الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواهر ما قوّم بمائتى ألف دينار وستين ألف دينار «1» . وكانوا- قبل ذلك بأيام- قد طولب ابن مرزوق بمال يحمله، فحلف برأس الملك الجواد أنه لا يملك شيئا. فلما وجد هذا التابوت، سلّمه الجواد للملك المجاهد. فاعتقله بقلعة حمص. فأقام سنين لا يرى الضّوء. وقيل أنه حبس اثنتى عشرة سنة.
وأظهر أسد الدين موته، وكتب بينه وبينه مبارأة «2» .
ذكر خروج دمشق عن الملك العادل وتسليمها لأخيه الملك الصالح نجم الدين أيوب
كان سبب ذلك أن السلطان الملك العادل- لما حضر الأمير عماد الدين عمر بن شيخ الشيوخ من الشام إلى الديار المصرية- أنكر عليه، ولامه وتهدده (لكونه) «3» سلم دمشق للملك الجواد. فقال: أنا أتوجه إلى دمشق وأنزل بالقلعة، وأبعث الملك الجواد إلى السلطان. وان امتنع، أقمت نائبا عن السلطان عوضه.
وتوجه من القاهرة فى شهر ربيع الأول، وقرر أن يقطع الملك الجواد ثغر الإسكندرية. ولما عزم على المسير، أشار عليه أخوه فخر الدين أن لا يتوجه إلى دمشق، وقال أخاف عليك من ابن ممدود- يعنى الجواد.
فقال أنا ملّكته دمشق، ولا يخالفنى فقال: أنت فارقته وهو أمير، وتعود إليه وقد صار سلطانا، فتطلب منه تسليم دمشق، وتعوضه الإسكندرية، ويقيم عندكم، فكيف يطيب له هذا؟ أو تسمح نفسه بمفارقة الملك؟ فأما إذا أبيت إلا التوجه، فانزل على طبريّة وكاتبه. فإن أجاب، وإلا تقيم مكانك وتكتب إلى الملك العادل.
فلم يرجع إلى رأيه، وتوجه إلى دمشق. وخرج الجواد إليه، وتلقاه بالمصلّى، وأنزله بالقلعة فى قاعة المسرّة. وأرسل إليه الملك الجواد الخلع والأموال والأقمشة والخيل، ففرق عماد الدين الخلع على أصحاب. وجاء الملك المجاهد أسد الدين- صاحب حمص- إلى دمشق.
قال: ولما قال الأمير عماد الدين للملك الجواد أن يتوجه إلى الديار المصرية، ويأخذ ثغر الإسكندرية- غضب، ورسم عليه فى الدار «1» ، ومنعه من الركوب.
ثم جاء إليه وقال: إذا أخذتم دمشق منى، وأعطيتمونى الإسكندرية، لا بد لك من نائب بدمشق، فاجعلونى ذلك النائب. ومتى لم تفعلوا هذا، فقد كاتبت الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسلّم إليه دمشق، وأتعوض عنها سنجار. فقال له ابن الشيخ: إذا فعلت هذا، اصطلح السلطان الملك العادل والملك الصالح، ولا تحصل أنت على شىء ألبتّة
ففارقه الجود وخرج مغضبا، وحكى ما جرى بينه وبين ابن الشيخ للملك المجاهد. فقال: والله إن اتّفق الصالح والعادل لا تركا بيد أحد منا شيئا، وسلبانا ملكنا وما بأيدينا، حتى نحتاج إلى الكدية «1» فى المخالى. ثم جاء صاحب حمص إلى ابن الشيخ، وقال له: المصلحة أن تكتب إلى الملك العادل، وتشير عليه بالرجوع عن هذا الرأى: يعنى إخراج الملك بالرجوع عن هذا الرأى. يعنى إخراج الملك الجواد من دمشق. فقال: حتى أتوجه إلى برزه «2» ، وأصلّى صلاة الاستخارة. فقال له أسد الدين: كأنك تريد أن تتوجه إلى برزة، وتهرب منها إلى بعلبك. فغضب عماد الدين وانفصلا على هذه الحال واتفق الجواد وصاحب حمص على قتل عماد الدين وتوجه أسد الدين إلى حمص. وكان عماد الدين قد مرض، وأبل «3» .
فلما كان فى يوم الثلاثاء، السادس والعشرين من جمادى الأولى، بعث الجواد إلى الأمير عماد الدين يقول له: إن شئت أن تركب وتتنزه فاركب إلى ظاهر البلد. فظن أن ذلك بوادر الرضا. ولبس فرجيّة كان الجواد قد بعث بها إليه، وقدموا له حصانا كان سيّره إليه أيضا، فلما خرج من باب الدار إذا
هو بنصرانى من نصارى قارا «1» قد وقف وبيده قصبة وهو يستغيث، فأراد الحاجب أن يأخذ القصبة منه، فقال: لى مع الصاحب شغل. فقال عماد الدين: دعوه.
فتقدم إليه، وناوله القصبة. فلما تناولها، ضربه النصرانى بسكّين فى خاصرته! وجاء آخر وضربه بسكين على ظهره، فمات وأعيد إلى الدار ميّتا واحتاط الجواد على جميع موجوده، وكتب محضرا أنه ما مالأ على قتله.
وقصد استخدام مماليكه، فامتنعوا وقالوا له: أنت تدّعى أنك ما قتلته، وهذا له إخوة وورثة، فبأى طريق تأخذ ماله؟ فاعتقلهم. وجهّز عماد الدين، ودفن بقاسيون فى زاوية الشيخ سعد الدين. وكان مولده فى يوم الاثنين سادس عشر شعبان، سنة إحدى وثمانين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
ولما قتل عماد الدين، علم الجواد أنه إن دخل الديار المصرية وسلم من القتل، صار ضميمة «2» . واتفق وصول رسول الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى الملك الجواد، وهو يبذل له أن يكون له سنجار والخابور ونصيبين والرّقّة، ويسلّم دمشق للملك الصالح. فأذعن إلى ذلك، لعلمه أن دمشق لا تبقى له. وقيل إن الملك الجواد هو الذى كتب إلى الملك الصالح، والتمس منه ذلك، فأجاب الملك الصالح إليه.