الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخرج الكامل لوقته، واستدعى الأعز فخر الدين أبا الفوارس مقدام، بن القاضى جمال الدين أحمد بن شكر. وأمر أمير جانداره «1» بجمع الدواوين وتسليمهم للأعز. فسلمهم إليه. وجلس الصاحب الأعز، وتحدث فى الوزارة لوقته. وقام الصاحب صفى الدين من مجلس الوزراة ولازم داره. ثم كان من خبر مصادرته، وإخراجه من الديار المصرية ما نذكره- إن شاء الله تعالى.
ذكر حادثة الأمير عز الدين أسامة واعتقاله والاستيلاء على قلاعه
كان الأمير عز الدين أسامة الجبلى من أكابر الأمراء، وصهر الملك العادل. وهو الذى بنى الجسر الذى على نهر الأردن، المعروف بجسر أسامة.
وقيل أنه هو الذى بنى قلعة عجلون «2» . وكانت داره بدمشق، التى هى الآن
المدرسة البادرائيّة «1» بدمشق.
فاتهمه السلطان بمباطنة الملك الظاهر صاحب حلب، واستوحش هو أيضا من السلطان الملك العادل وأولاده، فقصد الانحياز إلى قلاعه- وكان له عجلون وقلعة كوكب «2» . واتفق أن السلطان توجه فى هذه السنة إلى ثغر دمياط، وصحبته أولاده الملك الكامل والملك المعظم والملك الفائز، فاغتنم عز الدين أسامة غيبتهم، وركب من القاهرة فى يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة، وخرج وأظهر أنه يريد الصيد.
فلما مر ببلبيس، بطق «3» متوليها إلى السلطان يخبره. فقال الملك العادل: من ساق خلفه فله أمواله وقلاعه. فانتدب الملك المعظم لذلك.
وركب من ثغر دمياط ليلة الثلاثاء، غرة شهر رجب. وساق فى ثمانية ممن يعتمد عليهم، وعلى يده حصان جنيب «4» فوصل إلى غزة صبح الجمعة،
وسبق أسامة إليها، وأمسك عليه الطرق. وأما أسامة فإنه تقطعت عنه مماليكه ومن كان معه، وبقى وحده، وبه مرض النّقرس. ووصل إلى الدّاروم «1» فعرفه بعض الصيادين، فأعطاه أسامة ألف دينار، وقال: خذ هذه وأوصلنى إلى الشام. فأخذه وجاء إلى رفاقه فعرفوه، وتوجهوا به على طريق الخليل، ليتوجهوا به إلى عجلون. فوصلوا به إلى القدس، فى يوم الأحد سادس من شهر رجب. ونزل بصهيون- وهى ضيعة بالقدس.
وعلم به الملك المعظم، فأرسل إليه بثياب وطعام، ولاطفه، وقال له أنت شيخ كبير ما يصلح لك الحصون، فسلّم الىّ كوكب وعجلون. وقال أنا أحلف لك على مالك وملكك وجميع أسبابك، وتعيش بيننا مثل الوالد.
فامتنع من ذلك، وسب المعظم أقبح سب. فلما يئس منه، بعث به إلى الكرك «2» واعتقله بها واستولى على قلاعه وأمواله وذخائره. فكان قيمة ما أخذ له ألف ألف دينار.
وأما السلطان الملك العادل فانه كان توجه فى العشرين من جمادى الأولى إلى ثغر دمياط، وتوجه منه إلى ثغر الاسكندرية، ثم عاد وتوجه إلى الشام، فى ثانى شوال من هذه السنة. وحاصر كوكب أشد حصار، واستولى عليها. وأخذ منها أموالا عظيمة وهدمها وعفّى أثرها. وذلك فى العشر الأوسط من ذى القعدة