الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا صارف راياته عن محارب
…
ولا ممسك معروفه عن مسالم
وللصارخ الملهوف أول ناصر
…
ولللمترف الجبار أول قاصم
فلا عبقري كان أو هو كائن
…
فرى فريه في المعضلات العظائم
كذلك ما قاد الكتائب مثله
…
لإنصاف مظلوم ولا قمع ظالم
ولم يتجمع لامرئ كان قبله
…
بناء المعالي واجتناب المآثم
جزته جوازي الخير عنا فانه
…
سقانا بشؤبوب من العدل ساجم
فقد سار فينا سيرة لم يسر بها
…
من الناس إلا مثل كعب وحاتم
متى نختلفني الأمر ألف بيننا
…
طبيب بأدواء القلوب السقائم
فلا رأيه في حالة يتبع الهوى
…
ولا سمعه مستوقف للنمائم
أفاء علينا ظل أنعمه التي زهين بأيام العلى والمكارم
وما غال جيش الشرك قبلك غائل
…
ولا سيما بعد العطايا الجسائم
وبعد صلات ما رأى الناس مثلها
…
ولا سمعوا في السالف المتقادم
أولئك قوم يعلم الله أنهم
…
قد اقتسموا الدنيا اقتسام المغانم
فكم ألف ألف قد غدوا يطؤونها
…
بأقدامهم وطء الحصى بالمناسم
ولو كنت ممن يستريب عيانه
…
ويدركه فيما رآى وهم واهم
لحدثت نفسي أنني كنت حالماً
…
وإن لم أكن فيما رأيت بحالم
فلا يسألني من تخلف عنهم
…
فيقرع في آرائه سن نادم
لعمري هم الأنصار حقاً فكلهم
…
من المجد في بيت رفيع الدعائم
فقد أظهروا من شكر نعمة ربهم
…
وقائدهم ما لست عنه بنائم
وإني قد حملت منهم ودائعاً
…
كرائم تهدى من نفوس كرائم
إليك أمير المؤمنين حملتها
…
ودائع كالأموال تحت الخواتم
شهدت بما أبصرته وعلمته
…
شهادة بر لا شهادة آثم
فقمت بها عن ألسن القوم خطبة
…
إذا ذكرت لم تخزهم في المواسم
تم الأختيار من
شعر
ابن هاني الأندلسي ويليه الأختيار من شعر الصفي الحلي.
شعر
الصفي الحلى قال جامع كتاته: هو تاج الأدباء والفضلاء عمدة الشعراء والفصحاء صفي الدين أبو المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن أبي القاسم الحلي التنيسي.
فمن قوله في الفخر والحماسة:
لئن ثلمت حدي صروف النوائب
…
فقد أخلصت سبكي بنار التجارب
وفي الأدب الباقي الذي وهبني
…
عزاء من الأموال عن كل ذاهب
فكم غاية أدركتها غير جاهد
…
وكم رتبة قد نلتها غير طالب
وما كل وان في الطلاب بمخطئ
…
ولا كل ماض في الأمور بصائب
سمت بي إلى العلياء نفس أبيه
…
ترى أقبح الأشياء أخذ المواهب
بعزم يريني ما أمام مطالبي
…
وحزم يريني ما وراء العواقب
وما عابني جاري سوى أحاجتي
…
اكفلها من دونه للأجانب
وإن نوالي في الملمات واصل
…
اباعد أهل الحي قبل الأقارب
وليس حسود ينشر الفضل عائباً
…
ولكنه مغرى بعد المناقب
وما الجود إلا حلية مستجادة
…
إذا ظهرت أخفت وجوه المعائب
لقد هذبتني يقظة الرأي والنهي
…
إذا هذبت غيري صروف التجارب
واكسبني قومي وأعيان معشري
…
حفاظ المعالي وابتذال الرغائب
سراة يقر الحاسدون بفضلهم
…
كرام السجايا والعىى والمناصب
إذا جلسوا كانوا صدور مجالس
…
وإن ركبوا كانوا صدور مواكب
أسود تعانت بالقنا عن عرينها
…
وبالبيض عن أنيابها والمخالب
يجودون للمراجي بكل نفيسة
…
لديهم سوى أعراضهم والمناقب
إذا نزلوا بطن الوهاد لغامض
…
من القصد اذكوا نارهم بالمناكب
وإن ركزوا غب الطعان رماحهم
…
رأيت رؤوس الأسد فوق الثعالب
فأصبحت أفني ما ملكت لأقتني
…
به الشكر كسباً هو أسنى المكاسب
وأراهن قولي عن فعالي كأنه
…
عصا الحارث الدعمي أو قوس حاجب
ومن يك مثلي كامل النفس يغتدي
…
قليلاً معاديه كثير المصاحب
فما للعدى دبت أراقم كيدهم
…
إلي وما دبت إليهم عقاربي
وإني ليدمي قائم السيف راحتي
…
إذا دميت منهم خدود الكواعب
وما كل من هز الحسام بضارب
…
ولا كل من أجرى اليراع بكاتب
وما زلت فيهم مثل قدح بن مقبل
…
بتسعين أمسى مقبلا غير خائب
فإن كلموا منا الجسوم فإنها
…
فلول سيوف ما نبت في المضارب
وما عابني إن كلمتني سيوفهم
…
فلول سيوف ما نبت في المضارب
وما عابني إن كلمتني سيوفهم
…
إذا ما نبت عن سيوفي المثالب
ولما أبت إلا نزالا كماتهم
…
درأت بمهري في صدور المقانب
فعملت شم الأرض شم انوفهم
…
وعودت ثغر الترب لثم الترائب
بطرف علافي قبضة الريح سابيح
…
له أربع تحكي أنامل حاسب
تلاعب أثناء الحسام مزاجه
…
وفي الكر يبدي كرة غير لاعب
ومسرودة من نسج داود نثره
…
كلمع غدير ماؤه غير ذائب
واسمر مهزوز المعاطف ذابل
…
وابيض مسنون الغرارين قاضب
إذا صدفته العين أبدي توقدا
…
كأن على متنيه نار الحباحب
ثنى حده فرط الضراب فلم يزل
…
حديد فرند المتن رث المضارب
صدعت به هام الخطوب فرعتها
…
بأفضل مضروب وأفضل ضارب
وصفراء من ورق الأراوى نحيفة
…
إذا جذبت صرت صرير الجنادب
لها ولد بعد الفطام رضاعه
…
يسر عقوقاً رفضه غير واجب
إذا قرب الرامي إلى فيه نحره=سعى نحوه بالقسر سعي المجانب
فيقبل في بطء كخطوة سارق
…
ويدبر في جري كركضة هارب
هناك فجأت الكبش منهم بضربة
…
فرقت بها بين الحشا والترائب
لدى وقعة لا يقرع السمع بينها
…
بغير انتداب الشوس أندب نادب
فقل للذي ظن الكتابة غايتي
…
ولا فضل لي بين القنا والقواضب
بحد يراعي أو حسامي علوته
…
وبالكتب ارديناه أم بالكتائب
وكم ليلة خضت الدجى وسماؤه
…
معطلة من حلي در الكواكب
سريت بها الجو والسحب مقتم
…
فلما تبدي النجم قلت لصاحبي
أصاح ترى برقا أريك وميضة
…
يضيء سناه أم مصابيح راهب
بحرف حكى الحرف المفخم صوتها
…
سليلة نجب ألحقت بنجائب
تعافت ورود الماء أن سبق القطا
…
إليه وما علت به في المشارب
