الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأفرج الملك المعز عن الملك المعظم صلاح الدين يوسف بن أيوب، والملك الأشرف صاحب حمص، وأولاد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، وغيرهم. من الأمراء الذين كانوا قد أسروا فى المصافّ، الكائن فى سنة ثمان وأربعين وستمائة، وذلك فى المحرم من هذه السنة.
وفى هذه السنة، لثلاث خلون من شعبان، قتل أبو سعد: الحسن بن على بن قتادة- صاحب مكة- شرّفها الله تعالى.
واستهلّت سنة اثنتين وخمسين وستمائة:
ذكر خبر عربان الصعيد، وتوجه الأمير فارس الدين أقطاى إليهم وإبادتهم
كان من خبر العربان بالصعيد، أنه لما اشتغل الملك الصالح نجم الدين أيوب وعساكره بقتال الفرنج بالمنصورة، وحصل ما قدّمنا ذكره: من وفاته، ومقتل ولده الملك المعظّم، واشتغال الملك المعز بحرب الملك الناصر، وتجريد الجيوش إلى جهتة، وعدم الالتفات إلى غير ذلك- تمكن العربان بهذه الأسباب من البلاد، وكثر شرّهم، وزاد طغيانهم وبغيهم.
وحصل لأهل البلاد منهم، من أنواع الأذى ونهب الأموال والتعرض إلى الحريم، وأمثال ذلك، ما لا حصل من الفرنج أكثر منه.
واجتمعوا على الشريف حصن الدين بن ثعلب الجعفرى «1» وأطاعوه ظاهرا، وانقادوا له. إلا أنه لا يستطيع دفعهم عن كل ما يقصدونه من أذى. وأخذ أموالهم، وكثرت جموعهم معه، حتى زادوا على اثنى عشر ألف فارس، وستين ألف راجل، بالسلاح والعدد.
فلما تم الصلح بين الملكين، وتفرغ وجه السلطان الملك المعز من جهة الشام، صرف فكرته إلى جهتهم، وانتدب لحربهم الأمير فارس الدين أقطاى. واستشار الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحى فى عدّة العسكر الذى يقوم بحربهم، فأشار بانتخاب ألفى فارس من العسكر، والتزم أنه يفرّق بهذه العدة جموعهم، ويبيدهم بها.
فانتخب الأمير فارس الدين هذه العدّة من العسكر، وتوجه بهم- وصحبته الأمير عز الدين المذكور- وتوجه إلى جهة الصعيد، وقصد العربان. وكانوا قد اجتمعوا بمكان يسمى الصّلعا «2» بمنشاة إخميم، فى البر الغربى- وهى أرض وسيعة، تسع عدّتهم. فساق الأمير فارس الدين ومن معه من العسكر، من جهة الحاجز بالبر الغربى، سوقا عظيما، ما سمع الناس بمثله، وانتهى إليهم فى ثلاث علايق- وهذه المسافة لا يستطيع البريد أن يصل إليها فى مثال هذه المدة، إلا إن أجهد نفسه.