الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغرور دنياك التي تسعى لها
…
دار حقيقتها متاع يذهب
وجميع ما حصلته وجمعته
…
حقاً يقيناً بعد موتك ينهب
تباً لدار لا يدوم نعيمها
…
ومشيدها عما قليل يخرب
فاسمع هديت نصائحاً أولاً كها
…
بر نصوح للأنام مجرب
لا تأمن الدهر الخؤون فإنه
…
ما زال قدماً للرجال يهذب
وكذلك الأيام في غصاتها
…
مضض يذل له العزيز الأنجب
ويفوز بالمال الحقير مكانة
…
فتراه يرجى ما لديه ويرغب
ويسير بالترحاب عند قدومه
…
ويقام عند سلامة ويقرب
فاقنع ففي بعض القناعة راحة
…
فلقد كسى ثوب المذلة أشعب
لا تحرصن فالحرص ليس بزائد
…
في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
كم عاجز في الناس يؤتى رزقه
…
رغداً ويحرم كيس ويخيب
فعليك تقوى الله فالزمها تفز
…
إن التقي هو البهي الأهيب
وأعمل بطاعته تنل منه الرضى
…
إن المطيع لربه لمقرب
أد الأمانة والخيانة فاجتنب
…
وأعدل ولا تظلم يطب المكسب
وأحذر من المظلوم سهماً صائباً
…
وأعلم بأن دعاءه لا يحجب
وأخفض جناحك للأقارب كلهم
…
بتذلل وأسمح لهم إن أذنبوا
وإذا بليت بنكبة فاصبر لها
…
من ذا رأيت مسلماً لا ينكب؟
وإذا أصابك في زمانك شدة
…
واصابك الخطب الكريه الأصعب
فادع لربك إنه أدنى لمن
…
يدعوه من حبل الريد وأقرب
وأحذر مؤاخاةت الدني فإنها
…
تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
وأختر صديقك واصطفيه تفاخراً
…
إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحباً
…
إن الكذوب لبئس خلا يصحب
وذر الحقود ولو صفا لك مرة
…
وأبعده من رؤياك لا يستجلب
إن الحقود وإن تقادم عهده
…
فالحقد باق في الصدور مغيب
واحذر لسانك وأحترز من لفظه
…
فالمرء يسلم باللسان ويعطب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
…
ثرثارة في كل ناد يخطب؟
والسرفا كتمة ولا تنطق به
…
فهو الأسير لديك إذا لا ينشب
وأحرص على حفظ القلوب من الأذى
…
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها
…
شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
وأحذر عدوك إذا تراه باسماً
…
فالليث يبدو نابه إذ يغضب
وإذا الصديق رأيته متملقاً
…
فهو العدو وحقه يتجنب
لا خير في ود أمرئ متملق
…
حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللاسن حلاوة
…
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يلقاك يحلف إنه بك واثق
…
وإذا توارى عنك فهو العقرب
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة
…
وخشيت فيها أن يضيق المذهب
فارحل فأرض الله واسعة الفضا
…
طولاً وعرضاً شرقها والمغرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي
…
فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
خذها إليك نصيحة منظومة
…
جاءت كنظم الدر بل هي أعجب
حكم وآداب وجل مواعظ
…
أمثالها لذوي البصائر تكتب
قصيدة
أبي الفتح البستي قال رحمه الله تعالى:
زيادة المرء في دنياه نقصان
…
وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له
…
فإنى معناه في التحقيق فقدان
يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً
…
بالله هل لخراب العمر عمران
ويا حريصاً على الأموال يجمعها
…
أنسيت أن سرور الملك أحزان
زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها
…
فصفوها كدر والوصل هجران
وأرع سمعك أمثالاً أفصلها
…
كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
…
فطالما استبعد الإنسان إحسان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
…
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وكن على الدهر معواناً لذي أمل
…
يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً
…
فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد في عواقبه
…
ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب
…
فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعاً فليس له
…
على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة
…
إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم
…
وعاش وهو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا
…
وما على نفسه للحرص سلطان
من مد طرفاً بفرط الجهل نحو هوى
…
أغضى على الحق يوماً وهو خزيان
من استشار صروف الدهر قام له
…
على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه
…
ندامة والحصد الزرع أبان
من استنام إلى الأشرار قام وفي
…
قميصه منهم صل وثعبان
كن ريق البشر إن الحر زينته
…
صحيفة وعليها البشر عنوان
ورافق الرفق في كل الأمور فلم
…
يندم رفيق ولم يذممه إنسان
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة
…
فلن يدوم على الإحسان إمكان
فالروض يزدان بالنور فاحمه
…
والحر بالحلم والإحسان يزدان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته
…
فكل حر لحر الوجه صوان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها
…
فليس يسعد بالخيرات كسلان
لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى
…
وإن أظلته أوراق وأغصان
والناس أعوان من والته دولته
…
وهم عليه إذا عادته أعوان
سبحان من غير مال باقل حصر
…
وباقل في ثراء المال سحبان
لا تودع السر وشاء به مذلاً
…
فما رعى غنماً في الدو سرحان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم
…
غراء لست تحصيها وألوان
ما كل ماء كصداء لوارده
…
نعم ولا كل نبت فهو سعدان
لا تخدشن بمطل وجه عارفة
…
فالبر استوى فيه إسرار وإعلان
فللتابير فرسان بها ركضوا
…
فيها أبروا كما للحرب فرسان
وللأمور مواقيت مقدرة
…
وكل أمر له حد وميزان
كفى من العيش ما قد سد من عوز
…
ففيه للحر غنيان وقنيان
وذو القناعة راض عن معيشته
…
وصاحب الحرص إن أثرى فغضبان
حسب الفتى عقله خلا يعاشره
…
إذا تحاماه إخوان وخلان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى
…
وساكناً وطن مال وطغيان
إذا نبا بكريم موطن فله
…
وراءه في بسيط الأرض أوطان
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده
…
إن كنت ما بينها لا شك ظمآن
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً
…
من سره زمن ساءته أزمان
يا رافلاً في الشباب الوحف منتشياً
…
من كأسه هل أصاب الرشد نشوان؟
لا تغترر بشباب رائق خضل
…
فكم تقدم قبل الشيب شبان
ويا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم
…
يكن لمثلك في الإسراف إمعان
هب الشبيبة تبلي عذر صاحبها
…
ما عذر أشيب يستهويه شيطان
وكل كسر فإن الدين يجبره
…
وما لكسر قناة الدين جبران
خذها سوائر أمثال مهذبة
…
فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسانها والطبع صائغها
…
إن لم يصغها قريع الشعر حسان
ومنها لامية الشيخ اسماعيل بن أبي بكر المقري الزبيدي وهي قوله:
زيادة القول تحكي النقص في العم
…
ومنطق المرء قد يهديه للزلل
إن اللسان صغير جرمه وله
…
جرم كبير كما قد قيل في المثل
فكم ندمت على ما كنت قلت به
…
وما ندمت على ما لم أكن أقل
وأضيق الأمر لم يجد معه
…
فتى يعينك أو يهديك للسبل
عقل الفتى ليس يغني عن مشاورة
…
كعفة الخود لا تغني عن الرجل
إن المشاور إما صائب غرضنا
…
أو مخطئ غير منسوب إلى الخطل
لا تحقر الرأي يأتيك الحقير به
…
فالنحل وهو ذباب طائر العسل
ولا يغرنك ود من أخي أمل
…
حتى تجربه في غيبة الأمل
إذا العدو أحاجته الأخا علل
…
عادت عدواته عند انقضاء العلل
لا تجز عن لخطب ما به حيل
…
تغني وإلا فلا تعجز عن الحيل
لا شيء أولى بصبر المرء في قدر
