الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العادل سيف الدين أبى بكر محمد، بالقدس- وهو شقيق الملك المعظم والملك العزيز- رحمهم الله تعالى.
واستهلت سنة ست وستمائة:
فى هذه السنة- وقيل فى سنة سبع- نزلت الكرج «1» على خلاط، وبها الملك الأوحد، بن الملك العادل. وملك الكرج اسمه إيرانى «2» .
واتفق فى أمر هذا الحصار واقعة غريبة، ذكرها الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن إبراهيم الجزرى فى تاريخه:«حوادث الزمان» عمّن حكى لوالده، قال:
كنت فى خلاط، وقد أشرف الكرج على فتحها، ولم يبق إلا دخولهم إليها. فبلغ الملك الأوحد أن منجم ايرانى قد حكم لصاحبه أنه متى زحف يوم السبت أول النهار، دخل خلاط، وجلس على تخت الملك، ولا يبيت ليلة الأحد إلا فى قلعتها. فأحضر الملك الأوحد منجمه، وذكر له ما بلغه، فقال له: لا تخف، فإن خلاط لا تخرج عن ملكك، وأنت مستظهر على الكرج.
واتفق أن إيرانى شرب الخمر، وركب فى جيوشه وقصد باب أرجيش «1» ، وحمل ليدخل البلد قبل أخيه، فكبا به فرسه فى حفيرة، فسقط إلى الأرض. واتفق خروج جماعة من القيمريّة «2» من ذلك الباب، ليدفعوا الكرج من البلد، فرأوا إرانى قد سقط، فحملوا على أصحابه وكشفوهم عنه، وأسروه. ودخلوا باب المدينة، وقد تجهز الملك الأوحد للهزيمة، فجلس فى القلعة أمام تخت المملكة على كرسى. وكان بقلعة خلاط تخت عظيم، لا يجلس عليه الملك إلا فى يوم ملكه، ثم لا يعود يجلس عليه.
فلما أحضر ملك الكرج إليه، تلقاه وأكرمه، وأجلسه على تخت الملك وجلس بين يديه على كرسى، وقال له: البلاد لك. فكتب إيرانى إلى أخيه، وإلى الكرج، بالانصراف عن البلد، فرحلوا.
وتحالف الملك الأوحد وملك الكرج على الموافقة والمعاضدة. وتزوج الملك الأوحد ابنة إيرانى، وجهزه إلى مدينته تفليس، بعد أن استأذن والده على ذلك، فأذن له. ويقال كان إطلاقه فى ثانى عشر جمادى الأولى، سنة سبع وستمائة. والله أعلم. وزفّت البنت إلى الملك الأوحد بعد ذلك، وهى على دينها، وبنى لها بيعة بقلعة خلاط. وأطلق الكرج القلاع التى كانت أخذت- وهى إحدى وعشرون قلعة- ومائة ألف دينار. ووافق قول كل من المنجمين: جلس الكرجى على تخت الملك، وبات بالقلعة، وانتصر الأوحد.