الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، فى ذى القعدة، اعتقل الملك العادل، الملك المؤيد والملك العزيز وهما: ابنا أخيه صلاح الدين يوسف.
رحمه الله تعالى.
ذكر خبر الزلزلة الحادثة بالديار المصرية والبلاد الشامية، وغيرها
وفى هذه السنة فى شعبان، جاءت زلزلة من الصعيد، فعمت الدنيا فى ساعة واحدة. وهدمت أماكن كثيرة بالديار المصرية، ومات تحت الهدم خلق كثير.
وامتدت إلى الشام والساحل، فهدمت مدينة نابلس، فلم يبق بها جدار قائم إلا حارة السامرة «1» ، ومات تحت الهدم ثلاثون ألفا. وهدمت عكا وصور وجميع قلاع الساحل. وامتدت إلى دمشق، فرمت بعض المنارة بالجامع، وأكثر الكلّاسة والبيمارستان النّورى، وعامة دور دمشق إلا القليل. وهرب الناس إلى الميادين. وسقط من الجامع ستة عشر شرفة «2» ، وتشققت قبّة النّسر «3»
وتهدمت بانياس «1» وهونين «2» وتبنين «3» . وخرج قوم من بعلبك يجمعون الرّيباس «4» من جبل لبنان، فالتقى عليهم الجبلان، فماتوا بأسرهم.
وتهدمت قلعة بعلبك- مع عظم حجارتها. وامتدت إلى حمص، وحماه، وحلب، والعواصم.
وقطعت البحر إلى قبرص، وانفرق البحر فصار أطوادا، وقذف بالمراكب إلى الساحل، فتكسرت. ثم امتدت إلى خلاط وأرمينية وأذربيجان والجزيرة.
وأحصى من هلك فى هذه السنة، بسبب هذه الزلزلة، فكانوا ألف ألف إنسان، ومائة ألف. وكانت قوة الزّلزلة، فى مبدأ الأمر، بمقدار ما يقرأ الإنسان سورة الكهف. ثم دامت بعد ذلك أياما.
حكى ذلك أبو المظفر يوسف سبط بن الجوزى «5» فى تاريخه: «مرآة الزمان» . وقد ذكرت زلزلة أيضا فى شعبان، سنة ثمان وتسعين وخمسمائة،
وذكر مما حدث بسببها نحو هذا. فالله أعلم: هل هى هذه، أو هما اثنتان؟.
وفى هذه السنة توفى الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدى، الزّمام «1» ، فى مستهل شهر رجب بالقاهرة، وله من العمر ثمان وثمانون سنة:
وهو الذى عمّر سور القاهرة، وقلعة الجبل «2» وقناطر نهيا «3» من الجيزة. وعمر بالمقس «4» رباطا، وبظاهر القاهرة- خارج باب الفتوح- سبيل. والناس ينسبون إليه فى ولايته أحكاما غريبة، حتى وضع الأسعد بن ممّاتى خبرا لطيفا، سماه «الفاشوش فى أحكام قراقوش» ، ذكر فيه أشياء يبعد وقوعها من مثله «5» ، فإن الملك الناصر صلاح الدين يوسف،
مع حسن تدبيره وسداد رأيه، كان يعتمد عليه فى المهمات الجليلة والمناصب العالية، وثوقا بمعرفته وكفايته. والله أعلم. ولما مات، أقطع الملك العادل إقطاعه لابنه الملك الكامل.
وفيها، فى يوم الاثنين مستهل شهر رمضان، توفى بدمشق القاضى عماد الدين محمد بن محمد بن حامد، الأصفهانى، الكاتب، صاحب الخريدة، والرسائل المشهورة «1» . ومولده فى يوم الاثنين، ثانى جمادى الآخرة، سنة تسع عشرة وخمسمائة.
وفيها كانت وفاة الشيخ جمال الدين أبو الفرج: عبد الرحمن، بن على، بن عبيد الله، بن حماد، بن أحمد، بن جعفر، الجوزى الواعظ، البكرى التّيمى ببغداد، فى الليلة المسفرة عن يوم الجمعة، ثالث عشر رمضان. ودفن يوم الجمعة عند قبر الإمام أحمد بن حنبل- رحمهما الله تعالى.