…
لا بد منه وخب غير منتقل
لا تخبرن على ما فات حيث مضى
…
ولا على فوت أمر حيث لم تنل
فليس تغني الفتى في الأمر عدته
…
إذا تقضت عليه مدة الأجل
وقدر شكر الفتى لله نعمته
…
كقدر صبر الفتى للحادث الجلل
وإن أخوف نهج ما خشيت به
…
ذهاب حرية أو مرتضي عمل
لا تفرحن بسقطات الرجال ولا
…
تهزأ بغيرك وأحذر صولة الدول
لا تأمن الدهر أن يعلى العدو ولا
…
تستأمن الدهر أن يلقيك في السفل
أحق شيء برد ما تخافله
…
شهادة العقل فاحكم صنعة الجدل
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه
…
فاطلب لنفسك ما تعلو به وسل
اطلب تنل لذة الإدراك ملتمساً
…
أوراحة اليأس لا تركن إلى الوكل
فكل داء دواه ممكن أبداً
…
إلا إذا أمتزج الإقتار بالكسل
والمال صنه وورثه العدو ولا
…
تحتاج حياً إلى الأخوان في الأكل
وخير مال الفتى مال يصون به
…
عرضاً وينفقه في صالح العمل
وأفضل البر ما لا من يتبعه
…
ولا تقدمه شيء من المطل
وإنما الجود بذل لم تكاف به
…
صنعاً ولم تنتظر فيه جزاً رجل
إن الصنائع أطواق إذا شكرت
…
وغن كفرن فأغلال لمنتحل
ذو اللؤم يحصر مهما جئت تسأله
…
شيئاً ويحصر نطق الحران يسل
وإن فوت الذي تهوى لأهون من
…
إدراكه بلئيم غير محتفل
وإن عندي الخطا في الجود أحسن من
…
إصابة حصلت بالمنع والبخل
خير من الخير مسديه إليك كما
…
شر من الشر أهل الشر والدخل
ظواهر العتب للإخوان أحسن من
…
بواطن الحقد في التسديد للخلل
داو الجهول وسامحه تكده ولا
…
تصحب سوى السمح وأحذر سقطة العجل
لا تشرين نقيع السم متكلاً
…
على عقاقير قد جربن بالعمل
وألق الأحبة والإخوان إن قطعوا
…
حبل الوداد بحبل منك متصل
وأعجز الناس من قد ضاع من يده
…
صديق ود فردده يلم بالحيل
استصف خلك واستخلصه أحسن من
…
تبديل خل وكيف الأمن بالبدل
وأحمل ثلاث خصال من مطالبه
…
تحفظه فيها ودع ما شئته وقل
ظلم الدلال وظلم الغيظ فاعفهما
…
وظلم هفوته فاقسط ولا تمل
وكن مع الخلق ما كانوا لخلقهم
…
وأحذر معاشرة الأوغاد والسفل
وأخش الأذى عند إكرام اللئيم كما
…
تخشى الأذى إن أهنت الحر في حفل
والغدر في الناس طبع لا تثق بهم
…
وإن أبيت فخذ في الأمن والوجل
من يقظة بالفتى إظهار غلفته
…
مع التحرز من غدر ومن ختل
سل التجارب وأنظر في مراءتها
…
فاللعواقب فيها أشرف المثل
وخير ما جربته النفس ما اتعظت
…
عن الوقوع به في العجز والوكل
فأصبر لواحدة تأمن توابعها
…
فربما ضقت ذرعاً منه في النزل
وللأمور وللأعمال عاقبة
…
فأخشن الجزا بغتة وأحذره عن مهل
ذو العقل ينرك ما يهوى لخشيته
…
من العلاج بمكروه من الخلل
من المروءة ترك المرء شهوته
…
فأنظر لأيهما آثرت فأحتمل
أستحي من ذم من إن يدن توسعه
…
مدحاً ومن مدح من إن غاب ترتذل
شر الورى بمساوي الناس مشتغل
…
مثل الذباب يراعي موضع العلل
لو كنت كالقدح في التقويم معتدلاً
…
لقالت الناس هذا غير معتدل
لا يظلم الحر إلا من يطاوله
…
ويظلم النذل أدنى منه في الصول
يا ظالماً جار فيمن لا نصير له
…
إلا المهيمن لا تغتر بالمهل
غدا تموت ويتقضي الله بينكما
…
بحكمة الحق لا زيغ ولا ميل
وإن أولى الورى بالعفو أقدرهم
…
على العقوبة أن يظفر بذي زلل
حلم الفتى عن سفيه القوم يكثر من
…
أنصاره ويوقيه من الغيل
والحلم طبع فما كسب يجود به
…
لقوله (خلق الإنسان من عجل)
ومنها لامية الشيخ أبي اسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغراني المشهورة بلامية العجم وهي قوله:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل
…
وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع
…
والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني
…
بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
ناء عن الأهل صفر الكف منفرد
…
