقيق لما جرى
…
وكادت لعظم الخطب تنصدع الكبد
وقد أقذع البصري في ذم شيخنا
…
وأنصاره تباً لما قاله الوغد
أيهجو إماما هادياً أرشد الورى
…
إلى منهج التوحيد فاتضح الرشد
وبصرهم نهج المحجة فاهتدوا
…
وآبو إلى الإسلام من بعد أن صدوا
سقى روحه الرحمن وابل رحمة
…
وعم هتون العفو من ضمه اللحد
وأبناؤه الغر الكرام قد اقتفوا
…
محجته المثلى وفي نصرها جدوا
فكانوا إلى التوحيد يدعون دأبهم
…
فكم قد لأفادوا من يروح ومن يغدو
وكم فتنة جلت فجلوا ظلامها
…
بنور الهدى حتى استبان لنا الرشد
ومهما ذكرت الحي من آل مقرن
…
تهلل وجه الفخر وابتسم المجد
هم نصروا الإسلام بالبيض والقنا
…
فهم للعدى حتف وهم للهدى جند
غطارفة ما إن ينال فخارهم
…
ومعشر صدق فيهم الجد والجد
وهم أبحر في الجود إن ذكر الندى
…
وإن أشعلت نار الوغى فهم الأسد
فكم مسجد قد أسسوه على التقى
…
وكم مشهد للشرك بنيانه هدوا
بهم أَمن الله البلاد وأهلها
…
فهم دون ما يخشونه الردم والسد
ولما مضت تلك العصابة لم يقم
…
بعدلهم من ضمه الشام والهند
ولكن فشى فيها الخنى وبدا الزنا
…
فلم تنكر الفحشا ولم يقم الحد
وكم فتنة عمت وكم طل من دم
…
حرام وكم ضلت عصائب وارتدوا
وكم قطع السبل البوادي وأفسدوا
…
فصاروا مثل الذئاب التي تعدو
فإن كان هذا عنده الدين والهدى
…
فقد فتحت للدين أعينه الرمد
فشكراً بني الإسلام قد ردّ ربنا
…
لكم كرة من بعد ما يئس اللد
وأقسم قوم أنها دولة مضت
…
وليس لما قد فات عود ولا رد
وقلنا لهم نصر الإله لحزبه
…
به جاء في القرآن والسنة الوعد
فعادت كما كانت بفيصل رحمة
…
من الله مولانا له الشكر والحمد
فهذا إمام المسلمين مؤيدا
…
له النصر والإقبال والحلل والعقد
علينا دعاء الله سراً وجهرة
…
له وله منا النصيحة والود
وصلى إله الغر الكرام وصحبه
…
ومن لم يزل يقفو طريقهم بعد
وقال رحمه الله تعالى سنة1282، يرثي إمام المسلمين، وحامي الملة والدين، الملك القمقمام، والبطل المقدام، أبو الأيتام والمساكين، ومن لا تأخذه لومة لائم في رضى رب العالمين. الإمام فيصل بن تركي السعود. تغمده الله برحمته وأدخله فسيح جنته آمين.
على فيصل بحر الندى والمكارم
…
بكينا بدمع مثل صوب الغمائم
إمام نفى أهل الضلالة والخنا
…
بسمر القنا والمرهفات الصوارم
فكم فل من جمع لهم جاء صائلا
…
وأفنى رؤوساً منهم بالملاحم
يجر عليهم جحفلاً بعد جحفل
…
ويرميهم في حربه بالقواصم
فما زال هذا دأبه في جهادهم
…
تغير بنجد خيله والتهائم
إلى أن أقيم الدين في كل قرية
…
وأصبح عرش الملك عالي الدعائم
وأخلى القرى من كل شرك وبدعة
…
وما زال ينهي عن ركوب المحارم
مناقب جود قد حواها جبلة
…
فخار الثنا من عربها والأعاجم
تغمده المولى الكريم برحمة
…
وأسكنه الفردوس مع كل نائم
فلا جزع مما قضى الله فاصطبر
…
وإلا ستسلوه سلو البهائم
فلما تولى خلف الله بعده
…
لنجل خليق بالإمامة حازم
فقام بعون الله بالأمر سائسا
…
رعيته مستيقظاً غير نائم
وشابه في الأخلاق والده الذي
…
فشا ذكره بالخير بين العوالم
وقرب أهل الفضل والعلم والنهى
…
وجانب أتباع الهوى غير نادم
ومن يستشر في أمره كل ناصح
…
لبيب يكن فيما جرى غير نادم
