المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

طوراً تعاطيني الحديث وتارة … راحاً بها شمل الهموم يفرق قالت - نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار

[عبد الرحمن بن درهم]

فهرس الكتاب

- ‌شعر

- ‌أبي تمام

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني

- ‌وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد

- ‌وقال يمدح عمر بن طوق التغلبي

- ‌وقال يمدح أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا اسحاق محمد بن هارون الرشيد ويذكر فتح

- ‌وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌وقال يمدح حبيش بن المعافى

- ‌وقال يمدح مالك بن طوق

- ‌وقال يمدح خالد بن يزيد السيباني

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي

- ‌وقال يمدح المعتصم وفيها من بديع الوصف والتشبيه المرقص المطرب

- ‌وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر

- ‌وقال يرثي محمد بن حميد الطوسي وهي من غرر المراثي

- ‌وقال يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف

- ‌وقال في الفخر

- ‌وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك

- ‌وقال يمدح المعتصم بالله

- ‌وقال يمدح أبا المتسهل محمد بن شقيق الطائي

- ‌وقال يمدح محمد بن حسان الضبي

- ‌وقال يمدح أحمد بن أبي داود

- ‌وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي

- ‌وقال يمدح أمير المؤمنين الواثق بالله

- ‌شعر

- ‌أقول لقد جاوزت القدر وأخللت بما اشترطت من الاختصار، وأكثرت من شعر الزجل لأني كلما

- ‌أبي عُبادة البحتري

- ‌قال البكري

- ‌قال أبو الفرج

- ‌وذكر المبرد شعراً له وقدمهعلى نظرائه وهو قوله

- ‌‌‌وقوله

- ‌وقوله

- ‌وله في الفتح بن خاقان وقد نزل إلى الأسد فقتله

- ‌وله في انتقاض صلح بين عشيرته

- ‌ومن جيد شعره

- ‌قال يمدح أمير المؤمنين على الله ويهنيه بعيد الفطير

- ‌‌‌وقال يمدحهويذكر وفد الروم

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يمدحه

- ‌وقال يرثي بني حميد بن غانم الطوسي

- ‌شعر المتنبي

- ‌قال أبو الفرج

- ‌ولمّا كان بمصر مرض وكان له صديق يغشاه في علته فلما أبلّ انقطع عنه فكتب

- ‌والبيت الثالث

- ‌واعتنى العلماء بديوانه وشرحوه بشروح عدة ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا

- ‌وقال يمدح كافوراً سنة ست وأربعين وثلاث مئة

- ‌وقال يمدح كافوراً أيضاً

- ‌شعر المعري

- ‌ شعر

- ‌‌‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌‌‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌قصيدة

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌وصية أعرابية لولدها

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر صردر

- ‌فوائد أدبية

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌فائدة من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر

- ‌شعر أبيب جعفر الأعمى

- ‌ شعر

- ‌ من اشعار النساء

- ‌خبر جميل السدوسي

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن محمد الأيوبي سنة 646

- ‌وقال يمدح الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب وأنشدها بقاعة دمشق سنة 613

- ‌ومن قوله

- ‌مقاطيع أدبية

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر

- ‌وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر

- ‌ شعر

- ‌ونثره يشبه شعره في المعاني والجودة فمن ذلك قولهيتنصل إلى بعض من يعز إليه وترفع

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العمري

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌شعر العادي

- ‌ شعر

- ‌أحمد بن شاهين

- ‌شعر الغري

- ‌شعر

- ‌حسين جلبي

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر الاهدل

- ‌‌‌‌‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌علوي بن اسماعيل البحراني

- ‌شعر

- ‌كتب إلى أهله يتشوق إليهم، وهو محبوس بشيراز قوله

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌أشعار وآداب متفرقة

- ‌مرثية

- ‌شعر

- ‌وصية

- ‌ترجمة

- ‌ترجمة الشعبي

- ‌ أبيات رائقة

- ‌كتاب

- ‌فصل في العفو عن الإخوان، والأعضاء عن هفواتهم

- ‌فصل في الصبر والتأني

- ‌فصل في فضل العلم

- ‌الحض على العلم

- ‌مدح القناعة والاستغناء عن الناس

- ‌أبيات في مدح القناعة

- ‌ذم الحسد

- ‌مدح الحلم والتأني

- ‌مدح الوفاء

- ‌ذم القدر

- ‌مدح المداراة

- ‌مدح المشاورة

- ‌ذم السؤال

- ‌الفخر بالأنساب والأحساب

- ‌مدح الكرم وذم البخل

- ‌حسن البشر وكرم الأخلاق

- ‌نادرة عن الأصمعي

- ‌(ما قيل في وصف العشق في قول بعضهم، وذكر بعض من عشق مات)

- ‌نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر

- ‌ شعر

- ‌ شعر

- ‌السيد عبد الغفار الأخرس

- ‌ومن غزلياته الفائقة قوله

- ‌ شعر

- ‌وله رحمه الله كتاب كتبه سنة 1248 للأمام تركي بن عبد الله السعود رحمه الله تعالى

- ‌له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن

- ‌ومما قال مجاوباً للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عثمان الأحسائي ومحمد بن علي

- ‌قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن

- ‌ شعر

- ‌فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف

- ‌ شعر

- ‌شعر سلمان بن سمحان

- ‌شعر

- ‌أحمد الغزاوي

- ‌شعر

- ‌محمد رضى الخطيب

- ‌وقد جرت قصيدة عصرية، ألقاها شاعر من أهل الشام، يقال له حليم دموس في مهرجان

- ‌ولمحمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي، المتوفي سنة 1071هـ يتوجع من إعراض بعض

- ‌قال الشيخ محمد أفندي حافظ إبراهيم يمدح المرحوم الشيخ محمد عبده ويهنئه بتولي منصب

- ‌رجعنا إلى تمام المختار من شعر محمد بن عثيمين، قمن ذلك ما مدح به حضرة الحاكم

- ‌وقال أيضاً يمدحه

- ‌وقال لما أغار الشيخ عبد الله بن القاسم على العجمان وأغاروا على بعض طوارف أهل

- ‌ولما بنى الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم قصره المسمى بالريان، وذلك في سنة

- ‌ولما توفي الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه قاسم بن محمد الثاني، رثاه محمد بن

- ‌وقال يرثي الشيخ المرحوم قاسم أيضاً، وكتب بها على ابنه المرحوم الشيخ عبد الرحمن

- ‌وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور

- ‌وممن مدح الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله بن قاسم الشاعر

- ‌وقال الشيخ سليمان بن سمحان النجدي قدس روحه، ونور ضريحه مهنئاً للشيخ قاسم بن محمد

- ‌قال رحمه الله

- ‌شعر علي بن سليمان

- ‌شعر بطرس النصراني

- ‌ شعر

- ‌ الرصافي البغدادي

الفصل: طوراً تعاطيني الحديث وتارة … راحاً بها شمل الهموم يفرق قالت

طوراً تعاطيني الحديث وتارة

راحاً بها شمل الهموم يفرق

قالت وقد عاقرتها من كفها

صرفاً لها نور يروق ورونق

أَلها نظير؟ قلت: خلق محمد

في لطفه منها أرق وأروق

خلق لأَبلج غير معقود الندى

ديم الغمام به غدت تتخلق

ويود أن بكل منبت‌

‌ شعر

ة

منه بقول نعم لسان ينطق

وأجاد في مديحها ولولا مراعاة الاختصار لذاكرتها وفيما ذكرت منها كفاية.

ولغيره:

حي عني بالحمى عهداً قديماً

وتعهد لي به الظبي الرخيما

رشأٌ بالنبل من ألحاظه

غادر القلب على عمد كليما

إن أقل ريم صريم نافر

فلكم أخجل بالعينين ريما

لا ومن أرشق قلبي لحظه

أنا لا أعرف لولاه الصريما

أبلج الخدين ما ألطفه

قامة هيفاء أو كشحاً هضميا

راع بالرقة من وجنته

رائق الورد وبالطبع النسيما

خلته لما بدت غرته

شمس أفق زاحمت ليلاً بهيما

ولغيره:

ما لقلبي تهزه الأشواق

خبرينا أهكذا العشاق؟

كل يوم لنا فؤاد مذاب

ودموع على الطول تراق

عجباً كيف تدعي الورق وجدي

ولدمعي بجيدها أطواق

كم لنا بالحمى معاهد أنس

والصبا يانع الجنى رقراق

عهدُ لهو به الليالي ترامت

ماله عرست به الأحداق

يالظعن به النياق تهادى

نهنهي السير ساعة يانياق

فبأحداجك استقلت ظباء

آنسات بيض الخدود رقاق

وارحمي يا أميم لوعة صب

شفهُ يوم ذي الأثيل الفراق

كاد يقضي من الصبابة لولا

أن تحاماه في الوداع العناق

شعر

ابن نباتة المصري وقد يسر الله لي في هذه الأيام ديوان العلامة جمال الدين محمد بن نباتة المصري، فراقني شعره، فأحببت أن أنقل ما أستجيده من القصائد، وليس هذا موضع ذكره، لكن عدم الظفر بديوانه قبلُ أوجب ذلك.