كالسيف عري متناه من الخلل
فلا صديق إليه مشتكى حزني
…
ولا أنيس إليه منتهى جذلي
طال اغترابي حتى حن راحلتي
…
ورحلها وقرى العسالة الذبل
وضج من لغب نضوي وعج لما
…
يلقى ركابي ولج الركب في عذلي
أريد بسطة كف أستعين بها
…
على قضاء حقوق للعلى قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني
…
من الغنيمة بعد الكد بالقفل
وذي شطاط كصدر الرمح معتقل
…
بمثله غير هياب ولا وكل
حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت
…
بشدة البأس منه رقة الغزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته
…
والليل أغرى سوام النوم بالمقل
والركب ميل على الأكوار من طرب
…
صاح وآخر من خمر الكرى ثمل
فقلت أدعوك للجلى لتنصرني
…
وأنت تخذلني في الحادث الجلل
تنام عني وعين النجم ساهرة
…
وتستحيل وصبغ الليل لم يحل
فهل تعين على غبي هممت به
…
والغي يزجر أحياناً عن الفشل
إني أريد طروق الحي من إضم
…
وقد حماه رماة م بني ثعل
يحمون بالبيض والسمر اللدان به
…
سود الغدائر حمر الحلي والحلل
فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً
…
فنفخة الطيب تهدينا إلى الحلل
فالحب حيث العدى والأسد رابضة
…
حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت
…
نصالها بمياه الغنج والكحل
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها
…
ما بالكرام أئم من جبن ومن بخل
تبيت نار الهوى منهم على كبد
…
حرى ونار القرى منهم على القلل
يقتلن أنضاء حب لا حراك بها
…
وينحرون كرام الخيل والإبل
يشفى لديغ العوالي في بيوتهم
…
بنهلة من غدير الخمر والعسل
لعل المامة بالجزع ثانية
…
يدب منها نسيم البرء في علل
لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت
…
برشقة من نبال الأعين النجل
ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني
…
باللمح من خلل الأستار والكلل
ولا أخل بغزلان أغازلها
…
ولو دهتنني أسود الغيل بالغيل
جب السلامة يثني هم صاحبه
…
عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فأتخذ نفقاً
…
في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل
ودع غمار العلى للمقدمين على
…
ركوبها وأقتنع منهن بالبلل
رضى الذليل بخفض العيش مسكنه
…
والعز عند رسيم الأنيق الذلل
فادرأ بها في نحور البيد جافلة
…
ممارضات مثاني اللجم بالجدل
إن العلى حدثتني وهي صادقة
…
فيما تحدث أن العز في النقل
لو أن في شرف المأوى بلوغ منى
…
لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً
…
والحظ عني بالجهال في شغل
لعله إن بدا فضلي ونقصهم
…
لعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أراقبها
…
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لم أرتض العيش والأيام مقبلة
…
فكيف أرضى وقد ولت على عجل
غالي بنفسي عرفاني بقيمتها
…
فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل أن يزهى بجوهره
…
وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني
…
حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم
…
وراء خطوي إذا أمشي على مهلي
هذا جزاء لامرئ أقرانه درجوا
…
من قبله فتمنى فسحة الأجل
وإن علاني من دنوني فلا عجب
…
لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر
…
في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من ثقت به
…
فحاذر الناس وأصحبهم على دخل
وإنما رجل الدنيا وواحدها
…
من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة
…
فظن شراً وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت
…
مسافة الخلف بين القول والعمل
وشأن صدقك عند الناس كذبهم
…
وهل يطابق معوج بمعتدل
إن كان ينجح شيء في ثباتهم
…
على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سؤر عيش كله كدر
