الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما قبض عليهم، جهز الملك الظاهر، إلى الكرك، الأمير بدر الدين بيسرى، والأمير أيدمر الظاهرى، وكتب إلى من بها يعدهم الإحسان. ثم توجه بنفسه إليها، وتسلّمها على ما نذكره، إن شاء الله تعالى، فى أخباره.
وأنعم على ولده: الملك العزيز فخر الدين عثمان بإمرة مائة فارس. ورتّب لإخوته وأهله الرواتب. ثم قبض عليه، بعد ذلك، واعتقله- على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وأما الملك الموحّد تقىّ الدين عبد الله ابن الملك المعظم تورانشاه، بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، ابن الملك الكامل ناصر الدين محمد، بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب- صاحب حصن كيفا ونصيبين وأعمالها
فإن والده الملك المعظم كان قد تركه بحصن كيفا، عند قدومه إلى الديار المصرية، وهو دون البلوغ. فاستمر بالحصن بعد مقتل والده، ودبّر.
أمر دولته خادما أبيه: افتخار الدين ياقوت، وجمال الدين طقز. فلم تزل هذه المملكة بيده، إلى أن استولى هولاكو على البلاد.
فلما قارب بلاد الملك الموحد خرج إليه بأمان وتلقاه، وقدم له أشياء مما كان عنده من التّحف ونفائس الذخائر، فأقرّه على عمله. ولم يتعرض لحصن كيفا، ولا هراق به دما. وقرر عليه قطيعة فى كل سنة أحد عشر ألف دينار ثمنها «1» ستة وستين ألف درهم. ثم خرجت نصيبين عنه. وذلك أن صاحب ماردين: الملك المظفر، بن الملك السعيد بن أرتق- ضمنهما من التتار، وأضافها إلى مملكته.
ثم نقل أبغا بن هولاكو- فى أول دولته- الملك الموحّد إلى الأردوا «2» ، أخلى قلعة حصن كيفا، وخرّبها.
وسبب ذلك أن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، لما ملك الديار المصرية وما معها، خشى عاقبة الملك الموحد، وأنه من البيت الأيوبى، وملك الديار المصرية لأبيه وجده، وجدّ أبيه وجد جده. فأمر بمكاتبته ومكاتبة خادميه- عن جماعة من الأمراء الصالحية- يستدعون الملك الموحّد إليهم، ليملّكوه ملك آبائه. ووصلت الكتب بذلك إليهم، فمالت نفوس الخدّام إلى ذلك ورغبوا فيه، ولم يخشوا عاقبة المكايد.
فحملهم حبّ ذلك على أن أجابوا الأمراء عن كتبهم: أنهم يصلون إليهم بالملك الموحد. وأخذ القصّاد «1» الكتب ورجعوا، فظفر بهم مقدّم التتار. فأرسل الكتب إلى أبغا، فأحضره، وأحضر الخادمين، وقتلهما.
وأقره بالأردوا مدة سبع سنين- هذا، ونائبه مقيم بحصن كيفا. ثم أطلقه وأعاده إلى الحصن. فكان به إلى أن توفى. وكانت وفاته- رحمه الله ضحى يوم الأحد، النصف من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وثمانين وستمائة.
وكان له من الأولاد الذكور ثلاثة عشر، وهم: الأمير سيف الدين أبو بكر شادى الكبير، وعلاء الدين على الكبير، ومغلطاى- وإنما سمّى بذلك، لأنه ولد بالأردوا «2» ، فأمرت قولى «3» خاتون، زوجة هولاكو، أن يسمّى بذلك. وأرسلان، ويوسف، وزكرى، وعثمان، وخليل، وعلى الأصغر، وإبراهيم شقيقه، وأبو بكر الأصغر- وهو ابن أخت ناصر الدين يحيى، بن جلال الدين الحيتى، أحد مقدّمى التتار. ونجم الدين أيوب، وحسن. ومات من أولاده- قبل وفاته- الملك المعظم محمد- مات قبل والده بسبعة أيام. واللّمسن- وهو شقيق أرسلان.
ولما مات الملك الموحّد، ملك حصن كيفا بعده ولده: الملك الكامل سيف الدين أبو بكر شادى- بتقرير التتار. فاستمر إلى شهر رجب، سنة تسع وتسعين وستمائة. ثم قتله قازان، ملك التتار. وسبب ذلك أن بعض إخوته شكوه له، وذكروا أنه قتل بعضهم.
وملك بعده الملك العادل سيف الدين أبو بكر الأصغر، ملّكه قازان.
رعاية لحق أخواله. فملك أربعة أشهر، وقتل بمنزلة الميدان- بقرب إربل- قتله الأكراد، هو وأخوه أرسلان- وكانا نازلين بتلك المنزلة مع جماعة من التتار، كبسهم الأكراد الشّهريّة «1» بها.
وملك بعده أخوه الملك المعظم، حسام الدين خليل- أربعة أشهر- فعسف وظلم فنازعه فى المملكة ابن أخيه الملك الصالح صلاح الدين يوسف، بن الملك الكامل سيف الدين أبى بكر، بن الملك الموحّد، وشكاه إلى التتار، فسلّم إليه عمّه الملك المعظم، فخنقه.
واستقر الملك الصالح هذا فى المملكة بحصن كيفا، خمس سنين. ثم نازعه (عمّه)«2» حسن، وتوجه إلى التتار فملّكوه الحصن. ولقّب الملك الظاهر بدر الدين حسن، وأرسلوا معه عسكرا، فهرب ابن أخيه أمامه.
وأقام بالحصن سنة.
ولحق الملك الصالح بالشيخ الشرف، بن الشيخ عدىّ الهكّارى، بجبل هكّار «3» ، وأقام سنة. ثم جمع جمعا كثيرا من الأكراد، وعاد إلى الحصن، عند خلو البلاد من التتار، وحاصر عمّه الملك الظاهر حسن، مدة أربعة أشهر. فوافقه أهل القلعة وسلموه إليه، فقتله، وعاد إلى مملكته.
وأرسل إلى التتار وأرضاهم، فأقروه. فهو إلى وقتنا هذا.