قطعت بها خوف الهوان سباسبا
…
إذا قلت تمت أردفت بسباسب
يسامرني في الفكر كل بديعة
…
منزهة الألفاظ عن قدح عائب
ينزلها الشادون في نعغماتهم
…
وتحدو بها طوراً حداة الركائب
فأدركت ما أملت في طلب العلى
…
ونزهت نفسي عن طلاب المواهب
ونلت بها سؤلي من العزلا الغنى
…
وما عد من عاف الهبات بخائب
وله في الحماسة أيضاً:
سلي الرماح العوالي عن معالينا
…
واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
وسائلي العرب والأتراك ما فعلت
…
في أرض قبر عبيد الله أيدينا
لما سعينا فما رقت عزائمنا
…
عما نروم ولا خابت مساعينا
يا يوم وقعة زوراء العراق وقد
…
دنا الأعادي كما كانوا يدينونا
بضمر ما رطناها مسمومة
…
إلا لنعزو بها من بات يغزونا
وفتية أن نقل أصغوا مسامعهم
…
لقولنا أو دعوناهم أجابونا
قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة
…
يوماً وإن حكموا كانوا موازينا
تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت
…
نار الوغى خلتهم فيها مجانينا
إذا ادعوا جاءت الدنيا مصدقة
…
وغن دعوا قالت الأيام آمينا
إن الزرازير لما قام قائمها
…
توهمت أنها صارت شواهينا
ظنت تأني الزاة الشهب عن جزع
…
وما درت أنه قد كان تهوينا
بيادق ظفرت أيدي الرخاخ بها
…
ولو تركناهم صاروا فرازينا
ذلوا بأسيافنا طول الزمان فمذ
…
تحكموا أظهروا أحقادهم فينا
لم يغنهم مالنا عن نهب أنفسنا
…
كأنهم في أمان من تقاضينا
أخلوا المساجد من أشياخنا وبغوا
…
حتى حملنا فأخلينا الدواوينا
ثم أثنينا وقد ظلت صوارمنا
…
تميس عجباً ويهتز القنا لينا
وللدماء على أثوابنا علق
…
بنشره عن عبير المسك يغنينا
فيالها دعوة في الأرض سائرة
…
قد اصبحت في فم الأيام تلقينا
أنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً
…
أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا سود وقائعنا
…
خضؤر مرابعنا حمر مواضعا
لا يظهر العجز منا دون نيل منى
…
ولو رأينا المنايا في أمانينا
ما أعوزتنا فرامين نصول بها
…
إلا جعلنا مواضينا فرامين
إذا جرينا إلى سبق العلى طلقاً
…
إن لم نكن سبقاً كنا مصلينا
نغشى الخطوب بأيدينا فندفعها
…
وإن دهتنا دفعناها بأيدينا
ملك إذا فوقت نبل العدو لنا
…
رمت عزائمه من بات يرمينا
عزائم كالنجوم الشهب ثاقبة
…
ما زال يحرق فيهن الشياطينا
أعطى فلا جوده قد كان عن غلط
…
منه ولا أجره قد كان ممنونا
وكم عدو لا أمسى بسطوته
…
يبدي الخضوع لنا ختلا وتسكينا
كالصل يظهر ليناً عند ملمسه
…
حتى يصادف في الأعضاء تمكينا
يطوي لنا الغدر في نصح يشير به
…
ويمزج السم في شهد ويسقينا
وقد نغض ونغضي عن قبائحه
…
ولم يكن ذاك عجزاً عن تقاصينا
لكن تركناه إذا بتنا على ثقة
…
أن الأمير يكافيه فيكفينا
وقال مسمطاً قصيدة السمؤال بن عادياء في الحماسة:
قبيح بمن ضاقت عن الرزق أرضه
…
وطول الفلا رحب لديه وعرضه
ولم يبدل سربال الدجى فيه كضه
…
إذا المرء لمك يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
إذا المرء لم يحجب عن العين نومها
…
ويغلي من النفس النفسية سومها
أضيع ولم تأمن معاليه لومها
…
وإن هو لم يجمل على النفس ضيمها
فليس إلى حسن الثناء سبيل
وعصبة غدر أرغمتها جدودنا
…
وباتت ومنها ضدنا وحسودنا
إذا عجزت عن فعل كيد يكيدينا
…
تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
رفعنا على هام السماك محلنا
…
فلا ملك إلا تفيأ ظلنا
فقد خاف جيش الأكثرين أقلنا
…
وما قل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلى وكهول
يوازي الجبال الراسيات وقارنا
…
وتبنى على هام المجرة دارنا
ويأمن من صرف الحوادث جارنا
…
وما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
ولما حللنا الشام تمت أموره
…
لنا وحبانا ملكه وأميره
وبالنيرب الأعلى الذي عزطوره
…
لنا جبل يحتله من نجيره
منيع يرد الطرف وهو كليل
يريك الثريا من خلايا شعابه
…
وتحدق شهب الأرض حول هضابه
ويعثر خطو السحب دون ارتكابه
…
رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
وقصر على الشقراء قدفاض نهره
…
وفاق على فخر الكواكب فخره
وقد شاع ما بين البرية شكره
…
هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره
يعز على من رامه ويطول
إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة
…
لندرك ثأراً أو لنبلغ رتبة
نزيد غداة الكر في الموت رغبة
…
وإنا لقوم لا نرى القتل سبة
إذا ما رأته عامر وسلول
أبادت ملاقاة الحروب رجالنا
…
وعاش الأعادي حين ملوا قتالنا
لانا إذا رام العداة نزالنا
…
يقرب حب الموت آجالنا لنا
وتكرهه آجالهمخ فتطول
فمنا معيد الليث في فيض كفه
…
ومورده في أسره كاس حتفه
ومنا مبيد الألف في يوم زحفه
…
وما مات منا سيد حتف أنفه
ولا طل يوماً حيث كان قتيل
إذا خاف ضيماً جارنا وجليساً
…
فمن دونه أموالنا ورؤوسنا
وإن أججت نار الوقائع شوسنا
…
تسيل على حد الظبات نفوسنا
وليست على غير الظبات تسيل
جنى نفعنا الأعداء طوراً وضرنا
…
فما كان أحلانا لهم وأمرنا
ومذ خطبوا يوماًُ صفانا وبرنا
…
صفونا فإنكدر واخلص سرنا
اناث اطابت حملنا وفحول
لقد وفرت العلياء في المجد قسطنا
…
وما خالفت في منشأ الأصل شرطنا
فمذ حاولت في ساحة العز هبطنا
…
علونا إلى خير الظهور وحطنا
لوقت إلى خير البطون نزول
…
تقر لنا الأعداء عند انتسابنا
وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا
لقد بلغت أيدي العلى في انتخابنا
…
فنحن كماء المزن مافي نصابنا
كهام ولا فينا يعد بخيل
نغيث بني الدنيا ونحمل هولهم
…
كما يومنا في العز يعدل حولهم
نطول اناساًَ تحسد السحب طولهم
…
وننكر أن شئنا على الناس قولهم
ولا ينكرن القول حين نقول
لا شياخنا سعي به الملك أيدوا
…
ومن سعينا بيت العلاء مشيد
فلازال منا في الدسوت مؤيد
…
إذا سيد منا خلا قام سيد
قوؤل بما قال الكرام فعول
سبقنا إلى شأو العلى كل سابق
…
وعم عطانا كل راج ووامق
فكم قد خبت في المحل نار منافق
…
وما أخمدت نار لنا دون طارق
ولاذمنا في النازلين نزيل
علونا فكان النجم دون علونا
…
وسام العداة الخسف فرط سمونا
فمإذا يسر الضد في يوم سوئنا
…
وأيامنا مشهورة في عدونا
لها غرر معلومة وحجول
لنا يوم حرب الخارجي وتغلب
…
وقائع فلت للظبى كل مضرب
فاحسابنا من بعد فهر ويعرب
…
وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قراع الدارعين فلول
ابدنا الاعادي حين ساء فعالها=فعاد عليها كيدها ونكالها
ببيض جلاليل العجاج صقالها
…
معودة أن لا تسل نصالها
فتغمد حتى يستباح قتيل
هم هونوا في قدر من لم يهنهم
…
وخانوا غداة السلم من لم يخنهم
فان شئت خير الحال منا ومنهم
…
سلي أن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
لئن ثلم الأعداء عرضي بسومهم
…
فكم حلموا بي في الكرى عند نومهم
وان أصبحوا قطباً لابناء قومهم
…
فان بني الديان قطب لقومهم
تدور رحاهم حولهم وتجول وقال وكتب بها اى صديق تاخر عنه في واقعة، وكان قد انجده في عدة وقائع، وهي من أحسن أنواع التضمين التي اخترعها وأصعبها، وذلك انه عمد إلى عشرين بيتاً ن قصيدة الطغرائي على الترتيب فخرج صدورها باعجاز عشرين بيتاً من قصيدة المتنبي التي عاتب سيف الدولة، وناسب بينهما مناسبة عجيبة يوافق غرضه ولم يغرم فيها من نظمه إلا المطلع وأول بيت الختام وهي: قل للخلي الذي قد نام عن سهري=ومن بجسمي وحالي عنده سقم
تنام عني وعين النجم ساهرة
…
واحر قلباه ممن قلبه شبم
فقالحب حيث العدى والاسد رابضفليت أنا بقدر الحب نقتسم
فهل تعين على غمي هممت به
…
في طيه أسف في طيه نعم
حب السلامة يثني عزم صاحبه
…
إذا استوت عنده الانوار والظلم
فان جنحت إليه فاتخذ نفقا
…
ليحدثن لمن ودعتهم ندم
رضى الذليل بخفض العيش يخفضه
…
وقد نظرت إليه والسيوف دم
أن العلى حدثتني وهي صادقة
…
أن المعارف في أهل النهى ذمم
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعا
…
واسمعت كلماتي من به صمم
لعله أن بدا فضلي ونقصهم
…
أدركتها بجواد ظهره حرم
أعلل النفس بالآمال أطلبها
…
لو أن أمركم من أمرنا أمم
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها
…
حتى ضربت وموج الموت يلتطم
ما كنت أو ثران يمتد بي زمن
…
شهب البزاة سواء فيه والرخم
أعدى عدوك أدنى من وثقت به
…
فلا تظنن أن اللييث مبتسم
وحسن ظنك بالايام معجزة
…
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
أن كان ينجح شيء في ثباتهم
…
فما لجرح إذا أرضاكم ألم
يا وراداً سؤر عيش صفوه كده
…
وشرما يكسب الإنسان ما يصم
فيم اعتراضك ج البحر تركبه
…
والله يكره ما تأتون والكرم
ويا خبيراً على الاسرار مطلعا
…
فيك الخصام وانت الخصم والحكم
قد رشحوك لامر لو فطنت له
…
تصافحت فيه بيض الهند واللمم
فافطن لتضمين لفظ فيك أحسبه
…
قد ضمن الدر إلا انه كلم
وقال يمدح نجم الدين غازي بن أرتق ماردين سنة 702 ويهنئه بعيد النحر:
لا يمتطي المجد من لا يكب الخطرا
…
ولا ينال العلى من قدم الحذرا
ومن أراد العلى عفواً بلا تعب
…
قضى ولم يقض مما رامه وطرا
لابد للشهد من نحل يمنعه
…
لا يجتني النفع من لا يحمل الضررا
لا يبلغ السؤال إلا بعد مؤلمة
…
ولا تتم المنى إلا لمن صبرا
وأحزم اناس من لو مات من ظمأ
…
لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا
وأغزر الناس عقلاً من إذا نظرت
…
عيناه أمراً غدا بالغير معتبرا
فقد يقال عثار الرجل أن عثرت
…
ولا يقال عثار الرأي أن عثرا
من دبر العيش بالآراء دام له
…
صفواً وجاء إليه الخطب معتذرا
يهون بالرأي ما يجري القضاء به
…
من اخطأ الرأي لا يستعتب القدرا
من فاته العز بالاقلام أدركه
…
بالبيض تقدح من أعطافها الشررا
بكل ابيض قد أجرى الفرند به
…
ماء الردى فلو استقطرته قطرا
خاض العجاجة عرياناً فما انقشعت
…
حتى اتى بدم الابطال متزرا
لا يحسن الحلم إلا في مواطنه
…
ولا يليق الندى إلا لمن شكرا
ولا ينال العلى إلا فتىً شرفت
…
خلاله فاطاع الدهر ما أمرا
كالصالح الملك الموهوب سطوته
…
فلو توعد قلب الليث لانفطرا
لما رأى الشر قد أبدى نواجذه
…
والغدر عن نابه للحرب قد كشرا
رأى اقسي اناثا في حقيقتها
…
فعافها واستشار الصارم الذكرا
فجرد العزم من قبل الصفاح لها
…
ملك عن البيض يستغني بما شهرا
يكاد يقرأمن عنوان همته
…
ما في صفائف ظهر الغيب قد سطرا
كالبحر والدهر في يومي ندى وردى
…
والليث والغيث في يومي وغى وقرى
ما جاد للناس إلا قبل ما سألوا
…
ولا عفا قط إلا بعد ما قدرا
لاموه في بذله الأموال قلت لهم
…
هل تقدر السحب ألا ترسل المطرا
إذا غدا الغصن غضا في منابته
…
من شاء فليجن من أفنانه الثمرا
من آل ارتق المشهور ذكرهم
…
إذا كان كالمسك أن أخفيته ظهرا
الحاملين من الخطي أطوله
…
والناقلين من الأسياف ما قصرا
لم يرحلوا عن حمى أرض إذا نزلوا
…