…
أنفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لج البحر تركبه
…
وأنت يكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا
…
يحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها
…
فهل سمعت بظل غير منتقل
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً
…
أصمت ففي الصمت منجاة من الزلل
قد رشحوك لأمر إن فطنت له
…
فاربأ بنفسك إن ترعى مع الهمل
ومنها لامية للشيخ العلامة الأديب عمر بن الوردي رحمه الله وهي قوله:
أعتزل ذكر الأغاني والغزل
…
وقل الفصل وجانب من هزل
ودع الذكرى لأيام الصبا
…
فلأيام الصبا نجم أفل
إن أهنى عيشة قضيتها
…
ذهبت لذتها والإثم حل
وأترك الغادة لا تحفل بها
…
تمس في عز وترفع وتجل
وإله عن آلة لهو أطربت
…
وعن الأمرد مرتج الكفل
وأفتكر في منتهى حسن الذي
…
أنت تهواد تجد أمراً جلل
وأهجر الخمرة إن كنت نتى
…
كيف يسعى في جنون من عقلي
وأتق الله فتقوى الله ما
…
باشرت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرقاً بطلاً
…
إنا من يتقي الله البطل
صدق الشرع ولا تركن إلى
…
رجل يرصد في الليل زحل
حارت الأفكار في حكمة من
…
قد هدانا سلبنا عز وجل
كتب الموت على الخلق فكم
…
فل من جيش وأفنى من دول
أين نمرود وكنعان ومن
…
ملك الأرض وولى وعزل
أين من سادوا وشادوا وبنوا
…
هلك الكل فلم تغن القلل
أين عاد فرعون ومن
…
رفع الأهرام من يسمع يخل
أين أرباب الحجى أهل التقى
…
أين أهل العلم والقوم الأول
سيعيد الله كلاً منهم
…
وسيجزي فاعلاً ما قد فعل
يا بني اسمع وصايا جمعت
…
حكماً خصصت بها خير الملل
أطلب العلم ولا تكسل فما
…
أبعد الخير على أهل الكسل
وأحتفل للفقه في الدين ولا
…
تشتغل عنه بمال وخول
وأهجر النوم وحصله فمن
…
يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تقل قد ذهبت أربابه
…
كل من سار على الدرب وصل
في ازدياد العل إرغام العدى
…
وجمال العلم إصلاح العمل
جمل المنطق بالنحو فمن
…
حرم الأعراب بالنطق اختبل
أنظم الشعر ولازم مذهبي
…
في أطراح الرفد لا تبغ النحل
فهو عنوان على الفضل وما
…
أحسن الشعر إذا لم يبتذل
مات أهل الجود لم يبق سوى
…
مقرف أو من على الأصل أتكل
أنا لا أختار تقبل يد
…
قطعها أجمل من تلك القبل
إن جزتني عن مديحي صرت في
…
رقها أو لا فيكفيني الخجل
أعذب الألفاظ قولي لك خذ
…
وأمر اللفظ نطقي بلعل
ملك كسرى عنه تغني كسرة
…
وعن البحر اكتفاه بالوشل
اعتبر (نحن قسمناه بينهم)
…
تلقه حقاً وبالحق نزل
ليس ما يحوي الفتى من عزمه
…
لا ولا ما فات يوماً بالكسل
قاطع الدنيا فمن عاداتها
…
تخفض العالي وتعلي من سفل
عيشة الراغب في تحصيلها
…
عيشة الزاهد فيها أو أقل
كم جهل وهو مثر مكثر
…
وعليم مات منها بالعلل
كم شجاع لم ينل منها المنى
…
وجبان نال غايات الأمل
فاترك الحيلة فيها وأتئد
…
إنما الحيلة في ترك الحيل
أي كف لم تنل منها المنى
…
فرماها الله منه بالشلل
لا تقل أصلي وفصلي أبداً
…
إنما أصل الفتى ما قد حصل
قد يسود المرء من غير أب
…
وبحسن السبك قد يفني الزغل
وكذا الورد من الشوك فما
…
يطلع النرجس إلا من بصل
غير أني أحمد الله على
…
نسبي إذ بأبي بكر أتصل
قيمة الإنسان ما يحسنه
…
أكثر الإنسان منه أو أقل
أكتم الأمرين فقراً وغنى
…
وأكسب الفلس وحاسب من بطل
وأدرع جداً وكداً وأجتنب
…
صحبة الحمقى وأرباب الدول
بين تبذير وبخل رتبة
…
وكلا هذي إن زاد قتل
لا تخض في حق سادات مضوا
…
إنهم ليسوا بأهل للزلل
وتغافل عن أمور أنه
…
لم يفز بالحمد إلا من غفل
ليس يخلو لا المرء من ضد وإن
…
حاول العزلة في رأس جبل
أبعد النمام وأهجره فما
…
بلغ المكروه إلا من نقل
دار جار الدار إن جار وإن
…
لم تجد صبراً فما أحلى النقل