هو الإمام العلامة جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن أبي الحسن، صالح بن يحيى بن طاهر بن محمد الخطيب بن نباتة المصري ولد بمصر سنة 686 وتوفي سنة 768 رحمه الله تعالى قال يمدح المؤيد:

أودت فعالك يا أسما بأحشائي

واحيرتي بين أفعال وأسماء

إن كان قلبك صخراً من قساوته

فإن طرفي المعنى طرف خنساء

ويح المعنى الذي أضرمت باطنه

ماذا يكابد من أهوال أهواء

قامت قيامة قلبي في هواك فإن

أسكت فقد سهدت بالقسم أعضائي

وقد بكى لي حتى الروض فاعتبروا

كم مقلة لشقيق الغصن رمداء

وأمرضتني جفون منك قد مرضت

فكان أطيب من نجح الدوا دائي

يا صاحبي أقلا من ملامكما

ولا تزيدا بهذا اللوم إغرائي

هذي الرياض عن الأزهار باسمة

كما تبسم عجباً ثغر لمياء

والأرض ناطقة عن صنع بارئها

إلى الورى وعجيب نطق خرساء

فما يصدكما والحال داعية

عن شرب فاقعة للهم صفراء

راحاً غريت برياها ومشربها

حتى انتصبت إليها نصب إغراء

من الكميت التي تجري بصاحبها

جري الرهان إلي غايات سراء

سكراً أحيطت أباريق المدام به

فرجعت صوم تمتام وفأفاء

من كف أغيد يجسوها مقهقهة

كما تأود غصن تحت ورقاء

حسبى من الله غفر للذنوب ومن

جدوى المؤيد تجديد لنعمائي

ملك تطوق بالإحسان وفد رجا

وبالظبي والعوالي وفد هيجاء

ذا بالنضار وهذا بالحديد فما

ينفك آسر أحباب وأعداء

داع لجود يد بيضاء ما برحت

تقضي على كل صفراء وبيضاء

يدافع النكبات الموعدات لنا

حتى الرياح فما تسري بنكباء

ويوقد الله نوراً من سعادته

فكيف يطمع حساد بإطفاء

لو جاورت آل ذبيان حماه لما

ذموا العواقب من حالات غبراء

إلى أن قال:

ما زال يرفع اسماعيل بيت على

حتى استوت غايتا نسل وآباء

مصرف الفكر في حب العلوم فما

يشفى بسعدى ولا يروى بظمياء

له بدائع لفظ صاحبت كرماً

كأنهن نجوم ذات أنواء

وأنمل في الوغى والسلم كاتبة

إنما بأسمر نضو أو بسمراء

ص: 258

تكلفت كل عام سحب راحته

عن البرية إشباعي وإروائي

فما أبالي إذا استكثرت عائلة

فقد كفى هم وإصباحي وإمسائي

نظمت ديوان شعر فيه واتخذت

علي كتابهُ ديوان إعطاء

وعاد قول البرايا عبد دولته

أشهى وأشهر ألقابي وأسمائي

محرر اللفظ لكن غر أنعمه

قد صيرتني من بعض الأرقاء

أعطي الزكاة وقدماً كنت آخذها

يا قرب ما بين إقتاري وإثرائي

شكراً لوجناء سارت بي إلى ملك

لولاه لم يطو نظمي سمعة الطائي

عال عن الوصف إلا أن أنعمه

لجبر قلبي تلقاني بإصغاء

يا جابر القلب خذها مدحة سلمت

فبيت حاسدها أولى بإقواء

مشت على مستحب الهمز مصمية

نبالها كل هماز ومشاء

بيوت نظم لهم هي الجنات معجبة

كأن في كل بيت وجه حوراء

وقال يمدح جمال الدين شهاب محمود:

وعدت بطيف خيالها هيفاء

إن كان يمكن مقلتي إغفاء

يا من يوفر طيفها سهري لقد

(أمن ازديادك في الدجى الرقباء)

يا من يطيل أخو الهوى لقوامها

شكواه وهي الصعدة السمراء

أفديك شمس ضحي دموعي نثرة

لما تغيب وعاذلي عواء

وعزيزة هي للنواظر جنة

تجلى ولكن للقلوب شقاء

خضبت بأحمر كالنضار معصماً

كالماء فيها رونق وصفاء

واهاً لهن معاصماً مخضوبة

سال النضار بها وقام الماء

أصبو إلى البرحاء أعلم أنه

يرضيك أن تعتادني البرحاء

ويبث ما يلقاه من ألم الجوى

قلبي وأنت الصخرة الصماء

كم من جمال عنده ضر الفتى

ولكم جمال عنده السراء

كجمال دين الله وابن شهابه

لا الظلم حيث يرى ولا الظلماء

الماجد الراقي مراتب سؤدد

قد رصعت بجوار الجوزاء

ذاك الذي أمسى السها جاراً له

لكن حاسد مجده العواء

عمت مكارمه وسار حديثهُ

فبكل أرض نعمة وثناء

وحمى العواصم رأيه ولطالما

قعد الحسام وقامت الآراء

عجباً لنار ذكائه مشبوبة

وبظله تتفيأ الأفياء

وللفظه يزداد رأي مريده وحجاه وهو القهوة الصهباء

غنى اليراع به وأظهر طرسه

وكذا تكون الروضة الغناء

يا راكب العزمات غايات المنى

مغنى شهاب الدين والشهباء

ذي المجدلافي ساعديه عن العلى

قصر ولا في عزمه إعياء

والعدل يردع قادراً عن عاجز

فالذئب هاجعة لديه الشاء

والحلم يروي جابراً عن فضله

والفضل يروي عن يديه عطاء

يا أكمل الرؤساء لا مستثنياً

أحداً إذا ما عدت الرؤساء

يا من مللت من المعاد له وما

ملت لدي معادها النعماء

إن لم تقم بحقوق ما أوليتني

مدحي فأرجو أن يقوم دعاء

شهدت معاليك الرفيعة والندى

إن الورى أرض وأنت سماء

وقال يمدح مؤيد الدين بن أيوب:

بالغت في شجني وفي تعذيبي

ومع الأذى أفديك من محبوب

يا قاسياً هلا تعلم قلبهُ

لين الصبا من جسمه المشروب

آهاً لورد فوق خدك أحمر

لو أن ذاك الورد كان نصيبي

ولواحظ ترث الملاحة في الظبا

إرث السماحة في بني أيوب

فتحت بنو أيوب أبواب الرجا

وأتت بحارهم بكل عجيب

وبملكهم رفع الهدى أعلامه

وحمى سرادق بيته المنصوب

وإلى عمادهم انتهت علياهم

وإلى العلاء قد انتهت لنجيب

ملك بأدنى سطوه ونواله

أنسى ندى (هرم) وبأس شيب

الجود ملء مطامع والعلم مل

ء مسامع والعز ملء قلوب

ألفت بأنبوب اليراعة والقنا

يمناه يوم ندى ويوم حروب

فإذا نظرت وجدت أرزاق الورى

ودم العداة يفيض من أنبوب

كم مدحة لي صغتها وأثابها

فزهت على التفضيض والتذهيب

وتعودت في كل مصر عنده

مرعى يقابل جدبها بخصيب

يارب بشر منه طائي الندى

يلقى مدائحنا لقاه حبيب

وقال يمدحه:

ما ضر من لم يجد في الحب تعذيبي

لو كان يحمل عني بعض تأنيبي

أشكو إلى الله عذالاً أكابدهم

وما يزيدون قلبي غير تشبيب

ص: 259

وخاطر خنث الأشواق تعجبه

سوالف الترك في عطف الأعاريب

كأنني لوجوه الغيد معتكف

ما بين أصداغ شعر كالمحاريب

كأنني الشمع لما بات مشتعل الفؤاد قال لأحشائي ألا ذوبي

لا يقرب الصبر قلبي أو يفارقه

كأنه المال في كف ابن أيوب

لولا ابن أيوب ما سرنا لمغترب

في المكرمات ولا فزنا بمرغوب

دعا المؤيد بالترغيب قاصده

فلو تأخر لاستدعي بترهيب

ملك إذا مر يوم لا عفاة بهِ

فليس ذلك من عمر بمحسوب

للجود والعلم أقلام براحته

تجري المقاصد منها تحت مكتوب

مجموعة فيه أوصاف الألى سلفوا

كما تترجم أخبار بتبويب

إذا تسابق للعلياء ذو خطر

سعى فأدرك تبعيداً بتقريب

وإن المال إلى الهيجاء سمر قنا

أجرى دماء الأعادي بالأنابيب

قد أقسم الجود لا ينفك عن يده

إلا لعافيه أو للنسر والذيب

أما حماه فقد أضحى بدولته

ملاذ كل قصي الدار محروب

غريبة الباب تقري من ألم بها

فخل بغداد واترك بابها النوبي

وانعم بوعد الأماني عند رؤيته

فإن ذلك وعد غير مكذب

وأعجب لأيدي جواد قط ما سئمت

إن البحار لآباءُ الأعاجيب

كل العفاة عبي في صنائعه

ودار كل عدو دار ملحوب

يامانحي منناً من بعدها منن

كالماء يتبع مسكوباً بمسكوب

من كان يلزم ممدوحاً على غرر

فما لزمتك إلا بعد تجريب

أنت الذي نبهت فكري مدائحه

ودربتني والأشيا بتدريب

حتى أقمت قرير العين في دعة

وذكر مدحك في الآفاق يسري بي

مدح يغار لمسود المداد به

(حمر الحلى والمطايا والجلابيب)

وقال يمدحه:

عوض بكأسك ما أتلفت من نشب

فالكأس من فضة والراح من ذهب

وأخطب إلى الشرب أم الدهر إن نسبت

أخت المسرة واللهو ابنة العنب

غراء حالية الأعطاف تخطر في

ثوب من النور أو عقد من الحبب

عذراء تنجز ميعاد السرور فما

تومي إليك بكف غير مختضب

مصونة تجعل الأستار ظاهرة

وجنة تتلقى العين باللهب

لو لم يكن من لقاها غير راحتنا

من حرفة المتعبين العقل والأدب

فهات واشرب إلى أن لا يبين لنا

أنحن في صعد نستن أم صبب

خفت فلو لم تدرها كف حاملها

دارت بلا حامل في مجلس الطرب

يا حبذا الراح للأرواح سارية

تقضي بسعد سراها أنجم الحبب

من كف أغيد تروي عن شمائله

عن خده المشتهى عن ثغره الشنب

حمالة الحلي والديباج قامته

تبت غصون الربى حمالة الحطب

يا تالي العذل كتباً في لواحظه

(السيف أصدق أنباء من الكتب)

كم رمت كتم الهوى فيه فنمّ به

إلى الوشاة لسان المدمع السرب

جادت جفوني بمحمر الدموع له

جود المؤيد للعافين بالذهب

شادت عزائم اسماعيل فاتصلت

قواعد البيت ذي العلياء والرتب

ملك تدلك في الجدوى شمائله

على شمائل آباء له نجب

محجب العز عن خلق تحاوله

وجود كفيه باد غير محتحب

قد أتعب السيف من طول القراع به

فالسيف في راحة منه وفي تعب

تلقاه للحلم معنى في خلائقه

لا تستطيل إليه سورة الغضب

يغضي عن السبب المردي بصاحبه

عفواً ويعطي العطا جماً بلا سبب

ويحفظ الدين بالعلم الذي اتضحت ألفاظه فيه حفظ الأفق بالشهب

يمم حماه تجد عفواً لمقترف

مالاً لمفتقر، جاهاً لمقترب

ولا تطع في السرى والسير ذا عذل

واعكف بذلك الثرى الملثوم واقترب

وعذ من الخوف والبؤسى بذي همم

مدائح فيه عند الله كالقرب

نوع من الصدق مرفوع المنار غدا

في الصالحات من الأعمال في الكتب

وواهب لو غفلنا عن تطلبه

لجاءنا جوده الفياض في الطلب

أسدى الرغائب حتى ما يشاركه

في لفظها غير هذا العشر من رجب

واعتاد أن يهب الآلاف عاجلة

وإن سرى لالوف الجيش لم يهب

كم غارة عن حمى الإسلام كفكفها

بالضرب والطعن أو بالرعب والرهب

ص: 260

وغاية جازفي آفاقها صعداً

كأنما هو والإصراع في صبب

ومرمل ينظر الدنيا على ظمأ

منها ويطوي الحشا ليلاً على سغب

نادته أوصافه اللاتي قد اشتهرت

لم القعود على غير الغنى فثب

فقام يعمل بين الكثب ناجية

كأنما احتملت شيئاً من الكتب

حتى أناخت بمغناه فقال لها

يا وصلة الرزق هذي فرقة التعب

لا عيب في ذلك المغنى سوى كرم

يسلو عن الأهل فيه كل مغترب

كم ليلة قال لي فيها ندى يده

يا أشعر العرب أمدح أكرم العرب

فصحبته قوافي التي بهرت

بخرد مثل أسراب المها عرب

ألبسته وشيها الحالي وألبسني

نواله وشي أثواب الغنى القشب

فرحت افخر في أهل القريض به

وراح يفخر في أهل السيادة بي

يا ابن الملوك الألى لولا مهابتهم

وجودهم لم يطمع دهر ولم يطلب

الجائدين بما نالت عزائمهم

والطاعنين الأعادي بالقنا السلب

والشائدين على كيوان بيت على

تغيب زهر الدراري وهو لم يغب

بيت من الفخر شادوه على عمد

وبالمجرة مدوه على طنب

لله أنت فما تصغي إلى عذل بها

يوم النوال ولا تلوي على نشب

أنشأت للشعر أسباباً يقال

وهل تنظم أشعار بلا سبب

أنت الذي أنقذتني من يدي زمني

يداه من بعد إشرافي على العطب

أجابني قبل أن ناديت جوادك إذ

ناديت جود بني الدنيا فلم يجب

فإن يكن بعض أمداح الورى كذباً

فإن مدحك تكفير من الكذب

وقال يمدح العلاء بن الفضل:

عطفت كأمثال القسي حواجباً

فرمت غداة البين قلباً واجبا

بلواحظ يرفعن جفناً كاسراً

فتثير في الأحشاء هما ناصبا

ومعاطف كالماء تحت ذوائب

فاعجب لهن جوامدا وذوائبا

سود الغدائر قد تعقرب بعضها

ومن الأقارب مايكون عقاربا

من كل ماردة الهوى مصرية

لم تخشن من شهب الدموع ثواقبا

لم يكف أن شرعت رماح قدودها

حتى عقدن على الرماح عصائبا

أفدي قضيب معاطف ميادة

تجلو علي من اللواحظ قاضبا

كانت تساعدني عليه شبيبتي

حتى نأت فنأى وأعرض جانبا

وإذا الفتى قطع السنين عديدة

شاب الحياة فظل يدعى شائبا

ياأخت أقمار السماء محاسنا

والشمس نورا والنجوم مناسبا

إن كابدت كبدي عليك مهالكا

فلقد فتحت من الدموع مطالبا

كالتبر سيالا فلا أدري به

جفني المسهد سابكا أم ساكبا

كاتمت أشجاني وحسبي بالبكا

في صفح خدي للعواذل كاتبا

دمعي مجيب حالتي مستخبرا

لله دمعا سائلا ومجاوبا

وعواذلي عابوا عليك صبابتي

وكفاهم جهل الصبابة عائيا

ما حسن يوسف عنك بالنائي ولا

دم مهجتي بمقيص خدك كاذباً

بأبي الخدود الغارات من البكا

اللابسات من الحرير جلاببا

النابتات بأرض مصر زواهراً

والزاهرات بأرض مصر كواكبا

آها لمصر وأين مصر وكيف لي

بديار مصر مراتعاً وملاعباً

حيث الشبيبة والحبيبة والوفا

في الأعربين مشارباً وأصحاباً

والطرف يركع في مشاهد أوجه عقدت بها طرر الشعور محارباً

والدهر سلم كيف ما حاولته

لا مثل دهري في دمشق محارباً

هيهات يقربني الزمان أذى وقد

بلغت شكابتي العلاء الصاحبا

أعلى الورى همماً واعدل سيرة

وأعز منتصراً وأمنع جانباً

مرآة فضل الله والقوم الألى

ملؤوا الزمان محامداًَ ومناقباً

الحافظين ممالكاً وشرائعاً

والشارعين مهابة ومواهباً

لا يأتي منهم إمام سيادة

من أن يبذ النيرات مراتباً

إما بخطي اليراع إذ الفتى

في السلم أو في الحرب يغدو كاتبا

فإذا سخا ملأ الديار عوارفاً

وإذا غزا ملآ القفار كتائباً

فإذا استهل بنفسه وبقومه

عد المفاخر وارثاً أو كاسباً

ابقوا علي وقضوا فحسبتهم

وحسبته سيلاً طماً وسحائباً

ذو الفخر قد دعيت رواة فخاره

في الخافقين دعاءها المتناسبا

ص: 261

والبيت يدعى عامراً والمجد يدعى

ثابتاً والمال يدعى السائبا

ما رحبته القائلون مدائحاً

إلا وقد شمل الأكف رغائبا

نعم المجدد في الهدى أقلامه

أيام ذو الأقلام يدعى حاطبا

تخذ المكارم مذهباً لما رأى

للناس فيما يعشقون مذاهبا

وحياطة الملك العقيم وظيفة

ومطالع الشرف المؤيد راتبا

والعدل حكماً كاد أن لا يغتدي

زيد النحاة به لعمرو ضاربا

والفضل لو سكت الورى لاستنطقت

غرر الثنا حقباً به وحقائب

واللفظ بين اناءة وإفادة

قسم الزمان فليس يعدم طالبا

وعرائس الأقلام واطربي بها

سود المحابر للقلوب سوالبا

(والمنبهات عيوننا وعقولنا

وجناتهن الناهبات الناهبا)

سحارة تحكي كعوب الرمح في

روع وتحكي في السرور كواعبا

لا تسألن عن طبها متأملاً

وأسأل به دون الملوك تجاربا

يا حافظاً ملك الهدى كتابه

سرت صحائفها المليك الكاتبا

يا سابقاً لمدى العلى بعزائم

تسري الصبا من خلفهن جنائبا

يا فاتحاً لي في الورى من عطفه

باباً فما آسى على إغلاق با

يا من تملكني الخمول فرده

بسلاح أحرفهِ فولى هارباً

يا معتقاً رقي وباعث كتبه

لله درك معتقاً ومكاتبا

يا غارساً مني نبات مدائح

من مثله يجني الثمار غرائبا

إن ناسبت مدحي معاليك التي

شرفت فإن لكل سوق جالبا

أهدي المديح على الحقيقة كاملاً

لكم وأهدي للورى متقاربا

وله من صدر قصيدة:

أذكى سنا البرق في أحشائه لهبا

وجاذبته يد الأشواق فانجذبا

واستخرج الحب كنزاً من محاجره

فقام يبكي على أحبابه ذهبا

صب يرى شرعة في الحب واضحة

فما يبالي إذا قال الوشاة صبا

نحا الهوى فكره العالي فصيره

بعامل القد لا ينفك منتصبا

مقسم الدمع والأهواء تحسبه

بين الصدود وبين النأي منتهبا

ذو وجنة بمجاري الدمع قد قرحت

وخاطر بجناح الشوق قد وجبا

كأن مهجته ملته فاتخذت

سبيلها عنهُ في بحر البكا سربا

يا ساري البرق في آفاق مصر لقد

أذكرتني من زمان النيل ما عذبا

حدث عن البحر أود معي ولا حرج

وانقل عن النار أو قلبي ولا كذبا

واندب على الهرم الغربي لي عمراً

فحبذا هرم فارقته وصبا

وقبل الأرض في باب العلاء فقد

حكيت من أجل هذا الثغر والشنبا

واهتف بشكواي في ناديه إن به

في المكرمات غريباً يرحم الغربا

إلى آخرها وله من أبيات:

سلام على عهد الصبابة والصبا

سلام بعيد الدار لا غرو أن صبا

مفارق أوطان له وشبيبة

إذا شرقت أهل التواصل غربا

يعاود أحشاه من الشوق فاطر

ويتلو عليه آخر الآي من سبا

وما زال صبا بالأحبة والهاً

إلى أن حكاه دمعه منتصبا

وقال يمدح المؤيد:

لولا معاني السحر في لحظاتها

ما طال تردادي على أبياتها

ولما وقفت على الديار مناديا

قلبي المتيم من ورا حجراتها

دار عرفت الوجد منذ أتيتها

زمن الوصال فليتني لم آتها

حيث الظبا وكواعب وحدائق

أنى التفت رتعت في وجناتها

والراح هادية السرور إلى الحشا

مثل الكواكب في أكف سقاتها

لا أنظم الأحزان في أيامها

أو ما ترى كسرى على كاساتها

كم ليلة عاطيت صورته طلاً

كادت تحرك معطفيه بذاتها

فلئن بكيت فإِن هذا الدمع من

ذاك الحباب يفيض من جنباتها

مالي وما للهو مفارق

نفرت غربانها ببزاتها

والشيب في فودي يخط أهلة

معنى المنون يلوح من نوناتها

سقياً لروضات الشباب وإن جنت

هذي الشجون على قلوب جناتها

ولدولة الملك المؤيد إنها

جمعت فنون المدح بعد شتاتها

ملك لنعماه عوائد أنعم

ألفت نحاة الجود فيض صلاتها

شدت لساحته الرحال ففعلها

يقضي بنصر الحرف نحو جهاتها

ص: 262

أكرم بساحته التي لا صدح من

ورق الثنا إلا على روضاتها

غذى الرجا نباتها فانظر لما

وشاه من مدح فم ابن نباتها

واهرع إلى الشخص الذي قد ألفت

كل القلوب له على رغباتها

وإذا الفتى اجتذب القلوب سعت إلى

دينار راحته خطا حبّاتها

وإذا حلى الملك المؤيد أشرقت

فاخشع لما تمليه من آياتها

شرف مثال النجم دون مثاله

ولهاً يضيع الغيث في قطراتها

لم يكف أن جلى الخطوب عن الورى

حتى جلا بعلومه ظلماتها

لله فيه سريرة مكنونة

فصفاتها الإعياء دون صفاتها

لا تطلبن من القرائح حصرما

أفضى إليه وعد عن أعناتها

ركعت لذكراه الحروف فلم تكد

تتبين الألفات من دالاتها

وتقشعت أنواء كل غمامة

وهباته تجري على عاداتها

يا ابن الملوك الناشرين لبيتهم

سيراً تبيض من وجوه رواتها

متَّ الفقير إلى يديك بمنة

إذا كان صنع الجود من لذاتها

وصبت إلى لقياك غير ملومة

نفس رأت جدواك أصل حياتها

لا نعتب الأيام كيف تقلبت

بالقاطنين وأنت من حسناتها

وله في مدح كمال الدين الزملكاني: وهي قصيدة طويلة أجاد فيها كل الإجادة فاختصرت منها أكثر لشهرة ديوانه، فمن أراد الوقوف عليها فليراجعها في الديوان وأولها قوله:

قضى وما قضيت منكم لبانات

متيم عبثت فيه الصبابات

ما فاض من جفنه يوم الرحيل دم

إلا وفي قلبه منكم جراحات

غبتم فغاضت مسرات القلوب فلا

أنتم بزعمي ولا تلك المسرات

أحبابنا كل عضو في محبتكم

كليم وجد فهل للوصل ميقات

يا حبذا في الصبا عن حيكم خبر

وفي بروق الغضا منكم إشارات

وحبذا زمن اللهو الذي انقرضت

أوقاته الغر والأعمال نيات

حيث المنازل روضات مديحة

وحيث جاراتها غيث سحابات

أيام ما شعر البين المشت بنا

ولا خلت من مغاني الأنس أبيات

حيث الشباب قضاياه منفذة

وحيث لي في الذي أهوى ولايات

وحيث أسعى لأوطان الصبا مرحاً

ولي على حكم أيامي ولايات

إلى أن قال في مديحها:

حبر رأينا يقين الجود من يده

وأكثر الجود في الدنيا حكايات

محجب العز في أيام سؤدده

للعز محو وللأمداح إثبات

سما على الخلق فاستسقوا مواهبهُ

لا غرو أن تسقي الأرض السموات

واستشرق العلم مصقولا سوالفه

بدهره وزهت لليمن جنات

واستأنف الناس للأيام طيب ثنا

من بعد ما كثرت فيها الشكايات

لا يختشي موت نعمى كفه بشر

كأن أنعمه للخلق أقوات

ولا تزحزح عن فضل شمائله

كأنها لبدور الفضل هالات

يا شاكي الدهر يممه وقد غفرت

من حول أبوابه للدهر زلات

ويا أخا الذنب قابل عفوه أمماً

أيام لا ملجأ أو لا مغارات

ولا يغرنك غفران فتغمره

فللعقار على لين شرارات

ويا فتى العلم إن أعيتك مشكلة

هذا حماه المرجى والهدايات

ويا أخا السعي في علم وفي كرم

هذي الهدايا وهاتيك الهدايا

لا تطلبن من الأيام مشبهه

ففي طلابك للأيام إعنات

ولا تصخ لأحاديث الذين مضوا

ألوى العنان بما تملي الروايات

طالع فتاويه واستنزل فتوته

تلق الإفادات تتلوها الإفادات

وحبر الوصف في فضل بأيسره

تكاد تنطق بالوصف الجمادات

فتى تناول صحف المجد أجمعها

من قبل ما رقمت في الخلد خطات

حامي الديار بأقلام مسددة

تأخر الشك عنها والغوايات

حامي الذمار بأقلام لها مدد

من الهوى واسمه في الطرس مدات

قويمة تمنع الإسلام من خطر

فأعجب لها ألفات وهي لامات

تعلمت بأس آساد وصوب حياً

منذ اغتدت وهي للآساد غابات

وعودت قتل ذي زيغ وذي خطل

كأنها من كسير الحظ فضلات

وجاورت يد ذاك البحر فابتسمت

هنالك الكلمات الجوهريات

لفظ تشف عن المعنى لطاقته

كما تشف عن الراح الزجاجات

ص: 263

عوذ بياسين أطراساً براحته

فيها من الزخرف المشهود آيات

إلى آخرها، وقال يمدح تاج الدين ابن الزين خضر:

نجوم تراعيها جفون سوافح

ولا طيفكم دان ولا الليل نازح

أبا خلة عني بطيف خيالها

عسى ولعل الدهر فيك يسامح

وتاركة قلبي كليماً وناظري

ذبيحاً ولا في العيش بعدك

لمحتك للبين المصادف لمحة

فطاحت بأحشائي إليك الطوائح

جوارح ينمو شجوها وسقامها

(علي ودوني جندل وصفائح)

وقلب عصى نصحي عليك وسلوتي

فأبعد شيء صبره والنصائح

وقلت جبين المالكية عذره

فقال الورى عذر لعمرك واضح

ولم أنس يوم البين إيماء طرفها

وعيس المطايا للفلاة جوانح

فليت الردى أجرى دم العيس ناحراً

(فسالت بأعناق المطي الأباطح)

ومما شجاني في الضحى صوت ساجع

كأني له بعد الحبيب أطارح

يساعدني نوحاً يكاد يجيبنا

بأمثاله بان الحمى المتناوح

فليت حمام الأيك يوماً أعارني

جناحاً إلى الركب الذي هو نازح

وليت النجوم الزهر تدنو قوافيا

لنا فتنقى في ابن خضر المدائح

رئيس تجلى بشره ونواله

فلا الأفق مغبر ولا العام كالح

على المزن من تلك البنان تشابه

وفي البدر من ذاك الجبين ملامح

وفي الروض من أخلاقه وثنائه

سمات فنعم المزهرات الفواتح

ولله أقلام الحماسة والندى

على يده حيث السطا والمنائح

حمين الحمى لما فتحن بلاده

وقد أقصرت عنها القنا والصفائح

فهن على اللائي فتحن مغالق

وهن على اللائي غلقن مفاتح

وطوقنا أطواق جود فكلنا

على شبه الأغصان بالحمد صادح

وروض أقطار الشآم بأحرف

سقى أصلها طام من النيل طافح

وصدر لما يلقى من السر لائق

وكوكب فضل في سما الملك لائح

علي المدى لا بالملمة جازع

ولا بالتي يثنى لها العطف فارح

وزاكي النهى إما لمعنى سيادة

وإما لأكباد المعادين شارح

بليغ إذا نص المقال وبالغ

مدى الرأي حيث النيرات الطوامع

وأبيض وجه العرض والوجه والتقى

إذا لفحت سفع الوجوه اللوافح

على دولة الأملاك كل فصوله

ربيع وفي الأعدا سعود ذوابح

وللطالبي النعمى غمام كأنه

لما جد في جود وحاشاه مازح

إلى عدله يشكو الزمان وإنه

ليمٌّ يغادي أمره ويراوح

تعودت أن تسري إليه ركائبي

فترجع وهي المثقلات الروانح

وآخذ من قبل المديح جوائزا

تقصر عن أدنى مداها المدائح

فلا غرو أن آتي بهن مضيئة

كأن المعاني في البيوت مصابيح

أمولاي إن يسكت لساني صبراً

فإن لسان الحال مني صادح

وقال يمدح الملك المنصور:

أهواه فتان اللواحظ أغيدا

ترك الغزال من الحياء مشردا

ولأجله الأغصان مالت من صبا

والبدر طول الليل بات مسهدا

وأغن أقسم لاعصيت عصابة

تدعو إليه ولا أطعت مفندا

نشوان من رأى ناراً على وجناته

تذكو فآنس من جوانبها هدى

أبداً أميل إلى لقاه وإن جفا

وتحن أحشائي له وإن اعتدى

وأطول أشجاني بطرف فاتر

ترك الفؤاد بناره متوقدا

ومورد الوجنات لولا حسنه

لم يجر دمعي في هواه موردا

وبليت منه بدور عشق دائم

مثل الهلال إذا استسر تجددا

قد أقسمت أحشاي لا تدع الأسى

كأنامل المنصور لا تدع الندى

أبهى الورى خلقاً وأبهر منظراً

وأجل آلاء وأكرم مولدا

ملك يغار البدر لما يجتلى

ويذوب قلب الغيث لما يجتدى

في وجهه للملك نور سعادة

تعشو له الآمال واجدة هدى

قرع يخير عن ميادي أصله

ياحبذا خبر لديه ومبتدا

طالت يداه إلى مآثر بيته

فحبت مكارمه بكل يديدا

ذو همة في الفصل يحكم يومها

وبريك أحكم من فواضلها غدا

وشجاعة تنضي السيوف صقيلة

وإلى المعامع ربها يشكوا الصدا

يزداد معنى بيته حسناً به

فكأنه بي القريض مولدا

ص: 264

ويشم ما سن أبوه من العلى

لا قاصر عنه ولا متبلدا

ما شاد اسماعيل بيت فخاره

إلا ليستدعي إليه محمداً

سار على منهاجه فإذا رأت

عيناك منصوراً رأيت مؤيداً

يا ابن الذي ملأ الوجود مواهباً

والأفق ذكراً والصحائف سؤدداً

شرفت شعري ذاكرته وأنرته

حتى كأن بكل حرف فرقدا

فلأهدين فريدة لممدح

أضحى بنيل نداه شعري مفرداً

حسب ابن شاد أن يراني للثنا

عبداً وحسبي أن أراه سيدا

وقال يمدح الأفضل:

صدودك باللمياء عني ولا البعد

إذا لم يكن من واحد منهما بد

بروحي من لمياء عطف إذا زها

على الغصن قال الغصن ما أنا والقد

وعنق قد استحسنت دمعي لأجلها

وفي عنق الحسناء يستحسن العقد

من العرب إلا أن بين جفونها

أحد شبا مما يجرده الهند

على مثلها يعصى العذول وإنما

يطاع على أمثالها الشوق والوجد

عزيز على العذال مني صرفها

وللقلب في دينار وجنتها نقد

أعذالنا مهلا فقد بان حمقكم

وقد زاد حتى ما لحمقكم حد

وقلتم قبيح عندنا العشق بالفتى ومن أنتم حتى يكون لكم عند؟

سمحت بروحي للحسان فمالكم ومالي وما هذا التعسف والجهد

وثغر يتيم الدر سلم مهجتي

فأتلفها من قبل ما ثبت الرشد

هو البرد الأشهى لغلة هائم

أو الطلع أو نور الأقاحي أو الشهد

ومرشفه المن الذي لا يشوبه

سلوي أو الراح المشمول أو النهد

عهدت الليالي حلوة بارتشافه

وهن الليالي لا يدوم لها عهد

فملا ابتسم البرق الذي كان بالحمى

غداة تفرقنا ولا قهقه الرعد

تولت شموس الحي عنه ففي العلى

سناها وفي أكباد عشاقها الوقد

وكم ذابح للصب يوم تحملوا

بأخبية غنى بها للسرى سعد

فيا قلب جهداً في التحرق

وهذا لعمري جهد من لا له جهد

ويا دمع فض وجداً بذكر خدودهم

فإنك ماء الورد إن ذهب الورد

رعى الله دهراً كنت فارس لهوه أروح إلى وصل الأحبة وأدو

جوادي من الكاسات في حلبة الهنا

كميت والإ من صدور المها نهد

وفي عضدي بدر الجمال موسد

وقد قدحت المراح في خده زند

وعيشي مأمون الطباق الذي أرى

فلا الشعر مبيض ملا الحال مسود

زمان ولى بالشبيبة وانقضى

وفي في طعم من مجاحته بعد

يزول وما زالت مذاقته الصبا

ويبلى وما تبلى روائحه البرد

له أبداً مني التذكر والأسى

وللأفضل الملك القصائد والقصد

بكم آل ايوب غنينا عن الورى والأسى

فلم نجد الأمداح فيهم ولم يجدوا

أتينا لمغناكم تجاراً وإنما

بضائع الآمال تعرض والحمد

فنفقتم سوق الثنا بضائع

معجلة للوفد من سبقها وفد

ورشتم جناح الآملين وطوقت

رقاب بنعماكم فلاغرو أن تشدو

سقى تربة الملك المؤيد وابل

وفي على عهد المعالي له عهد

لقد صدقتنا في الزمان وعوده وشيمة اسماعيل أن يصدق الوعد

وولى وقد أوصى بنا الملك الذي

أبر على جمع العلى شخصه الفرد

فما لبنى أيوب ند من الورى

وما في بني أيوب عندي له ند

مليك له في الملك أصل ومكسب=وحظ فنعم الجد والجد والجد

حوته العلى قبل الحجور وهزه حديث الثنا من قبل المهد

وغذته للعلياء قبل لبانه

لباناً لها من مثله مخض الزبد

فجاء كما ترضى السيادة والعلى

وحيداً على أبوابه للورى حشد

رعى خلق رب العباد وخلقه

فحسن ما يخفى لديه وما يبدر

ألم ترني يممت كعبة بيته

لحج ولائي لاسواع ولاود

عقلت بحبل من جبال محمد

أمنت به طارق الدهر أن يعدو

ويممت مغناه بركب مدائح يسيل بها غور ويطفو بها نجد

من اللاء كثرها تكاثرت

لدي بها الأتباع والأصل والولد

وأعجبني المرعى الخصيب ببابه

فحالي به الأهنى وعيشي به الرغد

أَيا ملكا لولا حماه وجوده

لما ملح المرعى ولا عذب الورد

ص: 265

تجمع في علياك كل تفرق

من الوصف حتى الضد يظهره الضد

فقربك والعليا وحلمك والسطا

وحزمك والجدوى وملكك والزهد

وعنك استفاد الناس مدحاً بمثله

على الشب يشدو أو على الركب إذا يحدو

فدونكما مني على البعد غادة

يظل عبيداً وهو من خلفهما عبد

على أيها تحتك منك بناقد

يرجى له نقد ويخشى له نقد

عريق العلى ألفاظه كدروعه

غدا والوغى والسلم يحكمه سرد

حمى الله ريب الحوادث ملكه

ولازال للأقدار من حوله جند

هو الكافل الدنيا بأنعمه فما

يحس لمفقود بأيامه فقد

وإني وأن أخرت سعياً لأرتجي

عوائد من نعماه تسعى بها البرد

إذا المرء لم يشدد إلى الغيث رحله

أَتى نحو مغناه حيا الغيث يشتد

وما أنا إلا العبد ما في رجائه

ولا ظنه عيب ولا يمكن الرد

وقال يرثي شهاب الدين محمود:

واوحشتي لمقام منك محمود

واحسرتي لوداد فيك معهود

لو شام طرفك ما أَلقاه من حرب

لم تدر من هو منا الهالك المودي

إنا إلى الله من رزء دنا فرمى

دمعي وشجوي بإطلاق وتقييد

يا معرضاً عن لقاء الصحف منقطعاً

وكان أكرم مصحوب ومودود

بالرغم أن أنشد الألفاظ عاطلة

من حلي مدحك أثناء الأناشيد

أو أن أعوض منثور المدامع عن

سماع در من الأقوال منضود

لم يبق ببعدك ذو سجع أعارضة

إلا الحمائم في نوح وتعديد

من للدواوين يقضي بالتآمل في

مخرج من معانيها ومردرد

كنا نعدك فرداً في موازنها

رزئنا بموزون ومعدود

من للرسائل في لامات أحرفها

تغزو رزئنا بموزون ومعدود

من للرسائل في لامات أحرفها

العداة بألفاظ صناديد

سقيا لعيدك منم سحاب ذيل تقى

مضى وليس الآذى منه بمعهود

عصب إذا رمت زهداً أو حذرت وغى

أرضاك في ذا وفي هذا بتحرير

هي المنية لا تنقل صائدة

نفوسنا بين مسموع ومشهود

أين الملوك الألى كانت منازلهم

تراحم البجر في عز وتسييد

لم يحمهم سرد داود الذي ملكوا

من المنون ولا جند ابن داود

إيها سقاك شهاب الدين صوب حيا

يكاد يعشب أطراف الجلاميد

لو لم تكن بوفاء القصد تسعفنا

كانت بنوك وفاً عن كل مقصود

في كل معنى أرى حسناك واضحة

فحسرتي كل وقت ذات تجديد

وقال يمدح مؤيد الدين ويهنئه بعيد الفطر وقد أجاد في وصف الهلال:

يا شاهر الطرف حي فيك مشهور

وكاسر الطرف قلبي منك مكسور

امرت لحظك ان يسطو على كبدي

يا صدق من قال إن السيف مأَمور

وجاوب الدمع ثغراً منك متسقاًً

فبيننا الدر منظوم ومنثور

لا تجعل اسمي للعذال منتصباً

فما لتعريف وجدي فيك تنكير

ولا توال أذى قلبي لتهدمهُ

فإنه منزل بالود معمور

هل عند منظرك الشفاف جوهره

إني إليه فقير اللحظ مضرور

أو عند مبسمك الفرار بارقة

اني بموع صبري فيه مغرور

لقد ثنى من يدي صبري عزائمه

قلب بطرفك أمسى وهو مسحور

وقد تغير عهد الحال من جسدي

وما لحال عهودي فيك تغيير

حبي ومدح ابن شاه شاه من قدم

كلاهما في حديث الدهر مأَثور

أنشا المؤيد ألفاظي وأنشرها

فحبذا منشأ منها ومنشور

ملك إذا شمت برقاً من أسرته

علمت أن مراد القصد ممطور

مكمل الذات زاكي الأَصل طاهره

فعنده الفضل مسموح ومنظور

أقام للملك آراء معظمة

لشهبها في بروج اليمين تسيير

وقام عنه لسان الجود ينشدنا

زوروا فما الظن فيه كالورى زور

هذا الذي للثنا من نحو دولته

وللجوائز مرفوع ومجرور

وللعلوم تصانيف بدت فغدت

نعم السوار على الإسلام والسور

في كفه حمر أقلام وبيض ظبي

كأَنها لبرود المدح تشهير

قد أثرت ما يسر الدين أحرفها

وللحروف كما قد قيل تأثير

ص: 266

لله من قلم صان الحمى وله

مال على صفحات الحمد منثور

وصارم في ظلام النقع تحسبه

برقاً يشق به في الأَفق ديجور

تفدي البرية إن قلوا وإن كثروا

أبا الوفاء فثم الفضل والخير

مدت إلى مجده الامداح واقتصرت

فاعجب لممدود شيئ وهو مقصور

وسرها من أب وابن قد اجتمعا

مؤيد يتلقاها ومنصور

يا مالكاً أشرقت أيامهُ وزهت

رياضها فتجلى النور والنور

هنئت عيداً له منك اعتياد هنا

فالصبح مبتهج والليل مسرود

فطرت فيه الورى واللفظ متفق

للوفد فطر وللحساد تفطير

كأَن شكل هلال العيد في يده

قوس على مهج الأضداد موتور

أو مخلب مده نسر السماء لهم

فكل طائر قلب منه مذعور

أو منجل بحصاد القوم منعطف

أو خنجر مرهف النصلين مطرود

أو نعل تبر أجادت في هديته

إلى جواد ابن أيوب المقادير

أو راكع الظهر شكراً في الظلام على

من فضله في السماء والأرض مشكور

أو حاجب أشمط ينبي بأن له

عمراً له في ظلال الملك تعمير

أو زورق جاء فيه العيد منحدراً

حيث الدجى كعباب البحر مسجور

أو لا فقل شفة للكأس مائلة

تذكر العيش إن العيش مذكور

أو لا فتصف سوار قام يطرحه

كف الدجى حين عمته التباشير

أو لا فقطة قيد فك عن بشر

أخنى الصيام عليه وهو مأسور

أو لا فمن رمضان النون قد سقطت

لكما مضى وهو من شوال محصور

فانعم به وبأمداح مشعشعة

مديرها في صباح الفطر مبرور

نفاحة المسك من مسود أحرفها

ما كان يبلغها في مصر كافور

قالت وما كذبت رؤيا محاسنها

قبول غيري على الأملاك محظور

بعض الورى شاعر فاسمع مدائحه

وبعضهم مثل ما قد قيل شعرور

وقال يمدح الناصر بن محمد:

بدت في رداء الشعر باسمة الثغر

فعوذتها بالشمس والليل والفجر

ولو شتت قاسمت الذوائب مقسماً

بطيب ليال من ذوائبها عشر

وقبلتها مصرية حلوة اللمى

أكرر في تقبيلها السكر المصري

ويعذلني من ليس يدري صبابتي

فأصرفه من حيث يدري ولا يدري

ومن أعجب الأشياء حلو ممنع

أصبر عنه وهو حلو مع الصبر

وكم لائم في حب خنساء أعرضت

وعنف حتى جانس الهجر بالهجر

وشيب رأسي خدها ومعنفي

وهذا رماد الشيب من ذلك الجمر

فيا قلب خنساء القوي وأدمعي

على مثلك العينان تجري على صخر

ويا قلب صبراً في عطاها ومنعها

فلا بد من يسر ملا بد من عسر

أرى الشمس منها في العشاء منيرة

ومن صدها عني أرى النجم في الظهر

يذكرني في عهد الهوى ما نسيته

ولكنه تجديد ذكر على ذكر

زمان الصبا والقرب لا نحذر النوى

ولكن نقضي الحال أحلى من التمر

وأما وقد ضاء المشيب بمفرقي

فبالشيب لا بالطلوع صرنا إلى الهجر

وفارقت حد الغانيات وجفنها

فجرحاً على جرحٍ وكسر على كسر

وإني لمشتاق إلى ظل روضة

على النيل أروي العيش منها على النضر

لئن حثني باب البريد إلى مصر

لقد حثني باب الزيادة في النزر

إلى مصر يحلو نيلها مخضب الثرى

فيغني الورى في الحالتين عن القطر

وتقبيل حلو الغزو للمحل قاتل

حلاوته سكب وجنديه بحري

ويجري بإسعاد العباد فحبذا

بسعدك يا سلطانها ساعياً يجري

لسلطان مصر الناصر بن محمد

على كل مصر طاعة البحر والبر

تجمعت الأمصار في مصر طاعة

وهل تجمع الأمصار إلا على مصر

سلام على إسكندر الوقت إن يفح

شذى الذكر عنه فالسلام على الخضر

سلام ثغور الأرض تنقش في الثرى

بأفواهها حتماً على أنفس الذخر

على باب سلطان العباد كأنها

لنظم ثناياها عقود من الدر

مليك روت أعماله سير التقى

عن الملك المصري عن الحسن البصري

له منزل جيش وتحت مقامه

بهذا وذا في القلب حب وفي الصدر

ص: 267

إيالة ملك لا فلان ولا فل

ونحو على لا نحو زيد ولا عمرو

فملك بلا جور وحكم بلا هوى

وأزر بلا وزر وعز بلا كبر

قضى عمر في حكم عثمان جامعاً

لبأس علي في سماح أبي بكر

مضى الشفع من مرأى أبيه وجده

وجاء فلا زالت له دولة الوتر

إلى ناصر من ناصر وكذا على

مدى جده المنصور مسترسل النصر

أجل بيوت الملك بيت قلاون

وأنت أجل البيت يا وارث الدهر

فملكك حق واضح الصبح أِرقت

سعادته كالظهر يا واحد العصر

بصوتك أركان الشريعة شيدت

وصيغت ثغور كلها باسم الثغر

وخاض بها قوم تعدوا فقوبلوا

بما كل إنسان لديه من الخسر

وليس الذي خاض الشريعة سالماً

من الأسد الحامي حماها من الكر

لك الله إما كسب حظ من الثنا

يجوز وإما كسب حظ من الأجر

ليهنك ما تجنيه من جنة غداً

بإبطال ما تجني الجنايات من وزر

ليهنك ما عمرته من معالم

سيثني على عمارهن أبو ذر

ويمدحكم حسانها اليوم أو غداً

بدار البقا بعد الطويل من العمر

وأيامك الأعياد عائدة لمن

رجاك ومن عاداك بالفطر والنحر

وكفاك للمداح أيام عشرها

وليلة من تسعى لها ليلة القدر

ودولتك الزهراء للجود والسطا

فبالفلك السعدي والفلك البشري

ونصر على الأعداء يبادر رعبهُ

فيسبق مجرى الخيل بالعسكر المجر

ويعرض عن كيد العدى لاحتقارهم

بلا قاصد ماش ولا حائم صقر

فأعداك هذا مس في النوم رأسه

وآخر قبل السيف مات من الذعر

وكم لك في داني الديار ونازح

غيوث عطايا تخلط السهل بالوعر

يضن بأحمال من التين معشر

إذا اتصلت أحمال جودك من تبر

مليك التقى والبأس والعلم والندى

فمدح على مدح وشكر على شكر

تهن فكل الناس عافية روت

حديث التهاني عن بشير وعن بشر

بها حملت عنك السقام بمصرها

عيون المهابين الجزيرة والنصر

فأحسن بها للملك في كل حالة

بشائر عند السيف والعز والجسر

وأحسن بها حيث السخاء مسطر

صحائفها من كاتب السر والجهر

عوافي إلا أنها قاهرية

حكت حالتاها في المسرة والقهر

فعافية الأجساد عند ذوي الهدى

وعافية الأطلال عند ذوي الكفر

هنيئاً لسلطان البرية سيرة

مزهرة الأوراق بالأنجم الزهر

هنيئاً لجلاب المدائح والرجا

لقد أصبحت تجري إلى ملك تجري

يبيع ولكن بالكلام نفائساً

من المال تلقاها غداً جمة الوفر

ويبتاع لكن بالنفائس غالياً

من الحمد إلا أنه عاطر النشر

غنياً من السبع التجار بأنمل

أفيضت كما يغني عن السبع بالعشر

فأحييت للآداب علماً ومعلماً

بنعماء تقرى بالفوائد أو تقري

وجوه دنانير سبقن بمعجز

ترينا وجوه التم في أول الشهر

سبقن إلى من يشتكي الفقر بالغنى

وقابلن من لم يشتك الكسر بالجبر

كذلك أذهان الملوك نقية

ترى في مرآة العقل أيان تستقري

تأملت ما تعطي الملوك من النهى

فعوذت فرداً بالثلاث من الحجر

أحقاً أراني في ثرى عتباته

نباتاً يحيي واكف المزن بالزهر

وأنشدت أمداحاً تقول لمن أتت

مدحتك بالشعرى وغيرك بالشعر

وقال في قاضي القضاة جلال الدين:

سقى حماك من الوسمي باكره

حتى تبسم من عجب أزاهره

يا دار لهوي لا واش أكاتمه

ولا رقيب بمغناه أحاذره

حيث الشبيبة تصبى كل ذي حور

سيان أسود مرآها وناظره

من كل محتكم الأجفان يخرجنا

من أرض سلوتنا في الحب ساحره

ظبي إذا شمت خديه ومقلته

أذاب لاهبه قلبي وفاتره

يأوي إلى بيت قلب مخترب

فأعجب لمخرب بيت وهو عامره

كأنه بيت شعر في عروض جوى

دارت عليه بلا ذنب دوائره

ليعن من بات مسروراً بمهجته

إني عليه قريح الطرف ساهره

تجري الدموع على أطراف تألفها

فاستسهلت لمجاريها محاجره

ص: 268

كم ليلة بت أشكو من تطاولها

علي والأفق داجي القلب كافره

وأرقب الشهب فيه وهي ثابتة

كأنما سمرت منها مسامره

حتى بدا الصبح يحكي وجه سيدنا

قاضي القضاة إذا استجداه زائره

له صبح تجلى للشريعة عن

ذاك الجلال وقد جلت مآثره

أفدي البريد وللتقليد في يده

(مخلق تملأ الدنيا بشائره)

يكاد يلمع مطوي السطور به

حتى ينم على فحواي ظاهره

مسرة كان طرف الشرع يرقبها

ومطلب كانت العليا تجاوره

قاضي القضاة جلال الدين قد وضحت

سبل القريض وصاغ القول ماهره

هذي كؤوس الثنا والحمد مترعة

(باكر صبوحك أهنى العيش باكره)

واسمع مدائح قد فاه الجماد بها

(وقد ترنم فوق الأيك طائره)