إلا وأبقوا بها من جودهم أثرا
تبقى صنائعهم في الأرض بعدهم
…
والغيث أن سار أبقى بعده الزهرا
لله در سما الشهباء من فلك
…
فكلما غاب نجم أطلعت قمراً
يا أيها الملك الباني لدولته
…
ذكرا طوى ذكر أهل الأرض وانتشرا
كانت عداك لها دست فقد صدعت
…
حصاة جدك ذاك الدست فانكسرا
أوقع إذا غدروا سوط العذاب بهم
…
يظل يخشاك من آذى ومن غدرا
وأرعب قلوب العدى تنصر بخذلهم
…
أن النبي بفضل الرعب قد نصرا
وولا تكدر بهم نفساً مطهرة
…
فالبحر من يومه لا يعرف الكدرا
ظنوا تأنيك عن عجز وما علموا
…
أن التأني فيهم يعقب الظفرا
أحسنتم فبغوا جهلاً وما اعترفوا
…
لكم ومن كفر النعما فقد كفرا
واسعد بعيدك ذا الاضحى وضح به
…
وصل وصل لرب العرش مؤتمرا
وانحر عداك فبالانعام ما صلحوا
…
أن كان غيرك للأنعام قد نحرا
وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
كفى البدر حسناً أن يقال نظيرها
…
فيزهى ولكنا بذاك نضيرها
وحسب غصون البان أن قوامها
…
يقاس به ميادها ونضيرها
اسير حجول مطلقات لحاظها
…
قضى حسنها أن لا يفك أسيرها
تهيم بها العشاق خلف حجابها
…
فكيف إذا ما آن منها سفورها
وليس عجيباً أن غررت بنظرة
…
إليها فمن شأن البدور غرورها
وكم نظرة قادت إلى القلب حسرة
…
يقطع أنفاس الحياة زفيرها
فواعجبا كم نسلب الاسد في الوغى
…
وتسابنا من أعين الحور حورها
فتور الظبى عند القراع يشينها
…
وما يرهف الاجفان إلا فتورها
وجذوة حسن في الخدود لهيبها
…
يشب ولكن في القلوب سعيرها
إذا انستها مقلتي خر صاعقاً
…
جناني وقال القلب لادك طورها
وسرب ظباء مشرقات شموسه
…
على حلة عد النجوم بدورها
تمانع عما في الكناس أسودها
…
وتحرس ما تحوي القصور صقورها
تغار من الطيف الملم حماتها
…
ويغضب من مر النسيم غيورها
إذا ما رأى في النوم طيفاً يزورها
…
توهمه في اليوم ضيفا يزورها
نظرنا فاعدتنا السقام عيونها
…
ولذنا فأولتنا النحول خصورها
وزرنا فأسد الحي تذكي لحاظها
…
ويسمع في غاب الرماح زئيرها
فيا ساعد الله المحب لأنه
…
يرى غمرات الموت ثم يزورها
ولما ألمت المزيارة خلة
…
وسجف الدياجي مبلات ستورها
سعت بيننا الواشون حتى حجولها
…
ونمت بنا الاعداء حتى عبيرها
وهمت بنا لولا غدائر شعرها
…
خطى الصبح لكن قيدته ضفورها
ليالي يعيديني زماني على المدى
…
وان ملئت حقداً على صدورها
ويسعدني شرخ الشبيبة والغنى
…
إذا شأنها اقتارها وقتيرها
ومذقلب الدهر المجن أصابني
…
صبوراً على حال قليل صبورها
فلو تحمل الأيام ما أنا حامل
…
لما كاد يمحو صبغة الليل نورها
سأصبر إما أن تدور صروفها
…
علي وإما تستقيم أمورها
فإن تكن الخنساء إني صخرها
…
وإن تكن الزباء اني قصيرها
وقد أرتدي ثوب الظلام بجسرة
…
عليها من الشوس الحماة جسورها
كأني باحشاء السباسب خاطر
…
فما وجدت إلا وشخصي ضميرها
وصادية الأحشاء غضي بآلها
…
يعز على الشعرى العبور عبورها
ينوح بها الخريت ندباً لنفسه
…
إذا اختلفت حصباؤها وصخورها
إذا وطئتها الشمس سأل لعابها
…
وان سلكتها الريح طال هديرها
وإن قامت الحربا توسد شعرها
…
أصيلاً إذاب الطرف منها هجيرها
تجنب عنها للحذار جنوبها
…
وتدبر عنها في الهبوب دبورها
خبرت مرامي أرضها فقتلتها
…
وما يقتل الأرضين إلا خبيرها
بخطوة مر قال أمون عثارها
…
كثير على وفق الصواب عثورها
ألذ من الأنغام رجع بغامها
…
وأطيب من سجع الهديل هديرها
نساهم شطر العيش عيشاً سواهما
…
لفرط السرى لم يبق إلا شطورها
حروف كنونات الصحائف أصبحت
…
تخط على طرس الفيافي سطورها
إذا نظمت نظم القلائد في البرى
…
تقلدها خصر الربى ونحورها
طواها طواها فاغتدت وبطونها
…
تجول عليها كالوشاح ضفورها
يعبر عن فرط الحنين أنينها
…
ويعرب عما في الضمير ضمورها
نسير بها نحو الحجاز وقصدها
…
ملاعب شعبي بابها وقصورها
فلما ترامت عن زود ورماها
…
ولاحت لها أعلام نجد وقورها
وصدت يميناً عن شميط وجاوزت
…
ربى قطن والشهب قد شف نورها
وعاج بها عن رمل عاج دليلها
…
فقامت لعرفان المراد صدورها
غدت تتقاضاها المسير لأنها
…
إلى نحو خير المرسلين مسيرها
ترض الحصى شوقاً لمن سبح الحصى
…
لديه وحيا بالسلام بعيرها
إلى خير مبعوث إلى خير أمة
…
إلى خير معبود دعاها بشيرها
ومن أنقذت مع وضعه نار فارس
…
وزلزال منها عرشها وسريرها
ومن نطقت توراة موسى بفضله
…
وجاء به انجيلها وزبورها
ومن بشر الله العباد بأنه
…
مبشرها عن إذنه ونذيرها
محمد خير المرسلين بأسرها
…
وأولها في الفضل وهو أخيرها
أيا آية الله التي قد تبلجت
…
على خلقه أخفى الضلال ظهورها
عليك سلام الله يا خير مرسل
…
إلى أمة لولاه دام غرورها
عليك سلام الله يا خير شافع
…
إذا النار ضم الكافرين حصيرها
عليك سلام الله يا من تشرفت
…
به الأنس طراً واستتم سرورها
عليك سلام الله يا من تعبدت
…
له الجن وانقادت إليه امورها
إلى أن قال في مدح أهل البيت رضي الله عنهم:
جبال إذا ما الهضب دكت جبالها
…
بحار إذا ما الأرض غارت بحورها
شموس لكم في الغرب ردت شموسها
…
بدور لكم في الشرق شقت بدورها
إذا جولست للبذل ذل نظارها
…
وإن سوجلت في الفضل عز نظيرها
وقال في الصحب رضي الله عنهم:
وصحبك خير الصحب والغرر التي
…
بها أمنت من كل أرض ثغورها
كماة حماة في القراع وفي القرى
…
إذا شط قاريها وطاش وقورها
إلى أن قال: إذا ما القوافي لم تحط بصفاتكم=فسيان منها جمها ويسيرها وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر.
