الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصور أسد الدين شيركوه، بن الأمير ناصر الدين محمد، بن الملك المنصور أسد الدين شيركوه بن شادى- صاحب تل باشر والرّحبة.
وسنورد فى هذا الموضع نبذا من أخبارهم، تدل على ملخّص أحوالهم، إلى حين وفاة كل منهم، ومن قام بعده من أولاده، إن كان- على سبيل الاختصار.
أما السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف، بن الملك العزيز، بن الملك الظاهر، ابن الملك الناصر: صلاح الدين يوسف بن أيوب- فإنه كان بيده ملك حلب وأعمالها
ملك ذلك بعد وفاة والده الملك العزيز- كما تقدم- فى سنة أربع وثلاثين وستمائة. ثم استولى على حمص، فى سنة ست وأربعين وستمائة:
انتزعها من الملك الأشرف موسى، بن الملك المنصور إبراهيم، بن شيركوه، وعوّضه عنها تلّ باشر- وقد تقدم أيضا. ثم استولى على دمشق.
ذكر استيلاء الملك الناصر على دمشق
وفى سنة ثمان وأربعين وستمائة- بعد مقتل الملك المعظم تورانشاه- تجهز الملك الناصر من حلب بعساكره، فوصل إلى قارا «1» فى مستهل شهر ربيع الآخر.
وسبب ذلك أن الأمراء القيمرية، «1» الذين بدمشق، كاتبوه وباطنوه على أخذها فإن الأمير جمال الدين موسى بن يغمور- نائب السلطنة بها- اتفق هو والأمراء الصالحية النّجميّة، الذين كانوا بدمشق، وتظافروا، واجتمعت كلمتهم فتغيرت بواطن الأمراء القيمريّة، فكاتبوه، فسار إلى دمشق. ولما اتصل خبر مقدمه بالأمير جمال الدين بن يغمور، أحضر الملك السعيد بن الملك العزيز عثمان، من قلعة عزّتا «2» إلى دمشق- وكان قد اعتقله بها- كما تقدم، وأنزله فى دار فرّخشاه.
وتقدم الملك الناصر بعساكره، ونزل القصر. ثم انتقلوا إلى داريّا «3» ، فى يوم السبت سابع الشهر. وزحفوا على المدينة يوم الأحد ثامنه، وجاءوا إلى باب الصغير- وكان مسلّما إلى الأمير صارم الدين القيمرى، وإلى باب الجابية وكان مسلّما إلى الأمير ناصر الدين القيمرى. فلما انتهى العسكر الناصرى إلى البابين، كسرت أقفالها من داخل المدينة، وفتح البابان، ودخل العسكر الناصرى منهما.
ونهبت دار الأمير جمال الدين، بن يغمور، وسيف الدين المشدّ ونهب عسكر دمشق، وأخدب خيولهم من إسطبلاتهم. ودخل الأمير جمال الدين بن يغمور القلعة، وبها الملك المجاهد إبراهيم، ثم نودى بالأمان
ونزل الملك الناصر فى دهليز «1» ضرب له بالميدان الأخضر. ونزل الأمير شمس الدين لؤلؤ- أتابكه- فى الجوسق «2» العادلى. ثم انتقل الملك الناصر بعد ذلك إلى القلعة، واستولى على ما بها من الخزائن والذخائر.
واعتقل الأمير جمال الدين بن يغمور، ثم أفرج عنه وأحسن إليه. واعتقل الأمراء الصالحية، وأرسلهم إلى الحصون، وأقطع أصحابه أخبازهم «3» وكان الملك الناصر داود- بن الملك المعظم- قد نزل بالعقيبة «4» ، فجاءه الملك السعيد بن الملك العزيز عثمان، فبات عنده ليلة. ثم هرب إلى قلعة الصبيبة «5» - وكان بها أحد خدامه، وقد كاتبه- فوصل إليها وفتح له الباب، فدخلها واستقرّ بها.
وتسلّم الملك الناصر داود بعلبك من الحميدى، وتسلم بصرى وصرخد. ثم قبض عليه الملك الناصر يوسف بعد ذلك- فى ثانى شعبان من السنة. وذلك أن السلطان كان قد مرض ونزل بالمزّة «6» ، ونزل الناصر داود بالقصر بالقابون «7» ، فأرسل إليه الأمير ناصر الدين القيمرى ونظام الدين بن المولى، فأحضراه إلى المزّه، وضربت له خيمة واعتقل بها.
واختلف فى سبب القبض عليه: فنقل أنه كان قد طلب من السلطان دستورا إلى بغداد، فأذن له وأعطاه أربعين ألف درهم، فانفقها فى الجند وعزم على قصد الديار المصرية. وقيل: إن الملك الصالح إسماعيل جاءه كتاب من الديار المصرية، فأوقف الأتابك شمس الدين لؤلؤ عليه. وأخبر القاصد أنه أحضر إلى الناصر داود كتابا، فسئل عن ذلك، فأنكره. فنقم عليه السلطان بسبب ذلك. وقيل: بل أشار عليهم الملك الصالح إسماعيل بالقبض عليه، وقال أنتم ما تعرفونه، نحن نعرفه. وأنتم على قصد الديار المصرية، والمصلحة أن لا نتركه خلفنا، ولا نستصحبه.
فقبض عليه، واعتقل بالمزّة أياما. ثم نقل فى قلعة حمص، واعتقل بها. وأسكن أهله ووالدته وأولاده فى خانقاه الصوفية، التى بناها شبل الدولة كافور الحسامى. ثم نقل إلى البويضا- وهى قرية قبلىّ دمشق، كانت تكون لعمّه الملك المعزّ مجير الدين يعقوب بن العادل. وتوفى بها، كما تقدم.