الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان قد توجّه فى خدمة الملك المظفر- صاحب حماه- ووزر له.
وكانت بينهما مودة ورعاية. ثم نقم عليه أمرا، فقتله- رحمه الله تعالى.
وكان فاضلا، له اليد الطّولى فى الأدب والتّرسّل، والشّعر الرائق. وقد تقدم من كلامه ما كتب به عن متولّى الأعمال القوصية، فى معنى حريق خان المكرم، ظاهر مدينة قوص.
واستهلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة:
فى هذه السنة، توجه الأمير أسد الدين جغريل أحد مماليك السلطان الملك الكامل- إلى مكة، شرفها الله تعالى، وصحبته سبعمائة فارس فتسلمها فى شهر رمضان. وهرب منها الأمير: راجح بن قتادة، ومن كان بها من عسكر اليمن.
ذكر إنشاء جامع التّوبة بالعقيبة «1» بدمشق
فى هذه السنة، شرع السلطان الملك الأشرف فى هدم خان الزّنجبيلى «2» ، الذى كان بالعقيبة بظاهر دمشق، وكان قد جمع أنواع الفساد من الخمور والفسق فقيل للسلطان إن مثل هذا لا يصلح أن يكون فى بلاد الإسلام، فهدمه وعمره جامعا، غرم عليه جملة كثيرة، وسماه الناس جامع التّوبة.
قال القاضى شمس الدين بن خلّكان فى وفيات الأعيان: «وجرت فيه نكتة لطيفة أحببت ذكرها، وهى أنه كان بمدرسة ستّ الشام التى خارج البلد إمام، فعرف بالجمال السّتّى- أعرفه شيخا حسنا، ويقال إنه كان فى صباه يلعب بشىء من الملاهى، وهى التى تسمى الجعانه. ولما أسنّ حسنت طريقته، وعاشر العلماء وأهل الصلاح، حتى عدّ فى الأخيار. فولاه الملك الأشرف خطابة الجامع، لثناء الناس عليه. فلما توفى، ولى بعده العماد الواسطى الواعظ، وكان يتّهم بالشّراب.
وكان صاحب دمشق يومئذ الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، فكتب إليه الجمال عبد الرحيم: المعروف بابن زوينة الرّحبى:
يا مليكا أوضح الحقّ لدينا وأبانه جامع التّوبة قد قلّدنى منه أمانه قال: قل للملك الصالح- أعلى الله شانه:
يا عماد الدين، يا من حمد الناس زمانه كم إلى كم أنا فى ضرّ وبؤس وإهانه لى خطيب واسطى يعشق الشّرب ديانه والذى قد كان من قبل يغنّى بالجعانه فكما نحن، وما زلنا- ولا أبرح- حانه ردّنى للنّمط الأوّل، واستبق ضمانه
وفى هذه السنة، فى تاسع صفر، كانت وفاة الملك الزاهد:
مجير الدين أبو سليمان، داود بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب- صاحب قلعة البيرة «1» .
وكان يحب العلماء وأهل الأدب، ويقصدونه من البلاد. وكان فاضلا أديبا شاعرا، جوادا سمحا. ومولده بالقاهرة لسبع بقين من ذى القعدة- وقيل ذى الحجة- سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
ولما مات، توجه الملك العزيز، ابن أخيه الملك الظاهر، إلى قلعة البيرة، فملكها.
وفيها توفى الأمير الأجل الطواشى: شمس الدين صواب، مقدّم عسكر الملك العادل.
وكانت وفاته بحرّان، فى العشر الآخر من شهر رمضان. وكان السلطان الملك الكامل قد جعله بها، وبغيرها، من تلك البلاد- كما تقدم.
وكان أميرا كبيرا فى الدّولتين: العادلية والكاملية. وكان خادما عاقلا، ديّنا شجاعا جوادا. وكان العدل والكامل يعتمدان عليه.
وكان له مائة خادم، تعيّن جماعة منهم وتأمّروا بعد وفاته: منهم بدر الدين الصّوابى، وشبل الدولة: كافور الخزندار بدمشق، وشمس الدين صواب السّهيلى بالكرك، وغيرهم. وكان شمس الدين صواب العادلى-
هذا- إذا حمل فى الأعداء يقول: أين أصحاب الحصى «1» . وكان له برّ وصدقة، وفيه إنصاف- رحمه الله تعالى.
وفيها توفى الصاحب تاج الدين: أبو اسحاق يوسف بن الصاحب الوزير: صفى الدين أبى محمد عبد الله، بن القاضى المخلص أبى الحسن على، الشّيبى المالكى بمدينة حرّان، فى الحادى عشر من شهر رجب، ودفن بها ومولده بمصر فى شوال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وكان فقيها مالكيا، درّس بمدرسة أبيه بالقاهرة. وناب عن والده فى الوزارة بالديار المصرية. وولى الوزارة بعد والده نحو شهرين. ثم صرف واستخدم فى التّوقيع. ثم ولى نظر الدواوين بالديار المصرية.
ثم عزل واعتقل، ثم أفرج عنه فى سادس عشر شعبان، سنة خمس وعشرين وستمائة. ثم ولى الجزيرة وديار بكر وحرّان فى الدولة الكاملية ومات هناك- رحمه الله تعالى.
وفيها توفى شرف الدين، أبو حفص وأبو القاسم: عمر بن على بن المرشد بن على، الحموىّ الأصل، المصرى الدار والمولد والوفاة: المعروف بابن الفارض، الشاعر.