وقال يمدح الملك الناصر لدين الله محمد بن قلاوون وقد اقترح عليه أرباب الدولة معارضته قصيدة المتنبي: (بابي الشموس الجانحات غواربا) .
أسبلن من فوق النهود ذوائباً
…
فتركن حبات القلوب ذوائباً
وجلون من صبح الوجوه أشعة
…
غادرن فود الليل منها شائباً
بيض دعاهن الغبي كواعبا
…
ولو استبان الرشد قال كواكبا
وربائب فإذا رأيت نفارها
…
من بسط انسك خلتهن رباربا
سفهن رأي المانوية عندما
…
اسبلن من ظلم الشعور غيابها
وسفرن لي فرأين شخصاً حاضراً
…
شدهت بصيرته وقلباً غائباً
أشرقن في حلل كان وميضها
…
شفق تدرعه الشموس جلاببا
وغربن في كلل فقلت لصاحبي
…
بأبي الضشموس الجانحات غواربا
ومعربد الحظات يثني عطفه
…
فيخال من مرح الشبيبة شاربا
حلو التعتب والدلال يروعه
…
عتبي ولست أراه إلا عاتبا
عاتبته فتضرجت وجناته
…
وازور ألحاظا وقطب حاجبا
فإذا بني الخد الكليم وطرفه
…
ذو النون إذا ذهب الغداة مغاضبا
ذو منظر تغدو القلوب لحسنه
…
نهباً وان منح العيون مواهبا
لا بدع أن وهب النواظر حظوة
…
من نوره ودعاه قلبي ناهبا
فمواهب السلطان قد كست الورى
…
نعماً وتدعوه القساور سالبا
الناصر الملك الذي خضعت له
…
صيد الملوك مشارقاً ومغاربا
ملك يرى تعب المكارم راحة
…
ويعد راحات الفراغ متاعبا
بمكارم تذر السباسب أبحراً
…
وعزائم تذر ابحار سباسبا
لم تخل ارض من ثناه وان خلت
…
من ذكره ملئت قنا وقواضبا
ترجى مواهبه ويرهب بطشه
…
مثل الزمان مسالماً ومحاربا
فإذا سطا ملأ القلوب مهابةً
…
وإذا سخا ملأ العيون مواهبا
كالغيث يبعث من عطاه وابلاسبطاً ويرسل من سطاه حاصبا
كالليث يحمي غابه بزئيره
…
طوراً وينشب في القنيص مخالبا
كالسيف يبدي للنواظر منظراً
…
طلقاص ويمضي في الهياج مضاربا
كالسيل تحمد منه عذباً واصلا
…
ويعده قوم عذاباً واصباً
كالبحر يهدي للنفوس نفائساً
…
منه ويبدي للعيون عجائبا
فإذا نظرت ندى يديه ورأيه
…
لم تلف إلا صيبا أو صائبا
ابقى قلاوون الفخار لولده
…
ارثاً ففازوا بالثناء مكاسبا
قوم إذا سئموا الصوافن صيروا
…
للمجد أخطار الامور مراكبا
عشقوا الحروب تيمناً بلقى العدى
…
فكأنهم حسبوا العداة حبائبا
وكأنما ظنوا السيوف سوالفاً
…
واللدن قداً والقسي حواجبا
يا أيها الملك العزيز ومن له
…
شرف يجر على النجوم ذوائبا
أصلحت بين المسلمين بهمة
…
تذر الاجانب بالوداد أقاربا
ووهبتهم زمن الامان فمن رأى
…
ملكا يكون له الزمان مواهبا
فرأوا خطاباً كان خطباً فادحاً
…
لهم وكتباً كن قبل كتائبا
وحرست ملكك من رجيم مارد
…
بعزائم أن صلت كن قواضبا
حتى إذا خطف المكافح خطفة
…
أتعبته منها شهابا ثاقبا
لا ينفع التجريب خصمك بعدما
…
أفنيت من أفنى الزمان تجاربا
صرمت شمل المارقين بصارم
…
تبديه مسلوباً فيجع سالبا
صافي الفند حكى صباحاً جامداً
…
أبدى النجيع به والعجاج سحائبا
وكتيبة تذر الصهيل رواعدا
…
والبيض برقاً والعجاج سحائبا
حتى إذا ريح الجلاد حدت لها
…
مطرت فكان الوبل نبلا صائبا
بذوائب ملد يخلن أراقماً
…
وشوائل جرد يخلن عقاربا
تطأ الصدور من الصدور كأنما
…
تعتاض من وطء التراب ترائبا
فاقمت تقسم للوحوش وظائفا
…
فيها وتصنع للنسور مآدبا
وجعلت هامات الكماة منابراً
…
وأقمت حد السيف فيها خاطبا
يا راكب الطر الجليل وقوله
…
فخراً بمجدك لا عدمت الراكبا
صيرت أسحار السماح بواكراً
…
وجعلت أيام الكفاح غياهبا
وبذلت للمداح صفو خلائق
…
لو إنها للبحر طاب مشاربا
فرأوك في جنب النضار مفرطاً
…
وعلى صلاتك والصلاة مواظبا
أن يحرس الناس النضار بحاجب
…
كان السماح لعين مالك حاجبا
لم يملؤوا فيك البيوت غرائبا
…
إلا وقد ملأوا البيوت رغائبا
أوليتني قبل المديح عناية
…
وملأت عيني هيبة ومواهبا
ورفعت قدري في الانام وقد رأوا
…
مثلي لمثلك خاطباً ومخاطباً
في مجلس سوى الخلائق في الندى
…
وترتيب فيه الملوك مراتبا
وافيته في الفلك أسعى جالساً
…
فخراً على من جاء يمشي راكبا
فأقمت انفذ في الزمان أوامراً
…
مني وأنشب في الخطوب مخالبا
وسقتني الدنيا غداة أتيته
…
رياً وما مطرت علي مصائبا
فطفقت أملأ من ثناك ونشره
…
حقباً واملأ من نداك حقائبا
اثني فتثنيني صفاتك مظهرا
…
عياً وكم أعيت صفاتك خاطبا
لو أن أغصانا جميعاً السن
…
تثني عليك لما قضين الواجبا
وقال يمدح السلطان المنصور غازي بن أرتق، ويصف فيها ديواناً نظمه فيه على حروف المعجم وهي تسعة وعشرين قصيدة تسمى المحبوكات:
أن لم أزر ربعكم سعياً علبى الحدق
…
فان ودي منسوب إلى الملق
تبت يدي أن ثنتني عن زيارتكم
