الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي عن الأصمعي أنه قال لأعرابية: ما تعدون العشق فيكم؟ قالت: العناق والضمة والمحادثة والغمزة، ثم قالت: يا حضري كيف هو عندكم؟ فقلت: يقعد الرجل بين رجليها، ثم يجهدها، فقالت: يا ابن أخي ما هذا عشقاً، هذا طلب الولد. وسئل أعرابي عن العشق، فقال: هو اللحظة والنظرة، والأخذ من لطائف الحديث بنصيب، فكيف هو عندكم يا حضري؟ فقال: العض الشديد والجمع بين الركبة والوريد، فقال: والله ما يفعل هذا العدو بعدوه، فكيف الحبيب بحبيبه. وقيل لآخر: ما كنت صانعاً بمن أحببت لو ظفرت به؟ فقال أحل الخمار، واحرم ما وراء الأزرار، واطهر الحب ما يرضى الرب. وقيل لآخر: ما كنت صانعاً لو ظفرت بمحبوبك، فقال: أضمها وألثمها، وأعصي الشيطان في إثمها، ولا أفسد عشق عشرين سنة بلذة ساعة، تفنى لذتها، ويبقى عقابها، إني إن فعلت ذلك للئيم، ولم يلدني الكريم بين العرب، وصاروا يضرب بهم المثل في العشق بكثرة من قتل منهم. قال محمد بن جعفر: سمعت رجلاً من عذرة يتحدث عند عروة، فقال له عروة: يزعم الناس أنكم أرق الناس قلوباً. قال: نعم، والله لقد تركت في الحي ثلاثين شاباً خامرهم الموت ليس لهم داء إلا الحب. وعن سعد بن عتبه أنه حضر في مجلسه رجل، فاستغربه، فقال ممن أنت؟ قال: من قوم إذا عشقوا ماتوا، فقال: عذري ورب الكعبة، ثم قال: لم كان بكم هذا الداء الذي أهلككم؟ فقال: لأن في رجالنا صباحة، وفي نسائنا عفة. وقيل لرجل منهم: إنكم لتعدون موتكم في الحب فضيلة ومزية، وإنما ذلك من ضعف البنية، ووهن العقيدة، وسوء الروية، فقال العذري: أما أنك لو رأيتم المحاجر البلج، ترشق بالأعين العج، من فوقها الحواجب الزنج، من تحتها المباسم الفلج، تفتر عن الثنايا الغر، كأنها البرد والدر، لجعلتموها اللات والعزى.
نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر
الحلي المتوفي سنة 1304
رأت الشيب بعارضيك فغاظها
…
وثنت بذات البان عنك لحاظها
ريم لآلي نحرها يحكي لآلي
…
ثغرها اللائي حكت ألفاظها
هيفاء لو بزت لنساك الورى
…
يوماً لأصبى دلها وعاظها
قد كان شملك بالكواعب جامعاً
…
أيام سوق صباك كان عكاظها
فتنبهت عين الزمان ففرقت
…
بالسيب شملك لا رأت إيقاظها
رقت إليك قلوبهن مع الصبا
…
وأعادهن لك المشيب غلاظها
فدع الغواني القاتلات بقدها
…
كم فتنة غنج الحسان أفاظها
ولمهيار:
ما أنكرت إلا البياض فصدت
…
وهي التي جنت المشيب هي التي
غراء يشفع قلبها في نحرها
…
وجبينها ما ساءها في لمتي
أأنست إذ ليل الشباب مصاحبي
…
ونفرت إن طلعت عليك أهلتي
وقول البحتري:
ولم أنس إذ راحوا مطيعين للهوى
…
وقد وقفت ذات الوشاحين والوقف
ثنت طرفها دون المشيب ومن يشب
…
فكل الغواني عنه مثنية الطرف
ومن طريف ما قيل في الشيب قول بعضهم وهو من الهزل المراد به الجد:
تبسم الشيب بذقن الفتى
…
يوجب سفح الدمع من جفنه
حسب الفتى بعد الصبا ذلة
…
أن يضحك الشيب على ذقنه
وذم الشباب بعضهم بقوله:
لم أقل للشباب في دعة الله
…
ولا حفظه غداة استقلا
زائر زارنا أقام قليلاً
…
سود الصحف بالذنوب وولى
نبذة غزلية مما تمناه الشعراء في عذب من شعرهم فمن ذلك قول بعضهم:
لقد كنت جلداً قبل أن توقدا النوى
…
على كبدي ناراً بطيء خمودها
ولو تركت نار الهوى لتصرمت
…
ولكن شوقاً كل يوم يزيدها
وقد كنت أرجو أن تذوب صبابتي
…
إذا قدمت أيامها وعهودها
فقد جعلت في حبة القلب والحشا
…
عهاد الهوى تولى بشوق يعيدها
بمرتجة الأرداف هيف خصورها
…
عذاب ثناياها عجاف قيودها
مخصرة الأوساط زانت عقودها
…
بأحسن مما زينته عقودها
وصفر تراقيها وحمر اكفها
…
وسود نواصيها وبيض خدودها
يمنيننا حتى ترف قلوبنا
…
رفيف الخزامي بات طل يجودها
ويروي منها:
وكنت أذود العين أن ترد البكا
…
فقد وردت ما كنت عنه أذودها
أخلي ما بالعيش عيب لو أننا
…
وجدنا لأيام الصبا من يعيدها
ويروي منها:
ولي نظرة بعد الصدود من الجوى
…
كنظرة ثكلى قد أصيب وليدها
هل الله عاف عن ذنوب تسلفت
…
أم الله لم يعف عنها معيدها؟
ولبعضهم:
ومستخفيات ليس يخفين زرننا
…
يسحبن أذيال الصبابة والشكل
جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه
…
نزعن وقد أكثرن فينا من القتل
موارق من ختل المحب عوارف
…
بختل أولى الألباب بالجد والهزل
مريضات رجع القول خرس عن الخنا
…
تألفن أهواء القلوب بلا بذل
ولآخر:
بيض حرائر ما هممن بريبة
…
كظباء مكة صيدهن حرام
يحسبن من لين الكلام زوانياً
…
ويصيدهن عن الخنا الإسلام
ومن قول حيدر الحلي: ذكرت بذات الأثل مضى لنا=زمن به ظل الشبيبة سابغ كواعب ترمي عن قسي حواجب=بأسهم لحظ لا تقيها السوابغ
تدب على الورد الندي بخدها
…
عقارب من أصداغهن لوادغ
لوادغ أحشاء يبيت سليمها
…
ودرياقه عذب من الريق سائغ
لهوت بها حيناً أطيع بها الهوى
…
غراماً وشيطان الصبابة نازغ
إلى أن رأت عيني يد الشيب ناصلاً
…
بها من كلا فؤادي ما الله صايغ
فأصبحت لا قلبي من الغيد فارغ
…
بلى قلبها مني غدا وهو فارغ
وأمسيت في ليل من الغم تحته
…
فؤاد له ضرس من الهم ماضغ
إلى أن جلا عني الهموم بأسرها
…
هلال علافي مطلع السعد بازغ
هلال علا تجلوه طوقاً لنحرها
…
لهُ ربهُ من جوهر المجد صائغ
فتىً لم تكن أهل المساعي جميعها
…
لتبلغ من علياه ما هو بالغ
يقصر كعب عن نداه وحاتم
…
ويقصر حتى جرول والنوابغ
وله من صدر أخرى:
ألفتك نافرة الظباء الهيف
…
واستوطنت في ربعك المألوف
فأنعم بناعمة الشبيبة غضة
…
بيضاء ضامية الوشاح رشوف
أبداً يروق العين في وجناتها
…
ورد ولكن ليس بالمقطوف
هي قبلة صلى لها غزلي كما
…
صلى ثناي لقبلة المعروف
وأجاد في مديحها ومن قوله أيضاً في صدر قصيدة:
حيتك من وجناتها بشقيقها
…
وجلت عليك مدامة من ريقها
وتبسمت لك عن ثنايا لم تشم
…
عين كبارقها ولا كعقيقها
وحبتك من رشفاتها بسلافة
…
ما فض مرتشف ختام رحيقها
وتعطفت لك بانة غير الصبا
…
لم يحظ قلبك بانعطاف رشيقها
ورنت بأجفان إليك فواتر
…
بأخي الهوى الدنيا تضيق لضيقها
يا أهل رامة ما الجمال وما الهوى
…
إلا لشائق ريمكم ومشوقها
نفحتكم بعبيرها ريح الصبا
…
ونحتكم ديم الحيا ببروقها
فسقت ملاعبكم بأوطف تردهي
…
منهُ يزهر رياضها وأَنيقها
ومن قوله في صدر أخرى مدح بها محمداً الصالح:
وصلت وريعان الشبيبة مونق
…
وجفت وقد لبس المشيب المفرق
والغيد طوع نسيم ريعان الصبا
…
يهتز غصن شبابهن المورق
والشيب إن حطت عقاب نهاره
…
فغراب ليلة وصلهن محلق
أدارت فتاة الحي أني مذ نأت
…
قلبي أسير هوى ودمعي مطلق
أنا والجوى والدمع وهي ومهجتي
…
طوع البعاد مغرب ومشرق
عافت أخا دمعي العقيق وثغرها
…
أمسى يضيء به أخوه الأبرق
لله موقفنا صبيحة أجمعت
…
بيناً له جزعاً بريقي أشرق
ومسكت قلبي كي يقر وإنه
…
ليكاد يلفظه الزفير فيخفق
وكظمت أنفاسي الغداة وفوقها
…
كادت مجامع أضلعي تتفرق
جاذبتها فضل الرداء فأقبلت
…
بالعنف تجمع ما جذبت وأرفق
ومذ استقلت بها الفراق دعوتها
…
بالدمع إذ هو من لساني أطلق
الله يا ذات النطاق بواجم
…
لسن المدامع عن جواه تنطق
وتذكري عهد المودة بيننا
…
أيام أوقاتي بلهوك تنفق
متآلفين بحيث لا ظل الهوى
…
ضاح ولا صفو الوداد مرنق
في روضة غناء لم يبرح بها
…
يمري مذانبه الغمام المغدق
يسري النسيم عليلةٌ أنفاسهُ
…
فيها بنشر من عبيرك يعبق
وعيون نرجسها المندى غازلت
…
منك المحيا وهو شمس تشرق
فكأن في أجفانهن الطل من
…
أنوار وجهك ادمع تترقرق
ولهوت منك بذات خدر زانها
…
ثوب الشباب الغض لا الاستبرق