الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة:
ذكر وصول رسول الخليفة إلى الملوك أولاد السلطان الملك العادل، وطلب الصلح بينهم والاتفاق
فى هذه السنة، قدم الشيخ جمال الدين أبو محمد يوسف بن الجوزى «1» ، رسولا من الخليفة الظاهر بأمر الله «2» - إلى السلطان الملك الكامل وإخوته، وصحبته الخلع للملك الكامل، والتقليد بالولاية.
والخلع لولديه: الملك المسعود، والملك الصالح. وخلعة لوزيرة الصاحب صفى الدين- وكان قد مات- فأمر السلطان الفخر سليمان، كاتب الإنشاء، أن يلبس خلعة الصاحب، فلبسها.
ولبس السلطان وولداه الخلع، وعبروا من باب النصر، وخرجوا من باب زويلة «3» بالقاهرة، وطلعوا إلى القلعة. وكان يوما مشهودا.
ووصل أيضا- صحبته- الخلع للملك المعظم شرف الدين عيسى، وللملك الأشرف: مظفر الدين موسى.
وتضمنت رسالته إلى الملك المعظم رجوعه عن السلطان جلال الدين خوارزم شاه»
، والصلح مع إخوته: الملك الكامل والملك الأشرف.
وكان الملك المعظم قد راسل السلطان جلال الدين- كما تقدم. ثم بعث إليه مملوكه الركين، فرحّله من تفليس، وأنزله على خلاط. والأشرف يومئذ بحرّان.
فقال الملك المعظم للشيخ جمال الدين: الرسول: «إذا رجعت عن السلطان جلال الدين، وقصدنى، إخوتى ينجدوننى؟ قال: نعم. فقال:
ليس لكم عادة تنجدون أحدا! هذه كتب الخليفة الناصر عندنا ونحن على دمياط، ونحن نكتب إليه نستصرخ به، ونقول انجدونا. فيجيىء الجواب:
إنا قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. ثم ضرب له مثلا وحكى عليه حكاية. وقال: إن إخوتى قد اتفقوا علىّ، وقد أنزلت السلطان جلال الدين خوارزم شاه على خلاط. فإن قصدنى الأشرف منعه، وإن قصدنى الكامل قدرت على ملاقاته ودفعه.
وفى هذه السنة، عاد الملك المسعود إلى اليمن. وكان عوده فى ذى القعدة. وقد تقدم ذكر وصوله إلى خدمة أبيه بالهدايا، فى سنة إحدى وعشرين وستمائة. وذكر ابن جلب راغب: أن قدومه وعوده كان فى هذه السنة. والله أعلم.
وفيها وصل الملك الأشرف إلى أخيه الملك المعظم بدمشق، وأعطاه رسالة، وتضرع إليه واعترف له بسابق فضله وسالف إحسانه، وسأله أن يرسل إلى السلطان جلال الدين خوارزم شاه يرحّله عن خلاط. فبعث إليه فرحّله عنها، وكان قد أقام عليها أربعين يوما. وسقط عليه وعلى أصحابه بها ثلج عظيم.
وأقام الملك الأشرف عند أخيه الملك المعظم بدمشق. وكان المعظم يلبس خلعة خوارزم شاه، ويرحّله عن خلاط. فبعث إليه فرحّله عنها، وكان قد أقام عليها أربعين يوما. وسقط عليه وعلى أصحابه بها ثلج عظيم.
وأقام الملك الأشرف عند أخيه الملك المعظم بدمشق. وكان المعظم يلبس خلعة خوارزم شاه، ويركب فرسه، وإذا جلسوا على الشراب يحلف برأس خوارزم شاه، والأشرف يتألم لذلك أشدّ الألم، ولا يستطيع أن يتكلم. ثم توجه الملك الأشرف إلى ضيافة أخيه الملك الكامل بالديار المصرية.
وفيها، عقد السلطان الملك الكامل نكاح ابنته على ابن صاحب الروم «1» .
وفيها توفى شبل الدولة: كافور بن عبد الله الحسامى «2» ، خادم ست الشام.
وكان عاقلا أديبا فاضلا، له حرمة وافرة فى الدولة، ومنزلة عالية عند الملوك.
وبنى مدرسة على نهر ثورا «3» وتربة، ووقف عليها الأوقاف، ونقل إليها الكتب الكثيرة. وبنى الخانقاه للصوفية، إلى جانب مدرسته. وفتح
طريقا للناس من الجبل إلى دمشق، قريبة عند القفارات، على طريق عين الكرش. وبنى المصنع الذى على رأس الزّقاق، ومصنعا آخر عند المدرسة.
وكان كثير الإحسان إلى الفقراء، وصدقاته دارّة إلى الآن. وسمع الحديث ورواه. وكانت وفاته فى شهر رجب الفرد، ودفن بترتبه إلى جانب مدرسته «1» - رحمه الله تعالى.
وفيها فى نصف شهر رجب، توفى قاضى القضاة جمال الدين: أبو محمد وأبو الفضل وأبو الوليد وأبو الفرج: يونس بن بدران بن فيروز، بن صاعد بن على بن محمد بن على، القرشى الشّيبى، الحجازى الأصل، المليجى المولد «2» المصرى الدار، الدّمشقى الوفاة، المعروف بالمصرى.
مولده تقريبا سنة خمسين وخمسمائة. وبلده التى ولد بها مليج: من الأعمال المنوفية، بالديار المصرية. تفقه بمصر، وسمع بالإسكندرية والقاهرة.
وترسّل لبغداد. وتولى وكالة بيت المال بدمشق، ثم ولى القضاء بها- كما تقدم- فى سنة ثمان عشرة وستمائة. رحمه الله تعالى.
وفيها كانت وفاة الشريف حسن بن قتادة، بن إدريس الحسنى:
أمير مكة- شرفها الله تعالى.
وكان قد ولى الإمارة بعد أبيه كما تقدم- مغالبة- وكان سيىء السّيرة، ظلوما مقداما. وقتل أقباش «3» أمير الحاج العراقى، فى سنة سبع عشرة. وأحدث بمكة أمورا منكرة. ولما وصل الملك المسعود إلى مكة،