…
بيض الصفاح ولو سدت بها طرقي
يا جيرة الحي هلا عاد وصلكم
…
لمدنف من خمار الوجد لم يفق
لا تنكروا فرقي من بعد بعدكم
…
أن الفراق لمشتق من الفرق
لله ليلتنا بالقصر كم قصرت
…
فظلت مصطحباً في زي مغتبق
وبات بدر الدجى فيها يسامرني
…
منادماً فيزين الخلق بالخلق
فكم خرقنا حجاباً للعتاب بها
…
وللعفاف حجاب غير منخرق
والصبح قد اخلقت ثوب الدجى يده
…
وليته جاد للعشاق بالخلق
ابلى الظلام ومإذا لو يجود به
…
على جفون لطيب الغمض لم تذق
ما أحسن الصبح لولا قبح سرعته
…
وأعذب الليل لولا كثرة الأرق
هب النسيم عراقياً فشوقني
…
وطالمل هب نجدياً فلم يشق
فما تنفست والأرواح سارية
…
إلا اشتكت نسمات الريح في حرقي
ذر أيها الصب تذكار الديار إذا
…
متعت فيها بعيش غير متسق
فكم ضممت وشاحا بالظلام بها
…
ما زاد قلبك إلا كثرة القلق
فخل تذكار زوراء العراق إذا
…
جاءت نسيم الصبا بالمندل العبق
فهذه شهب الشهباء ساطعة
…
وهذه نسمة الفردوس فانتشق
فتلك أفلاك سعد لا يلوذ بها
…
من مارد لخفي السمع مسترق
سماء وجه بدا فيها فزينها
…
بدر تخر لديه أنجم الافق
ملك غدا الجود يجري من أنامله
…
فلو تكلف ترك الجود لم يطق
أعاد ليل الورى صبحاً وكم ركضت
…
جياده فأرتنا الصبح كالغسق
مشتت العزم والأموال ما تركت
…
يداه للمال شملا غير مفترق
إذا رأى ماله قالت خزائنه
…
افديك من ولد بالثكل ملتحق
لولا ابو الفتح نجم الدين ما فتحت
…
أبواب فضل عليها اللؤم كالغلق
ملك به اكتسب الأيام ثوب بهاً
…
مثل اكتساء غصون البان بالورق
تهوى الحروب مواضيه فان ذكرت
…
جنت فلم تر منها غير مندلق
حتى إذا جردت في الروع أغمدها
…
في كل سابغة مسرودة الحلق
يأيها الملك المنصور طائره
…
ومن أياديه كالاطواق في عنقي
أحييت بالجود آثار الكرام وقد
…
كان الندى بعدهم في آخر الرمق
لو أشبهتك بحار الأرض في كرم
…
لأصبح الدر مطرحاً على الطرق
لو أشبه الغيث جوداً منك منهمراً
…
لم ينج في الأرض مخلوق من الغرق
كم قد أبدت من الاعداء من فئة
…
تحت العجاج وكم فرقت من فرق
رويت يوم لقاهم كل ذي ظماء
…
في الحروب حتى جلال الخيل بالعرق
ويوم وقعة عباد الصليب وقد
…
أركبتهم طبقاً في البيد عن طبق
مزقت بالموصل الحدباء شملهم
…
في مأزق بوميض البيض ممتزق
بكل أبيض دامي الخد تحسبه
…
صبحاً عليه دم الابطال كالشفق
آلى على غمده أن لا يراجعه
…
إلا إذا عاد محمراً من العلق
فاسبشرت فئة الإسلام إذا لمعت
…
لهم بوارق ذاك العرض الغدق
وأصبح العدل مرفوعاً على نشز
…
لما وليت وبات الجور في نفق
كم قد قطعت إليك البيد ممتطياً
…
عزماً إذا ضاق رحب الأرض لم يضق
يدلني في الدجى مهري ويؤنسني
…
حد الحسام إذا ما بات معتنقي
والليل أطول من عذل العذول على
…
سمعي وأظلم من مرآه في حدقي
أهدي قلائد أشعار فرائدها
…
در نهضت به من أبحر عمق
يضمها ورق لولا محاسنه
…
ما لقبوا افضة البيضاء بالورق
نظمتها فيك ديواناً ازف يه
…
مدائحاً في سوى علياك لم ترق
ولو قصدت به تجديد وصفكم
…
لكان ذلك منسوباً إلى الحمق
تسع وعشرون إذا عدت قصائدها
…
ومثلها عدد الابيات في النسق
لم أقتنع بالقوافي في أواخرها
…
حتى لزمت أو إليها فلم تعق
ما أدركت فصحاء العرب غايتها
…
قبلي ولا أخذوا من مثلها شبقي
جرت لتركض في ميدان حومتها
…
قوم فأوقفتهم في أول الطرق
فليحسن اعذر عن ايرادهن إذا
…
رأيت جري لساني غير منطلق
فلو رأت بأسك الآساد لاضطربت
…
به فرائصها من شدة مرتتق
لقد رفعتم باسداء الجميل لكم
…
ذكراً إذا قبض الله الانام بقي
لا زال يهمي على الوفاد نائلكم
…
بوابل ن سحاب الجود مندفق
وقد سمى هذه القصائد: درر النحور في مدائح المنصور وهذه الأولى منها:
ابت الوصال مخافة الرقباء
…
واتتك تحت مدارع الظلماء
أصفتك من بعد الصدود مودة
…
وكذا الدواء يكون بعد الداء
أحيت بزورتها النفوس وطالما
…
ضنت بها فقضت على الاحياء
أتت بليل والنجوم كأنها
…
درر بباطن خيمة زرقاء
أمست تعاطيني المدام وبيننا
…
عتب غنيت به عن الصهباء
أبكي وأشكو ما لقيت فتلتهي
…
عن در الفاظي بدر بكائي
آبت إلى جسدي لتنظر ما انتهت
…
من بعدها فيه يد البرحاء
ألفت به وقع الصفاح فراعها
…
جزعاً وما نظرت جراح حشائي
أمصيبة منا بنبل لحاظها
…
ما أخطأته أسنة الأعداء؟
اعجبت مما قد رأيت وفي الحشا
…
أضعاف ما عانيت في الأعضاء؟
أمسي ولست بسالم من طعنة
…
نجلاء أو من مقلة كحلاء
أن الصوارم واللحاظ تعاهدا
…
أن لا أزال مزملا بدمائي
أجنت علي بما رأيت معاشر
…
نظروا الي بمقلة عمياء