على يده جل الفتوح تتابعت
…
حضوراً لدى الطاغون عند التحاكم
وأسلمت الأعراب كرهاً وجانبوا
…
حضوراً لدى الطاغوت عند التحاكم
فذكر عبد العزيز وشيخه
…
وما كان في تلك الليالي القوادم
فما زال منصور اللواء مؤيداً
…
على كل باغ معتد ومخاصم
فدونك أبيات حوت كل مدحة
…
فأضحت كمثل الدر في سلك ناظم
ونهدي صلاة الله خالقنا على
…
نبي عظيم القدر للرسل خاتم
محمد الهادي وأصحابه الألى
…
حموا دينه بالمرهفات الصوارم
كذا آله الأطهار ذي الفضل ما سرى
…
نسيم الصبا وانهل صوب الغمائم
وفي سنة أل ومائتين وإحدى وعشرين توفي عثمان بن منصور، وأتوا بكتبه إلى الرياض، فلما وقفوا عليها وجدوا فيها أوراقاً نظماً ونثراً، مضمونها الرد على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكان في مدة حياته يتهم ذلك بغير تحقيق. فلما وقف المشايخ رحمهم الله عليها ردوا عليه ردودا شافية.
منهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وابنه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، فأجابا بردود شافية أبطلا فيها تمويهاته، وردا شبهاته بدلائل لائحة، وحجج واضحة. ثم إن الشيخ عبد الرحمن بن حسن طلب من الشيخ أحمد بن مشرف رحمه الله أن يرد عليه فرد عليه بقوله:
وقفت على نظم لبعض بني العصر
…
تضمن أقوالاً بقائلها تزري
دليك قواف صاغها فتكسرت
…
وحاصلها كالعجل مستوجب الكسر
تخير حرف الراء عجزاً وإنما
…
يعدون حرف الراء عير أولي الشعر
عيوباً كساها زخرف القول خادعاً
…
فأصبحت بحمد الله مكشوفة الستر
بها شبهُ للجاهلين مضلة
…
أكاذيب لا تخفى على كل ذي حجر
تصدى لها حبر الزمان ونجله
…
فردَّا وهدَّا ما بناه من القعر
وقد بينا للناس ما في كلامه
…
من الزيف والإفراط والحيف والنكر
بأوضح برهان وأقوم حجة
…
لها قرر الشيخان بالنظم والنثر
جزى الله عنا شيخنا في صنيعه
…
فكم قد شفى بالرد والسد للثغر
إذا مبطل أَجرى من الجهل جدولاً
…
أتاه بتيار من العلم كالبحر
فجلى ظلام الشك والجهل والعمى
…
بنور هدى يجلي الغياهب كالفجر
لئن كان أهل العلم كالشهب في السما
…
فعالمنا ين الكواكب كالبدر
فما لابن منصور رأي هجو قومه
…
صواباً فأزرى بالقريب وبالصهر
وأثنى على قوم طغام بكونهم
…
بنوا في القرى تلك المساجد للذكر
كأن لم تكن تتلى عليه براءة
…
ولم يتل فيها قد شيدوها على قبر
وطافوا عليها خاضعين تقريباً
…
إلى المقبور بالذبح والنذر
وكم سألوا الأموات كشف كروبهم
…
ولا سيما في الفلك في لحج البحر
فزادوا على شرك الأوائل إذ دعوا
…
سوى الله في حال الرخاء وفي العسر
وتخريجه للمسلمين مشبها
…
لهم بالحروريين بالبغي والفجر
فيا ليت شعري هل تجاهل أو غوى
…
فشتان ما بين الهداية والكفر
ولكنه أبدى موافقة العدى
…
ليثني عليه الخصم في ذلك القطر
فهبة كمن أغوى الشياطين في الفلا
…
فأصبح حيراناً بمهمته قفر
وأصحابه يدعونه للهدى أئتنا
…
ولا داء أدعى للعناد من السكر
فسبحان من أعمى عيوناً عن الهدى
…
وقد أبصرت والسمع ما فيه من وقر
ومن ينكر الشمس المنيرة في الضحى
…
إذا لم يكن غيم وفي ساعة الظهر
ورب فتى مستصرخ صاح نادباً
…
لنا فأجبنا الصوت بشراك بالنصر