ما أحسن الدين والدنيا يسوسهما

والطيلسان فلا تخفى مفاخره

كأن أبيض هذا تلو أسود ذا

عين الزمان الذي ما زاغ باصره

حيث المقاصد في أبوابه زمراً

فليس للدهر ذنب وهو غافره

فاستجل طلعة ذي بشر وذي كرم

كالغيث بارقه الساري وماطره

تصبو لحبر فتأويه لواحظنا

فما عيون المها إلا محابره

وينفذ الأمر كالسهم القويم فما

تحيد عن غرض التقوى أوامره

لا شيء أحسن من مرآه مقتبلاً

إلا محاسن ما ضمت سرائره

تجلو المهابة في ناديه رونقها

فما تكاد بنجوانا نجاهره

ويفهم السر من حاجات أنفسنا

فما نطيق على أمر نساتره

يا حاكماً صان سوح الدين عاضده

ففاز بالشرف المأثور ظافره

انظر لحال غريب الدار مفتقر

طال الزمان وما سدت مفاقره

نعم الفتى أنت قد برت أوائله

في المكرمات وقد أربت أواخره

يممته دلفي الأصل منتسباً

تأبى معاليه أن تخفى عناصره

لا يستقر بكفيه الثراء فما

تلك الخطوط بها إلا معابره

زكا وأمكنه فعل الجميل فما

في الناس لو قصرت جدواه عاذره

ما بعد علياه ركن أستجير به

من الخطوب ولا بحر أجاوره

لئن تفرد بالعلياء سؤدده

لقد تفرد بالآداب شاعره

وقال يمدح المؤيد لدين الله بن أيوب:

أهلاً بطيف على الجرعاء مختلس

والفجر في سحر كالثغر في لعس

والنجم في الأفق الغربي منحدر

كشعلة سقطت من كف مقتبس

يا حبذا زمن الجرعاء من زمن

كل الليالي فيه ليلة العرس

وحبذا العيش مع هيفاء لو برزت

للبدر لم يزه أو للغصن لم يمس

خود لها مثل ما في الظبي من ملح

وليس للظبي ما فيها من الأنس

محروسة بشعاع البيض ملتمعاً

ونور ذاك المحيا آية الحرس

يسعى ورا لحظها قلبي ومن عجب

سعي الطريدة في آثار مفترس

ليت العذول على مرأى محاسنها

لو كان ثنى عمى عينيه بالخرس

إني وإن علقت بالقلب صبوتها

لمحوج العيس طي الضوء والغلس

سفينة ليستجري بي لذي بخل

إن السفينة لا تجري على اليبس

تؤم باب ابن أيوب إذا اعتكرت

سود الخطوب كما يؤتم بالقبس

المانح الرفد إفناناً مهدلة

فما يرد جناها كف ملتمس

والرافع البخل في الدنيا وساكنها

بجود كفيه رفع الماء للنجس

محا المؤيد بأس المقترين فما

تكاد تظفر جدواه بمبتئس

واستأنس الناس جدوى كفه فرووا

عن مالك خبر العليا وعن أنس

ملك يقاس مجاريه بسؤدده

إذا تقاس عير الدار بالفرس

وينتهي لضحى بشر مؤمله

إذا انتهى من بني الدنيا إلى عبس

مظفر الجد مشاء على جدد

من حلمه اللدن أو من حربه الشرس

يخفى اللها ودنانير الضلات بها

تكاد تطرب للأسماع بالجرس

وينشر العلم لا قول بمختلف

إذا رواه ولا معنى بملتبس

ويشبع الأمر آراء مسددة

تمضي وتدفع صدر الحادث الشكس

تكون كالعضب أحياناً وآونة

تكون من وقعات العضب كالترس

لو باشر الأفق يوماً بين طلعته

لما سمعت بنجم ثم منتحس

ص: 269

ولو تولت حزون الأرض راحته

لم يبق في الأرض صلد غير منبجس

من مبلغ قومي الزاكي نجارهم

أني اعتزيت إلى جم العلى ندس

مجدداً لي في أمداحه نسباً

أبر من نسب في الترب مندرس

ما زلت أخبر ممدوحاًُ فأهجره

حتى اعتلقت بحبل محصد المرس

وطاهر الخيم لا تثنى خلائقه

على الملال ولا تطوى على الدنس

ما شمت بارق جدواه فأخلفني

ولا عهدت إلى معروفه فنسي

تلك العلى لابن حمدان على حلب

ولابن عمار شأو في طرابلس

يا ابن الملوك الألى خذها عروس ثناً

مصرية المنتمى عربية النفس

الله أكبر صاغ الحق مادحكم

كأنه ناطق من حضرة القدس

وقال في جمال الدين بن حجلة عند قدومه من الحج:

تذكر جرعاء الحمى فتجرعا

كؤوس الأسى بالدمع راحاً مشعشعاً

وفارق جيران الغضا غير أنه

به أودع القلب الشجي وودعا

يكرر لثم الترب حتى كأنه

يحاول ختماً للذي فيه أودعا

فأدمعه قد صرن ألفاظ شجوة

وألفاظه من رقة صرن أدمعا

أقول وقد راجعت بالشام ذكرهم

ألا قاتل الله الحمام المرجعا

يذكرني عهد العقيق كأنه

بلؤلؤ دمعي صار عقداً مرصعا

عسى كل عام زورة لمفارق

فيا حبذا من أجل لمياء كل عا

إمام الهدى والعلم هنيت مقصداً

سعيداً وعوداً بالقبول ومرجعا

يطوف ويسعى للاما الذي سعى

وطاف بذياك الحمى وتمتعا

تكاد ستور البيت تجذب برده

لعرفان محمود الشمائل أروعا

فإن ملأ الاحسان كم مجاور

فقد ملأ الحجر المحامد والدعا

وهنئ أفق الشام رجعة نير

مليء بإسعاد الرعية والرعا

تحييه أغصان البلاد كأنما

هوت سجدت نحو الإمام وركعا

وتلثم حتى مبسم الغيث في الثرى

بدور لآثار الركائب مطلعا

لك الله ما أتقى وأنقى سريرة

وأرفع قدراً في الأنام وأنفعا

وأكرم في الأنساب والفضل جمة

وأشرف في الدنيا وفي الدين موضعا

وأندى يداً لو أورقت عود منبر

لما عجب الرائي وإن قيل أينعا

كرامات من مدت يداً دعواته

ظلالاً إلبى أن عمت الناس أجمعا

إليك خطيب الشام لابن خطيبها

براعة مدح كان برك أبرعا

مديحك فرض لازم لي فطالما

بدأت فأسديت الجميل تطوعا

ومن مقاطعاته قوله:

حلفت لها بالعاديات دموعي

وبالموريات النار وهي ضلوعي

لئن كان من قد لامني غير مبصر

محاسنها إني لغير سميع

محجبة تفتر عن مبسم كما

ينظم في أزكى الأنام بديعي

فريد العلى والعلم والحلم والتقى

فيا لفريد حائز لجميع

يضوع قريضي في الورى بامتداحه

وما جوده لي في الورى بمضيع

أصوغ بسيطاً في الثناء وكاملاً

على وافر من جوده وسريع

ولا عيب في إحسانه غير أنني

شرهت فما لي اليوم وصف قنوع

بشهر ربيع قد أتيت مهنئاً

وكل زماني منه شهر ربيع

فلا زال من خدام مديحي لفضله

صوابي ونجحي مقبلاً وشفيعي

ومنها قوله:

لله طرف غداة البين ما هجعا

وحملته الليالي فوق ما وسعا

بين السهاد وبين الدمع مقتسم

فيكم فما جف من شوق ولا هجعا

يخادع الشوق طرفي عن مدامعه

إن الكريم إذا خادعته انخدعا

ويقتضي الهم تسهيدي فيا حرباً

من قاتلين على إنساني اجتمعا

سحقاً ليوم النوى ماذا رمى بصري

حتى استهل وماذا بالحشا صنعا؟

وقائل ما الذي أبكاك قلت له

شخص رمى بالنوى طرفي فقد دمعا

وقال يمدح المؤيد لدين الله:

سرى طيفها حيث العواذل هجع

فنم علينا نشره المتضرع

وبات يعاطينا الأحاديث في دجى

كأن الثريا فيه كأس مرصع

أَجيراننا حيى الربيع دياركم

وإن لم يكن فيها لطرفي مربع

شكوت إلى سفح النقا طول نأيكم

وسفح النقا بالنأي مثلي مروع

ولابد من شكوى إلى ذي مروءة

يواسيك أو يسليك أو يتوجع

ص: 270