أكسبتهم مالي فمذ طلبوا دمي
…
لم أشكهم إلا إلى البيداء
أبعدت عن أرض العراق ركائبي
…
متنقلاً كتنقل الأفياء
أرجو بقطع البيد قطع مطامعي
…
وأروم بالمنصور نصر لوائي
أدركته فجعلت ألثم فرحةً بوصوله أخفاف نوق رجائي
أضحى يهنيني الزمان بقصده
…
ويشير كف العز بالايماء
أومت الي مشيرة أن لا تخف
…
وابشر فإنك في ذرى العلياء
أبماردين تخاف خطفه مارد
…
وشهابها في القلعة الشهباء؟
ألهيت عن قومي بملك عنده
…
تنسى البنون فضائل الآباء
إني تركت الناس حين وجدته
…
ترك اليتيم في وجود الماء
المرتقي فلك الفخار إذا اغتدى
…
وإذا بدا فالناس كالحرباء
أفنى جيوش عداته بخوافق
…
الرايات بل بسواكن الآراء
أسيافه نقم على أعدائه
…
وأكفه نعم على الفقراء
أن حل حل النهب في أركأنه
…
أو سار سار الخلف في الأعداء
أمجندل الأبطال بل يا منتهى
…
الآمال بل يا كعبة الشعراء
أقبلت نحوك في سواد مطالبي
…
حتى أتتني باليد البيضاء
أرقى إلى عرش الرجا رب الندى
…
فكأن يومي ليلة الاسراء
وقال في قافية الباء:
بدت لنا الروح في تاج من الحبب
…
فمزقت حلة الظلماء بالللهب
بكر إذا زوجت بالماء أولدها
…
أطفال در على مهد من الذهب
بقية من بقايا قوم نوح إذا
…
لاحت جلت ظلمة الأحزان والكرب
بعيدة العهد بالمعصار لو نطقت
…
لحدثنا بما في سالف الحقب
باكرتهم برفاق قد زهت بهم
…
قبل السلاف سلاف العلم والادب
بكل متشج بالفضل متزر
…
كأن في لفظه ضرباً من الضرب
بروضة ظل فيها الطل أدمعه
…
والدهر مبتسم عن ثغره الشنب
بكت عليه أساليب الحيا فغداجذلان يرفل في أثوابه القشب
بسط من الأرض قد حاكت مطارفها
…
يد الربيع وجادتها يد السحب
باتت تجود علينا بالمياه كما
…
جادت يد المك المنصور بالذهب
بحر تدفق بحر الجود من يده
…
فأصبح املك يزهو زهو معتجب
باد ببذل الندى قبل السؤال ومن
…
في دولة الترك أحيا ذمة العرب
بدر أضاءت ثغور الملك فابتسمت
…
به فكان لثغر المك كالشنب
بنى المعالي وأفنى المال نائله
…
فالملك في عرس والمال في حرب
ببأسه تذلل صعب الحادثات له
…
فأصبح الدهر يشكو شدة التعب
به تناسيت ما لاقيت من نصب
…
فاليوم قد عاد كالعنقاء في الهرب
بكم تبلج وجه الحق أبياتاص مشيدة
…
ولم يمد لها لولاك من طنب
بسطت في الأرض عدلاً لوله اتبعت
…
نوائب الدهر لم تغدر ولم تنب
بلغت سيفك في هام العدو كما
…
أنشبت سيف العطافي قمة النشب
باشر غرائب أشعاري فقد برزت
…
إليك ابكار افكاري من الحجب
بدائع من قريض لو أتيت بها
…
في غيركم كان منسوباً إلى الكذب
بقيت ما دام الأفلاك في نعم
…
محروسة من صروف الدهر والنوب
وكل هذه القصائد على هذا النمط التزم فيها الحرف في أول البيت وفي آخره إلى أن أكمل حروف المعجم فمن اراد الوقوف عليها فليراجع ديوانه: وقال يمدح الملك الناصر الصالح شمس الدين ابا المكارم صالح حين وي الملك بعد وفاة اخيه الملك العادل سنة 710 وأرسلها إليه من بغداد
ما هبت الريح إلا هزني اطرب
…
إذا كان للقلب في مر الصبا أرب
لذاك أن هيمنت في الدوح أنشده
…
بيني وبينك يا دوح الحمى نسب
يا جيزة الشعب لولا فرط بعدكم
…
لما غدا القلب بالأحزان ينتعب
فهل يجود بكم عدل الزمان لنا
…
يوماً وترفع فيما بيننا الحجب
يا سادة ما ألفنا بعدكم سكناولا اتخذنا بديلا حين نغترب
بود كم صار موصولا بكم نسبي
…
لا يوجد الحكم حتى يوجد السبب
فكيف أنساكم بعد المشيب وقد
…
صاحبتكم وجلابيب الصبا قشب
أم كيف أصبر مغتراً بأمنية
…
والدار تبعد والآجال تقترب
وقد زرتكم وعيون الخطب تلحظني
…
شزراً وتعثر في آثاري النوب
وكم قصدت بلاداً كي أمر بكم
…
وانتم القصد لا مصر ولا حلب
وكم قطعت إليكم ظهر مقفرة
…
لا تسحب الذيل في أرجائها السحب
ومهمه كماء الدجن معتكر
…
نواظر الأسد في ظلمائه شهب
حتى وصلت إلى نفس مؤيدة
…
منها اللهى والنهى والمجد يكتسب
بمجلس لو رآه الليث قال به
…
يا نفس في مثل هذا يلزم الأدب
منازل لو قصدناها بأرؤسنا
…
لكان ذاك علينا بعض ما يجب
ارض ندى الصالح السلطان وابلها
…
ورأيه لرحا أحوالها قطب
ملك به افتخرت أيامه شرفاً
…
واستبشرت بمعالي مجده الرتب
وقالت الشمس حسبي أن فخرت به
…
وجهي له شبه واسمي له لقب
لا يعرف العفو إلا بعد مقدرة
…
ولا يرى العذر إلا بعدما يهب
سماحة عنونت بالبشر غايتها
…
كما تعنون في غاياتها الكتب
وهمة حار فكر الواصفين لها
…
حتى تشابه منها الصدق والكذب
قالوا هو البدر قلت البدر ممتحق
…
قالوا هو الشمس قلت الشمس تحتجب
قالوا هو الغيث قلت الغيث منتظر
…