جانب السلطان وأحذر بطشه
…
لا تخاصم من إذا قال فعل
لا تل الحكم وإن هم سألوا
…
رغبة فيك وخالف من عذل
إن نصف الناس أعداء لمن
…
ولي الأحكام هذا إن عدل
فهو كالمحبوس عن لذاته
…
وكلا كفيه في الحشر تغل
لان للنقص والاستثقال في
…
لفظة القاضي لوعظ أو مثل
لا توازي لذة الحكم بما
…
ذاقه الشخص إذا الشخص أنعزل
فالولايات وإن طابت لمن
…
ذاقها فالسم في ذاك العسل
نصب المنصب أوهى جلدي
…
وعنائي من مداراة السفل
قصر الآمال في الدنيا تفز
…
فدليل العال تقصير الأمل
إن من يطلبه الموت على
…
غرة منه جدير بالوجل
غب وزر غباً تزد حباً فمن
…
أكثر الترداد أضناه الملل
خذ بنصل السيف وأترك غمده
…
وأعتبر فضل الفتى دون الحلل
لا يضر الفضل إقلال كما
…
لا يضر الشمس إطباق الطفل
حبك الأوطان عجز ظاهر
…
فاغتراب تلق عن الأهل بدل
فبمكث الماء يبقي آسناً
…
وسرى البدر به البدر أكتمل
أيها العائب قولي عبثاً
…
إن طيب الورد مؤذ للجعل
عد عن أسهم قولي واستتر
…
لا يصيبنك سهم من ثعل
لا يعزنك لين من فتى
…
إن للحيات ليناً يعتزل
أنا مثل الماء سهل سائغ
…
ومتى أسخن آذى وقتل
أنا كالخيزور صعب كسره
…
هو لدن كيف ما شئت انفتل
غير أني في زمان من يكن
…
فيه ذا مال هو المولى الأجل
وأجب عند الورى إكرامه
…
وقليل الماء فيهم يستقل
كل أهل العصر غمر وأنا
…
منهم فاترك تفاصيل الجمل
وصلاة الله ربي كلما
…
طلع الشمس نهاراً وأفل
للذي حاز العلى من هاشم
…
أحمد المختار من ساد الأول
وعلى آل وصحب سادة
…
ليس فيهم عاجز إلا بطل
ومن شعر الشيخ صلاح الدين الصفدي كتبها إلى الشيخ جمال الدين ابن نباتة يعاتبه وقد ضمنها من معلقة امرئ القيس فأحسن وهو قوله:
أفي كل عام منك عتب يسوؤني
…
كجلمود صخر حطه السيل من عل
وترمي على طول المدى متجنباً
…
بسهميك في أعشار قلب مقتل
فأمسي بليل طال جنح ظلامه
…
علي بأنواع الهموم ليبتلي
وأغدوا كأن القلب من وقدة الجوى
…
إذا جاش فيه حميه غلي مرجل
تطير شظاياه بقلبي كأنها
…
بأرجائه القصوى أنا بيش عنصل
وسالت دموعي من همومي ولوعتي
…
على النحر حتى بل دمعي محملي
إذا عاين الإخوان ما بي من الأسى
…
يقولون لا تهلك أسى وتجمل
ترفق ولا تجزع على فائت الوفا
…
فما عند رسم دارس من معول
ولي فيك ود طال ما قد شددته
…
بأمراس كتان إلى صم جندل
ولي خطرات فيك منها جوانحي
…
صبحن سلافاً من رحيق مفلفل
كأن أمانيها كؤوس مدامة
…
غذاها نمير الماء غير محلل
سلوت غوايات الشبيبة والصبا
…
وليس فؤادي عن هواها بمنسل
واجلو محيا الود فيك لأهله
…
متى ما ترق العين فيه تسهل
فكر على جيش الجناية عائداً
…
بمنجرد قيد الأوابد هيكل
تجد خفرات الأنس فيه كواعباً
…
ترائبها مصقولة كالسنجنجل
وخل الجفا وأرجع إلى معهد الوفا
…
وغن كنت قد أزمعت صرمي فأجمل
حلاودك الماضي وغن لم تعد أعد
…
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
فأجابه الشيخ ابن نباتة وأحسن بقوله:
فطمت ولائي ثم أقبلت عاتباً
…
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل
بروحي ألفاظ تعرض عتبها
…
تعرض أثناء الوشاح المفصل
فأحيين وداً كان كالرسم عافياً
…
بسقط اللوى بين الدخول فحو مل
تعفي رياح العذر منك رقومه
…
لما نسجتها من جنوب وشمال
نعم قوضت منك المودة وانقضت
…
فيا عجباً من رحلها المتحمل
فديتك لا تسلك من الظلم والجفا
…
بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
ولا تنس مني صحبة تصدع الدجى
…
بصبح وما الإصباح منها بأمثل
صحبتك لا ألوي على صاحب عطا
…
يجيد معهم في العشيرة مخول
وحاولت من إداء ودك ما نأى
…
أنزلت منه العصم من كل منزل
يقلب لي وجدي به سوط سائق
…
وإرخاء سرحان تقريب تتفل
وكم خدمة عجلتها ومحبة
…
تمتعت من لهوبها غير معجل
وكم أسطر مني ومنك كأنها
…
عذارى دوار في ملاء مذيل