الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها أحدثت المعاملة بالقراطيس السّود العادلية بدمشق، كما يتعامل الناس بالورق بالديار المصرية. فبقيت زمانا، ثم بطل ضربها وتناقصت من أيدى الناس، إلى أن توفى الملك العادل.
وفيها توجه الملك المعظم شرف الدين عيسى، بن الملك العادل، من دمشق إلى الحجاز. وجدد فى الطريق البرك والمصانع والمناهل، وأحسن إلى الناس، وتصدق، وحجّ قارنا- وكان حنفىّ المذهب- وعاد إلى الشّام.
وفيها اهتم السلطان- الملك العادل- بعمل الميدان الذى بسوق الخيل، بظاهر القاهرة، والفساقى المجاورة لها.
وفيها، فى ثالث شهر ربيع الأول، فوض تدريس الحنفية، بالمدرسة النّورية بدمشق، للشيخ جمال الدين محمد بن الحصيرى «1» العجمى.
وحضر الملك المعظم درسه مع الفقهاء.
واستهلت سنة ثنتى عشرة وستمائة:
فى هذه السنة، وصل الملك المعظم شرف الدين عيسى من الحجاز، وصحبته الأمير السيد الشريف: سالم بن قاسم «2» ، أمير المدينة النبوية- على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وكان قد شكى من قتادة: أمير مكة، فوعده بالمساعدة عليه. فلما وصل الآن معه، اجتمع بالسلطان الملك
العادل- وكان بخربة اللّصوص «1» - وقدّم الشريف إلى السلطان ما أحضره- على سبيل الهدية- من تحف الحجاز، وعشرين فرسا من خيل الحجاز، فأكرمه السلطان. واستخدم معه جماعة من أمراء التركمان والرجال، فتوجه بهم فى ثالث عشر شعبان.
واتفقت وفاته قبل وصوله إلى المدينة، فقام ولد أخيه الأمير جمّاز بن شيحه بالأمر بعد عمه، واجتمع أهله على طاعته. فمضى من كان مع عمه لقصد قتادة أمير مكة. فجمع قتادة «2» عسكره وأصحابه والتقوا بوادى الصّفراء «3» . وكان الظفر لجمّاز ومن معه، واستولوا على عسكر قتاده، قتلا ونهبا وأسرا. وانهزم قتادة إلى الينبع «4» وتحصن بقلعته، فتبعوه وحصروه.
ثم عاد من كان مع الأمير سالم من التركمان وغيرهم، صحبة الناهض ابن الجرخى، وفى صحبتهم كثير مما غنموه، من أموال قتادة ومن النساء والصبيان. وظهر منهم جماعة من الأشراف، فسلموا إلى أكابر أشراف دمشق، ليكفلوهم ويشركوهم فى وقف الأشراف وفى هذه السنة حصل الشروع فى عمارة المدرسة العادلية «1»
بدمشق وحضر السلطان الملك العادل لترتيب وضعها.
وفيها فى سابع من شهر ربيع الأول، عزل قاضى القضاة: زكى الدين أبو العباس الطاهر، بن محيى الدين، [عن] الحكم بدمشق وأعمالها. وولى من الغد الشيخ جمال الدين الحرستانى «2» ، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة وشهور.
وفيها أبطل السلطان الملك العادل ضمان الخمر والقيان بدمشق، فى رابع عشرين جمادى الآخرة. وبقى الأمر على ذلك، إلى أن توفى الملك العادل فى سنة خمس عشرة وستمائة.
وفيها وصل رسول الخليفة من بغداد، وهو الشيخ شهاب الدين السّهروردى «1» ونزل بجوسق «2» العادل. وتوجه إلى السلطان فلحقه بالقدس الشريف، فأدى الرسالة وعاد، فى خامس عشر شوال.
وفيها- فى منتصف شعبان، توفى الشيخ الصالح العارف: أبو الحسن على بن حميد، المعروف بابن الصّبّاغ قدس الله روحه. وكانت وفاته بقنا- من الأعمال القوصيّة من الصعيد الأعلى. ودفن بجانبها عند قبر شيخه:
الشيخ السيد القطب عبد الرحيم «3» . وضريحهما من المزارات المشهورة- نفع الله تعالى بهما.