قالوا هو الليث قلت الليث مغتصب
قالوا هو السيل قلت السيل منقطع
…
قالوا هو البحر قلت البحر مضطرب
قالوا هو الظل قلت الظل منتقل
…
قالوا هو الدهر قلت الدهر منقلب
قالوا هو الطود قلت الطود ذو خرس
…
قالوا هو الموت قلت الموت يجتنب
قالوا هو السيف قلت السيف نندبه
…
وذاك من نفسه بالجود ينتدب
قالوا منهم بحكيه قلت لهم
…
كل حكاه ولكن فاته الشنب
يا ابن الذين غدت ايامهم عبراً
…
بين الأنام بها الأمثال قد ضربوا
كالاسد أن غضبوا والموت أن طلبوا
…
والسيف أن ندبوا والسيل أن وهبوا
أن حكموا عدلوا أو املوا بذلوا
…
أو حوربوا قتلوا أو غولبوا غلبوا
سويت مسراهم في كل منقبة
…
لم يسرها بعدهم عجم ولا عرب
وفقتهم بخلال قد خصصت بها
…
لولا الخصوص تساوى العود والحطب
حملت أثقال ملك لا يقام بها
…
لو حملتها الليالي مسها التعب
وحطت بالعدل اهل الأرض كلهم
…
كأنما الناس أبناء وانت اب
لكل شيء إذا عللته سبب
…
وانت للرزق فيما بيننا سبب
مولاي دعوة عبد داره نزحت
…
عليكم قربه بل قلبه يجب
قد شاب شعري وشعري في مديحكم
…
ودونت بمعاني نظمي الكتب
والناس تحسدكم فيه وتحسده
…
فيكم وليس له في غيركم طلب
فلا أرتنا الليالي منكم بدلاً
…
ولا خلت منكم الاشعار والخطب
وقال وكتب بها إلى الشيخ العالم محمود بن يحي النحوي الحلي من ماردين يصف فيها حال مقامه واقبال سلطانه عليه:
اخلأي بالفيحاء أن طال بعدكم
…
فأنتم إلى قلبي كسحري من نحري
وان يخل من تكرار ذكرى حديثكم
…
فلم يخل يوماً من مديحكم شعري
فوالله لا يشفي نزيف هواكم
…
سوى خمرانس كان منكم بها سكري
أرى كل ذي داء يداوي بضده
…
وليس يداوي ذو الخمار بلا خمر
أطالب نفسي بالتصبر عنكم
…
وأول ما افقدت بعدكم صبري
فان كان عصر الأنس منكم قد انقضى
…
فوالعصر اني بعد ذلك في خسر
بكيت لفقد الأربع الخضر منكم
…
على الرملة الفيحاء بالاربع الحمر
فكيف بقي انسان عيني وقد مضى
…
على ذلك الإنسان حين من الدهر
سقى روضة السعدي من ارض بابل
…
سحائب ضحوك البرق متحب القطر
وحيا الحيا مغنى قضيت بربعه
…
فروض الصبا ما بين رملة والجسر
ورب نسيم مر لي من دياركم
…
ففاح لنا من طيب النشر
وأذكرني عهداً وما كنت ناسياً
…
ولكنه تجديد ذكر على ذكر
فيا ايها الشيخ الذي عقد حبه
…
تنزل مني منزل الروح في صدري
تجاذبني الأشواق نحو دياركم
…
وأحذر من كيد العدو الذي يدري
مخافة مذاق اللسان يسر لي
…
ضروب الردى بين البشاشة والشر
وينثر لي حب الوفاء تملقاً
…
وينصب لي من تحته شرك الغدر
وما أنا من يلقى إلى الحتف نفسه
…
ويجهد في استخلاصها منه بالقسر
إذا ذكر المرء شيخ حياته
…
فان طريف المال كالواو في عمرو
ولكن لي في ماردين معاشراً
…
شددت بهم لما حللت بها أزري
ملوك إذا القى الزمان حباله
…
جعلتهم في كل نائبة ذخري
وما أحدثت أيدي الزما اساءة
…
ووافيتهم إلا انتقمت من الدهر
إذا جئتهم مستصرخاً حقنوا دمي
…
وان جئتهم مستجدياً وفروا وافري
عزائم من لم يخش بالبطش من ردىً
…
وانعام من لم يخش بالجود من فقر
ورووا بماء الجود غرس ابيهم
…
فاينع في أغصانه ثمر الشكر
وقلدني السلطان منه بأنعم
…
اخف بها نهضي وان أثقلت ظهري
هو الصالح الملك الذي صلحت به
…
أمور الورى واستبدل العسر باليسر
يبيت بها كفي على الفتح بعدما
…
بنت نوب الأيام قلبي على الكسر
وبدلت من دهم الليالي وغيرها
…
لديه بأبام محجلة غر
حططت رحالي في ربيع ربوعه
…
ولولاه لم اثن الأعنة عن مصري
منازل ما لاقيت فيها ندامة
…
سوى انني قضيت في غيرها عمري
فلم يك كالفردوس غير سميه
…
من الخلد لا خلد الخليفة والقصر
وواد حكى الخنساء لا في شجونها
…
ولكن له عينان تجري على صخر
كأن به الجو دان بالسحب شامت
…
فما انتحبت إلا انثنى باسم الثغر
تعانقت الأغصان فيه فأسبلت
…
على الأرض أستاراً من الورق الخضر
إذا ما حبال الشمس منها تخلصت
…
إلى الروضة ألقت شراكاً من التبر
تدار به من دير شهلان قهوة
…
جلتها لنا أيدي القسوس من الخدر
إذا ما حسوناهم وسار سرورها
…
إلى منهى الأفكار من موضع السر
نعد لها نقل افكاهة والحجى
…
ونجلو عليها بهجة النظم والنثر
ونحن نوفي العيش باللهو حقه
…
ونسرق ساعات اسرور من العمر
وقد عمنا فصل الربيع بفضله
…
فبادرنا بالورد في أول القطر
فيا أيها المولى الذي وصف فضله
…
يجل عن التعداد والحد والحصر
أبثك بالاشعار فرط تشوقي
…
ولا أتعاطى حصر وصفك بالشعر
وأعجب شيء انني مع تيقظي
…
إلى مخلص الالفاظ من شرك الهجر
أسوق إلى البحر الخضم جواهري
…
وأهدجي إلى ابناء بابل من سحري