أتتك لنصر الدين منا كتائب
…
تجر العوالي في المهندة البتر
وكم طاعن في ديننا ومثلب
…
رميناه إذ هاجى بقاصمه الظهر
نسل المواضي في الحروب على العدي
…
ونضرب من يهجو بصمصامة الشعر
فدونك نظماً كالزلال عذوبة
…
يجر ذيول العز للدين والفخر
بدا من أديب لم يقل متغزلا
…
(عيون المها بين الرصافة والجسر)
وأزكى صلاة الله ثم سلامه
…
على المصطفى ماحي الضلالة والكفر
كذا الآل والأصحاب ما هبت الصبا
…
وما لاح في الآفاق من وكب دري
وما أنهل في القفز الغمام وما بكى
…
فأضحك دمع المزن مبتسم الزهر
ثم استزاده الشيخ عبد الرحمن حسن رحمه الله فقال:
يا ظبية البان بل يا ظبية الدور
…
هل أنت من نسل حوا أو من الحور؟
الصبح من وجهك الأسنى السني بدا
…
والفرع داج بظلماء وديجور
مددت للصب طرفاً فاقصرا فلذا
…
قد هام بين ممدود ومقصور؟
لا عيب منها سوى إخلاف موعدها
…
أو أنها لم تجد يوماً بميسور
كم واعدت بمزار غير موفية
…
والخلف للوعد معدود من الزور
فقلت وجداً بها إن كنت كاذبة
…
عليك آثام عثمان بن منصور
غدا يهاجي أولي التوحيد مشتغلاً
…
بمدح قوم خبيث خاسر بور
قد خالفوا السنة الغراء وابتدعوا
…
والشرك جاءوا بحظ منه موفور
لم يسلكوا منهج التوحيد بل فتنوا
…
بكل ذي جدث في الترب مقبور
هذا يطوف وهذا في تقربه
…
يأتي إليه بمنذور ومنحور
وذا به مستغيثاً في شدائده
…
يرجو الإجابة في تيسير معسور
فقل جزى الله شيخ المسلمين بما
…
أبدى فجلى ظلام الشرك بالنور
بالعلم بصر قوماًَ قد عموا فهدا
…
وأنقذ الله منهم كل مغرور
ليس العيون التي للحق مبصرة
…
كالأعين الرمد أو كالأعين العور
أدلة جامع التوحيد أودعها
…
من كل نص قراني ومأثور
لا يستطيع لها رداً مخاصمه
…
ولا يحرفها تأويل ذي زور
غزا بها عصباً للشرك قد نصروا
…
فأصبحوا بين مقتول ومأسور
فكم جلا بضياء العلم من شبه
…
بها أضل النصارى حزب نسطور
وأخلص الشيخ للرحمن دعوته
…
لا للعلو ولا أخذ الدنانير
حتى غدت سبل التوحيد عامرة
…
وكل مشهد شرك غير معمور
فقام أبناؤه من بعده فدعوا
…
إلى الهدى ونهوا من كل محذور
فمن هاجم بإفك غير ضائرهم
…
لا ترهب الأسد نح الكلب في الدور
وهاك نظماً بديعاً فائقاً حسناً
…
والحمد لله حمداً غير محور
ثم الصلاة وتسليم الإله على
…
من قد وعى قوله موسى على الطور
محمد خير مبعوث وشيعته
…
وصحبه الغر حتى النفخ في الصور
وقال رحمه الله لما أوقع الإمام فيصل بن تركي ببني خالد ومن معهم يالسبية في سنة1240:
أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً
…
ولا تطع في سبيل الجود عذالا
فالمنفقون لهم من ربهم خلف
…
ورب شح إلى الإتلاف قد آلا
من جاد جاد عليه الله واستترت
…
عيوبهُ وكفى بالجود سربالا
من جاد ساد ومن شحت أناملهُ
…
بالبذل أمست له الأعوان خذالا
ثنتان كلتاهما للود حالبة
…
صبر جميل وكف يبذل المالا
لا تحسب المجد سهلاً في تناوله
…
لولا المشقة كل للعلى نالا
مما أضر بأهل الملك أن خزنوا
…
للنائبات من النقدين أموالا
وضيعوا الجند في وقت الرخاء وما
…
خافوا الخطوب ولم يلقوا لها بالا
حتى إذا قام للهيجاء قائمها
…
وأشعل الحرب مذكي الحرب إشعالا